الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب المستحاضة
203 -
قال أبويعلى: حدثنا حسن (1) بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ (2) أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ رضي الله عنها رَسُولَ اللَّهِ. صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ، فَقَالَ: (عُدِّي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" وَأَمَرَهَا أَنْ تَحْتَشِيَ وتصلّي، وتغتسل لكل طهر.
(1) في (ك): (الحسن).
(2)
في (حس): (ابن أبي الزبير) وهو خطأ.
203 -
تخريجه:
أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 153: 235): حدثنا إبراهيم بن أيوب الواسطي، المعدل، حدثنا وهب بن بقية، حدثنا جعفر بن سيمان، به، نحوه، ثم قال: لم يروه عن ابن جريج إلَّا جعفر بن سليمان.
والدارقطني (1/ 219، كتاب الحيض): حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، نا قطن بن نسير الغبري، نا جعفر بن سيمان، به، نحوه، ثم قال: تفرّد به جعفر بن سليمان، ولا يصح عن ابن جريج، عن أبي الزبير، وهم فيه، وإنما هي فاطمة بنت أبي حبيش.
والحاكم في المستدرك (4/ 55): حدثنا إسماعيل بن علي الخبطي ببغداد، ثنا=
= عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبدوس بن كامل، قالا: ثنا وهبه بن بقية الواسطي، ثنا جفر بن سليمان، به، نحوه، إلَّا أنه جعله من مسند جابر عن فاطمة، ثم قال: وقد روت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما عن فاطمة بنت قيس:
أما حديث أم سلمة، فحدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني، ثنا سريج بن النعمان، ثنا عبد الله بن عمر، عن سالم أبي النضر، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت قيس -الحديث بنحوه-.
-ثم قال- وأما حديث عائشة رضي الله عنها: فأخبرناه أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا أبو جعفر أحمد بن سليمان التستري، ثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن بزيع، ثنا حماد بن زيد، عن هام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أن فاطمة بنت قيس رضى الله عنها -الحديث بمعناه-.
وسكت عنه الذهبي في تلخيصه.
قلت: وعندى أن في هذين الإسنادين وهم، لأنه شبه تواتر عن عائشة وأم سلمة، بل وغيرهما، أن السائلة عن الاستحاضة بنقلهما هي بنت أبي حبيش كما في الصحيحين وغيرهما، من مصنّفات الأئمة، وسيأتي الإشارة ألى ذلك عند الحكم على الحديث.
وأخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط (2/ 357: 1620) من طريق أبي يوسف القاضي، عن عبد الله بن علي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنه أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة، ثم قال: لم يرو هذا الحديث عن أبي أيوب الإفريقي، وهو عبد الله بن علي إلَّا أبو يوسف.
والبيهقي (1/ 347، كتاب الحيض، باب المستحاضة تغسل عنها الدم
…
)،
من طريق أبي يوسف هذا، به، بمثله. ثم قال: تفرد به أبو يوسف، عن عبد الله من علي، أبي أيوب الإفريقي، وأبو يوسف ثقة إذا كان يووى عن ثقة. اهـ.=
= إلَّا أن الإفريقي هذا قال عنه أبو زرعة: لين، في حديثه إنكار ليس بالمتين. (تهذيب التهذيب 5/ 326)، وقريب منه ابن عقيل، فقد قال عنه الحافظ (التقريب ص 321: 3592): صدوق في حديثه لين، ويقال تغير بآخره، فمثلهما لا يحتج بهما إلَّا إذا توبعا.
وأخرجه الطبراني في الصغير (1/ 150: 230): حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، حدثنا عمران بن أبي جميل، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، حدثنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فاطمة بنت قيس -الحديث بمعناه- ثم قال: لم يروه عن الأوزاعي إلَّا ابن سماعة، تفرّد به عمران بن أبي جميل، وفاطمة، بنت أبي حبيش، واسم أبي حبيش قيس،
وليست بفاطمة بنت قيس الفهرية التي روت قصة طلاقها.
قلت: نعم في هذا الحديث، أما حديث الباب فالأرجح أنها الفهرية، وعليه فهو شاهد لحديث الباب وليس متابعًا.
الحكم عليه:
قال البوصيري عن حديث الباب في الإتحاف (ص 461: 328): هذا إسناد رجاله ثقات. كذا قال، وفيه نظر، لأن أبا الزبير، وجعفرًا، والحسن بن عمر بن شقيق كل منهم صدوق، ليس فيه من الثقات إلَّا ابن جريج، ومع ذلك فهو مدلس وقد عنعن، وهو مشهور بالتدليس القبيح الذي يسقط من أجله بعض الهلكى.
أضف إلى ذلك أن في الإسناد نكارة، كما صرّح بذلك الدارقطني بعد أن أخرج الحديث -كما تقدم- حيث ذكر أنه لا يصح وأن جعفر بن سليمان وهم فيه. وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 50: 120): سألت أبي عن حديث رواه جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أبي الزبير، عن جابر، قال: سألَت فاطمة بنت أبي حبيش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، المرأة المستحاضة كيف تصنع؟ قال:(تغتسل عند كل طهر ثم تصلي)، قال أبي: هذا ليس بشيء.=
= أما طريق أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما، اللذان أخرجهما الحاكم، فقد تقدم أن الصواب في السائلة أنها ابنة أبي حبيش كما عند البخاري ومسلم فيما سيأتي.
وأما طريق الإفريقي عن أبي عقيل، التي أخرجها الطبراني، والبيهقي، فقد سبق أن فيهما من اللين، وعندهما من الوهم والنكار ما يجعل الطريق غير ناهض للتقوية مع مثل هذا الضعف في الإسناد المتابع.
وأما طريق ابن سماعة عن الأوزاعي، التي أخرجه الطبراني فقد مضى أن الطبراني نصّ أن المراد بها ابنة أبي حبيش.
وعلى كلٍّ فأصل الحديث ثابت من سؤال فاطمة بنت أبي حبيش، وحمنة بنت جحش، وأم حبيبة بنت جحش رضي الله عنهن، من طريقهن، ومن طريق عائشة وأم سلمة وغيرهما رضي الله عنهن أجمعين.
انظر: صحيح البخاري (الفتح 1/ 409 - 426)، مسلم (1/ 262 - 264)، أبو داود (1/ 187 - 214)، الترمذي (1/ 217 - 230)، النسائي (1/ 181 - 186)، ابن ماجه (1/ 203 - 205)، الموطأ (1/ 61، 62)، عبد الرزاق (1/ 303 - 309)، ابن أبي شيبة (1/ 125 - 128)، البيهقي (1/ 323 - 335).
204 -
(1) وحدثنا أبوهمام، ثنا عبد الأعلى، ثنا (الجلد)(2) ابن أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:(لِتَنْظُرْ (3) خَمْسًا، سَبْعًا، ثَمَانِيًا، تِسْعًا، عَشْرًا (4)، فَإِذَا مَضَتِ العشر فهي مستحاضة).
(1) أي وقال أبو يعلى في مسنده (7/ 173: 4150). وأنظر: المقصد العلي (ص 251: 171، كتاب الطهارة، باب في أكثر الحيض).
(2)
في كل النسخ: (الخلد)، وفي (عم):(الخالد) بالخاء المعجمة فيهما، وما أثبته من المسند والمقصد العلي.
(3)
في المسند والمجمع (1/ 280): (لتنتظر) بزيادة تاء.
(4)
قوله: (عشرا)، سقطت من (سد).
204 -
تخريجه:
هذا الأثر رواه عن الجلد بن أيوب عدد من الأئمة، بمثل هذا اللفظ. وبنحوه، وبمعناه، وهم كما يلي:
1 -
سفيان الثوري، ومن طريقه أخرجه: عبد الرزاق، والدارمي، والدارقطني.
2 -
حماد بن زيد، ومن طريقه أخرجه: الدارمي، والدارقطني، وابن حبان، وابن عدي، والبيهقي.
3 -
حماد بن سلمة، ومن طريقه أخرجه: الدارمي.
4 -
إسماعيل بن عليّة، ومن طريقه أخرجه: الدارقطني، والبيهقي.
5 -
عبد السلام بن حرب، ومن طريقه أخرجه: الدارقطني، وابن عدي.
6 -
يزيد بن زريع، ومن طريقه أخرجه: ابن عدي.
7 -
هشام بن حسان، ومن طريقه أخرجه: الدارقطني.
8 -
سعيد الجريري، ومن طريقه أخرجه: الدارقطني.
انظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 299: 1150)؛ وسنن الدارمي (1/ 209،=
= 210، كتاب الطهارة والصلاة، باب ما جاء في أكثر الحيض)، والدارقطني (1/ 209، 210، كتاب الحيض)، والبيهقي (1/ 322، كتاب الحيض، باب أكثر الحيض)؛ والمجروحين (1/ 210، 211)؛ والكامل لابن عدي (2/ 598). وللأثر طريق أخرى عن أنس رضي الله عنه إلَّا أنها منقطعة فقد رواه الربيع بن صبيح، عمّن سمع أنس بن مالك، فذكره بمعناه، أخرجه الدارمي والدارقطني -تقدمت الإحالة-.
كما أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 715) من طريق أبي يوسف، عن الحسن بن دينار، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مرفوعًا، بنحوه.
ثم قال: وهذا حديث معروف بالجلد بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أنس، وقد ذكرته فيما تقدم في باب الجيم. اهـ.
والحسن بن دينار تقدم عند ح (110) وأنه متروك ورمي بالكذب.
وأخرجه الدارقطني أيضًا -من طريق آخر- عن إسماعيل بن داود، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر، عن ثابت، عن أنس -فذكر بنحوه-.
قلت: وآفة هذه الطريق هو إسماعيل بن داود، وهو ابن مخراق، فإنه ضعيف جدًا، قال البخاري:(منكر الحديث)، وقال أبو حاتم:(ضعيف الحديث جدًا). اهـ.
وانظر: التاريخ الكبير (1/ 374)؛ والتاريخ الصغير (2/ 293)؛ والجرح والتعديل (2/ 167).
الحكم عليه:
هذا إسناد منكر علته الجلد بن أيوب، وهو متروك لا يحتج به، وبه أعلّه الأئمة، وأما المتابعات التي ذكرتها، فقد تقدم الكلام عليها وأنها لا تسمن ولا تغني من جوع.
قال ابن حبان في ترجمته: هو صاحب حديث الحيض -ثم ذكر الحديث- يرويه عن معاوية بن قرّة عن أنس، وهذا موضوع عليه، ما أعلم أن أحدًا من أصحاب=
= رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتى بهذا.
وقال ابن عيينة: حديث الجلد بن أيوب في الحيض، حديث محدث لا أصل له.
وقال ابن المبارك: أهل البصرة يضعفون جلد بن أيوب، ويقولون: ليس بصاحب حديث، يعني روايته عن أنس قصة الحيض.
وقال أبو معمر: ما سمعت ابن المبارك ذكر أحدًا بسوء إلَّا يوم ذكر عنده الجلد بن أيوب، فقال: أيش الجلد، وما الجلد، ومن الجلد؟
وقال يزيد بن زريع: ذاك أبو حنيفة لم يجد شيئًا يحدث به في حديث الحيض إلَّا بالجلد.
وقال حماد بن زيد: ذهبت أنا وجرير بن حازم إلى الجلد بن أيوب، فحدثنا بهذا الحديث، في المستحاضة تنتظر ثلاثًا، خمسًا، سبعًا، عشرًا، فذهبنا نوقفه -أي ليقولوا: الحائض- فإذا هو لا يفصل بين الحيض والاستحاضة.
وقال الشافعي عن حديث الجلد: أخبرنيه ابن علية
…
وقال لي: الجلد أعرابي لا يعرف الحديث، وقال لي: قد استحيضت امرأة من آل أنس، فسئل ابن عباس عنها فأفتى فيها وأنس حي فكيف يكون عند أنس بن مالك ما قلت من علم الحيض ويحتاجون إلى مسألة غيره فيما عنده فيه علم؟
قال الشافعي: لا نحن ولا أنت، لا نثبت حديث مثل الجلد، ونستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا.
وأنكر أحمد هذا الحديث وقال: لو كان هذا صحيحًا لم يقل ابن سيرين: استحيضت أم ولد لأنس بن مالك فأرسلوني أسأل ابن عباس رضي الله عنه.
كما حكم عليه بالنكارة البيهقي رحمه الله، والألباني حفظه الله.
انظر: سنن الدارقطني، والبيهقي، والمجروحين -تقدمت الإحالة-؛ والضعفاء للعقيلي (1/ 204: 252)؛ والسلسلة الضعيفة (3/ 605).
205 -
(1) (وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَتِ اسْتُحِيضَتْ.
قُلْتُ: لَيْثٌ: ضَعِيفٌ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ هِيَ: بِنْتُ جَحْشٍ، وَالْحَدِيثُ عنها أصله في السنن (2) موصول).
(1) الحديث زيادة من (ك)، وهو كذا في المجردة (1/ 61: 217).
(2)
بل أصله في الكتب الستة جميعها، حيث أخرجوه من حديث عائشة رضي الله عنها، ولفظه عن أبي داود (أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأمرها بالغسل لكل صلاة)، وعنده وعند غيره ألفاظ وروايات أخر، إلَّا أن الأمر بالاغتسال عند كل صلاة عنده وعند النسائي فقط. انظر: البخاري (الفتح 1/ 426)، ومسلم (1/ 263، 264)، وأبي داود (1/ 191 - 205)، والترمذي (1/ 229)، والنسائي (1/ 181 - 183)، وابن ماجه (1/ 205).
والنكتة والله أعلم في عزو الحافظ رحمه الله هذا الحديث للسنن دون الصحيحين، لأنه ليس فيهما الأمر بالاغتسال لكل صلاة كما هنا، بل رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم دليل على نكارة متنه، حيث روى مسلم والترمذي عن قتيبة، حدثنا الليث قال: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي. قال الحافظ: وأما ما وقع عند
أبي داود -ثم ذكر رواية الأمر بالغسل لكل صلاة- فقد طعن الحفّاظ في هذه الزيادة لأن الأثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها، وقد صرّح الليث كما تقدم عند مسلم بأن الزهري لم يذكرها، ونقل عن الشافعي قوله: إنما أمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعًا. انظر: الفتح (1/ 427).
205 -
تخريجه:
لم أر من أخرجه من هذا الوجه غير إسحاق في مسنده.
الحكم عليه:
هذا إسناد ضعيف، بسبب علتين.=
= (أ) ضعف ليث ابن أبي سليم.
(ب) الإرسال، حيث أرسله الزهري، مع أن هذه العلة ليس لها أثر حيث علمنا أنه جاء موصولًا من طريقه في الصحيحين وغيرهما.
كما أن في متنه نكارة وهو الأمر بالغسل لكل صلاة، وقد تقدم الكلام عن ذلك قريبًا.