الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتُبتُ من الشعر لمّا رَأيْ
…
تُ كسادَ القريضِ وإهمالهُ
وعُدتُ، إلى منزلي واثقاً
…
بربٍّ يرى الخلق سؤَّالَهُ
فجد ابنِ نبهانَ يرجو الإلهَ يمحّص عنه الذي قالَهُ
من الكذب في نَظمه للقريض فربّي كريمٌ لمن سالَهُ
ولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة وقيل سنة سبع وثمانين ومات سنة ثمانين وخمسمائة.
18 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن الحسن بن منصور
بن معاوية بن محمد بن عثمان بن عقبة بن عَنْبسة بن أبا سفيان صخر بن حربا الأمويّ، العَبْشَميُّ أبو المظفَّر بن أبي العباس الأبِيوَرْديُّ المعاويّ.
أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللغة والأنساب وغير ذلك، وأورد في شعره ما عجز عنه الأوائل من معان لم يُسبق إليها، وأَليَقُ ما وصف به بيت أبي العلاء المعري طويل
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ
…
لآتٍ بما لم تستطِعْهُ الأوائلُ
وله تصانيف كثيرة منها: " تاريخ أَبيوَرْد وَنَسا "، و " المختلِف والمؤتلِف " و " طبقات العلم في كلِّ فنّ "، و " ما اختلَفَ وائْتَلَفَ في أنساب العرب "، وله في اللغة مصنّفات ما سُبق إليها، وله كتاب " تَعِلِّةِ المقرورِ " وهو كتاب صنفه بهمذان وسببه أن همذان شديدة البرد في غير الشتاء، فكيف فيه، وكان هو وجماعة من الأدباء يجتمعون في الليل وقد عجزوا عن وقود النار لِلعُدْمِ، فأًخذوا في التعلل بذكر نيران العرب والعجم، وما قاله الشعراء والمتذاكرون في ذلك، فصار منه تأليف لطيف في فنه، وكان حَسَن السيرة، جميل الأمر، مَنْظَرانيّاً من الرجال، ذكره أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مَندَه الحافظ الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " فقال: " أبو المظفّر الأموي الأبيوردي فخر الرؤساء، أفضل الدولة، حسن الإعتقاد، جميل الطريقة، متصرف في فنون جمة من العلوم، عارف بأنساب العرب، فصيح الكلام، حاذق بتصنيف الكتب، وافر العقل، كامل الفضل، فريد دهره، ووحيد عصره. كتب إليَّ أبو المظفّر عبد الرحيم بن تاج الإسلام المروزي من مرو، وأنبأنا أبي سماعاً عليه من كتابه بقراءة مسعود الطرازي ببخارى قال: سمعت أبا علي أحمد بن سعيد العِجْلي المعروف بالبديع بهمذان يقول: سمعت الأديب الأبيورديّ في دعائه يقول:
" اللَّهُمَّ مَلِّكْني مشارقَ الأرض ومغاربها "! فلُمتُه على ذلك وقلت له: " أيُّ شيءٍ هذا الدعاء؟! " فكتب إليّ بهذه الأبيات: وافر
يُعَيِّرُني أَخُو عِجْلٍ إبائي
…
على عُدْمي وتِيهي وأختيالي
ويَعلم أنني من فَرْط حَيٍّ
…
حَمَوْا خُطَطَ المعالي بالغوالي
فلست بحاصنٍ إن لم أُزِرْها
…
على نَهَلٍ شَبا الأَسَلِ الطِّوالِ
وإن بلغ الرِّجالُ مَدَايَ فيهما
…
أُحاولُهُ فلستُ من الرِّجالِ
وبالإسناد قال أبو المظفّر: قال أبي: سمعت عبد الله بن نصر الخطيب بمرو، يقول: كتب الأبيوردي، قصة إلى الخليفة وكتب على رأسها:" الخادمُ المُعاويّ " فكره الخليفة النسبة إلى معاوية، فأمر بكشط الميم من المعاويّ وردّ القصة فصار: الخادم العاويُّ.
وبالإسناد: سمعت أحمد بن سعيد العِجْلي بهمذان يقول: كنتُ يوماً أمضي إلى المعسكر، والسلطان كان نازلاً على باب هَمَذان، فرأيت الأديب الأبيوردي راجعاً من عندهم، فقلت له: من أين؟ فأنشأ يقول أرتجالاً: بسيط
ركِبتُ طِرْفي فأذرَى دَمْعَهُ أَسَفاً
…
عند انصِرافيَ منهم مُضْمِرَ اليَاسِ
وقال: حَتَّامَ تُؤْذيني؟ فإنْ سَنَحَتْ
…
حَوائِجٌ لك فاركَبْني إلى الناسِ
كتب إليّ عبد الرحيم المروزي: أخبرنا أبي تاج الإسلام في كتابه قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ من لفظه بأصبهان، أنشدنا أبو الفضل محمد بن الطاهر المَقْدِسيُّ الحافظ، أنشدنا الأديب أبو المظفّر
محمد بن أبي العباس الأبيوردي لنفسه يفتخر: بسيط
يا مَنْ يُساجلُني وليس بمُدرِكٍ
…
شأوي وأين له جلالةُ منصبي؟
لا تَتعَبَنَّ فدُونَ ماحاولتَه
…
خَرْطُ القَتادَةِ وامتطاء الكوكب
والمجدُ يعلمُ أيُّنا خيْرٌ أباً
…
فاسْألهُ تعلمْ أيُّ ذي حسَب أبي
جدِّي مُعاوية الأغَرُّ سَمَتْ بِهِ
…
جُرثومةٌ من طِينها خُلِق النبي
ووَرِثْتُه شرفاً رفعتُ منَارَهُ
…
فبَنُو أُمَيَّة يفخرون بِه وبي
وبالإسناد قال تاج الإسلام أنشدنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي إملاء بهمذان، أنشدنا الأديب أبو المظفر محمد بن أبي العباس الأبيوردي لنفسه: بسيط
كُفِّي أُمَيْمَةُ غرْبَ اللَّوْم والعَذَلِ
…
فليسَ عِرْضي على حالٍ بِمُبتذَلِ
إنْ مَسَّني العُدْمُ فاسْتبْقي الحياءَ ولا
…
تُكلِّفيني سؤالَ العُصبة السَفَل
فشِعْرُ مثْلي وخيرُ القولِ أصدَقُهُ
…
ما كان يفترُّ عن فخرٍ وعن غزَل
أمّا الهجاءُ فلا أَرضى به كرَماً
…
والمدحُ إنْ قلتهُ فالمجدُ يغضبُ لي
وكيفَ أمدحُ أقواماً أوائِلُهُمْ
…
كانوا لأسلافيَ الماضينَ كالخَوَلِ
قلت: أشعاره كثيرة وآدابه غزيرة وقد فنّن شعره فنوناً، فأفرد منه نوعاً سمّاه " النجديات "، ونوعاً سماه " العراقيات " إلى غير ذلك، وإنما ذكرت هنا بعض ما صحّت به الرواية، وذكر أبو زكريا يحيى بن مَنْدَه الأصبهاني أن الأديب أبا المظفر مات في يوم الخميس عشرين من شهر ربيع الأول بين الظهر والعصر سنة سبع وخسمائة وصلي عليه في الجامع العتيق بأصبهان رحمه الله تعالى.