الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي، حدثنا محمد بن العباس، قالا: مات أبو بكر محمد بن خلف بن المرزُبان سنة تسع وثلاثمائة.
268 - محمد بن خلف البكري القابسي المغربي
ويقال له أبو الشامة لشامة بطرف شاربه، شاعر، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له قوله: طويل:
فمن كقوام الدين إنَّ يمينه
…
بها وسع الإحسان والنَّائل الغمرُ
ويهتزُّ عطفاه سماحاً كأنَّه
…
من الجود دبَّت في مفاصلة الخمر
يُبشِّر راجيه بنيل طلابه
…
لديه إذا ما رام نائلَه البشرُ
فإن كان يبدو أوَّلاً من سماحة
…
فأوّل ما يبدو من الثَّمر الزَّهر
ولم يُرَ شخص قبل رؤية شخصه
…
تكوَّن فيه الغيث والليث والبدر
وأصبحت الأيام وافيةً له
…
برغم أعاديه، ومن شأنها الغدر
269 - محمد بن خليفة بن محمد السنبسي، أبو عبد الله
الشاعر الأنباري؛ كان شاعراً مشهوراً، بين أهل الفضل والقريض مذكوراً، وله اختصاص بالأمير أبي الحسن صَدَقَة بن دُبَيس بن مزيد الأسدي، أمير العرب، ذكره أبو المعالي سعيد بن علي الكتبي
في " زينة الدَّهر " فقال: " القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السِّنبسي، أنشدني ابن أخته أبو القاسم ببغداد له: بسيط:
قامت تنَبِّهُني والنجمُ لم يَغُرِ
…
بيضاءُ تخطرُ في مِرْطٍ على خَفَر
فقلتُ لما بدَتْ والكأسُ في يدها:
…
هل يجمعُ الليلُ بين الشمس والقمَرِ؟
ومن شعره في الغزل: كامل:
يا قاتلي عمداً بسحْر كلامِهِ
…
ومعذّبي أبداً بطولِ غرامِهِ
ألا وصلتَ على الصبابة مُدْنفاً
…
وصلَ الغرامُ سقامهُ بسقامه؟
يهوى الرقادَ لعلَّ طيفك يلتقي
…
بخياله فيراكَ عند منامه
وأنبأنا محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتابه قال: القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السنبسي، سمعت أنه كان من شعراء سيف الدولة صَدَقة بن منصور بن دُبيس، وكان يُحسن إليه؛ فلما قتل صدقة، مدح دُبيساً ولده، فلم يحسن إليه، فوافى بغداد في الأيام المسترشدية ومدح الوزير جلال الدين أبا علي بن صدقة؛ فأحسن إليه وأجزل له العطاء، ومات ببغداد، وكان مسبوك النقد، جيد الشعر، تتفق له أبيات نادرة ما يوجد مثلها، فمنها من قصيدة بيتان وهما: طويل:
فرُحنا وقد روَّى السلامُ قلوبَنا
…
ولم يجرِ منا في خروقِ المسامعِ
ولم يعلم الواشونَ ما كان بيننا
…
من السِّرِّ لولا ضجرةٌ في المدامعِ
وهذان البيتان البديعان من كلمة له في سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي الأسدي أولها:
لمن طللٌ بين النقا والأجارع؟
…
مُحيل كسحقِ اليمنةِ المتتايعِ
ومنها:
وعهدي به والحيُّ لم يتحمَّلوا
…
أوانس غد كالنجومِ الطوالعِ
وقبل البيتين الأولين منها:
ومن ينسَ لا أنسى عشيةَ بينِنا
…
ونحنُ عِجالٌ بين غادٍ وراجع
وقد سلَّمَت بالطرفِ منها فلم يكن
…
من النطق إلا رجعُنا بالأصابع
ونقلت من خط ابن المارستانية ما مثاله: محمد بن خليفة السنبسي المكنّى بأبي عبد الله، شاعر سيف الدولة صدقة. كان شاعراً مجوداً، مغزلاً، مغرداً، مليح الكلام، حسن النظام، لألفاظه حلاوة، وعليها من جودة النسج طلاوة، وصّاف للدّيار الدّوارس، مولع بذكر الإبل والقفار البسابس، خبير بأخبار العرب وأشعارها، بصير بأيامها ووقائعها وآثارها،
أشهر أهل هذه الصنعة بها، وأفخم شعراء سيف الدولة ذكراً فيها، لولا ما شوَّه خسف التهمة لقمر وجه أدبه التمام، ووضع من محل فضله السامي، بأنه اغتصب شعر شاعر شرف الدولة المعروف بالبُرَغِّيث الشامي، وفي ذلك يقول أبو الفضل أحمد بن محمد بن الخازن قال أنشدنيه عنه ولده أبو الفتح نصر الله أحمد بن الخازن قال: أنشدني والدي في السنبسي الشاعر لنفسه: بسيط:
ومُشتكٍ من براغيث دَلفن له
…
بعسكرٍ في ضواحي الجلدِ مبثوثِ
لم يقتدوا بالبُرَغِّيثِ ابن عمهُم
…
وهو أحقُّ وأولى بالمواريثِ
أُرْدُدْ على القوم ديوانَ ابن عمهُم
…
وأعفِ جلدكَ من قرصِ البراغيثِ
على أني قد أثبت من شعره الذي تحقق نسبه إليه حديثاً وقديماً ما يخجل الروض جميعاً والزهر تخاله فيه نجوماً، والدُّرَّ الفريد نظيماً، فمن ذلك قوله: كامل:
عُجْ بالمطيِّ على المحلِّ الدارسِ
…
ما بين رامة إذ مررت وراكس
واقر السلام على البريك وقل لها:
…
يا ضرّةَ القمر الفريدِ الآنسِ
أمطلتني وِتراً وهذا رابعٌ
…
وزعمتِ أن لقاءنا في الخامسِ
فتصدَّقي بالوصلِ يا ابنة مالك
…
قبل المماتِ على الضعيفِ البائسِ
وله أيضاً: بسيط مجزوء:
تُشرقُ من وجهه كتائبهُ
…
والدمَ فوق الدموعِ أَطمارُ
والضربُ جيبٌ على النحور له
…
عُرى وطعنُ الكُمأةِ أَزرارُ
وله أيضاً: بسيط:
يفديك كلُّ قليلٍ في تكبُّرهِ
…
فكلما زادَ كِبراً زادَهُ صغرا
ينالُ بالذمّ لا بالمدحِ نائلهُ
…
كالزند يُعطي إذا استكرهته شررا
وله أيضاً: كامل:
وكأنما الباذنجُ سودُ حمائمٍ
…
أوكارها خيمُ الربيع المُبكرِ
لقطت مناقرُها الزبرجدَ سِمْسماً
…
فاستودعته حواصلاً من عنبرِ
وله أيضاً: طويل:
فيا عجباً ممن يُضيع حياته
…
على حفظ مالٍ وهو للغير يُدْخرُ
ومن تُتوفَّى نفسه كلَّ ليلةٍ
…
وترجعُ فيه، كيف للبعثِ ينكرُ؟
بلى قادرٌ أنشاهُ أولَ مرةٍ
…
على ردِّ روحٍ منه في الجسمِ أقدرُ
وله أيضاً: طويل:
أيا ربِّ إن كنتُ الجدير بجفوةٍ
…
فأنتَ بإحسانٍ إليَّ جديرُ
وإن تكُ عن شكري غنيّاً وطاعتي
…
فإني إلى الغفرانِ منك فقيرُ
وله أيضاً: كامل:
أرضعت دهري قبل تجربتي
…
ورضعتُ خِلفَ الهمِّ من دهري
وقريتُ أضيافَ النوائب إذ
…
نزلت عليَّ بقيَّة الصبرِ
والخطبُ يولعُ في حوادثِهِ
…
ولعَ العياءِ بموضع العقرِ
وله أيضاً: بسيط مجزوء:
أما ترى الأرضَ كيف تُجلى
…
والقطرُ يُلقي لها نثارا
رقَّتْ فصوصُ العقيقِ فيه
…
فالتهبت فيه جُلّنارا
وذابَ عقيانُها فأضحى
…
ضربُ دنانيرهِ بَهارا
وشَّب فيها الشقيقُ شُهباً
…
ريّا الصبا زادها استعارا
هذا ومنثورها زنادٌ
…
من كلِّ لونٍ يشبُّ نارا
وله أيضاً: بسيط:
لا تصحبِ الناس لا تيهاً ولا ملقاً
…
وابسم لهم بين إحلاءٍ وإمرارِ
واجمع ففي جمعكَ الضِّدينِ فائدةٌ
…
كالنضجِ يُدرَكُ بين الماءِ والنارِ
وله أيضاً: بسيط:
حاز السفرجلُ لذاتِ الورى فغدا
…
على الفواكه بالتفضيلِ مشهورا
الراحُ طعماً ونشرُ المسك رائحةً
…
والتبرُ لوناً وشكلُ البدرِ تدويرا
وله أيضاً: خفيف:
جسمُها لوَّنَ الثياب ففيها
…
هي ماءٌ يُمازجُ الماءَ جمرُ
فعليها حمرُ الغلائلِ بيضٌ
…
وعليها بيضُ الغلائل حُمرُ
وله أيضاً في الشمع: وافر:
وهِيفٍ كالوصائفِ مُخْطفاتٍ
…
يُلاحظها الدّجى من خلفِ سترِ
يصوغُ لها التبسمُ من دموعٍ
…
على ذهبِ النحورِ عقودَ تبرِ
تُريكَ خوافقُ العذباتِ منها
…
عقيقاً أثمرته غصونُ درِّ
طوينَ ذوائباً لليل سوداً
…
بنشرِ ذوائبِ للصبحِ حُمرِ
وله أيضاً: كامل:
عوّد ركابك كلَّ يومٍ منزلاً
…
وتنقُّلاً كي لا تُملَّ وتضجرا
فالماءُ يعذبُ ما جرى وتلاطمت
…
أمواجُهُ فإذا أقام تغيَّرا
وله أيضاً: بسيط:
يدعوكَ يا شرفَ الدنيا وساكنها
…
والدينُ والدهرُ مُلكٌ خانه الوزرُ
هجرتموهُ بذنبِ الناكثينَ له
…
وهفوةُ القِدْحِ مأخوذٌ بها اليَسَرُ