الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابُ الِاسْتِطَابَةِ
33 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الرَّمادي، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَم، ثنا نَافِعٌ -يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ هُوَ الجُمَحي- عَنْ عَمْرِو (1) بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ إِلَى المُغَمَّس قال نافعٌ: نحو ميلين من مكَّة (2).
(1) اسم (عمرو) ليس في (حس).
(2)
الحديث في المسند (9/ 476: 5626)؛ والمقصد العلي (ص 198: 110).
33 -
تخريجه:
هذا الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 451: 13638)، والأوسط.
انظر: مجمع البحرين (ج 1، ل 33)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (3/ 353) من طريق عمرو بن أبي الطاهر بن السرح، ويحيى بن أيوب العلاف المصريين، قالا: ثنا سعيد بن أبي مريم، به مثله.
قال الطبراني: لم يروه عن عمرو إلَّا نافع، تفرد به ابن أبي مريم.
وقال أبو نعيم: غربب من حديث عمرو، تفرد به نافع، وهو من ثقات أهل مكة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 107، من كره أن ترى عورته). قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، قال:(قال عبد الله بن عمر، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة برز حتى لا يرى أحدًا. ..) الحديث، ورجاله ثقات، إلَّا أن فيه=
= انقطاعًا، لأن الأعمش لم بدرك ابن عمر.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد صحيح، ذكره الهيثمي في المجمع (1/ 203)، وقال عنه: رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط والكبير، ورجاله رجال الصحيح، ولا يضره تفرد هؤلاء الثقات به، فأصل الإبعاد لقضاء الحاجة جاء من عدة طرق، فهي تشهد له
…
ومن ذلك:
1 -
عن عبد الرحمن بن أبي قِراد رضي الله عنه قَالَ: (خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء فكان إذا أراد الحاجة أبعد). أخرجه النسائي (1/ 17)، واللفظ له، وأحمد (3/ 443)، وابن ماجه (1/ 121: 334)، وإسناده صحيح، وقد صححه الألباني (صحيح الجامع 2/ 851)، وعبد القادر الأرناؤوط (جامع الأصول 7/ 116).
2 -
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سفر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته، وأبعد في المذهب. أخرجه الترمذي (1/ 31)، واللفظ له، وأبو داود (1/ 14)، والنسائي (1/ 18)، وابن ماجه (1/ 120)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني. (صحيح الجامع 2/ 861: 4724).
3 -
عن جابر رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يرى.
أخرجه ابن ماجه (1/ 121)، وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 107)، وفيه عنعنة أبي الزبير، عن جابر وهو مدلس، لكنه يصلح في الشواهد.
- ويعلي بن مُرَّة، عند ابن ماجه (1/ 120).
- وأنس، عند ابن ماجه (1/ 120).
قال الترمذي (1/ 32): وفي الباب -فذكر-: أبا قتادة، ويحيى بن عبيد عن أبيه، وأبا موسى، وابن عباس.
34 -
حدثنا (1) محمد بن بكَّار (2)، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أبي ميمونة، عن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا انْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ تَبَاعَدَ حَتَّى (3) لَا يَرَاهُ أحدٌ (4).
(1) في (ك): (حدثنا محمد بن يوسف بن عطية)، وهو خطأ.
(2)
في (عم): (بشار).
(3)
في المسند: (حتى لا يكاد يرى).
(4)
الحديث في المسند (6/ 337: 3664)؛ والمقصد العلي (ص 198: 111).
34 -
تخريجه:
ذكره البوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب الإبعاد لقضاء الحاجة، ص 24: 15)، وعزاه لأبي يعلى فقط، وضعفه بعطاء بن أبي ميمونة.
ولم أجد من أخرجه عن عطاء بن أبي ميمونة بهذا الوجه غير أبي يعلى في مسنده.
لكن الحديث رواه عن عطاء، شعبة، وروح بن القاسم، وإسماعيل بن علية وخالد الحذاء، بغير هذا اللفظ، بل لفظهم: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا خرج لحاجته، أجيء أنا وغلام بإداوة من ماء).
فأخرجه من طريق شعبة: البخاري ومسلم والنسائي.
وأخرجه من طريق روح بن القاسم: البخاري ومسلم.
وأخرجه من طريق خالد الحذاء: مسلم وأبو داود.
انظر: فتح الباري (1/ 250، 251، 252، 321)، ومسلم (1/ 227)، وأبو داود (1/ 38)، والنسائي (1/ 42).
وبناءً على هذا -يظهر والله أعلم- أن يوسف بن عطية قد غلط في هذا الحديث، وهو أهل لذلك، فقد سبق أن ذكرت أنه متروك، منكر الحديث، فمثله لا يقابل هؤلاء الجبال في الحفظ، كيف لا وإن أحدهم ليساوي في الضبط والإتقان مائة من مثل يوسف، بل أكثر، وربما انطبق عليه هنا وصف ابن حبان له حين قال:=
= كان ممن يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الموضوعة بالأسانيد الصحيحة ويحدث بها، لا يجوز الاحتجاج به بحال. المجروحين (3/ 134).
غير أن حديث الباب جاء له متابع من طريق عطاء الخراساني عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ:(كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سفر، فتنحى لحاجته، ثم جاء فدعا بوضوء فتوضأ).
أخرجه ابن ماجه (1/ 120) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا عمرو بن عبيد عن عمر (في السنن محمد، صوبته من تحفة الأشراف (1/ 288) ابن المثنى، عن عطاء الخراساني، به.
وهذا إسناد ضعيف، بسبب:
1 -
عمرو بن عبيد، التميمي، البصري، رأس المعتزلة، تركه الأئمة، وكذبه بعضهم. تهذيب التهذيب (8/ 70).
2 -
عمر بن المثنى، قال عنه الحافظ: مستور. التقريب (ص 416)، وسيأتي كلام البوصيري على ضعف هذا الإسناد عند ح (106).
ومعنى (فتنحى) في الحديث: أي ذهب في ناحية وأبعد. انظر: (المعجم الوسيط 2/ 908).
ومثل هذه المتابعة لا يفرح بها ولا تزيد الحديث إلَّا وهنًا.
الحكم عليه:
حديث الباب بهذا الإسناد ضعيف، منكر، لكن يشهد لمعناه الحديث الذي قبله، وشواهده.
أما تضعيف البوصيري له -كما أسلفت- بعطاء بن أبي ميمونة، ففيه نظر لأمرين:
1 -
أن الأولى أن يعل الحديث بأضعف رجل في المسند ثم من دونه، وفي الإسناد يوسف بن عطية وهو دون عطاء بطبقات، بل لا يقارن به.
2 -
أن الحق أن عطاء صدوق يحتج بحديثه، فمثله لايضعف الحديث بسببه، بل حديثه حسن وفي أعلى مراتب الحسن.
35 -
[1] وَقَالَ الْحَارِثُ "بْنُ أَبِي أُسامة"(1): حَدَّثَنَا يَحْيَى (2) بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ (3)، عَنْ وَاصِلٍ -مَوْلَى أَبِي عُيَيْنه- عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتبَوأُ (4) لِبَوْلِهِ، كَمَا يَتبَوأ (5)"لمنزله"(6).
(1) زيادة من (ك).
(2)
في (ك): (أحمد)، وهو خطأ.
(3)
في (عم): (يزيد)، وهو تصحيف.
(4)
في (ك): (ينبو)، وهو تصحيف.
(5)
في (ك): (ينبو)، وهو تصحيف.
(6)
في (مح) و (ك): (المنزل). والحديث في بغية الباحث (1/ 96: 60)، كتاب الطهارة، باب التبوأ للبول.
ووهم محقق (بغية الباحث) فترجم ليحيى بن عبيد على أنه المكِّىُّ، مولى بني مخزوم، والصواب أنه ابن رُحي الجهضمي أو الجهني، والذي أوقعه في ذلك أن واصلًا مولى أبي عُيَيَنة روى عنه فظنه هو، ولو تأمل في ترجمة والده في الإصابة لوجد أن الحافظ نص على الفرق بينهما، كما سبقه إلى التفريق الإِمام البخاري. التاريخ الكبير (8/ 293، 294)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 7).
35 -
[1] تخريجه:
أخرجه الطبراني في الأوسط. انظر: مجمع البحرين (ج 1، ل 36)، قال: حدثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق السيْلَحيني، به مثله، غير أنه جعله من مسند أبي هريرة. وبمثل هذا الوجه عن أبي هريرة أخرجه القطيعي في أماليه. انظر: الإصابة (2/ 443)، وابن عدي في الكامل (3/ 1214)، قال: ثنا علي بن إبراهيم، ثنا يزيد بن سنان، ثنا أبو عاصم، ثنا سعيد بن زيد، به مثله.
وأبو نعيم في معرفة الصحابة (ج 2، ل 66)، وابن عبد البر في الاستبعاب بهامش الإصابة (2/ 441) معلقًا، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 349)، معلقًا أيضًا، وابن قانع في الصحابة وابن منده في الصحابة، وإبراهيم الحربي. انظر: الإصابة=
= (2/ 443). كلهم من طريق واصل مولى أبي عيينة، به مثله. قال الطبراني: لم يروه عن واصل إلَّا سعيد، ويحيى هو: يحيى بن دحي، ولم يسند عبيد عن أبي هريرة إلَّا هذا الحديث.
وذكره الترمذي (1/ 32) معلقًا بصيغة التمريض، حيث قال:
…
وفي الباب عن
…
فذكر جماعة منهم يحيى بن عبيد عن أبيه، ثم قال: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
وسيأتي الحكم عليه عند النص الثاني.
[2]
قال (1) سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ -فِي كِتَابِهِ فِي الصَّحَابَةِ- حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ الفَرُّخان، ثنا ابْنُ أَبِي السَّري، ثنا وَكيع عَنِ سَعِيدِ (2) بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ -مَوْلَى أَبِي عُيَيْنه (3) - عَنْ عُبَيْد بْنِ صَيْفي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
فلزِم مِنْ هَذَا أَنْ تَرْجم لصَيْفي فِي الصلاة.
(1) هذا الحديث سقط من (عم) و (سد) و (ك).
(2)
في (حس): سقط اسم (سعيد).
(3)
في كل النسخ (عبيد) إلَّا أنه صوبه في هاش (حس) فأثبته منها، وهو الصواب كما في الحديث السا بق، ومصادر الترجمة.
35 -
[2] تخريجه:
أخرجه من هذا الوجه أبو موسى المديني في كتابه في الصحابة. انظر: أسد الغابة (3/ 34).
تنبيه: وهذا الحديث ليس من زوائد المسانيد العشرة التي التزم بها ابن حجر، فهو خارج عن شرطه.
الحكم عليه:
الحديث بهذين الإسنادين ضعيف، لسببين:
1 -
أنه مُرْسَل، نص على ذلك أبو زرعة. المراسيل لابن أبي حاتم (ص 136، 163)، والعلل له (1/ 41).
2 -
أن يحيى بن عُبَيد، وأباه، مجهولان، وقد نص على ذلك أيضًا أبو زرعة العراقي حيث قال: فيه يحيى بن عبيد وأبوه غير معروفين.
انظر: فيض القدير (5/ 200)، وقال الهيثمي في المجمع (1/ 204): وهو من رواية يحيى بن عبيد بن دُحَي، عن أبيه، ولم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون.
ولذا ضعفه السيوطي رحمه الله في الجامع الصغير (2/ 115)، وأقره المناوي=
= في الفيض (5/ 200)، والألباني في ضعيف الجامع الصغير (4/ 217).
والحديث له شاهد بنحوه عن أبي قتادة رضي الله عنه، أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1689)، وفيه عمر بن هارون البَلْخي، قال ابن عدي عن هذا الحديث: وهذا الحديث، بهذا الإسناد لا أعلم رواه غير عمر بن هارون.
قال الحافظ عن عمر هذا: متروك، وإن حافظًا. التقريب (ص 417).
كما يشهد له حديث أبي موسى بمعناه، أخرجه أبو داود (1/ 15)، وفي سنده رجل مبهم.
فمثل هذين الشاهدين لا يعتبر بهما.
36 -
حَدَّثَنَا الحَكَم بْنُ مُوسَى، نا الْوَلِيدُ -هُوَ ابْنُ مُسْلم- عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ "بْنِ أَبِي"(1) السَّائِبِ، عَنْ (2) طَلْحَةَ بْنِ أَبِي قَنان (3) قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ "يَبُولَ"(4) فَوَافَى (5) عَزَازًا مِنَ الْأَرْضِ، أَخَذَ عُودًا فنكَت بِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُثير (6) التُّرَابَ، ثُمَّ (يَبُولُ)(7) فيه (8).
(1) جاء مكانها في كل النسخ (عن)، وهو خطأ، وما أثبته من (ك) وبُغْيهَ الباحث، وكذا هو في مراسيل أبي داود، ومصادر الترجمة.
(2)
في (عم): (بن).
(3)
في (ك): (ابن أبي صافة).
(4)
من (ك)، وفي بغية الباحث (يتبوَّل) ومثلها الكلمة الأخيرة، أما الذي في النسخ كلها فهو (يتبوأ)، وهو خطأ.
(5)
في (حس) حرف (في) بدل كلمة (فوافى)، وفي (سد): لم يظهر أول كلمة بسبب البياض، وفي (عم):(فواقًا)، وهو تصحيف.
(6)
في بغية الباحث زيادة (من)، وفي (عم): ينثر.
(7)
من (ك)، وفي بغية الباحث (يتبوَّل) ومثلها الكلمة السابقة، أما الذي في النسخ كلها فهو (يتبوأ)، وهو خطأ.
(8)
لفظة (فيه) ليست في (حس).
36 -
تخريجه:
هذا الحديث أخرجه أبو داود في مراسيله، (كتاب الطهارة 1/ ب)، من طريق موسى بن إسماعيل عن الوليد بن مسلم، به، بنحوه.
وابن عساكر في تاريخ دمشق (مخطوط 8/ 580، 581)، من طريق الحارث، به. ورواه من طريق آخر عن الوليد بن مسلم، به مثله.
ورواه من طريق محمد بن شُعَب بن سابور عن ابن أبي السائب. وهو الوليد بن سليمان به، بلفظ مُقَارب، وإسناده حسن، وهذه متابعة تعضد طريق الوليد.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعفه السيوطي في الجامع الصغير (2/ 101)، والألباني في ضعيف الجامع (4/ 173: 4336)، وهو كذلك، وسبب ضعفه ثلاثة أمور:
1 -
الإرسال وبه أعله كثير من الأئمة ومنهم البخاري، وعبد الحق الاشبيلي، والذهبي في التاريخ الكبير (4/ 347)؛ الميزان (2/ 342)؛ فيض القدير (5/ 94).
2 -
جهالة طلحة بن أبي قَنان، وبه أعلَّه ابن القطَّان في فيض القدير (5/ 94) 3 - تدليس الوليد بن مسلم، وقد عنعن، ولا يؤمن أيضًا أن يكون استعمل تدليس التَسْوية، وهو تسوية الإسناد بإسقاط الضعفاء منه وجعل صيغة (عن) بين الرواة وهذا شرُّ أنواع التدليس. الباعث الحثيث (ص 55).
وبتدليس الوليد أعله البوصيري في الإتحاف (ص 28: 18)، غير أن متابعة ابن شابور عند ابن عساكر تقوي روايته، فيبقى ضعف الحديث ناشىءٌ عن العلَّتين السابقتين.
ويشهد لأصل الحديث، حديث يحيى بن عُبيد الذي قبله وشاهده حديث أبي موسى، لكنهما ضعيفان لا يقوِّيانه، كما يشهد لمعناه أحاديث التوقِّي والتنزُّه من البول، وقد سقت جملة منها عند الحديث (16)، ومنها: حديث جابر، وأبي هريرة، وعائشة، وعبد الرحمن بن حسنة، وأبي بكرة، وأبي أمامة، رضي الله عنهم.
قال في عون المعبود، في كلامه على حديث أبي موسى المذكور:
…
والحديث فيه مجهول، لكن لا يضر، فإن أحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيد ذلك، والله أعلم. عون المعبود (1/ 21).
37 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيْع: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -هُوَ ابْنُ هَارُونَ- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عطيَّة، عَنْ زَيْدٍ العمِّي (1)، عَنْ جَعْفَرٍ العَبْدي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(سِتْرُ (2) مَا بَيْنَ أَعْيُن الجنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا وَضَع الرجلُ ثوبَه، أَنْ يَقُولَ: يسم اللَّهِ).
مُحَمَّدٌ (3) ضَعِيفٌ، وَقَدْ خَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمة عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدٍ العمِّي، عَنْ أنس رضي الله عنه. أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدي والطَبَراني فِي الدَعوات (4)، والأوسط (5).
(1) في (سد): كتبها هي والثانية في آخر الكلام (الغمي) بالمعجمة.
(2)
في (ك): (سترت)، وقد وضع عليها ضبة، وصوبها في الهامش.
(3)
يعني محمد بن الفضل بن عطية.
(4)
هو كتاب الدعاء، وانظر الحديث فيه (2/ 966: 368)، باب القول عند رفع الثوب للجلوس على الخلاء.
(5)
قوله: (الأوسط) ليس في (ك).
37 -
تخريجه:
هذا الحديث ذكره البوصيري في الإتحاف (ص 29: 19، كتاب الطهارة، باب ما يُستَر به من أعين الجن
…
) وقال: زيد العَمِّي ضعيف. رواه الطبراني في كتاب الدعاء من طريق زيد العمي، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
قال العلامة الألباني حفظه الله: وأما حديث أبي سعيد فرواه البغوي في نسخة عبد الله الخَرَّاز (ق 328/ 1)، وتمام أيضًا، والثقفي في الفوائد الثقفيات، رقم (8)، منسوختي، وأبو بكر ابن النَّقُور في الفوائد الحسان (ج 1/ 132/ 2)، وقال: تفرَّد به زيد العمي، رواه عنه محمد بن الفضل بن عطية، وهو ضعيف. اهـ. الإرواء (1/ 90).
قد مضى تخريج الحديث من طريق أنس رضي الله عنه عند متن الحديث.
الحكم عليه:
حديث الباب ضعيف بهذا الإسناد لعدَّة أمور سأذكرها، لكن متن الحديث جاء من طرق أخرى عن عدد من الصحابة، مما جعل العلماء، وسأذكرهم، يحكمون عليه بالصحة، وهي والله أعلم، الصحة لغيره.
وأسباب ضعف هذا الإسناد:
1 -
ضعف محمد بن الفضل بن عطية، وضعفه شديد حتى كذَّبه بعضهم.
2 -
ضعف زيد العمِّي، وبه أعله البوصيري كما سبق.
3 -
نكارة هذه الطريق، وإلى هذا أشار الحافظ رحمه الله.
أما شواهد هذا الحديث فهي:
1 -
حديث علي رضي الله عنه بنحوه: أخرجه الترمذي (2/ 503: 606)، ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1/ 378)، وابن ماجه (1/ 109: 297)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، وإسناده ليس بذاك القوي وأقرَّه النووي في المجموع (2/ 77)، وذكر الألباني أن السيوطي أيضًا أقره في الجامع الكبير (1/ 46/1).
أما في الجامع الصغير (2/ 32) فرمز له بالحسن. قال المناوي في الفيض (4/ 96، 97): وهو كما قال، أو أعلى فإن مُغلَطَاي مال إلى صحته، فإنه لما نقل عن الترمذي أنه غير قوي، قال: ولا أدري ما يوجب ذلك؛ لأن جميع من في سنده غير مطعون عليهم بوجه من الوجوه بل لو قال قائل: إسناده صحيح لكان مصيبًا. إلى هنا كلامه. اهـ.
أما أحمد شاكر رحمه الله فقال متعقِّبًا الترمذي في حكمه: ونحن نخالف الترمذي في هذا، ونذهب إلى أنه حديث حسن، إن لم يكن صحيحًا، وقد تَرْجَمْنا رواته، وبيِّنا أنهم ثقات. اهـ. سنن الترمذي (2/ 504).
قال الألباني متعقبًا الجميع: قلت: وهذا خطأ منهم جميعًا: مغلطاي، ثم=
= السيوطي، ثم المناوي، ويضاف إليهم أحمد شاكر فليس الحديث بهذا السند صحيحًا، بل ولا حسنًا، فإن له ثلاث علل:
الأولى: عنعنة أبي إسحاق، واختلاطه، وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، قال الحافظ في التقريب: ثقة اختلط بآخره. ونسي أن يصفه بتدليس أيضًا، فقد وصفه بذلك جماعة من الحفاظ، منهم ابن حبان، وأبو جعفر الطبري، وحسين الكرابيسي، وغيرهم. ولذلك أورده الحافظ ابن حجر في طبقات المدلسين.
الثانية: الحكم بن عبد الله النَصْري، فإنه مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان، ولهذا قال فيه الحافظ ابن حجر:(مقبول)، مشيرًا إلى أنه ليِّن الحديث عند التفرد.
الثالثة: محمد بن حُمَيد الرازي، فإنه وإن كان موصوفًا بالحفظ فهو مطعون فيه حتى كذَّبه بعضهم كأبي زرعة وغيره، وأشار البخاري لتضعيفه جدًا بقوله:(فيه نظر)، ومن أثنى عليه لم يعرفه، كما قال الإِمام ابن خُزَيمة؛ ولهذا لم يسع الذهبي وابن حجر إلَّا أن يصرحا بأنه (ضعيف)، فلا يلتفت بعد هذا لتوثيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله لمخالفته للقاعدة المقررة (الجرح مقدّم على التعديل)، فتبين من ذلك أن هذا الإسناد واهٍ. اهـ. الإرواء (1/ 88، 89).
وهو كما قال -حفظه الله- فإن مع الجارح زيادة علم، إذا كان الجرح مفسَّرًا.
وعزاه السيوطي رحمه الله إلى أحمد في مسنده لكن ذكر الشيخ أحمد شاكر، والعلامة الألباني أنهما لم يجداه في المسند، قال الألباني: ولا عزاه إليه أحد غيره فما أظنه إلَّا وهمًا.
قلت: وقد بحثت أنا عنه أيضًا فلم أجده، فالله أعلم.
2 -
حديث ابن مسعود رضي لله عنه بنحوه: قال الألباني في الإرواء (1/ 90): وأما حديث ابن مسعود فرواه أبو بكر بن النَّقور، في الفوائد (ج 1/ 155، 156) عن محمد بن حفص بن عمر الضرير، ثنا محمد بن معاذ، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عنه.=
= 3 - وأما حديث معاوية بن حَيْدة، فرواه مكِّي بن إبراهيم، عَنْ بَهْز بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده: ذكره ابن النَّقور معلَّقًا وقال: (وهو غريب).
قلت: وهذا سند حسن إن كان من دون مكي ثقات، والله أعلم. اهـ. كلام الألباني.
4 -
أما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بنحوه والذي أشار الحافظ إليه، وأنه المعروف من هذا الوجه، فله عنه ثلاثة طرق:
(أ) أبو سنان، عن عمران بن وهب، عنه.
أخرجه الطبراني في الأوسط. انظر: مجمع البحرين (ج 1 ل 37).
(ب) عن بشر بن معاذ العقدي، ثنا محمد بن خَلَف الكِرْماني، ثنا عاصم الأحول، عنه.
قال الألباني في الإرواء (1/ 89): أخرجه تمَّام في الفوائد (ق 270/ 1)، وقال: لم يروه إلَّا بشر بن معاذ.
قلت: وهو ثقة، ولكن شيخه الكِرْماني لم أعرفه. اهـ.
(ج) عن سعيد بن مسلمة، ثنا الأعمش، عن زيد العمي، عنه.
أخرجه الطبراني في الأوسط. انظر: مجمع البحرين (ج 1ل 37)، وابن عدي في الكامل (3/ 1055، 1216)، والسَهْمي في تاريخ جرجان (ص 542)، قال الطبراني: لم يروه عن الأعمش إلَّا سعيد بن مسلمة وسعيد بن الصلت، وابن الصلت هذا لم أجده.
وعزاه الألباني في الإرواء (1/ 89) إلى تمام في فوائده وابن عساكر في تاريخه، وهو فيه (6/ 604)، وقال تمام: لم يقل عن الأعمش، عن زيد العمِّي، إلَّا سعيد بن مسلمة.
لكن ذكر الألباني أنه تابعه يحيى بن العلاء عن زيد، به، وكذلك عبد الرحيم بن زيد العمِّي، عن زيد، به، ومن طريق يحيى بن العلاء، أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ=
= اليوم والليلة (ص 18: 21)، إلَّا أن الألباني وصفهما بأنهما كذّابين، فلا يعرج على متابعتهما. ثم قال: رواه محمد بن عثمان العثماني في فوائد خُراسان (ج 1/ 169/1)، وقال: حديث صحيح. وكأنه يعني أنه صحيح لغيره كما هو قولنا أما متابعتهما سعيد بن مَسلَمة فضعيفه. اهـ.
وقال الهيثمي رحمه الله حين ذكر الحديث: رواه الطبراني في الأوسط، بإسنادين: أحدهما فيه سعيد بن مسلمة الأموي، ضعفه البخاري وغيره، ووثقه ابن حبان، وابن عدي، وبقية رجاله موثَّقون. اهـ. المجمع (1/ 205).
قلت: يغفر الله للهيثمي على وهمه هذا فإن سعيدًا هذا لم يوثقه ابن عدي، بل عبارته: وأرجو أنه ممن لا يترك حديثه. ويحتمل في روايته، فإنها مُقارِبة. اهـ.
الكامل (3/ 1216). أما ابن حبان فقد ذكره في الثقات فقط، بل وقال: يخطئ. الثقات (6/ 375)، وقوله:(يخطئ)، ليست في نسخة الثقات المطبوعة، وهي في المخطوطة (ق 221 أ) هذا مع العلم أن في المطبوعة تحريفًا ونقصًا. وليت ابن حبان اكتفى بهذا، حيث ذكره في المجروحين (1/ 321)، وقال عنه: منكر الحديث جدًا فاحش الخطأ في الأخبار.
فأين هذا من قول الهيثمي، بل إن سعيدًا هذا لا يصل حتى درجة ليِّن الحديث وليس بالقوي، كيف لا وقد قال عنه البخاري وأبو حاتم، وابن حبان والسَّاجي: منكر الحديث، وهذه من أشدِّ الجرح عند البخاري، وقال عنه ابن معين: ليس بشيء. بل الجميع على تضعيفه.
أمَّا قوله: (وبقية رجاله موثقون) فإن فيهم زيدًا العمىِّ، وسبق في ترجمته أنه ضعيف، والله أعلم.
وما ذكره الحافظ من مخالفة محمد بن الفضل بن عطية لرواية سعيد بن مَسْلَمة، قد سبقه إلى ذلك تمَّام الرازي في فوائده، حيث نقل عنه الألباني قوله: وقد رواه محمد بن الفضل، عن زيد العَمِّي، مخالفًا لرواية سعيد بن مسلمة. الإرواء (1/ 90).=
= والحديث بمجموع طرقه صحَّحه الألباني -حفظه الله-. كما في صحيح الجامع (1/ 675: 3610، 3611)؛ الإرواء (1/ 87 - 90).
وقال: وجملة القول: إن الحديث صحيح لطرقه المذكورة، والضعف المذكور في أفرادها ينجبر إن شاء الله تعالى بضم بعضها إلى بعض، كما هو مقرَّر في علم المصطلح.
كما صححه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط -حفظه الله- (جامع الأصول 4/ 316) وسبق أن ذكرت تصحيح مُغْلَطَاي، وأحمد شاكر، والمناوي، لكن الذي يظهر لي أن حكم السيوطي له بالحسن أولى، وأنه حسن لغيره، وذلك أن كل طرقه لا تسلم من ضعفه، بل وفي بعض أسانيدها نكارة، لكن بمجموعها تقوى. والقاعدة الإصطلاحية أن الحديث الضعيف المُنْجَبِر إذا تعددت طرقه صار حسنًا لغيره. انظر: نزهة النظر (ص 32 - 34)، أما الصحيح لغيره فلا بد أن يكون على الأقل أحد طرقه حسنًا لذاته، وهذا غير موجود في حديثنا كما تراه. والله أعلم.
38 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا القَواريري، ثنا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي البَكَرات (1)، عَنْ مَحْفوظ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنِ الحَضْرمي -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَنَّ أَعْرَابِيًّا لَقِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ عَنِ الْغَائِطِ، فَقَالَ:(لَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا تستدْبرها إِذَا اسْتَنْجَيْتَ) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم: (اعْتَرِضْ بحَجَرين، وضُمْ الثَّالِثَ).
يُوسُفُ، مَتْرُوكٌ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نَهَى أَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ).
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ قانع في ترجمة (حَضْرمي بن عامر الأسدي) مقتصرًا على الثاني، وزاد (ولا تستقبل الريح).
(1) في (عم): (البكرائي)، وهو تصحيف.
38 -
تخريجه:
ذكره الحافظ في الإصابة (1/ 341)، ونسبه إلى أبي يعلى في مسنده، وابن قانع.
وذكره البوصيري في الإتحاف (ص 33: 22، كتاب الطهارة، باب ما يُسْتَتَر به من أعين الجن
…
) ونقله عن أبي يعلى في مسنده، وسَكَت عليه.
وقد بحثت فلم أجد من أخرجه من هذا الطريق، وعن الحضرمي، غير أبي يعلى في مسنده، وابن قانع في معجم الصحابة أخرج القسم الثاني منه فقط، وزاد:(ولا تستقبل الريح)، أشار إلى ذلك الحافظ هنا وفي الإصابة.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف،-كما ألْمَح إلى ذلك الحافظ هنا- وحكم عليه في التلخيص (1/ 118) أن إسناده ضعيف جدًا، وسبب ضعفه أن في إسناده متروكًا=
= ومجهولًا، فيوسف بن خالد متروك، وشيخه عمرو بن سفيان بن أبي البكرات لم أجد له ترجمة.
وقال ابن أبي حاتم في العِلَل (1/ 51: 125): وسألت أبا زرعة عن حديث رواه عُبَيد الله القواريري- فذكر الحديث بإسناده ثم قال: فقلت لأبي زرعة: محفوظ، ما حاله؟ قال: لا بأس به، ولكن الشأن في يوسف، كان يحيى بن معين يقول: يكذب. اهـ. وانظر: البدر المنير (ق 2، ص 669). لكن متن الحديث صحيح، في النهي عن استقبال القبلة، له شواهد للفظه ومعناه، منها:
1 -
حديث أبي أيوب رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شَرِّقوا، أو غَرِّبوا).
أخرجه البخاري (الفتح 1/ 245: 498)، ومسلم (1/ 224: 264).
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:(إذا جلس أحدكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها)، أخرجه مسلم (1/ 224: 265).
3 -
حديث سلمان رضي الله عنه -بمعناه- أخرجه مسلم (1/ 223:262).
4 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، بمعناه.
أخرجه أبو داود (1/ 20)، قال عبد القادر الأرناؤوط: وهو حديث حسن.
جامع الأصول (7/ 124).
5 -
حديث جابر رضي الله عنه، قَالَ:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول. . .) الحديث.
أخرجه أبو داود (1/ 21)، والترمذي (1/ 15)، وقال: حديث حسن غريب.
وأحمد (3/ 360)، وابن خزيمة (1/ 34)، وابن حبَّان (الإحسان 2/ 346)، والحاكم (1/ 154).
6 -
حديث أسامة رضي الله عنه الآتي برقم (37).=
= وفي الباب عن رجل من الأنصار، ومعقل الأسدي، وسهل بن حُنَيف، وطاوس (مرسلًا)، وسهل بن سعد، وسُراقة بن مالك، وعبد الله بن الحارث الزَّبيدي،
وعائشة، وعمار بن ياسر، وأبي قتادة، وغيرهم رضي الله عنهم.
انظر: الموطأ (1/ 193)، وأبو داود (1/ 20)، والترمذي (1/ 15)، وابن حبان في الإحسان (2/ 346)، ومسند أحمد (4/ 190، 191)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (1/ 150)، والتلخيص الحبير (1/ 117، 118)، وكنز العمال (9/ 360 - 363)، ومجمع الزوائد (1/ 205).
ومِمّا تجدر الإشارة إليه أن الشواهد الواردة في النهي عن استقبال الريح أثناء البول كلها ضعيفة، لكن بمجموعها تقوى، ويكون بها حسنًا لغيره، كما يشهد لها أحاديث التوقي من البول، وقد مضت عند حديث (16).
39 -
مُسَدَّد: حَدَّثَنَا يَحْيَى "ثنا"(1) زَكَرِيَّا، عَنْ عَبْدِ العزيز بن رُفَيع، عن مجاهد (2)، قال:"ما"(3) بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قائمًا غيره مرَّة في كثيب (4) أعجْبَه.
(1) في (مح) و (عم): (بن) بدل (ثنا)، وما أثته من بقية النسخ، وهو كذا في إتحاف الخيرة (ص 40: 28)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 123).
(2)
في (سد) و (عم): (مجالد)، وهو تصحيف.
(3)
من (ك)، وهو كذا في الإتحاف والمصنف، وفي (عم):(ما قال) وهو تصحيف.
(4)
الكثيب: التلُّ من الرمل. (ترتيب القاموس 4/ 16).
39 -
تخريجه:
أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 123 من رخص البول قائمًا)، حيث قال: حدثنا وكيع، عن زكريا، به، مثله.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد مرسل، إسناده صحيح ورجاله ثقات، لأن مجاهدًا تابعي، وقد رفع الحديث. أمَّا تدليس زكريا بن أبي زائدة، فإنه لا يضر، فقد ذكره الحافظ في المرتبة الثانية، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح، كما أن إطلاق التدليس عليه، ينبغي أن يُحصَّص بروايته عن الشعبي كما فعل الذهبي رحمه الله. الكاشف (1/ 323). ويدل على ذلك تصريح أبي زرعة، وابنه يحيى بن زكريا، وأبو حاتم.
لكن للحديث شواهد يرتفع بها، ويكون أصله صحيحًا، منها:
1 -
حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى ساباطة قوم فبال قائمًا.
أخرجه البخاري (الفتح 1/ 328: 224، 225)، ومسلم (1/ 228: 273).
2 -
حديث ابن عباس رضي الله عنه في بول النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 201: 783) بإسناد صحيح.
3 -
عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت ابن عمر يبول قائمًا.=
= أخرجه مالك في الموطأ (1/ 65)، قال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: إسناده صحيح. (جامع الأصول 7/ 127).
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 123)، من طريق عبد الله الرومي، قال: رأيت ابن عمر، به، والرومي هذا ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 52)، ولم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا. انظر: التاريخ الصغير (2/ 15).
4 -
فعل أبي هريرة رضي الله عنه، ويأتي برقم (41).
5 -
فعل علي رضي الله عنه، ويأتي برقم (42).
6 -
حديث أنس رضي الله عنه وفعله، ويأتي برقم (43).
7 -
فعل سهل بن سعد رضي الله عنه، ويأتي برقم (44).
8 -
فعل سعد بن عبادة رضي الله عنه، ويأتي برقم (45).
وقد جاء فعل ذلك أيضًا، والقول بجوازه عن جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: عمر، وزيد بن ثابت، وابن المسيب، وعروة، وابن سيرين، والشعبي، ويزيد الأصَم، والحكم.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 123)؛ سنن البيهقي (1/ 102)؛ الفتح (1/ 330).
40 -
[1] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا بُنْدار، ثنا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ المَجِيد، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زيد، رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُسْتَقْبَل (1) الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ (2).
[2]
حَدَّثَنَا (3) الرِّفاعي، ثنا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفي، بِهِ، وَقَالَ فِيهِ: إِنَّ أسامة رضي الله عنه أَخبَره -ولَفْظُهُ- (لَا تَسْتَقْبِلُوا).
خالَفه أَيُّوبُ، فَرَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عن أبيه رضي الله عنه. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ومُسَدَّد (4).
(1) في (ك): و (عم) بالياء بدل التاء.
(2)
قوله: (أو بول)، سقطت من (سد).
(3)
أي وقال أبو يعلى في مسنده.
(4)
أي في مسنديهما، فإني لم أجده في مصنف ابن أبي شيبة، وهو في مسند أحمد (5/ 430).
40 -
تخريجه:
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 1483)، من طريق أبي يعلى بمثل الإسناد واللفظ الأول.
وأخرجه من طريق ابن مكرم، ثنا محمد بن معمر، ثنا أبو بكر الحنفي، به مثل السند الثاني ولفظه.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لأمرين:
1 -
ضعف عبد الله بن نافع.
2 -
نكارة هذا الإسناد، وقد أشار إلى ذلك الحافظ، فإن عبد الله بن نافع -الضعيف- خالف أيوب -الثقة المثبت- في روايته، وهذا حقيقة المُنْكر.=
= ومن طريق أيوب أخرجه مسدد وابن أبي شيبة وأحمد، كما قال الحافظ- وقد ذكرت الأحالات هناك.
كما رواه ابن الأثير في أُسْد الغابة (1/ 122) معلقًا من هذا الوجه، ثم قال: ورواه عاصم بن هلال، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، والأول أصح. اهـ.
فزاد وجهًا آخر للمخالفة، وما ذهب إليه من ترجيح الرواية الأولى حق، بل إن الرواية الثانية منكرة أيضًا فإن عاصم بن هلال، هو البارقي، إمام مسجد أيوب، قال عنه الحافظ:(فيه لِيْن). التقريب (ص 286: 308)، وقد خالف الإِمام الحافظ الثقة المثبت المتقن، إسماعيل بن عُلَيَّه عند أحمد. ترجمة إسماعيل تقدمت عند ح (7).
لكن طريق أيوب هذه فيها رجل مبهم، وهو (رجل من الأنصار)، وقد جاء بيانه، وأنه (عبد الله بن عمرو بن أبي عمرو العجلاني، جزم بذلك أبو زرعة العراقي، ونقله عن العثماني وابن السَّكَن. المستفاد (ص 15). وألْمَحَ إلى ذلك الطبراني رحمه الله في المعجم الكبير (17/ 12)، حيث نَسَب العجلاني إلى الأنصار، وأخرج الحديث تحت هذه الترجمة. كما ألمح إلى ذلك الحافظ ابن حجر وابن الأثير، حيث ذكروا الحديث عند ترجمة العجلاني وأشاروا إلى الخلاف في ذلك.
والحديث أخرجه ببيان المُبْهَم: الطبراني في المعجم الكبير (17/ 12)، وابن عدي في الكامل (4/ 1483)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (ج 2، ل 86)، وابن الأثير في أُسد الغابة (4/ 122) معلقًا، وابن أبي عاصم، وابن السكن. انظر:
(الإصابة 3/ 8)، كلهم من طريق عبد الله بن نافع، عن أبيه أن عبد الله بن عمر العجلاني حدث ابن عمرو عن أبيه، به.
غير أن هذا الإسناد ضعيف بسبب عبد الله بن نافع، وهو ضعيف كما مر. وبه أعله الهيثمي في المجمع (1/ 205).
قلت: ولولا تَوَارُد الأئمة على تعيين هذا المبهم لما كانت النفس تطمئن إلى=
= بيانه بهذا الإسناد الضعيف.
والذي يظهر والله أعلم أنهم اعتمدوا عليه، ومن ثم إثبات الصحبة لعمرو والعجلاني، والذي انفرد بالرواية عنه ابنه عبد الله، كما نص على ذلك ابن الأثير.
وعبد الله لم أجد له ترجمة.
وبعد هذه الجولة فإن الحديث لا يزال بهذا الإسناد ضعيفًا. وذلك للجهالة بحال عبد الله بن عمرو العجلاني.
لكن لمتنة شواهد يرتفع بها إلى درجة الحسن لغيره، وقد ذكرتها عند الحديث (38).
41 -
قَالَ مُسَدَّد: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَير (1)، عن رجلٍ من أخْوال "المُحَرَّر"(2) ابن أَبِي هُرَيْرَةَ- أَنَّهُ رَأَى (3) أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بال قائمًا، وعليه مُورَّدَتان (4)، فدعى بماء فَغَسَل ما هنالك.
(1) في (حس) و (سد) و (عم): (جدير) بالجيم بدل الحاء، وهو تصحيف.
(2)
من (عم) و (ك)، وفي بقية النسخ بالزاي بدل الراء، وهو تصحيف.
(3)
في (عم): (أي أبو هريرة)، بدل:(رأى أبا هريرة).
(4)
تثنية مورَّدة -بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة أو تخفيفها-، وهي ما طبع بلون واحد، أو بلون أحمر يضرب إلى الصفرة. (المعجم الوسيط 2/ 1024).
41 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 123، من رخَّص في البول قائمًا)، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن عمران بن حدير، به، مثله.
الحكم عليه:
هذا الأثر، ضعيف بهذا الإسناد، للجهالة بحال هذا المُبْهَم، وبهذا أعلَّه البوصيري كما في الإتحاف، كتاب الطهارة، باب البول قائمًا (ص 38: 26). لكن يشهد لمعناه بول النبي صلى الله عليه وسلم، وعدد من الصحابة والتابعين عن قيام، وقد تقدَّم تخريجها عند ح (39).
42 -
حَدَّثَنِي (1) يَحْيَى "ثنا"(2)"وِقاء بْنُ (3) إِيَاسٍ"، حَدَّثَنِي أَبُو ظَبْيان، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه تَبُول قَائِمًا فِي الرُحْبَة (4)، ثُمَّ تَوَضَّأَ ومَسَح عَلَى نعليه ودَخَل المسجد.
(1) أي وقال مُسَدَّد في مسنده.
(2)
في (مح): (بن)، بدل:(ثنا).
(3)
من (عم) و (ك)، وكذا هو في الإتحاف (ص 39: 27)، وفي (حس) و (سد) لم يتضح الاسم الأول، أما (مح) فقد تصحف الاسم إلى (معاذ بن أوس).
(4)
بضم الراء وسكون الحاء، موضع بقرب القادسية على مرحلة من الكوفة، كان بها مبانٍ، ثم خربت. انظر: مراصد إلاطلاع (2/ 608).
42 -
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 210) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن أبي ظبيان، به، نحوه.
وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو: ضعيف كبر فتغيَّر وصار يتلقَّن وكان شيعيًا. قاله الحافظ في التقريب (ص 601: 7717).
وأخرجه أيضًا هو، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 123، 190، من رخص في البول قائمًا)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 334: 276، كتاب آداب الوضوء، ذكر اختلاف أهل العلم في البول قائمًا)، من طريق الأعمش عن أبي ظبيان، به، نحوه.
وفيه عنعنة الأعمش، وهو مدلس، لكن لعل تدليسه لا يضر، فقد ذكره الحافظ في المرتبة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، كما أنه معروف بالرواية عن أبي ظبيان، حتى ضبطوا الأخير، بأنه من يروي عنه الأعمش.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا من طريق، حُصَين عن أبي ظبيان، به، مختصرًا، وروايته قرنها بالاعمش في الإسناد السابق.
وحُصَين ثقة تغير حفظه في الآخر. وأخرجه أيضًا ابن ابن شيبة (1/ 190) من=
= طريق عبد العزيز بن رُفَيع عن أبي ظبيان، به، نحوه، ولم يذكر القيام.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 268) من طريق سَلَمة بن كُهَيل، عن أبي ظبيان، به مثل لفظ ابن أبي شيبة.
وإسناده صحيح، رجاله ثقات، إلَّا شيخ الطحاوي وهو أبو بكرة، واسمه، بكَّار بن قتيبة، البصري، البَكْراوي، فقيه حنفي، قاضي مصر الكبير.
كان عابدًا ورعًا، ووصفه الذهبي بالعلامة المحدث. انظر: السير (12/ 599)؛ الشذرات (2/ 158). وكذا عزاه صاحب الكنز (9/ 518) إلى سعيد بن منصور في سننه.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد حسنه البوصيري في الإتحاف (ص 39: 27) والحق أنه دون ذلك، فهو إسنادلين، علته وِقَاء بن إياس وهو ليِّن، إلَّا أنه لم يَنْفَرد، فقد تابعه كل من:
1 -
يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف كما مر.
2 -
الأعمش وهو ثقة حافظ، مدلس من المرتبة الثانية.
3 -
حُصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة تغير حفظه بآخره.
4 -
سلمة بن كُهَيل، وهو ثقة. التقريب (ص 248).
5 -
عبد العزيز بن رُفيع، وهو ثقة.
فالأثر بهذه المتابعات يكون صحيحًا لغيره، وله من الشواهد التي تزيده قوة في جواز البول قائمًا، ما سبق أن ذكرته عند ح (39).
43 -
وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَة: حَدَّثَنَا مَالك (1) بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا زُهيَر، ثنا وَهْب بْنُ عُقْبة عَنْ محمدِ بْنِ سَعْد الأنْصَاري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَس رضي الله عنه أَنَّهُ أتَى المِهْراس فَبَالَ قَائمًا، ثُمَّ تَوضَّأ، ومسحَ عَلَى خُفَّيه، ثُمَّ توجَّه إِلَى المسجِد، فقلتُ لَهُ: لَقَدْ فَعلْت شَيْئًا يُكْرَه. فَقَالَ: خَدمتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تسعَ سنينَ يَفعلُ ذلَك.
(1)(مالك) ليس في (حس).
43 -
تخريجه:
هذا الأثر أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 67 - 68)، من طريق مالك بن إسماعيل، به، مختصرًا.
الحكم عليه:
هذا الأثر بهذا الإسناد ضعيف للجهالة بحال تَابِعِيِّه، سعد الأنصاري، الراوي عن أنس رضي الله عنه، وقد أشار البخاري إلى تضعيفه، بقوله بعد أن رواه بالإسناد السابق، وقال ابن أبي شَيْبة، نا ابن عُيَيَنة، عن يحيى بن أبي إسحاق سمع أنسًا: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمسح. حدثوني عنه وهذا أصح. اهـ. من التاريخ الكبير (4/ 68).
لكن أصله ثابت، يشهد له عدد من الأحاديث والآثار، فبالنسبة لجواز البول قائمًا، تقدم ذكر شيء منها عند ح (39)، أما المسح على الخفين، فقد تواتر هذا الحكم. انظر: نَظم المُتَنَاثِر (ص 42).
ورواه عدد من الصحابة، يزيدون عن ستين نفسًا.
انظر: صحيح البخاري (الفتح 1/ 305)؛ وصحيح مسلم (1/ 227)؛ ومصنف ابن. أبي شَيْبة (1/ 175).
44 -
وَقَالَ أَيْضًا (1): حَدَّثَنَا قتُيبة بْنُ سَعيد، (ثنا)(2) يَعْقُوب بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِم، أنَّه رأى سَهْل بن سعد رضي الله عنه بَالَ (3) بَوْل الشَّيخ الْكَبِيرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَكَادُ (4) يَسْبِقه، ثُمَّ تَوضأ، وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّين، فَقُلْتُ: ألَا تَنْزِع الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: لَا. رَأَيْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي (وَمِنْكَ)(5) مَسَحَ (6) عَلَيْهَا -يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم-.
* إِسْنَادُهُ صحيح.
(1) انظر: المسند له (1/ 114/ ب).
(2)
في (مح): (بن).
(3)
في (ك): (قال)، وهو تصحيف.
(4)
في (حس) و (سد): (فكاد).
(5)
زيادة من (ك).
(6)
في (حس) و (سد) و (عم): (يمسح) بالمضارع.
44 -
تخريجه:
هذا الحديث ذكره البُوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب البول قائمًا ص 42: 30) ولم يَعْزُه لغير ابن أبي شَيْبة في مسنده.
وعَزَاه في كَنْز العُمَّال إلى سعيد بن مَنْصور في سُنَنِه، من طريق يَعْقُوب بن عبد الرحمن، به نحوه، ولم يذكر البول، وعزاه أيضًا إلى ابن عَسَاكِر في تاريخه من طريق عبد المُهَيمِن بن العباس بن سَهْل بن سعد، عن أبيه، عن جده، الحديث، فذكر المرفوع فقط بمعناه.
انظر: الكنز (9/ 615: 27658، 27659).
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد حكم عليه الحافظ بالصِّحَة، وهو كما قال رحمه الله، فإن رجاله ثقات، وليس فيه شُذُوذ ولا عِلَّة.
كما يزيده قوةَ شواهد الأثر الذي قبله.
45 -
وَقَالَ الحَارِث: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصم، ثنا ابْنُ عَوْن (1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيْرِين قَالَ: بَيْنَمَا سعد بن عُبَادة رضي الله عنه قائمًا يبول (2)، فمات، قَتَله (3) الجِن. (فقالوا)(4)
قَتَلْنا (5) سيدَ الخَزْر
…
جِ، سَعْدَ بْنَ عُبَادة
رَميناهُ بِسَهْمين فَلَمْ
…
نُخْط (6) فُؤاده (7)
(1) في بُغية الباحث (1/ 102: 63) زيادة: (أخبرناه) وكذا في إتحَاف الخِيَرة (ص 42: 31).
(2)
في بُغية الباحث زيادة: (إتكأ).
(3)
في (ك): كتب في الأصل (فبكته)، ثم وضع عليها إشارة وصوَّبها في الهَامش.
(4)
من البُغية، وفي (مح) غير واضحة، وليست في بقية النسخ.
(5)
في (ك): خرّج قبلها وكتب في الهامش (نحن قتلنا).
(6)
في (سد) و (ك): (يُخْط) بالياء التحتية.
(7)
الأثر في بغية الباحث (1/ 102: 63)، كتاب الطهارة، باب البول قائمًا.
45 -
تخريجه:
الأثر في بغية الباحث (1/ 102: 63)، كتاب الطهارة، باب البول قائمًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 18: 5359، 5360) من طريق أبي عاصم الكَشِّي، ثنا أبو عاصم، به، مثله.
وابن أبي شَيبة في المصنَّف (1/ 123، من رخص في البول قائمًا)، من طريق أبي أُسَامة وعبد الله بن إدريس، عن ابن عون، به، مختصرًا، فلم يذكر قصة القتل والشعر.
وابن سعد في الطبقات (3/ 617، 7/ 391)، من طريق يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، قال: سمعت محمد بن سيرين. فذكره، مع اختلاف يسير في ألفاظه، والحاكم (3/ 253)، من طريق أبي بكر بن بَالويه، ثنا أبو مسلم، ثنا بَكّار بن محمد، ثنا ابن عون، به، بلفظ مقارب.
= وابن عَسَاكر في تاريخه (7/ 126 ترجمة سعد بن عبادة)، وذكر الألباني أنه مرسل رجاله ثقات.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد ضعيف، لأن ابن سيرين لم يدرك سعد بن عُبَادة، كما حكم عليه الهَيْثمي رحمه الله بذلك في المجمع (1/ 206) وهو كما قال.
وقد تابع محمد بن سيرين على روايته قَتَادة وعبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، وأبو رجاء العَطَارِدِي، وعَطَاء بن أبي رباح.
أما مُتَابعة قتادة، فأخرجها:
عبد الرزاق في المصنف (3/ 597، كتاب الجنائز، باب موت الفُجاءة)، من طريق مَعْمَر، عنه بمعناه، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 18)، والحاكم (3/ 253).
لكن هذه الطريق ضعيفة أيضًا، فقد قال الهيثمي رحمه الله في المجمع (1/ 206): وقتادة لم يدرك سعدًا أيضًا.
وهو كما قال رحمه الله. انظر: جامع التَّحْصيل (ص 254: 633).
وأما متابعة عبد العزيز بن سعيد، فأخرجها: ابن سعد (3/ 617، 7/ 390)، من طريق الواقدي، قال: أخبرنا يحيى بن عبد العزيز بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادة، عَنْ أبيه، فذكر بمعناه، وسياقه أطول.
لكن الواقدي متروك.
ويحيى: مجهول، قال عنه أبو حاتم: لا أعرفه. الجرح والتعديل (9/ 171)، أما عبد العزيز بن سعيد، فقد ذكره ابن حِبَّان في الثقات (5/ 125) في التابعين، ولم أجد من ترجمه غيره.
وبناء على ذلك يكون السند ضعيفًا.=
= وأما متابعة أبي رجاء، فقد أوردها الإِمام الذهبي رحمه الله في السير (278/ 1)، حيث قال الأصمعي: حدثنا سَلَمة بن بِلًال، عن أبي رجاء قال: فذكره بمعناه، مختصرًا.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الذهبي رحمه الله له فيما ينقل في السير من الأسانيد منهج خاص وهو أنه يذكر اسم المؤلف ثم يسوق الإسناد بعده مع أنها متصلة للذَّهَبي نفسه بالرواية ولعله يفعل ذلك اختصارًا، وقد أشار إلى هذا المنهج بقوله في السير (2/ 113): أبو يعلى في مسنده -سماعنا-. اهـ.
فلعل ما أورده عن الأصْمَعي هنا إما من كتاب للأصمعي أو لغيره فاكتفى ببعض الإسناد.
وهذه المتابعة متصلة إن صَحَّت إلى الأصمعي؛ لأن أبا رجاء -وهو العَطَارِدي- أدرك سعد بن عُبَادة، لكن سَلَمة بن بلال لم أجد له ترجمة.
أما متابعة عطاء، فقد أوردها ابن عبد البَر في الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 40)، حيث ذكره بصيغة الجزم فقال: روى ابن جُرَيج عن عَطَاء، فذكره مختصرًا، وفيه انقطاع.
وبعد هذه الجولة يتضح لنا أن أيًا من هذه الطرق لا تسلم من ضعف، ولذا حكم الألباني حفظه الله على هذا الأثر بالضعف، حيث قال:(لا يصح)، على أنه مشهور عند المُؤَرخين،
…
ولم أجد له إسنادًا صحيحًا على طريقة المحدثين، فقد أخرجه ابن عَسَاكر (7/ 63/ 2)، عن ابن سيرين مرسلًا ورجاله ثقات، وعن محمد بن عائذ، ثنا عبدُ الأعْلى، به. وهذا مع إعضاله، فعبد الأعلى لم أعرفه. اهـ.
قلت: لكن توارد الأئمة على ذكر هذا السبب في قتله، واستشهادهم بهذه الآثار، مثل الإِمام الذهبي -وهو من كبار النُقَّاد المحققين- وابن الأثِير، بل ذهب هو وابن عبد البر رحمهما الله إلى أبعد من ذلك، حيث قالا: ولم يختلفوا أنه وجد=
= ميتًا في مُغْتسله، وقد اخْضَرَّ جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا يقول ولا يرون أحدًا: نحن قتلنا سيد
…
إلخ البيتين.
الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 40)؛ وأُسْد الغابة (2/ 384).
فمثل هذا، ومع اشتهاره عند المُؤَرخين يُشعِر بثُبوتِ أصله، وإن كان لا يَثْبُت بحسب القواعد الحديثية، والله أعلم.
46 -
(وَقَالَ مُسَدَّد)(1): حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّة بْنِ خَالِدٍ، عَنْ بُدَيل، عَنْ مُطَرِّف، حَدَّثَنِي أَعْرَابِيٌّ، قال: صَحبتُ أبا ذر رضي الله عنه فأعجبتني (2) أَخْلَاقُهُ كُلُّهَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الخلاء انتضح.
(1) سقطت من كل النسخ، وما أثبته من (سد) و (ك) وهو كذا في المُجَرَّدة (1/ 18)؛ والإتحاف، (كتاب الطهارة، باب البول قائمًا ص 46: 33).
(2)
في (ك): (فأعجبني) بدون تاء.
46 -
تخريجه:
هذا الأثر أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 237)، قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا قُرَّة بن خالد، به، فذكر نحوه، غير أنه قال:(رجل من أهل البادية)، بدل:(أعرابي) والمعنى واحد.
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد ضعيف، للجهل بحال هذا المُبْهم، وهو الأعرابي لكنه
بشواهده يكون حسنًا لغيره، ومن هذه الشواهد:
1 -
حديث سُفْيان بن الحَكَم، أو الحَكَم بن سفيان، الثقفي رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا بال توضأ، وينتضح، أخرجه أبو داود (1/ 117، 118)،
واللفظ له، والنَّسَائي (1/ 86)، وابن مَاجَه (1/ 157)، وعبد الرَّزاق في المصَنَّف (1/ 152) وإسناده صحيح، إلَّا أن المُنذري رحمه الله قال في مختصر أبي داود (1/ 126): واختُلِف في سماع الثقفي هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن عبد البر (الاستبعاب بهامش الإصابة 1/ 319)، عن حديث سفيان هذا: وهو حديث مضطرب جدًا.
وعلل ذلك بالاختلاف في اسمه واسم أبيه، وبوصله وإرساله.
وذكره الحافظ في القسم الأول في الإصابة (1/ 345): ورجح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله أنه ليست له صُحْبة. سنن الترمذي (1/ 72).=
= وقال الترمذي رحمه الله في السنن (1/ 72)، وفي الباب عن أبي الحكم بن سفيان، وابن عباس، وزيد بن حارثة، وأبي سعيد الخُدْري. وقال بعضهم: سفيان بن الحكم، أو الحكم بن سفيان، واضطربوا في هذا الحديث. اهـ.
والذي يترجح لَدَي هو الاضطراب، وأنه لا يثبت به صُحْبة الحَكَم فيبقى الحديث مرسلًا.
قال الحافظ في الإصابة (1/ 345): قال ابن المديني والبخاري وأبو حاتم: الصحيح: الحكم بن سفيان، عن أبيه، وقال أحمد والبخاري: ليس للحَكَم صحبة. اهـ. بتصرف.
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل، فقال: يا محمد إذا توضأت فانتضح. أخرجه الترمذي (1/ 71)، واللفظ له، وابن ماجه (1/ 157). قال الترمذي: هذا حديث كريب، قال: وسمعت محمدًا يقول: الحسن بن علي الهَاشِمي منكر الحديث. وقال المُنْذري في تهذيب السنن (1/ 126)، والهاشمي هذا ضعفه غير واحد من الأئمة.
3 -
حديث زيد بن حارثة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ جبريل عليه السلام أتاه في أول ما أُوحي إليه، فعَلَّمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غَرْفة من ماء فنضح بها فرجه. أخرجه أحمد (161/ 4)، واللفظ له، وابن ماجه
(1/ 157)، والدارقطني (1/ 111) لكن في إسناده ابن لهيعة وبه أعَلَّه البُوصيري.
(مصباح الزجاجة 1/ 67).
وقد جاء هذا الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه مرفوعًا، أخرجه الدارقطني (1/ 111) لكن في إسناده رِشْدِين بن سعد، قال عنه الحافظ: ضعيف.
(التقريب ص 209).
4 -
حديث جابر رضي الله عنه قَالَ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فنضح فرجه.
أخرجه ابن ماجه (1/ 157) وأعله البوصيري بقيس بن عاصم وابن أبي ليلى.=
= (مصباح الزجاجة 1/ 167).
وفي الباب عن: سَلَمة بن الأكوع، وابن عمر، ومَيمُون بن مَهْران، والقاسم، وابن سيرين، ومحمد بن كعب، ومُجَاهد.
انظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 151 - 153)، وابن أبي شيبة (1/ 167 - 168).
47 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، عَنْ زَمْعَة (1) بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي محمد بن عبد الرحمن، عن رجل -من بَنِي (2) مُدْلج- عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ سُرَاقة بن مالك رضي الله عنه، فجعل يقول: علَّمنا رسول لله صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: كَيْفَ عَلَّمَكُمْ تَخْرُون (3)؟ قَالَ: نعم، أمرنا (4) أن نتكيء عَلَى الْيَمِينِ (5) وَنَنْصِبَ الْيُسْرَى.
[2]
وَقَالَ (6) أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُبَيري، بِهَذَا، لَكِنَّهُ عكسه في اليمين (7) واليسرى.
(1) في (ك): (ربيعة)، وهو تصحيف.
(2)
في (ك): (خُدَيج)، وهو تصحيف.
(3)
كتب في هامش (ك) بالخاء المعجمة: (تَخرؤون)، وكذا همزها في المتن، والمعنى تتغوطون.
(4)
في (سد) زيادة: (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(5)
في (عم) و (حس) و (سد): (اليمنى).
(6)
هذا الإسناد ليس في (ك)، وفي (سد) سقط من الأصل فألحقه في الهامش.
(7)
في (عم) و (حس) و (سد): (اليمنى).
47 -
تخريجه:
هذا الحديث أخرجه مع ابن أبي شيبة وابن منيع في مسنديهما كل من: الطَبراني في الكبير (7/ 160: 6605)، من طريق علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا زَمْعَة، به، نحو لفظ ابن منيع.
والبَيهقي (1/ 96، كتاب الطهارة، باب تغطية الرأس عند دخول الخلاء والاعتماد على الرجل اليسرى إذا قعد)، إن صح الخبر فيه، من طريق أبي عاصم، عن زمعة، به مثل لفظ ابن منيع.=
= تنبيهان:
ا- تصحف اسم زَمْعة في البيهقي إلى ربيعة، وصوبته من البَدر المُنير -وسيأتي موضعه-.
2 -
عزا البُوصيري هذا الحديث في الإتحاف (ص 45: 32) إلى الحاكم في المستدرك، ولم أقف عليه في المستدرك، وغالب ظني أنه وهم في ذلك، والذي أوقعه أنه وجد البَيْهقي روى هذا الحديث من طريقه، ويؤيد ما رجحته أن ابن المُلَقِّن -وهو ممن يستقصي- عزا هذا الحديث للطبراني والبيهقي فقط، وكذا تبعه الحافظ في التلخيص فلم يزد على ذلك.
انظر: البدر المنير (ق 2، ص 673)؛ التلخيص (1/ 118).
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لثلاث علل:
1 -
فيه رجلان مبهمان، وهما الرجل المُدْلجي ووالده.
2 -
فيه رجل مجهول، هو محمد بن عبد الرحمن.
3 -
فيه زَمْعَة بن صالح، وهو ضعيف.
ولذا قال عنه البُوصيري في الإتحاف (ص 45: 32): هذا إسناد ضعيف.
وقال الهيثمي في المجمع (1/ 206): وفيه رجل لم يُسَم وتعقبه حمدي السلفي في تحقيق المعجم الكبير (7/ 160)، فقال: قلت: بل رجلان لم يسميا.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 118): قال الحازمي: لا نعلم في الباب غيره، وفي إسناده من لا يعرف، وادعى ابن الرِفْعة في المطلب أن في الباب عن أنس، فلينظر. اهـ. وانظر: البدر المنير (ق 2، ص 674).
وقال النووي رحمه الله في المجموع (2/ 92): هذا الحديث ضعيف
…
إلى أن قال: وقد بيَّنَّا أن الحديث لا يحتج به، فيبقى المعنى، ويُسْتَأنس بالحديث، والله أعلم. اهـ.
48 -
وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيد (1): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عَامَّة عَذَابِ القبرِ مِنَ البول، فتنزَّهوا من البول)(2).
(1) قوله: (وقال عَبْد بن حُميد)، سقط من أجل (سد) فخرّج له وألحقه في الهامش، وفي (ك) نسب هذا الحديث إلى أحمد بن منيع.
(2)
الحديث في المنتخب (1/ 550: 641).
48 -
تخريجه:
أخرجه البَزَّار في مسنده. (زوائد البَزَّار لابن حجرص 398: 243، كتاب الطهارة، باب الاستطابة). قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، ثنا عُبَيْدُ الله بن موسى، به نحوه.
والطبراني في الكبير (11/ 84: 11120)، وأبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (2/ 357)، كلاهما من طريق عبد الله بن رَجاء، أنا إسرائيل، به مثله.
والدَّارَقطني (1/ 128)، والحَاكم في المُسْتدرك (1/ 183، 184)، من طريق إسحاق بن منصور، ثنا إسرائيل، به نحوه.
والطَبَراني في الكبير (11/ 79: 11104)، من طريق العَوَّام بن حَوْشَب عن مُجَاهد، به نحوه.
الحكم عليه:
هذا إسناد رجاله ثقات، إلَّا أبا يحيى القَتَّات فإنه لَيِّن الحديث، ومثله إذا وافق الثقات في روايتهم صار حديثه مقبولًا في أقل درجات الحسن خصوصًا إذا انضم إلى ذلك توثيق ابن معين في رواية عنه. وقول البَزار ويعقوب بن سفيان لا بأس به. انظر: مصادر ترجمته.
ولذا قال الدارقطني بعد أن ساق الحديث: لا بأس به. وقال الحافظ ابن حجر:=
= وإسناده حسن، ليس فيه غير أبي يحيى القَتَّات، وفيه لين. التلخيص (1/ 117).
أما الحاكم فقد أورده على أنه شاهد لما قبله وسكت عليه الذهبي.
وقال البُوصيري في إتحاف الخيرة، (كتاب الطهارة، باب الاستنزاه من البول ص 56: 37): والقَتَّات مختلف في توثيقه. إلا أنه حسن إسناده، كما في النسخة المُجَرَّدة (1/ 33/ أ).
وحديث ابن عباس هذا أورده السيوطي في الجامع الصغير، والألباني في صحيح الجامع، وعزياه إلى الحاكم فقط، وصححاه. انظر: الجامع الصغير (2/ 57، 58)؛ صحيح الجامع (2/ 736: 397).
قلت: لعلهما صححاه لشواهده، كما سيأتي.
على أَن العَوَّام بن حَوْشَب قد تابع أبا يحيى القَتَّات، عن مجاهد في هذا الحديث، أخرج هذه المتابعة الطبراني في الكبير (11/ 79)، لكن في إسناده عبد الله بن خِرَاش، وهو تالف. قال عنه البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وكذبه آخرون واتهموه بالوَضْع. انظر: تهذيب التهذيب (5/ 197)، فمثله لا يلتفت إلى متابعته.
لكن متن الحديث صحيح جاء عن عدد من الصحابة، منهم:
1 -
أبو هريرة رضي الله عنه وبنحو حديث الباب. أخرجه ابن أبي شيبة في المُصنَّف (1/ 122)، ومن طريقه ابن ماجه (1/ 125)، وأخرجه أحمد (2/ 326، 388، 389)، والدارقطني (1/ 128)، والآجري في كتاب الشريعة (ص 632، 363)، والحاكم (1/ 183)، كلهم من طريق الأعْمَش عن أبي صالح، عنه، به.
قال الدارقطني: صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة. ووافقه الذهبي. وقال البُوصبري: هذا إسناد صحيح رجاله من آخرهم مُحْتَج بهم في الصحيحين. (مصباح الزجاجة 1/ 51)، كما صححه العلامة الألباني (الإرواء 1/ 331)؛ وصحيح ابن ماجه (1/ 61).=
= 2 - أنس بن مالك رضي الله عنه بنحو حديث الباب. أخرجه: الدارقطني (1/ 127)، من طريق أبي جعفر الرَازِي عن قتَادة، عنه مرفوعًا، وقال بعده: المحفوظ مرسل.
وأَقَرَّه المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 86).
قال الألباني: وعلة هذا الموصول: أبو جعفر الرازي، وهو ضعيف لسُوء حفظه، لكن رواه حَمَّاد بن سَلَمة عن ثمامة بن أنس، عن أنس به هكذا رواه جماعة عن حَمَّاد. ورواه أبو سَلَمة عن حَمَّاد، عن ثمامة مرسلًا والمحفوظ الموصول كما قال ابن أبي حاتم (1/ 26) عن أبي زرعة.
قلت: سنده صحيح. اهـ من الإرواء (1/ 310).
3 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: أما إنهما ليُعذَّبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله
…
الحديث، متفق عليه.
أخرجه البخاري. انظر: الفتح (1/ 317)، ومسلم -واللفظ له- (1/ 240، 241)، وفي رواية لمسلم:(وإن الآخر لا يستنزه عن البول، أو من البول).
كما أن في الباب عن جماعة من الصحابة. وقد مض ذكر بعضهم عند شواهد ح (16) فليراجع.
49 -
وَقَالَ مُسَدَّد: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَام بْنِ عُروة، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أحْجَار تُغنِي (1) في الاستنجاء).
(1) في (عم) و (سد): (يعني) بالمثناة التحتية أوله.
49 -
تخريجه:
هذا الحديث ذكره البُوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب وجوب الاستنجاء ص 56: 38)، ونسبه إلى مُسَدَّد فقط.
وأخرجه مالك (1/ 28) عن هِشَام، به بنحوه.
وقال الأرْنَاؤوط ومحمد فُؤَاد عبد الباقي: وقد وصله أبو داود والنَّسَائي عن عائشة، وسيأتي في الحكم على الحديث.
أما البُرْهَان فُوري في الكنز (9/ 355، 356) فقد عزاه بلفظين مقاربين إلى عبد الرزاق، ولم أقف عليه في مصنفه ولا جامعه، ويقرب أن بكلون في القسم الساقط من أول المصنف، والله أعلم.
الحكم عليه:
هذا الحديث مُرْسل، صحيح الإسناد. على أنه ثبت موصولًا من طريق عروة، عن عائشة رضي الله عنها، بمعناه.
أخرجه أحمد (6/ 108، 133)، وأبو داود (1/ 37)، والنَّسَائي (1/ 41)، والدَّارِمي (1/ 171، 172)، والدَّارَقُطني (1/ 54، 55) وقال: إسناد صحيح، -وفي نسخة إسناد حسن- وذكر الحافظ أنه صحح إسناده في العلل، كما أن الحافظ نسبه إلى ابن ماجه ولم أقف عليه. انظر: التلخيص (1/ 119).
وصححه الألباني لشواهده (الإرواء ص 84)؛ صحيح الجامع (1/ 156: 547).
وبالجملة، فإن متن الحديث صحيح يشهد له عدد من الأحاديث منها:=
=
1 -
حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا: (إذا استجمر أحدكم فَلْيَستجمِر ثلاثًا)، أخرجه مسلم (1/ 213)، وأحمد (3/ 400)، وابن خُزَيمة (1/ 42)، واللفظ لهما.
2 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، الحديث أخرجه البخاري (الفتح 1/ 256).
وفي الباب عن ابن عمر، وخُزَيمة بن ثابت، وأبي هريرة، وسلمان،
وأبي أيوب، والسَّائِب بن خَلَاّد الجُهَنِي، وأنس، وأبي أُمَامة وغيرهم. انظر: مسند أحمد (2/ 463)؛ وصحيح ابن خُزَيمة (1/ 41 - 43)؛ وسنن البيهقي (1/ 102)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 154، 155)؛ وكنز العمال (9/ 349 - 358).
وسيأتي مزيد لذلك عند حديث ابن مسعود بعد ثلاثة أحاديث.
50 -
[1] وقال ابن أبي (1) عمر: حدثنا المُقْري، ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم (2) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافع، عَنْ عَبْدِ الله -هو ابن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الجِن، فَسَمِعْتُهُ وَهُمْ يَسْتَفْتُونَهُ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:(ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ)، قَالُوا: كَيْفَ بِالْمَاءِ؟ قَالَ: (هُوَ أَطْهَرُ، وَأَطْهَرُ).
[2]
وقال (أَحْمَدُ)(3) بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن زياد (4) بن أَنْعم، به.
(1) اسم صاحب المسند سقط من (ك).
(2)
في (ك): (انغمس)، وهو تصحيف.
(3)
زيادة من (عم) و (سد).
(4)
في (ك): (زيادة) بتاء مربوطة، وهو تصحيف.
50 -
تخريجه:
هذا الحديث ذكره البُوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب وجوب الاستنجاء ص57: 39) وعزاه إلى ابن أبي عمر وابن منيع -كما صنع ابن حجر- ولم يعزه إلى غيرهما. وقد بحثت فلم أجد من أخرجه غيرهما.
الحكم عليه:
هذا الحديث بهذا الإسناد، ضَعَّفه البُوصيري من أجل عبد الرحمن بن زياد بن أَنعُم، وهو كما قال.
لكن حكم الاستجمار بالاحجار، وكونها ثلاثًا، ثابت يشهد له عدد من الأحاديث، مضى ذكرها، وذكر من أخرجها عند الحديث السابق، فليراجع. كما أن التطهير بالماء ثابت يشهد له عدد من الأحاديث، أذكر منها:
1 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام، إدَاوة من ماء، وعَنْزة، يستنجي بالماه. متفق عليه.=
= أخرجه البخاري (الفتح 1/ 252)، واللفظ له، ومسلم (1/ 227).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: مُرْن أزواجَكُن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم منه، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
أخرجه الترمذي (1/ 30، 31)، والنسائي (1/ 43)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الأرناؤوط: وإسناده صحيح. (جامع الأصول 7/ 140).
3 -
عَنْ جَرِير بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء، فقضى الحاجة، ثم قال:(يا جرير هات طهورًا)، فأتيته بالماء، فاستنجى بالماء، وقال بيده، فَدَلك بها الأرض. أخرجه النسائي (1/ 45) وقال: هذا أشبه بالصواب من حديث شَرِيك.
قال الأرناؤوط (جامع الأصول 7/ 141): وفي سنده انقطاع.
أما شهود ابن عمرو لليلة الجن مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فهذا من مناكير ابن أَنعُم عن ابن رَافِع، وإلا فقد أسلفت أنه لم يثبت أن أحدًا من الصحابة شهدها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غير ابن مسعود، إلا ما رواه الطبراني في الكبير (1/ 85: 251) عن الزُبَير بن العَوَّام، وأنه شهدها، وحَسَّن الهيثمي إسناده في المجمع (1/ 210).
أما الحافظ فقد ضَعَّف إسناده في التلخيص (1/ 120)، ووافقه عبد المجيد السلفي في تحقيقه للمعجم الكبير (1/ 85)، حيث قال: وهو الحق لأن ابن قُحَافة لا يعرف، تفرد عنه نُمَير بن يزيد القَيْني. ونُمَير: ليس بشيء، قاله الأزْدي. وتَفَرَّد عنه بَقيَّه، ففيه ثلاثة مجاهيل: قحافة، ونمير، ووالده يزيد، فكيف يكون إسناده حسنًا. اهـ.
كما نقله ابن كثير عن أبي نُعَيم، ثم قال: هذا حديث غريب، والله أعلم. تفسير ابن كثير (7/ 284)، وحق ما قال، فقد ثبت عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ لم يشهدها غيره.=
= ولذا ذهب البُوصِيري رحمه الله في الإتحاف (ص 57، 58: 39) إلى أن هذا الحديث من مسند ابن مسعود، لا كما فعل الحافظ هنا، ففسره بابن عمرو بن العاص.
ولكن يُعَكِّر على هذا أنه عُرِف بالرواية عن ابن عمرو، ولم يذكر أحد -فيما أعلم- أنه روى عن ابن مسعود، بل يبعد أن يلقاه، فإن ابن مسعود قد تقدمت وفاته،
فما ذهب إليه ابن حجر هو الأولى، ويحمل على أنه من منكرات ابن أنعم عن ابن رافع وهي كثيرة.
وحاولت استقصاء روايات ليلة الجن فلم أجد منها شيئًا من طريق ابن عمرو، أو أنه حضرها، فالله أعلم.
51 -
وقال أبو يعلى: حدثنا محمد بن إسحاق (المسيبي)(1)، حدثني عبد الله بن (نافع) (2) عن (3) عَبْدِ اللَّهِ بْنُ (نَافِعٍ) (4) -مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ- عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (5) رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ وُفُودُ الْجِنِّ مِنَ الْجَزِيرَةِ، فَأَقَامُوا عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم بَدَا لَهُمْ، فَأَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُزَوِّدَهُمْ، فَقَالَ:(مَا عِنْدِي (6) مَا أُزَوِّدُكُمْ بِهِ، وَلَكِنِ ادْنُوا (7) لِكُلِّ (8) عَظْمٍ مَرَرْتُمْ بِهِ، فَهُوَ لَكُمْ لَحْم عَرِيض، وَكُلُّ رَوْثٍ مَرَرْتُمْ بِهِ، فَهُوَ لَكُمْ ثَمَر (9)، فَلِذَلِكَ نَهَى (10) أَنْ (يُتمسح)(11) بالبَعْر والرِّمة.
(1) من (حس)، وفي (مع):(السبقى)، وفي (عم) و (سد):(السبتي)، وفي (ك):(المسني)، ويدل على صواب ما أثبته ما في مصادر الترجمة.
(2)
في (مح): (قَانِع)، وما أثبته من بقية النسخ.
(3)
قوله: (عن عبد الله بن نافع)، ليس في (ك).
(4)
في (مح): (مانع)، وفي (عم) و (سد):(قانع)، وما أثبته من (حس)، وهو كذا في مصادر الترجمة.
(5)
في (سد): زيادة (بن عمر).
(6)
قوله: (ما عندي)، ليس في (ك).
(7)
في (عم) و (سد): (أوبوا).
(8)
في (ك): (فكل)، بالفاء.
(9)
في (ك): (تمر)، بالمثناة الفوقية.
(10)
في (عم) و (سد): زيادة (صلى الله عليه وسلم).
(11)
في (مح) و (ك): (تمسح)، وما أثبته من بقية النسخ.
51 -
تخريجه:
هذا الحديث ذكره البُوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب وجوب الاستنجاء ص 65: 44)، وعزاه إلى أبي يَعْلى فقط ولم أجد من أخرجه من طريق ابن عمر غيره. والله أعلم.
الحكم عليه:
الحديث ضعيف، بل مُنكر، بسبب عبد الله بن نافع، وبه ضَعَّفه البوصيري في الإتحاف، فقد صرح البخاري أنه في روايته عن أبيه منكر الحديث -كما سبق في ترجمته-.
أما متن هذا الحديث فإنه صحيح ثابت من طريق ابن مسعود رضي الله عنه مشهور بطرقه، كما قال الحافظ رحمه الله في التلخيص (1/ 120).
وقد أخرجه مسلم (1/ 332)، وأبو داود (1/ 36)، والنَسَائي (1/ 37)، وغيرهم.
كما يشهد لحديث الباب عدد من الأحاديث منها:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.
أخرجه البخاري (الفتح 7/ 171).
2 -
حديث سليمان رضي الله عنه بمعناه.
أخرجه مسلم (1/ 323)، وأحمد (5/ 439).
3 -
خُزَيمة بن ثابت رضي الله عنه بمعناه.
أخرجه أبو داود (1/ 37).
4 -
جابر رضي الله عنه بمعناه.
أخرجه مسلم (1/ 324)، وأبو داود (1/ 36).
وفي الباب عن الزُبَير بن العَوام -وقد مضى قريبًا- وابن مسعود أيضًا ورُوَيفِع بن ثابت، وسَفل بن حنيف، ورجل من الصحابة، وأبي هريرة، وسيأتي مزيد لذلك عند شواهد الحديث الآتي إن شاء الله تعالى، كما مضى بعض ذلك عند ح (49)، والله أعلم.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 155، 156)؛ سنن الدارقطني وشرح معاني الآثار (1/ 123، 124، 1/ 54 - 57)؛ نصب الراية (1/ 215 - 220)؛ التلخيص (1/ 120، 121)؛ الكنز (9/ 351 - 359).
52 -
(قَالَ أَبُو يَعلى)(1): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْران الأخْنسِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيل، ثنا إِبْرَاهِيمُ الهَجَري عن أبي الأحْوص عن عبد الله رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إنَّ اللَّهَ وِتْر يحب الوتر، فإذا استجمرتَ فأوتِر ((2).
(1) زيادة من (ك).
(2)
الحديث في المسند (9/ 178: 5270)؛ والمقصد العلي (ص 199: 112).
52 -
تخريجه:
الحديث بهذا اللفظ، ومن هذا الوجه، انفرد بإخراجه أبو يعلى في مسنده، فقد ذكره البُوصيري في الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب وجوب الاستنجاء، ص 60: 40)، والهَيثَمي في المجمع (1/ 211)، والنَبْهاني في الفتح الكبير (1/ 347)، والأَلْباني في صحيح الجامع (1/ 375)، وكلهم عزوه لأبي يعلى فقط، وقد بحثتُ كثيرًا فوصلت إلى حيث انتهوا، والله الموفق.
لكن أخرجه أبو يعلى في مسنده (8/ 404: 4987)، وأبو داود (2/ 128: 1417)، وابن ماجه (1/ 370: 1170)، وابن نَضر في كتاب الوِتر (ص 245)، والطبراني في الكبير (10/ 178، 179: 10262، 10263)، وأبو نُعَيم في الحِلْيَة (7/ 313)، والبيهقي (2/ 468)، كلهم من طريق عمرو بن مُرَّة، عن أبي عبيدة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَّ اللَّهَ وتر يحب الوتر، أوتروا يا أهل القرآن)، وأبو داود لم يذكر اللفظ بل اكتفى بالإسناد والإحالة إلى حديث علي، وهو بمعناه، وليس عند الطبراني وأبي نعيم قوله:(إن الله وتر يحب الوتر).
وهذا الحديث فيه علَّة، وهي أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وبه أعَلَّه البيهقي، ووافقه الذهبي في المُهَذَّب (2/ 431)، والمنْذِري في مختصر سنن أبي داود (2/ 121)، وعبد المجيد السلفي في نعليقه على المعجم الكبير، وعبد القادر الأرناؤوط (جامع الأصول 6/ 44).=
= كما أعله البيهقي وتبعه على ذلك الذهبي بالإرسال وأن الموصول غير مَحْفوظ.
قلت: لكن الحديث يشهد له عدد من الأحاديث سيأتي ذكر بعضها في الشواهد، ومنها: حديث أبي هريرة بنحوه في الاستجمار فقط، أخرجه البخاري (الفتح 262/ 1: 161)، ومسلم (1/ 212: 237)، وحديث علي رضي الله عنه بنحوه وليس فيه ذكر الاستجمار.
أخرجه أبو داود (2/ 127)، والترمذي (2/ 316)، والنَّسَائي (3/ 229)، وابن ماجه (1/ 370)، وحسَّنَه الترمذي، وعبد القادر الأرناؤوط (جامع الأصول 6/ 43)، وقال الترمذي: وفي الباب عن ابن عمر، وابن مسعود وابن عباس.
ولهذا صحح الألباني حديث ابن مسعود رضي الله عنه. انظر: صحيح الجامع (1/ 375: 1830).
وأعل المُنَاوي حديث ابن مسعود -هذا- بعد أن ذكره بإبراهيم الهَجَري، وقد عزاه تبعًا للسيوطي إلى ابن ماجه في الفيض (2/ 267)، وهذا وَهْم فإن الهَجري هذا ليس له وجود أصلًا في سند ابن ماجه، بل هو في إسناد أبي يعلى فقط، والله أعلم.
الحكم عليه:
الحديث بإسناد أبي يعلى ضعيف، بسبب رجلين:
1 -
أحمد بن عِمْران الأخْنَسي وهو منكر الحديث كما سبق.
2 -
إبراهيم الهَجَري وهو لَيِّن الحديث كما سبق، وبه أعَلَّه البُوصيري. لكنه يَتَقوَّى بالطريق الآخر، وبالشواهد فيصير حسنًا لغيره، أما متنه فهو صحيح قطعًا قد جاء عن عدد من الصحابة، وها أنا أذكر بعضًا منها:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه:(وإن الله وتر يحب الوتر) متفق عليه.
أخرجه البخاري (الفتح 11/ 214)، ومسلم (4/ 2062) واللفظ له.=
= 2 - حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا: (إذا استجمر أحدكم فَلْيُترتِر)، أخرجه مسلم (1/ 213).
وفي الباب عن أبي أيوب، والسَّائِب بن خَلَاّد وابن عمر، وسلمان وعائشة، وأنس، وعن قَبِيصة بن هَلْب عن أبيه، وأبي أُمَامَة وسَلَمة بن قيس، كما مضى بعض ذلك عند ح (49).
انظر: مسند أحمد (2/ 109، 314، 491)؛ والدارقطني (1/ 54 - 57)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 154، 155)؛ وشرح معاني الآثار (1/ 121، 122)؛ ونصب الراية (1/ 214 - 217)؛ وكنز العمال (9/ 351 - 357).
53 -
(وَقَالَ)(1): حَدَّثَنَا مُعَلَّى (2) بْنُ مَهْدي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَر عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحَكَم، عَنْ نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِإِنْقَاءِ الدُّبُر، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بالبَاسُور (3)).
(1) زيادة من (ك). والقائل أبو يعلى.
(2)
في (ك): (يعلى)، وهو تصحيف.
(3)
مفرد بواسير، وهو داء معروف يصيب فتحة الشرج.
انظر: لسان العرب (4/ 59)؛ المعجم الوسيط (1/ 56).
53 -
تخريجه:
أخرجه أبو نُعَيم في (الطِّب النَّبوي)، وابن السُّني أيضًا في (الطب النبوي) له في فيض القدير (4/ 350)، والسلسلة الضعيفة (2/ 210)، وابن حِبَّان في المجروحين (2/ 100)، وابن عَدِي في الكامل (2/ 721، 5/ 1812).
كلهم من طريق عُثمان بن مَطَر، ثنا علي بن الحَكَم، به، إلَّا أن فيه (بغسل) بدل (بإنقاء).
كما أن عثمان هذا مرة يذكر الحسين بن أبي جعفر بينه وبين علي بن الحَكَم كما في أسانيدهم جميعًا، إلَّا إسناد ابن عَدِي الثاني، فإنه رواه كرواية أبي يَعلى، أما في الإسناد الأول فقد قَرَنه بعلي بن الحَكَم، أما إسناده الثالث والذي رواه في الموضع الثاني فقد رواه كما رواه البقية.
الحكم عليه:
هذا الحديث ضعيف جدًا بسبب عثمان بن مَطَر الشَيبَاني، فإنه كما قال البخاري: مُنكر الحديث، ولذا قال ابن عَدِي عن هذا الحديث: وهو حديث منكر
…
وسائر أحاديثه -يعني عثمان- فيها مشاهير وفيها مناكير والضعف بيِّن على حديثه.
وقال أيضًا عن الحديث: وهذا يرويه ابن أبي جعفر عن علي بن الحَكَم، وعن ابن أبي جعفر، عثمان بن مَطَر، ولعل البلاء من عثمان لأنه يرويه عن الحسن بن أبي جعفر.=
= وقد أورده ابن حِبَّان والذهبي رحمهما الله في ترجمته في الميزان (3/ 54) على عادتهما في إيراد بعض مناكير الرواة.
بل أبعد العلَاّمة الألباني النَجْعة حين حكم عليه بالوضع. (ضعيف الجامع 4/ 50)؛ والسلسلة الضعيفة (2/ 210: 798).
ويظهر لي أنه بَنى حكمه بقدر كبير على قول ابن حِبَّان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات.
أما تصحيح السيوطي رحمه الله له في الجامع الصغير (2/ 65)، فهذا من
تساهله، والَاّ فأنَّى له الحُسْن، ناهيك عن الصحة، وفيه مثل هذا الرجل، أَضِف إلى ذلك حكم الأئمة بضعف الحديث ونكارته، مثل ابن عَدِي.
أما الشاهد لهذا الحديث، والذي أورده الحافظ في اللسان (4/ 316)، في ترجمة عمر بن عبد العزيز الهَاشمي، ومن طريقه، عن الحارث عن علي رضي الله عنه مرفوعًا:(عليكم بغسل الدُّبُّر، فإنه يُذهِب البواسير).
فقد أخرجه الخطيب في (المُتفِق والمُفتَرِق). انظر: لسان الميزان (4/ 316) في ترجمة محمد بن سَلَمة البَزار الفَرغَانِي، عنه عن يونس بن أبي إسحاق، عنه إسحاق، عن أبيه عن الحارث، به.
قال الحافظ عن عمر الهاشمي: شيخ مجهول، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها.
قال الألباني (الضعيفة 2/ 211): والحارث وهو الأعور مُتَّهم.
فمثل هذا الشاهد لا يقوى به حديث ابن عمر، والله أعلم.