الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - بَابُ صِفَةِ الْمَسْحِ
108 -
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أبي عامر (الخزّاز)(1)، ثنا الحسن عن المصيرة بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ أَعْلَاهُمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ أَصَابِعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْخُفَّيْنِ.
قُلْتُ: حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه فِي الْمَسْحِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ (2) بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.
وَأَبُو عَامِرٍ (الْخَزَّازُ)(3) اسْمُهُ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ (4)، فِيهِ ضَعْفٌ (5) وَالْحَسَنُ لَمْ يسمع -عندي- من المغيرة (6).
(1) في كل النسخ: (الجزار) وهو خطأ، وما أثبته من إتحاف الخيرة (ص 422: 296) ومصادر الترجمة.
(2)
انظر: صحيح البخاري في الفتح (1/ 306: 203، كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين)، ومسلم (1/ 228: 374، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين)، وأبو داود (1/ 103: 147، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين)، والنسائي (1/ 82، باب المسح على الخفين)، والترمذي (1/ 162 - 170: 97، الطهارة، باب المسح على الخفين)، وابن ماجه (1/ 181: 545، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين)، وهو كما قال الحافظ: فليس في الكتب الستة هذا السياق الذي جاء فيه صفة المسح.
(3)
في (ك) غير منقوطة، وبقية النسخ:(الجزار)، وهو تصحيف.
(4)
في (عم): (رشيد)، وهو خطأ، وفي (سد) لم تظهر بسبب الكتابة بالحمرة.
(5)
في (ك): (ضعيف) وهو تصحيف.
(6)
الحسن لم يدرك من هو أقرب من المغيرة له، أمثال أبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم، فكل هؤلاء تأخروا بعد المغيرة. ومع ذلك صرّح الأئمة أنه لم يسمع منهم، كما لا ننسى أن الحسن رحمه الله مشهور بالإرسال. انظر ترجمته في مراسيل ابن أبي حاتم (ص 31).
108 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في المصنف (1/ 187، في من كان لا يرى المسح)، بمثله سندًا ولفظًا.
والبيهقي، في سننه (1/ 292، كتاب الطهارة، باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين)، من طريق ابن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة عن أشعث، عن الحسن، به، مثله.
وعزاه صاحب الكنز -بنحو هذا اللفظ مختصرًا- إلى سعيد بن منصور في سننه. انظر: الكنز (9/ 614: 27652).
الحكم عليه:
الحافظ أعله بضعف أبي عامر والانقطاع بين الحسن والمغيرة، كما أعله في التلخيص (1/ 170) بالانقطاع فقط.
وما ذهب إليه الحافظ هو الحق إن شاء الله، فقد أسلفت أن الحكم بالانقطاع له وجه قوي، كما أن في حفظ أبي عامر من الضعف ما يجعلنا لا نقبل تفرّده، حيث روى الأئمة الثقات في الصحيحين وغيرهما هذا الحديث بغير هذا السياق. إلَّا أن الحديث له متابع وشواهد، أما المتابع: فما أخرجه أبو داود (1/ 114)، والترمذي -واللفظ له- (1/ 165)، من حديث المغيرة رضي الله عنه: قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على ظاهرهما. وقال الترمذي: حديث المغيرة حديث حسن =
= -وأشار أحمد شاكر في الحاشية أن في بعض النسخ (حس صحيح) - وهو حديث عبد الرحمن بن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ المغيرة، ولا نعلم أحدًا يذكر عن عروة عن المغيرة (على ظاهرهما) غيره، وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وأحمد. قال محمد: وكان مالك بن أنس يشير بعبد الرحمن بن أبي الزناد. اهـ. كلام الترمذي.
وعلق أحمد شاكر رحمه الله في الحاشية على كلام مالك بقوله:
قوله: (يشير بعبد الرحمن) أي يضعفه ويتكلم فيه، قال في التهذيب: تكلم فيه مالك لروايته عن أبيه كتاب السبعة، يعني الفقهاء، وقال: أين كنا عن هذا، وكلام مالك فيه من كلام الأقران الذي نستخير الله في الإعراض عنه، قال الشافعي:"كان ابن أبي الزناد يكاد يجاوز القصد في ذم مذهب مالك"، فهذا كما ترى، ومع ذلك فإن موسى بن سلمة قال: قدمت المدينة فاتيت مالك بن أنس، فقلت له: إني قدمت إليك لأسمع العلم، وأسمع ممن تأمرني به، فقال:(عليك بابن أبي الزناد) وهذا صنيع الرجال المنصفين، وقد ضعفه غير مالك أيضًا، والحق أنه ثقة ولا حجة لمن ضعفه، قال أحمد: أحاديثه صحاح، وقال ابن معين: عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج، عن أبي هريرة حجة، ووثقه العجلي والترمذي، وصحح عدة من أحاديثه، وقال في:(اللباس) ثقة حافظ، كل ذلك نقلته من التهذيب، وكان على الترمذي إذ يصحح حديثه أن يصحح هذا الحديث أيضًا، فإن إسناده صحيح. اهـ.
قال الأرناؤوط: وهو حديث حسن، (انظر: جامع الأصول 7/ 242).
وأما الشواهد، فمنها:
1 -
حديث علي رضي الله عنه حيث قال: لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، وقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر خفيه، أخرجه أبو داود (1/ 115).
قال الأرناؤوط: هو حديث صحيح. انظر: جامع الأصول (7/ 243). =
= 2 - حديث قيس بن سهل رضي الله عنه، وقد مضى برقم (101)، وفيه ضعف، لكنه مما يستأنس به في الشواهد والمتابعات.
3 -
حديث جابر رضي الله عنه، وقد مضى برقم (97)، وهو ضعيف جدًا.
4 -
أثر الحسن الآتي بعد هذا الحديث.
كما جاء موقوفًا على ابن عمر، والشعبي، وإبراهيم، والمغيرة، والزهري، وعطاء، وغيرهم.
انظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 219، 220)، وابن أبي شيبة (1/ 185)، وبهذا يتضح أن الحديث بهذا المتابع، وهذه الشواهد حسن لغيره.
109 -
وَقَالَ (1): حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، خَطَطٌ بِالْأَصَابِعِ.
(7)
وَحَدِيثُ (2) جَابِرٍ رضي الله عنه تَقَدَّمَ أول الباب (3).
(1) أي وقال ابن أبي شيبة أيضًا.
(2)
هذه العبارة في (ك) جاءت بعد الحديث السابق.
(3)
مضى برقم (97).
109 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، (في المسح على الخفين كيف هو 1/ 185)، بمثله سندًا ومتنًا، إلَّا أنه. قال:(خطأ)، بدل (خطط).
والدارقطني (1/ 195، كتاب الطهارة، باب الرخصة في المسح على الخفين وما فيه)، بمثله.
وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (الإحالة السابقة)، من طريق هشيم، عن يونس، عنه، بمعناه.
وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أن فيه عنعنة هشيم وهو مدلس.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 218: 851، باب في المسح على الخفين)، عن معمر، عن أيوب. قال: رأيت الحسن، فذكر بنحوه من فعله. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وعزاه في الكنز (9/ 620: 27667) إلى سعيد بن منصور بمثله، إلَّا أن فيه (خطوطًا).
الحكم عليه:
الأثر بهذا الإسناد صحيح، وقد ازداد قوة بهذه المتابعات الآنفة. وله شواهد مرفوعة وموقوفة، تقدم ذكرها عند الحديث السابق.
27 -
بَابُ أول (1) الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
110 -
قَالَ أَبُو داود الطيالسي: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ، مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (2) بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَأَيْتُ عَلَيْهِ خُفَّيْنِ فِي الإسلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أَتَانَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خُفَّانِ أَسْوَدَانِ، فَجَعَلَ (3) يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا، وَيَعْجَبُ مِنْهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أما (أنه)(4) ستكثر (5) لكم -أي الخفاف-)، قالوا: يا رسول الله (6) فكيف نصنع؟ قال صلى الله عليه وسلم: (تمسحون عليها وتصلون)(7).
(1) في (ك): (بدء).
(2)
في (ك): (عبد العزيز بن يعلى المري)، وهو تصحيف.
(3)
في المسند: (فجعلنا ننظر إليهما ونعجب).
(4)
في (مح): (إن)، وما أثبته من بقية النسخ.
(5)
في المسند: (سيكثر لكم من)، وفي (ك):(سيكون لكم أعنى).
(6)
فاء العطف ليست في المسند.
(7)
الحديث في مسند أبي داود الطيالسي (ص 123: 916).
110 -
تخريجه:
أورده الهيثمي في المجمع بنحوه وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه =
= الحسن بن دينار، وهو متروك. (انظر: المجمع 1/ 255).
قلت: ولم أجده في المطبوع من المعجم الكبير، والأقرب أن يكون في الأجزاء المفقودة.
وقد تقدم أن حديث المغيرة في الكتب الستة وغيرها بغير هذا السياق.
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف جدًا لأن فيه الحسن بن دينار، وهو متروك.
أما متن الحديث فتشهد له الأحاديث السابقة.
28 -
باب (1) ترك التوقيت
111 -
قال أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عُمَرَ (2) بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ (3) يَسَارٍ، قَالَ: قَرَأْتُ لِعَطَاءٍ (4) كِتَابًا مَعَهُ، فَإِذَا فِيهِ: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ- زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَخْلَعُ الرَّجُلُ خُفَّيْهِ كُلَّ سَاعَةٍ؟، قَالَ صلى الله عليه وسلم:(لا، ولكن (يمسحهما)(5) ما بدا له) (6).
(1) في (ك): قدم هذا الباب على الباب السابق، وكذا المجردة (ص 35).
(2)
في المسند: (عمرو)، وهو تصحيف، ويؤيد ذلك ما جاه في الإتحاف (ص 428).
(3)
في كل النسخ: (عن ابن يسار) بزيادة (عن)، وما أثبته من (عم) ويؤيده ما في مصادر التراجم، وما في المسند والمقصد.
(4)
في (ك): (لفظًا)، وهو تصحيف.
(5)
في (مح) و (حس) بالتاء بدل الياء، وما أثبته من بقية النسخ والمسند والمقصد.
(6)
الحديث في المسند (ل 325).
والمقصد العلي (ص 240: 162، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح).
111 -
تخريجه:
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/ 333)، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، به، بمعناه. =
= ومن طريق الإمام أحمد، أخرجه الدارقطني (1/ 199، كتاب الطهارة، باب الرخصة في المسح على الخفين).
وأخرجه أيضًا من طريق آخر، عن أبي بكر الحنفي، به، بنحوه لفظ أحمد.
الحكم عليه:
هذا إسناد ليس بالقوي، بسبب عمر بن إسحاق، إذ هو ليس بالقوي، كما أن روايته عن عطاء -يترجح عندي أنها- وجادة وهي وإن وجب العمل بها فلا تصح الرواية بها، كما قرر ذلك الأئمة. (انظر: فتح المغيث 2/ 136 - 139).
أما ما نقله محقق نصب الراية (1/ 180) عن الإمام العيني، أنه قال في (البناية): إسناده صحيح، ففيه نظر، لأن عمر أقل أحواله أنه لين الحديث إذا انفرد، وقد انفرد هنا.
زد على ذلك روايته بالوجادة. (وانظر: البناية 1/ 1/ 341)، إلَّا أنه قد جاء للحديث شواهد مرفوعة وموقوفة، منها:
حديث خزيمة بن ثابت، وأبي بن عمارة، وعمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه موقوفًا.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 184 - 185)؛ وشرح معاني الآثار (1/ 79 - 80)؛ ونصب الراية (1/ 175 - 180).
والمرفوع منها لا يخلو من مقال، وقد أوسعها بحثًا الإمام الزيلعي رحمه الله، وابن الملقن في البدر (ق 3، ص 317 - 337)، كما تكلم عنها الإمام الطحاوي رحمه الله أيضًا ومن قوله بعد أن ذكر جملة من أحاديث التوقيت: فهذه الآثار قد تواترت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالتوقيت
…
فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة، وأما ما احتجوا به مما رواه عقبة، عن عمر رضي الله عنه، فإنه قد تواترت الآثار أيضًا عن عمر بخلاف ذلك.=
= ثم ساق عددًا من الأسانيد في ذلك، إلى أن قال: فهذه أقوال أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتفقت على ما ذكرنا من التوقيت في المسح على الخفين للمسافر والمقيم، فلا ينبغي لأحد أن يخالف في ذلك. اهـ.
وجملة القول أنه على افتراض ثبوتها فيحمل إطلاقها على تقييد النصوص الأخرى، والله أعلم.