الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بَابُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَبَيَانُ نَسْخِهِ
124 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ (1)، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رضي الله عنه توضأ (2) مما غيرت النار.
(1) في (عم) و (سد): زيادة (قال).
(2)
في (عم): (يتوضأ) بزيادة ياء في أولها.
124 -
تخريجه:
أخرجه ابن المنذر (1/ 214 ث: 106، كتاب الطهارة، الوضوء مما مست النار)، من طريق يحيى به مثله، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 151، من كان يرى الوضوء مما غيرت النار).
وأحمد (4/ 28)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 62، كتاب الطهارة، باب أكل ما غيرت النار هل يوجب الوضوء، أم لا؟) كلهم من طريق همام، قال: قيل لمطر الوراق وأنا عنده: عمن أخذ الحسن أنه كان يتوضأ مما مست النار؟ فقال: أخذه عن أنس، وأخذه أنس عن أبي طلحة، وأبو طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البزار في مسنده (كشف الأستار 1/ 150، كتاب الطهارة، باب الوضوء مما مست النار): حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، الْعَطَّارُ، ثنا حَجَّاجُ بن نصير، ثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: توضؤوا مما=
= غيرت النار.
قال البزار: هكذا رواه مبارك عن الحسن، عن أنس، وقال مطرف: عن الحسن، عن أبي طلحة. وقال أشعث: عن الحسن، عن أبي هريرة.
قلت: أما حديث أبي طلحة رضي الله عنه فأخرجه أحمد (4/ 28، 30)، والنسائي (1/ 106، باب الوضوء مما غيرت النار)، والطبراني في الكبير (5/ 107، 108: 4728، 4730).
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأخرجه مسلم (1/ 273: 352)، وأحمد (2/ 265، 271، 427، 470، 479، 503، 529)، والنسائي (1/ 105 - 106)، لكن كلاهما من غير طريق الحسن عنهما.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف، (الإحالة السابقة): حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، أن أنسًا وأبا طلحة -وذكر غيرهما- كانوا لا يتوضؤون مما غيرت النار.
وأخرجه ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه لكنه رفع الحديث، ولم يذكر أبا طلحة فيه السنن (1/ 164: 487، كتاب الطهارة، باب الوضوء مما غيرت النار).
والحديث الآتي شاهد قوي لهذا.
الحكم عليه:
حديث الباب موقوف إسناده صحيح لغيره، وما يخشى من تدليس قتادة قد اعتضد بالمتابعات التي ذكرتها.
كما جاء الحديث مرفوعًا بلفظ (توضؤوا مما غيرت النار)، أو بنحوه عن عدد من الصحابة، مضى منها حديث أبي هريرة وأبي طلحة. كما جاء من طريق عائشة وأم حبيبة، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
انظر: صحيح مسلم (1/ 272، 273)؛ وسنن أبي داود (1/ 134، 135)؛ وسنن النسائي (1/ 105 - 107)؛ وسنن الترمذي (1/ 114 - 116).
125 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ:
[1]
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسًا رضي الله عنه فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَعَدْتُ حَتَّى جَاءَ، فَجَاءَ وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ هَذَا -يَعْنِي الْحَجَّاجَ- فَأُتِيَ (1) بِطَعَامٍ، فأكلوا، ثم قاموا فصلوا، ولم يتوضؤوا (2).
فقلت: أو ما كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا، مَا كُنَّا نَفْعَلُهُ (3).
[2]
حَدَّثَنَا (4) يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ فِيهِ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه خَبِيثَ النَّفْسِ فَقُلْتُ (5): أَرَاكَ (6) خَبِيثَ النَّفْسِ. قَالَ: وَمَا لِي لَا أَكُونُ خَبِيثَ النَّفْسِ وَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ هَؤُلَاءِ آنِفًا، وَقَدْ أَكَلُوا خبزًا ولحمًا (7)، وصلوا (8) ولم يتوضؤوا.
(1) في (مح): غير واضحة.
(2)
في (عم): (يتوضأ).
(3)
في (حس): (نفعل هذا).
(4)
أي وقال ابن منيع أيضًا.
(5)
سقطت من أصل متن (مح) فخرج لها وألحقها في الهامش، وهي ثابتة في بقية النسخ.
(6)
في بقية النسخ (مالك).
(7)
في (عم): بتقديم اللحم.
(8)
في (ك): (ثم).
125 -
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 173: 670، باب ما جاء فيما مست النار من الشدة)، عن معمر، عن أيوب، به، نحوه، وفي آخره زيادة.=
= وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 51، من كان يرى الوضوء مما غيرت النار): حدثنا ابن علية، به، بلفظ مقارب.
وابن المنذر (1/ 215 ش: 110، كتاب الطهارة، الوضوء مما مست النار)، من طريق سفيان، عن أبي قلابة، به، ولفظه أقرب للرواية الثانية.
الحكم عليه:
هذا موقوف إسناده صحيح، رجاله ثقات أثبات.
126 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ (1)، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: توضؤوا، والوضوء مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، وَمِمَّا يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فرث ودم.
(1) في (عم) و (حس) زيادة: (قال).
126 -
تخريجه:
لم أجد من أخرج هذا الأثر غير مسدّد في مسنده.
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف بسبب جهالة أبي عثمان.
أما قول البوصيري رحمه الله في الإتحاف (ص 303: 202): هذا إسناد رجاله ثقات، مع أنه لم يذكر له طريقًا آخر غير هذا فإنه تساهل منه، لأن أبا عثمان تفرّد ابن حبان بذكره في الثقات، مع أن الأئمة جهلوه.
إلَّا أن صدر الأثر له شواهد، تقدمت فيما سبق، وأما الوضوء مما يخرج من بين فرث ودم، وهو اللبن بدليل قوله سبحانه:{نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: 66]، فقد جاء عن أبي هريرة وأبي سعيد بأسانيد صحيحة أنهما يقولان ذلك، لكن الثابت في السنة، وعن جمهور الصحابة والتابعين أنه لا يلزم منه الوضوء، بل المسنون فيه المضمضة فقط، والله أعلم.
انظر: مصنفي عبد الرزاق (1/ 176 - 178)؛ وابن أبي شيبة (1/ 57، 58)؛ وجامع الأصول (7/ 405).
127 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ خَالَتِهِ، أَوْ عَمَّتِهِ -شَكَّ يَحْيَى- وَكَانَتِ امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَتْ (2): إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه كَانَ يتوضأ مما غيّرت النار.
(1) أي وقال مسدد أيضًا.
(2)
سقطت من (حس) و (ك)، وسقط أيضًا منها:(إن زيد بن ثابت).
127 -
تخريجه:
لم أجد من أخرجه من هذا الوجه غير مسدد في مسنده، إلَّا أن عبد الرزاق (1/ 172، باب ما جاء فيما مست النار من الشدّة)، قال: قال معمر، قال الزهري: بلغني أن زيد بن ثابت، وعائشة كانا يتوضآن مما مست النار. وقد وصله ابن أبي شيبة (1/ 51: من كان يرى الوضوء مما غيرت النار)، فقال: ثنا ابن علية، عن معمر، عن الزهري، عن خارجة، عن زيد بن ثابت أنه قال: توضؤوا مما مست النار، ومن طريق ابن علية أخرجه ابن المنذر (1/ 214 ث: 109، كتاب الطهارة، الوضوء مما مست النار)، وهذا إسناد كالشمس.
كما قال ابن أبي شيبة أيضًا: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه أنسًا -وذكر آخرين منهم زيد بن ثابت- كانوا يتوضؤون مما غيرت النار. وهذا مرسل جيد.
الحكم عليه:
هو موقوف إسناده بهذه المتابعات حسن لغيره.
128 -
(1)(وَقَالَ إِسْحَاقُ): أنا الْعَقَدِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ هِنْدِ بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ (عَمَّتِهَا)(2)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مِنْ كتف شاة، ئم صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (3).
قُلْتُ (4): أَظُنُّهُ مُرْسَلًا، وَمُحَمَّدُ بن أبي حميد ضعيف).
(1) هذا الحديث زيادة من (ك)، وهو في المجردة (1/ 40: 132)، ولم أقف عليه في الإتحاف للبوصيري.
(2)
في الأصل غير منقوطة، ويؤيد ما أثبته ما جاء في مصادر التخريج، حيث روي الحديث من عدّة طرق عن عمّتها.
(3)
في الأصل كأنها بالباء بدل التاء، ولم أعرف وجه ذلك.
(4)
في المجردة العبارة هكذا: "فيه ضعف، وأظنه مرسلًا".
128 -
تخريجه:
أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 445: 1094)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (ج 2، ل 365)، من طريق محمد بن أبي حميد، به، فلفظ الطبراني مثله، ولفظ أبي نعيم بنحوه، وفيه زيادة الخبز.
وأخرجاه أيضًا من طريق العباس بن فضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثني أخي، عن سليمان بن بلال، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عن محمد بن كعب القرظي، حدثتني هند بنت سعيد بن أبي سعيد، به، مثل لفظ أبي نعيم الأول.
وسيأتي الكلام عن هذا الإسناد في الحكم على الحديث.
وأخرجاه أيضًا من طريق عمرو بن محمد بن معاذ الأنصاري، سمعت هند بنت سعيد، به، بنحوه. انظر: المعجم الكبير (1092، 1093)، وعمرو هذا لم أقف على ترجمته.
وعزاه في الكنز إلى ابن أبي خيثمة وابن عساكر في تاريخيهما من طريق هند،=
= به، بنحوه. انظر: الكنز (9/ 495: 27133)؛ والرسالة المستطرفة (ص 130).
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف فيه علّتان:
1 -
الجهالة بحال التابعية، وهي هند بنت سعيد.
2 -
ضعف محمد بن أبي حميد.
أما قول الحافظ "أظنه مرسلًا، ففيه نظر، لأنه هو ذكر فريعة -عمّة هند- في الإصابة ضمن القسم الأول، وهم من ثبتت صحبتهم لديه، بل صرّح بأنها شهدت بيعة الرضوان كما في التهذيب، مع أن صحبتها لا خلاف فيها. وأما قول الهيثمي رحمه الله في المجمع (1/ 254): رواه الطبراني في الكبير من طرق، وبعض رجالها رجال الصحيح، إلَّا هند بنت سعيد، وقد وثقها ابن حبان، ففيه إيهام لا يخفى؛ لأن الطريق الوحيد الذي رواته رواة الصحيح هو طريق محمد بن كعب، وفيه العباس بن فضل الأسفاطي شيخ الطبراني، مجهول الحال، بل قال هو عنه في المجمع (5/ 66): لم أعرفه.
وانظر: اللباب (1/ 54)، ومقدمة الدعاء للطبراني (1/ 386)، وهو وإن لم يكن في طبقة رواة الصحيح، فلا يحسن إهمال أثره في الإسناد.
وبذا يتضح أن هاتين المتابعتين لمحمد بن أبي حميد فيهما مجهولان الأول فيه العباس الأسفاطي، والثاني فيه محمد بن عمرو الأنصاري.
إلَّا أنه إذا ضمّ إلى ذلك ما ورد من الشواهد في الباب ارتقى متن الحديث إلى درجة الحسن لغيره، وقد ذكرت جملة من هذه الشواهد الصحيحة عند ح (130) الآتي قريبًا.
129 -
حدثنا (1) يحيى، عن شعبة، عن عمروبن مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ: لَوْ أَكَلْتُ لَحْمًا وَشَرِبْتُ لَبَنَ اللِّقَاحِ ثُمَّ أُصَلِّي وَلَمْ أَتَوَضَّأْ، مَا بَالَيْتُ أَنْ (2) لَا أُمَضْمِضَ فَمِي، وَأَغْسِلَ يَدِي مِنْ غَمْرِ الطَّعَامِ (3).
* صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ.
(1) القائل هو مسدّد.
(2)
في سنن البيهقي جاءت العبارة: (إلَّا أن أمضمض)، وهي أوضح مَعنًا، وأليق بالسياق.
(3)
وغمر الطعام هو: ما يعلق باليد من دسمه.
انظر: ترتيب القاموس (3/ 416).
129 -
تخريجه:
أخرجه البيهقي (1/ 160، كتاب الطهارة، باب الرخصة في ترك المضمضة من ذلك -أي شرب اللبن-)، من طريق آدم، نا شعبة، به، بنحوه، وفيه بعض الاختلاف.
كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما من فعله، وبنحو هذا القول مختصرًا.
انظر: مصنفي عبد الرزاق (1/ 177)؛ وابن أبي شيبة (1/ 58)؛ والأوسط 1/ 221 ث: 117).
130 -
(1) حَدَّثَنَا عِيسَى، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته فاطمة رضي الله عنها، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ لَحْمًا، فَأَكَلَ، فَلَمَّا قَامَ أَخَذَتْ رضي الله عنها بردائه صلى الله عليه وسلم فقالت: ألا تتوضأ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " (ممّ) (2) يا بنية؟ "، فقالت رضي الله تعالى عنها: مما غيّرت النار، فقال صلى الله عليه وسلم:"أو ليس أَطْهَرُ طَعَامِنَا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ".
رَوَاهُ أَحْمَدُ (3)، وَالْحَارِثُ (4)، وَأَبُو يَعْلَى (5)، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ فاطمة رضي الله عنها موصولًا.
(1) أي وقال مسدد أيضًا.
(2)
زيادة من (عم) و (ك).
(3)
المسند (6/ 283).
(4)
بغية الباحث (ص 139: 91)، كتاب الطهارة، باب فيمن أكل لحمًا أو شرب لبنًا).
(5)
المسند (ل: 305)؛ والمقصد العلي (ص 234: 153، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار).
130 -
تخريجه:
أخرجه الإمام أحمد، وأبو يعلى، والحارث في مسانيدهم، كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسن، عن فاطمة رضي الله عنها، به، بنحوه، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 88: 2742)، قال: ثنا محمد بن عبدوس، ثنا عبد الله بن عمرو بن أبان، ثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن إسحاق، به، بنحوه، إلَّا أنه جعل بدل الحسن بن أبي الحسن، الحسن بن علي رضي الله عنه، وجعله الطبراني في مسنده، وأنه هو الذي حضر القصة ورواها ورجاله إلى ابن إسحاق ثقات إلَّا أن عبد الله بن عمرو لم أجد له ترجمة. وبناء عليه تبقى رواية الأئمة هي المحفوظة، لأنها زيادة على صحة بعض أسانيدها، جاءت من طرق متعددة، وتبقى علَّة الحديث كما هي حيث إن ابن إسحاق قد عنعن هنا أيضًا.=
= الحكم عليه:
هذا مرسل إسناده صحيح، رجاله ثقات، أما متابعة محمد بن إسحاق الموصولة، فلها علتان أيضًا:
قال البوصيري في الإتحاف (ص 312): ومدار حديث فاطمة على محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعن.
وقال الهيثمي في المجمع (1/ 253) بعد أن ذكر الحديث: والحسن بن أبي الحسن ولد بعد وفاة فاطمة، والحديث منقطع. اهـ.
أما متن الحديث فله شواهد كثيرة منها:
1 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وسيأتي بعد هذا الحديث.
2 -
حديث عمرو بن أمية الضمري أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يحتزّ من كتف شاة في يده، ثم صلى ولم يتوضأ، أخرجه البخاري (الفتح 1/ 311: 208)، ومسلم (1/ 273: 354).
3 -
حديث ميمونة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عندها كتفًا، ثم صلَّى ولم يتوضأ، أخرجه البخاري (الفتح 1/ 312: 210)، ومسلم (1/ 274: 356).
وفي الباب مرفوعًا عن عدد من الصحابة أيضًا، منهم:
جابر، وأبو رافع، والمغيرة، وزينب بنت أبي سلمة، وسويد بن النعمان، وعبد الله بن الحارث، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وأبو هريرة، وعائشة، وغيرهم رضي الله عنهم، كما جاء موقوفًا عن عدد كبير جدًا من الصحابة رضي الله عنهم، ويشبه أن يكون هذا متواترًا.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 50 - 51)؛ والأوسط (1/ 219 - 226)؛ والبيهقي (1/ 153 - 158)؛ وجامع الأصول (7/ 221 - 225)، ومجمع الزوائد (1/ 251 - 254)؛ والبدر المنير (ق 3، ص 805 - 811).
131 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عباس، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَسَ (1) من كتف ثم صلى ولم يتوضأ (2).
(1) في (سد): (نهش)، بالمعجمة، وفي المسند (نهس كتفًا)، والنهس: أخذ اللحم بأطراف الأسنان، والنهش: الأخذ بجميعها. النهاية (5/ 136).
(2)
في (ك) جعل هذا الحديث قبل الحديث السابق. والحديث في المسند (1/ 32: 24)؛ والمقصد العلي (ص 229: 146، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار).
131 -
تخريجه:
أخرجه البزار في مسنده (زوائد البزار لابن حجر ص 483: 292، كتاب الطهارة، باب الوضوء)، ثنا أبو كريب، ثنا موسى بن داود، ثنا حسام بن مصك، به، نحوه، وفيه أكل خبزًا ولحمًا".
والمروزي في مسند أبي بكر (ص 70، 71: 33، 34)، بمثل إسناد البزار ونحو لفظ أبي يعلى.
ورواه بإسناد آخر قال: ثنا سفيان بن وكيع، ثنا زيد بن حباب، عن حسام، به، مثل لفظ أبي يعلى.
قال البزار: قد رواه هشام وأشعث، عن ابن سيرين، عن ابن عباس، ولم يذكرا أبا بكر، وإنما قاله حسام وهو ليس بالقوي ولم يسمع ابن سيرين من ابن عباس. اهـ.
وأشار الترمذي إلى حديث أبي بكر هذا في سننه (1/ 118 - 119) ثم قال: ولا يصح حديث أبي بكر في هذا الباب من قبل إسناده إنما رواه حسام بن مصك، عن ابن سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هكذا روى الحفاظ، وروي من غير وجه عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عطاء بن يسار، وعكرمة ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعلي بن عبد الله بن عباس=
= عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يذكروا فيه: عن أبي بكر الصديق، وهذا أصح. اهـ. قلت: وقد أشار الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إلى هذه الروايات التي يشير إليها الترمذي في قوله، وهي في المسند بتحقيقه تحت الأرقام التالية:(1988، 2002، 2188، 2286، 2289، 2339، 2341، 2406، 2467، 2545، 2941، 3014، 3108، 3287، 3295، 3312، 3352، 3433، 3453، 1994، 2524، 3403، 3463). وقال الدارقطني في علله (1/ 211: 18)، لما سئل عن هذا الحديث: خالفه -يعني حسامًا- أيوب السختياني، وهشام بن حسان، وأشعث بن سوار، وغيرهم، فرووه عن ابن سيرين، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه أبا بكر، وهم أثبت من حسام، والقول قولهم. اهـ.
والحديث من طريق ابن عباس، دون ذكر أبي بكر رضي الله عنهما.
أخرجه البخاري (الفتح 1/ 310، 9/ 545)، ومسلم (1/ 273)، وأبو داود (1/ 130 - 133)، والنسائي (1/ 108)، وابن ماجه (1/ 164)، وأحمد (1/ 226، 227، 253) بأسانيد كثيرة، ومالك (1/ 25)، وعبد الرزاق (1/ 164)، وابن أبي شيبة (1/ 47).
أما مسألة سماع ابن سيرين من ابن عباس، وأنه لم يثبت فمع كونه توبع على ذلك -كما تقدم- فقد نقل الحافظ في الفتح (9/ 545 - 546)، عن شعبة وخالد الحذاء، أنه سمعها من عكرمة أيام المختار.
الحكم عليه:
الحديث من هذا الوجه منكر، لأن فيه حسام بن مصك، وهو يكاد يترك، وقد خالف الثقات في إسناده إلى أبي بكر رضي الله عنه، قال الهيثمي (1/ 251): فيه حسام بن مصك وقد أجمعوا على ضعفه.
أما أصل الحديث من رواية ابن عباس رضي الله عنهما فهو صحيح لا مرية في ذلك كما تقدم في التخريج.
132 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ إِسْحَاقَ (2) الْهَاشِمِيِّ (3)، حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةَ رضي الله عنها، قَالَتْ (4): دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ، كَتِفًا (5) بَارِدًا فَكُنْتُ أَسْحَاهَا (6)، فَأَكَلَهَا، ثُمَّ قَامَ صلى الله عليه وسلم فصلى (7).
(1) أي وقال أبو يعلى أيضًا.
(2)
سقط هذا الاسم من (حس).
(3)
فى (عم) و (سد) زيادة: (قال).
(4)
سقطت التاء من (عم).
(5)
في (ك) تصحفت الى: (لبنًا).
(6)
قال في هاش (مح): (قوله: فكنت أسحاها)، أي أقشرها، وأكشف عنها اللحم. اهـ.
مجمع. (وانظر: غريب الحديث للخطابي 1/ 324)؛ والنهاية (2/ 348).
(7)
الحديث في المسند (ل 326)؛ والمقصد العلي (ص 234: 154، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار).
132 -
تخريجه:
أخرجه الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (1/ 321: 808)، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العزيز، ثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا جعفر بن سليمان، به، نحوه.
الحكم عليه:
قال الهيثمي (1/ 253): رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات.
قلت: إلَّا جعفر بن سليمان فإن الحق فيه أنه صدوق، وبذا يكون إسناده حسنًا لذاته.
ويشهد لمتنه عدد من الأحاديث سبق الإشارة إليها قبل حديثين.
133 -
[1] قَالَ (1): وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَشَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتِفًا مِنْ قِدْرِ (2) الْعَبَّاسِ رضي الله عنه فَأَكَلَهَا، وَقَامَ فَصَلَّى (3) وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
[2]
وقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، نحوه (4).
(1) أي وقال أبو يعلى أيضًا، وهو في المسند (10/ 388: 5986)؛ والمقصد العلي (ص 233: 152، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوه مما مست النار).
(2)
في (عم): (كتفًا لعباس)، والنشل هنا: أي جذبه من القدر قبل نضوجه. انظر: النهاية (5/ 59).
(3)
في المسند: (يصلي)، بالياء.
(4)
انظر زوائد البزار لابن حجر (ص 486: 297، كتاب الطهارة، باب الوضوء).
133 -
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 27: 42، كتاب الوضوء، باب ذكر الدليل على أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم)، ثنا أحمد بن عبدة الضبي، ثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد الدراوردي- به، نحو سياق البزار.
ومن طريق ابن خزيمة أخرجه ابن حبان (الإحسان 2/ 235: 1148، كتاب الطهارة، باب البيان بأن ترك الوضوء. . .).
والبيهقي (1/ 156، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار).
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 67، كتاب الطهارة، باب أكل ما غيرت النار. . .)، حدثنا محمد بن خزيمة، ثنا حجاج، ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن سيل، به، نحو سياق البزار.
وعبد العزيز بن مسلم، هو القسملي، ثقة عابد، ربما وهم. (انظر: ح 31)،=
= والحديث أخرجه مسلم (1/ 272: 352)، عن عبد الله بن قارظ أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد، فقال: إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "توضؤوا مما مست النار".
الحكم عليه:
قال البوصيري في الإتحاف (ص 330) عن إسناد أبي يعلى: إسناد صحيح.
وقال الحافظ في زوائد البزار (تقدمت الإحالة) عن إسناد البزار: هذا إسناد صحيح.
وقال الهيثمي في المجمع (1/ 251) عن إسناد أبي يعلى، فيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حديث حسن.
قلت: وهو كما قال رحمه الله، لا كما قال البوصيري آنفًا، فإن محمدًا لا يبلغ حديثه الصحة، وقد نص على ذلك الذهبي في كلامه على طبقات كتابه (ديوان الضعفاء والمتروكين). انظر: ديوان الضعفاء والمتروكين (ص 373).
وقال عن سند البزار: رجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار، وقد سبق أنه (مستور)، لكن الحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره بلا شك.
37 -
(1) بَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ
134 -
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ- عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ أنه كان تمضمض (2) من اللبن ثلاثًا.
* هذا موقوف صحيح.
(1) هذا الباب زيادة من (ك)، وهو في المجردة (1/ 41)، وقد أورده البوصيري في الإتحاف (ص 221: 145)، لكن العجب في وجه التناصب بين الحديث، والباب الذي ذكره فيه وهو (باب الوضوء وفيمن لم يتكلم عليه)، ويزيد في العحب أنه في مخطوط الإتحاف، (كتاب الطهارة، باب 15)، جاء هذا الحديث في الهامش.
(2)
في الإتحاف: (يمضمض) بالياء بدل التاء.
134 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 57، في اللبن يشرب، من قال: يتوضأ)، حدثنا ابن عيينة وإسماعيل بن علية، به، مثله، من فعله رضي الله عنه وفعل الحارث الهمداني. ومن هذا الوجه أخرجه عبد الرزاق (1/ 177: 688، باب المضمضة من الأشربة)، عن معمر، عن أيوب، به، وفيه زيادة (ثلاثًا) ثانية، والحديث جاء عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا بمعناه، وسيأتي برقم (146)، لكن إسناده ضعيف.=
الحكم عليه:
هو كما قال الحافظ (موقوف صحيح).
والاكتفاء بالمضمضة من اللبن ثبت مرفوعًا وموقوفًا عن عدد من الصحابة.
انظر: فتح الباري (1/ 313: 149).