الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، أنبأني الشذباني فيما كتبه إليّ قال: أخبرنا محمد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي من كتابه قال: قرأت بخطّ هبة الله بن عبد الوارث الحافظ في معجم شيوخه، أنشدنا محمد بن الحسين الأديب لنفسه بالمحمدية من العراق: طويل:
إذا اغتربَ الحرُّ الكريمُ، بَدَتْ لهُ
…
ثلاثُ خصالٍ كلُّهنَّ صِعاب
تفرُّقُ أحبابٍ، ونذْلٌ يُهينُهُ
…
وإنْ مات لم تُشقَقْ عليه ثياب
225 - محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله
ابن إبراهيم الوزير أبو شُجاع
من أهل روذراور، من ناحية همذان. كان وزير المقتدي وجرت أموره في وزارته على سداد وكان يرجع إلى فضل كامل، وعقل وافر، ورأي صائب، وكان له شعر رقيق مطبوع، أدركاته حرفة الأدب، وصُرف عن الوزارة، وكُلِّف لزوم البيت، فانتقل من بغداد إلى جوار النبي - (- وأقام بالمدينة إلى حين وفاته، ودفن عند قبر إبراهيم ابن النبي - (- بالبقيع، ولما أحسَّ بالوفاة، حمل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عند الحضرة، وبكى، وقال: يا رسول الله قال الله سبحانه وتعالى: (ولو أنَّهُم إذ ظلموا أنفسُهَم جَاءوكَ فاسْتَغْفَروا الله واستَغْفَرَ لَهُم الرَّسولُ لوَجَدوا الله تواباً
رحيماً) ولقد جئتك معترفاً بذنوبي، وجرائمي، أرجو شفاعتك! وبكى، ورجع، وتوفى من يومه. أنبأني أبو الضياء شهاب بن محمود الشذباني الهروي رحمه الله أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المرزوي من كتابه بالجامع القديم بهراة قال: سمعت أبا علي أحمد بن علي ابن سعيد العِجْليّ في منزله مذاكرة بهمذان يقول: قلت للوزير أبي شجاع رحمه الله أريد أن أقرأ عليك ديوان شعرك. فقال: لا، ولكن أنشدك أبياتاً من شعري، فأنشدني لنفسه: بسيط:
ليس المقادير طوعاً لامرىءٍ أبداً
…
وإنَّما المرء طوعٌ للمقادير
فلا تكن إن أتت باليُسْرِ ذا أشر
…
ولا يؤوساً إذا جاءت بتسعير
وكن قنوعاً بما يأتي الزمان به
…
فيما ينوبك من صفو وتكدير
فما اجتهاد الفتى يوماً بنافعِهِ
…
وإنَّما هو إبلاء المعاذير
كتب إليّ شهاب بن محمود الهروي، أنبأ عبد الكريم المروزي، أنشدنا المُبارك بن مسعود بن عبد الملك الغسّال إملاء من حفظه بلوزة، إحدى منازل البادية في القفول من الحجة الثانية، للوزير أبي شجاع: سريع
ما كان بالإحسان أَولاكُم
…
لو زرتُم من كان يهواكُم
أحباب قلبي! ما لكم والجفا؟
…
ومَنْ بهذا الهجر أَغراكُمْ!؟
ما ضرَّكُم لو عدتم مُدنفاً
…
مُمرِّضاً، من بعض قتلاكم
أنكرتمونا مذ عهدناكم
…
وخنتمونا مذ حفظناكم
لا نظرت عيني سوى شخصِكم
…
ولا أطاع القلب إلَاّكم
جرتم وخنتم وتحاملتم
…
على المُعنىَّ في قضاياكم
ما كان أغناني عن المُشتكى
…
إلى نجوم الليل لولاكم!
سلوا حُداة العيس هل أوردت
…
ماءً سوى دمعي مطاياكم؟
أو فاسألوا طيفكم: هل رأى
…
طرفي غفا من بَعْد مسراكم؟
أحاول النَّوم عسى أنَّني
…
في مستلَذِّ النَّوم ألقاكم
يا ظَبَيات الإنس! في ناظري
…
ورُودُكم، والقلب مرعاكم
جوروا وخونوا وانصفوا واعذلوا
…
في كلِّ حال لا عدمناكم
يا قوم ما أَخونكم في الهوى
…
وما على الهجران أجراكم!
ما آن أن تقضواغريماً لكم
…
يخشاكم أن يتقاضاكم
يستنشق الرِّيح إذا ما جرت
…
من نحو نجدٍ شوق رؤياكم
أنبأ أبو الضياء شهاب الهرويّ أنبأنا عبد الكريم المررزيّ، أنشدنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب إملاءً للوزير أبي شجاع رحمه الله قال: وقرأت بخطّه هذين البيتين: طويل:
فشتَّان من يمسي ويُصبح دائباً
…
بمجلس لهو بين عزف قيان
ومن يشتكي سُقماً وهجراً ووحدة
…
لك الخير قلْ لي كيف يجتمعان؟!
قلت: تولى أبو شجاع محمد بن الحسين بن عبد الله لروذْرَاوَري الوزارة للمقتدي، وخلع عليه خلع الوزارة ولقبه ظهير الدين مؤيد الدولة سيد الوزراء، صفي أمير المؤمنين، وكانت الخلعة قميص قصب ملمَّع مذهَّب، وفرجيَّة سقلاطون ملمع مذهب، وفرَجيَّة ممزج منسوجة بالذهب، وعمامة منيه مذهبة،
وذلك في يوم الخميس خامس عشر شعبان سنة ست وسبعين وأربعمئة، وبرز في حقه توقيع شريف من إنشاء أبي سعد بن موصلايا، ومدحه الشعراء، فأمرَ ونهى، وأحكم وأمضى، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم الخميس تاسع عشر شهر ربيع الأول من سنة أربع وثمانين وأربعمئة، وخرج إليه توقيع من الخليفة:" اققتضى الرأي الشريف بأن تنفصل عن الخدمة بالديوان العزيز، فالزم دارك، والعناية تشملك على حالتي القرب والبعد، والله المعزّ ". وكان الحامل للتوقيع أبو سعد بن الحُصين، حاجب المخزن ونجم الدولة ضفر الخادم؛ فلما قرأ التوقيع بعزله، انصرف وهو ينشد في حالة انصرافه: وافر:
تولاّها وليس له عدوٌّ
…
وفارَقها وليس له صديق
وكانت أيامه أنضر الأيام وأوفاها سعادة للدولتين، وأعظمها بركة على الرعية، وأعمّها أمناً وأشملها رخصاً، وأكملها صحة، وقامت للخلافة في نظره من الحشمة والاحترام ما أعادت سالف الأيام؛ ولمّا كان يوم ثاني عزله، خرج من داره إلى المسجد الجامع لصلاة الجمعة متلفعاً برداء من قطن، فانثالت عليه الرعية تصافحه وتصفه، وتتندم على صرفه، وإبعاده عن النظر في مصالحه، ومشى حوله جماعة من أهل الزهد والخير، فبلغ ذلك الخليفة، وقيل له: إنما فعل ذلك شناعة على الدولة! فتقدم إليه بلزوم داره وألا يخرج عنها، وأنكر من مشى معه، فلزم داره وبنى بدهليزاً محراباً، وكان يؤذن بنفسه ويصلي هناك، وبعد مدة خرج إلى روذرَاوَر، بلده وموطنه قديماً، ثم استأذن في الحج، فحجّ وجاور عند قبر النبي - (- إلى أن توفي بالمدينة - يثرب - في جوار رسول الله - (- في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة،