الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لو لامسَ الصخر صارت من قساوتها
…
إلى السلاسةِ حتى صِرْنَ أمواها
ولوأشارَ إلى الأفلاكِ معترضاً
…
لما استمرَّ على الدُّنيا قضاياها
أغرُّ أَلحمَ أحوالي وَسدَّاها
…
بحسنِ غُرِّ العطايا حين أسداها
23 - محمد بن أحمد الغساني الدمشقي الملقب بالوَأْوَاء
من حسنات الشام، وصاغة الكلام. كان في أول أمره منادياً في دار البطيخ بدمشق ينادي على الفاكهة، وما زال يشعر حتى جاد شعره، وسار كلامه، وله ديوان شعر ليس بالكبير، فمن شعره: طويل:
سقى اللهُ ليلاً طابَ إذْ زارطيفُه
…
فأفنيتُه حتى الصباحَ عناقا
بطيبِ نسيمٍ منهُ يستجلبُ الكرى
…
ولو رقدَ المخمور فيه أفاقا
تملَّكني لما تملك مهجتي
…
وفارقني لما أَمِنتُ فراقا
وله: وافر
أتاني زائراً من كان يبدي
…
ليَ الهجرَ الطويلَ، ولا يزورُ
فقال الناسُ لما أبصروه:
…
ليهنكَ! زاركَ البدرُ المنيرُ
فقلتُ لهم ودمع العين يجريعلى خدّي له درٌّ نثيرُ:
متى أَرعى رياض الحسن منه
…
وعيني قد تضمَّنَها غدير؟
ولو نُصِبت رَحىً بإِزاءِ دمعي
…
لكانتْ من تحدُّرِهِ تدورُ
ومن ملح قوله في وصف الدمع: خفيف
كلُّ دمعٍ فبالتكلُّفِ يجري
…
غير دمع المحبِّ والمهجورِ
ورَّدَ البَيْنُ دمعَ عيني فأضحى
…
كَعَقيقٍ أُذيب في بَلُّورِ
ومن ملحه في الخمر: منسرح
عذّبتُها بالمِزاجِ فابتسمتْ
…
عن بَردٍ نابتٍ على لهَب
كأن أيدي المِزاج قد سكَبت
…
في كأسِها فِضَّةً على ذهبِ
وله من قصيدة: كامل
فامزُجْ بمائِكَ نارَ كأسك واسقني
…
فلقد مَزجت مدامعي بدماءِ
واشرَب على زهْر الرياض مُدامةً
…
تُفني الهمومَ بعاجل السرَّاءِ
لطفَتْ فصارتْ من لطيف مِزاجِهاتجري كمجرى الرّوحِ في الأعضاءِ وكأنَّ مِخْنقةً عليها جَوهَرٌما بين نارٍ ركبتْ وهواءِ
وكأنها وكأنَّ حاملَ كأسِها
…
إذ قام يجلوها على الندماءِ
شمسُ الضُّحى رقصَت فنقَّطَ وجهها
…
بدرُ الدُّجى بكواكبِ الجوزاءِ
وذكره ابن عبد الرحيم في " طبقات الشعراء " وقال: كان في أول أمره أحد العامة ردَّاداً في فندق، كان جابياً فيه وكان يتولى بيع الفاكهة بين يدي البنادرة ويجبي أثمانها. ولم يكن من أهل الأدب ولا ممن يُعرف بقول الشعر، وكان أول شيء عمله قصيدته في أبي القاسم العقيقي العلوي الميمية التي أوّلها: بسيط
تظلَّمَ الوردُ من خدَّيه إذ ظُلما
فاستحسنها، فأعطاه عشرين ديناراً، وتسامع الناس بها فانتشر بينهم ذكرُهُ، فاستطابوا طريقته في شعره، فتوفر على ذلك وفارق ما كان فيه.