الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - كِتَابُ الطَّهَارَةِ
1 - بَابُ الْمِيَاهِ
1 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا الحِمَّاني، ثنا شَرِيك، عَنِ المِقْدام بْنِ (1) شُرَيحْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ (2) رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْمَاءُ لَا يُنَجِّسه شَيْءٌ) قَالَ البزَّار: لَا نَعْلَمُهُ (3) مَرْفُوعًا إِلَّا عَنْ شَرِيْك، قُلْتُ: إِسْنَادُهُ حَسَن "فإنَّ الحِمَّاني وَهُوَ يَحْيَى لَمْ ينفرد"(4).
(1) في (ك): (عن)، وهو تصحيف.
(2)
مكانها بياض في: (عم).
(3)
مكانها بياض في: (عم)، وعبارة البزَّار كما في كشف الأستار (1/ 132: 249)، وأيضًا زوائد البزار لابن حجر (ص 413: 249) هي: لا نعلم رواه إلَّا شريك.
(4)
زيادة من (ك).
1 -
تخريجه:
أخرج هذا الحديث: الطبري في تهذيب الآثار (2/ 709 - مسند ابن عباس 1060)، والبزَّار في مسنده. (كشف الأستار 1/ 132: 249، كتاب الطهارة، باب الماء لا ينجِّسه شيء)، عن أبي أحمد الزبيري، ثنا شَرِيك، به، قال البزَّار: لا نعلم رواه إلَّا شَرِيك.
والطبراني في الأوسط (3/ 60: 2114)، من طريق أبي أحمد، به، وقال: لم يرو هذا الحديث عن المقدام إلَّا شَرِيك.=
وعزاه الحافظ ابن حجر رحمه الله أيضًا إلى ابن السَّكَن في صِحاحه، وأحمد في مسنده، لكن ذكر أنه موقوف صحيح الإسناد، فقد قال:
…
وعن عائشة بلفظ: (إن الماء لا ينجِّسه شيء). رواه الطبراني في الأوسط" وأبو يعلى، والبزَّار، وأبو علي بن السَّكَن في صِحاحه، من حديث شَرِيك، ورواه أحمد من طريق أخرى صحيحة لكنَّه موقوف. اهـ.
التَّلْخِيص الحَبير (1/ 26). وانظر: المسند (6/ 172)، وإسناده صحيح كما قال الحافظ، وكذا الهيثمي حيث قال: رجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد 1/ 214).
وذكره البُرْهان فوري رحمه الله في كنز العمال (9/ 395: 26648)، وعزاه للطبراني في الأوسط فقط.
وأورده أيضًا السيوطي رحمه الله في الجامع الصغير (ص 184)، والألباني حفظه الله في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1128: 6641) وعزياه للطبراني أيضًا في الأوسط، حسَّنه السيوطي، وأمَّا الألباني فصحَّحه.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف، وذلك بسبب تَفَرُّد شريك به -وهو كما عرفت من كثرة خَطَئِه وأوهامه-. وأما ضَعْف الحِمَّاني فلا يضرُّ هنا لأن أبا أحمد الزبيري قد تابعه كما مضى عند التخريج.
فقول الحافظ رحمه الله عن إسناده بأنه حَسَن، فيه نظر وذلك لأنه علَّل ذلك بأن الحِمَّاني لم ينفرد، وهذا حق لأن أبا أحمد قد تابعه، لكن يبقى تفرد شَرِيك به.
كما أن قول الهيثمي رحمه الله في المجمع (1/ 214): رجاله ثقات مع أنه عزاه للبزَّار وأبي يعلى والطبراني في الأوسط، فيه نظر كما عرفت من حال شَريك.
وإعلال البزَّار رحمه الله لهذا الحديث بتفرُّد شَريك برفعه جيد. خصوصًا إذا علمت أن كلَّ الطرق -التي اطلعت عليها- مدارُها على شَريك ما عدا طريقًا واحدة=
عند أحمد رحمه الله لكنها موقوفة، وقد صحَّح الحافظ إسنادها كما مر. كما أن تحسين السيوطي رحمه الله وتصحيح الألباني حفظه الله لهذا الحديث اعتمادًا على إسناد الطبراني في الأوسط، فيه نظرٌ أيضًا؛ لأنه من طريق شريك، كما ذكر ذلك الحافظ.
لكن للحديث شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، وربما الصحيح لغيره، وهي:
(أ) حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد أخرجه:
النسائي في سننه (1/ 173، كتاب المياه) بنحوه.
والإمام أحمد في مسنده (1/ 235، 284، 308، 337) بعدَّة ألفاظ، بعضها بمثله، وبعضها بنحوه.
والحاكم في المستدرك (1/ 159) بمثله، وقال: هذا حديث صحيح في الطهارة، ولم يخرِّجاه، ولا يُحْفَظ له علَّة. ووافقه الذهبي في التلخيص.
وابن حبان في صحيحه (الإحسان 2/ 271، 273: 1238 - 1239، 1245 - كتاب الطهارة-، باب المياه بمثله)، والثاني بنحوه.
وهذا الحديث صححه أحمد شاكر رحمه الله (المسند بتحقيقه 3/ 353، 4/ 195، 289: 2102، 2566، 2806، 2807، 2808).
والألباني حفظه الله (صحيح الجامع الصغير 2/ 1128: 6640).
(ب) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد أخرجه:
أبو داود في سننه (1/ 53 - 55: 66 - 67) بنحوه، وزاد (طَهُور).
والنسائي في سننه (1/ 174) بمثله، وآخر بمثل أبي داود، والترمذي في سننه (1/ 95: 66) بمثل أبي داود، وحسنه. وقال:(وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد). اهـ.
وأحمد رحمه الله في مسنده (3/ 31، 86) بمثل لفظ أبي داود؛ والبيهقي في=
سننه (1/ 4، 257، 258) بعدَّة ألفاظ متقاربة.
وهذا الحديث صحَّحه الإِمام أحمد، ويحيى بن معين، وابن حزم رحمهم الله.
التلخيص الحبير (1/ 24)، والألباني حفظه الله في صحيح الجامع الصغير (2/ 1128: 6640)، والإرواء (1/ 45)، وعبد القادر الأرناؤوط حفظه الله. (جامع الأصول 7/ 64: 5028)، حيث قال: وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده. اهـ.
(ج) حديث ميمونة رضي الله عنها، وقد أخرجه:
الإِمام أحمد في مسنده (6/ 330) بنحوه، لكن مع الشكِّ في المتن؛ والطبراني في الكبير (24/ 18) بلفظه.
وكلاهما من طريق شَريك عن سِماك، وقد عنعن.
وقال الهيثمي (مجمع الزوائد 1/ 214)، عن إسناد الطبراني: ورجاله موثَّقون. اهـ.
(د) حَدِيثُ سَهْل بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، وقد أخرجه:
الدارقطني (1/ 29)، وقاسم بن أصْبَغ في مصنَّفه، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن في مُسْتَخْرَجِه على أبي داود. فقد قال الحافظ رحمه الله في التلخيص (1/ 25): قال ابن القطَّان: وله طريق أحسن من هذه
…
فذكر الإسنادين، ولفظهما مثله، وقال قاسم بن أصْبَغ: هذا من أحسن شيء في بِئر بُضَاعة
…
ويروى عن سهل بن سعد في بِئر بُضَاعة من طرق، هذا خَيْرها. اهـ.
لكن مدار الإِسنادين على عبد الصمد بن أبي سُكَيْنَه، وقد قال عنه ابن حزم: ثقة مشهور، وأما ابن حجر وابن عبد البر وغير واحد فجعلوه مجهولًا، وقالوا: لم نجد عنه راويًا غير محمد بن وضَّاح. (من التلخيص بتصرف).
أما الزَيلعي في نصب الراية (1/ 113)، فنقل عن ابن القطان تصحيحه لسند قاسم بن أصْبَغ. وحسَّنه ابن المُلَقِّن (البدر المنير ق1، ص 327).
2 -
وقال مسدَّد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن "شُعْبَةَ"(1)، عَنْ قَتَادة، عَنْ كُرَيب (2) عَنِ ابْنِ عبَّاس رضي الله عنهما فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، قَالَ: هُمَا الْبَحْرَانِ (3)، لَا يَضُرُّكَ بأيِّهما بَدَأت.
* هذا موقوفٌ، رجاله ثقات.
(1) من (ك) و (عم) و (سد)، وفي (مح) و (حس):(سعيد)، ويؤيد ما أثبته ما في إتحاف الخِيَرة، كتاب الطهارة، باب المياه، (ص 15: 11).
(2)
قوله: (عن كُرَيب)، سقط من (عم) و (سد).
(3)
المراد بهما ماء البحر المالح وماء النهر الحلو، ويعني بذلك أن ماء البحر لا يؤثر على طهوريته اختلاف طعمه، وهو في تطهيره كالماء الحلو تمامًا. (وانظر: جنى الجنتين ص 25).
2 -
تخريجه:
هذا الأثَر، أخرجه: ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 130)، من رخص في الوضوء بماء البحر، من طريق عَبْدة -وهو ابن أبي سليمان الكِلابي- عن ابن أبي عَروبة، عن قَتادة، عن سنان بن سلمة، أنه سأل ابن عباس، فذكره بلفظ مُقَارِب، إلَّا أنه قال:(توضأت)، بدل:(بدأت) وفيه زيادة في آخره.
قلت: هذا إسناد رجاله ثقات غير أن قتادة مدلس وقد عنعن، بل إن ابن حبَّان صرَّح أنه لم يسمع من سِنان، أما يحيى القطَّان فقد نصَّ على عدم سماعه لهذا الأثر من سِنان، كما جاء في التهذيب (4/ 241).
والبزَّار في مُسْنَده (كشف الأستار 1/ 143: 273، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر)، قال: حدثنا محمد بن المُثَنَّى، أبو موسى، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قتَادة، عن موسى بن سلمة، قال: أوصاني سنان بن سلمة أن أسأل ابن عباس، عن ماء البحر. . . فذكره بنحوه، وفيه زيادات، وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أن معاذًا هذا قال عنه الحافظ: صدوق ربما وهم. (التقريب ص 356: 6742)، كما أنَّ فيه عنعنة قَتادة.
وقد قال الهيثمي في المجمع (1/ 216): رواه البزَّار ورجاله رجال الصحيح.=
وقد صَدَق، لكنَّه على غير شرط الصحيح.
وعبد الرزاق في المصنَّف (1/ 95: 324، باب الوضوء من ماء البحر)، من طريق مَعْمَر عن قَتادة، به بمعناه، غير أنَّه أَرْسله عن ابن عبَّاس، إذ أنه لم يسمع منه.
لكن تابع قتادة أبو التَيَّاح، حيث أخرجه أحمد في مُسْنَده (1/ 279)، قال: ثنا عفَّان، ثنا حمَّاد بن سلمة، أنا أبو التَيَّاح، عن موسى بن سَلَمة، فذكره بلفظ (ماء البحر طهور) وفيه قصة.
قال الهيثمي رحمه الله في المجمع (1/ 216)، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
وهو كما قال رحمه الله: بل ظاهر الإسناد الصحة، وإن كان البخاري لم يخرج لحمَّاد في الأصول، فقد احتجَّ به مسلم.
ومن طريق حمَّاد، أخرجه ابن المُنذِر في الأوسط (1/ 248: 161 - كتاب المياه- باب ذكر اختلاف أهل العلم في الوضوء بماء البحر)، به مثل لفظ أحمد بدون القصة.
وأخرجه الحاكم في المُسْتَدْرَك (1/ 140)، حيث قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، ثنا سُرَيج بن النعمان، ثنا حمَّاد، به. غير أنه رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. اهـ. ووافقه الذهبي.
لكنَّ الدارقطني رحمه الله أخرجه في سننه (1/ 35: 10) من هذا الوجه، عن سُرَيج، ثم قال: كذا قال، والصواب موقوف. اهـ.
ولذا قال الحافظ رحمه الله في التلخيص (1/ 23) بعد ذكره: رواه الحاكم والدارقطني، ورواته ثقات، لكن صحح الدارقطني وقفه.
الحكم عليه:
هو كما قال الحافظ: موقوف رجاله ثقات، بل هو صحيح الإسناد، خصوصًا بعد المتابعة الصحيحة التي أخرجها أحمد فتوبع قتادة على رواية هذا الأثَر.