المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌باب كفارة القتل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنى

- ‌باب القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذ كاة

- ‌كتاب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب أدب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

- ‌باب في تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب شروط من تقبل شهادته

- ‌باب موانع الشهادة

- ‌باب أقسام المشهود به

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌باب ما يحصل به الإقرار

- ‌باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره

- ‌باب الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌باب حد المسكر

‌باب حد المسكر

الأصل في تحريم ذلك الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه -إلى قوله-: فهل أنتم منتهون} [المائدة: 90 - 91].

وأما السنة؛ فقول النبي عليه السلام: «كل مسكرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام» (1). رواه أبو داود.

وأما الإجماع فأجمع المسلمون في الجملة على تحريم ذلك.

فإن قيل: فقد روي عن قدامة بن مظعون وعمرو بن معدي كرب وأبي جندل بن سهيل أنهم قالوا: هي حلال.

قيل: قد رجعوا عن ذلك. نقله المصنف رحمه الله في المغني.

قال المصنف رحمه الله: (كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام من أيّ شيء كان، ويسمى خمراً، ولا يحل شربه للذة ولا للتداوي ولا لعطش ولا غيره؛ إلا أن يضطر إليه لدفع لقمة غصّ بها فيجوز).

أما كون قليل ما أسكر كثيره حراماً؛ فلما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أسكرَ كثيرهُ فقليلهُ حرام» (2). رواه أبو داود.

وأما كونه يسمى خمراً؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مسكرٍ خمر» . وهذا مسكر.

ولأن الخمر ما خامر العقل أي غطاه وستره، وهذا موجود في [كل مسكر.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (2003) 3: 1588 كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام.

وأخرجه أبو داود في سننه (3679) 3: 327 كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (3681) الموضع السابق.

ص: 270

وأما كونه لا يحل شربه للذة؛ فلعموم قوله: ] (1)«كل مسكرٍ خمرٌ، وكل مسكرٍ حرام» (2)، وقوله:«ما أسكرَ كثيرهُ فقليلهُ حرام» (3). رواهما أبو داود.

وأما كونه لا يحل شربه للتداوي؛ فلما روى طارق بن شهاب: «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر وقال (4): إنما أصنعُها (5) للدواءِ. فقال: إنه ليسَ بدواء ولكنه دَاء» (6).

وعن مخارق «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلَ على أم سلمة ونبذت نبيذاً في جر فخرجَ النبيذ يهدر. فقال: ما هذا؟ فقالت: فلانة اشتكتْ بطنها فنعت لها. فدفعه برجله فكسرهُ وقال: إن الله لم يجعلْ فيما حرم عليكمْ شفاء» (7). رواهما الإمام أحمد.

ولأن الخمر محرم لعينه. فلم يجز شربه للتداوي؛ كلحم الخنزير.

وأما كونه لا يحل شربه لعطش؛ فلأنه لا يذهبه ولا يزيله ولا يدفع (8) محذوره. فوجب بقاؤه على تحريمه. عملاً بالأدلة المقتضية لذلك مع سلامتها (9) عن المعارض.

وأما كونه لا يحل شربه لغير ذلك إذا لم يضطر إليه لدفع لقمة غصّ بها؛ فلما تقدم من عموم الأدلة المقتضية للتحريم. فلأن لا تحل مع عدم الحاجة إليه بطريق الأولى.

(1) ساقط من أ.

(2)

سبق تخريجه قريباً.

(3)

سبق تخريجه قريباً.

(4)

في د: قال.

(5)

في أ: صنعتها.

(6)

أخرجه مسلم في صحيحه (1984) 3: 1573 كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر.

وأخرجه أحمد في مسنده (18383) طبعة إحياء التراث.

(7)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 5 كتاب الضحايا، باب النهي عن التداوي بالمسكر.

(8)

في أ: يندفع.

(9)

في أ: سلامته.

ص: 271

وأما كونه يجوز شربه إذا اضطر إليه (1) لدفع لقمة غصّ بها؛ مثل: أن لا يجد ما يدفعها به إلا الخمر؛ فلأن الله تعالى قال في آية التحريم: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة: 173].

ولأن حفظ النفس مطلوب ولذلك يباح أكل الميتة إذا اضطر إليها وهو موجود هنا. فوجب جوازه تحصيلاً لحفظ النفس المطوب حفظها.

قال: (ومن شربه مختاراً عالماً أن كثيره يسكر. قليلاً كان أو كثيراً: فعليه الحد ثمانون جلدة إن كان حراً. وعنه: أربعون، والرقيق على النصف من ذلك، إلا الذمي فإنه لا يحد بشربه في الصحيح من المذهب).

أما كون من شرب الخمر عليه الحد في الجملة؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من شربَ الخمرَ فاجلدُوه» (2). رواه أبو داود.

وقد ثبت أن أبا بكر وعمر وعلياً جلدوا شاربها.

وأما كونه عليه الحد قليلاً كان ذلك أو كثيراً؛ فلأن القليل خمر فدخل في عموم قوله عليه السلام: «من شربَ الخمرَ فاجلدُوه» (3). رواه أبو داود.

ولأنه شراب فيه شدة مُطربة. فوجب الحد بشرب قليله؛ كالكثير.

وأما كونه يشترط لكون الحد (4) عليه أن يشربه مختاراً؛ فلأن من شربه مكرهاً لا حدَّ عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهُوا عليه» (5).

(1) في د: الأدلة المقتضية للتحريم وقياساً على الصور المتقدم ذكرها. ولأنه إذا لم يحل شربه للتداوي مع الحاجة إليه

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (4485) 4: 165 كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر.

وأخرجه الترمذي في جامعه (1444) 4: 48 كتاب الحدود، باب ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه

وأخرجه النسائي في سننه (5661) 8: 313 كتاب الأشربة، ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر.

(3)

سبق تخريجه قريباً.

(4)

ساقط من د.

(5)

سبق تخريجه ص: 248.

ص: 272

وأما كونه يشترط لذلك أن يشربه عالماً أن كثير ذلك يسكر؛ فلأن من شربه غير عالم بذلك لا حد عليه؛ لأنه غير قاصد إلى ارتكاب المعصية. أشبه من وطئ امرأة وظنها (1) زوجته.

وعن عمر رضي الله عنه: «لا حدَّ إلا على من علِمَه» (2).

وليس المراد من علمَ التحريم؛ «لأن عمر رضي الله عنه حدّ قدامة بن مظعون» (3) وهو يعتقد حلها. فتعين أن يراد بالعلم علم أن كثير ذلك يُسكر.

وأما كون حد الخمر ثمانين جلدة على روايةٍ إن كان الشارب حراً؛ فـ «لأن عمر رضي الله عنه استشارَ الناس في حد الخمر. فقال عبدالرحمن: اجعله كأخفِّ الحدود. فضرب عمرُ ثمانين» (4).

وروي: «أن عليًا قال في المشورة: إذا سكِرَ هذى، وإذا هذى افترى، فحدوه حد المفتري» (5). وروى ذلك الجوزجاني والدارقطني وغيرهما.

وأما كونه أربعين على روايةٍ إن كان كذلك؛ فـ «لأن علياً رضي الله عنه جلدَ الوليد بن عقبة أربعين، ثم قال: جلدَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌ سنةٌ، وهذا أحبُ إليّ» (6). رواه مسلم.

وعن أنس قال: «أُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ قد شربَ الخمر فضربه بالنعال نحوًا من أربعين، ثم أُتي به أبو بكر فصنع مثل ذلك، ثم أُتي به عمر فاستشار الناس في الحد فقال ابن عوف: أقلُّ الحدودِ ثمانونَ. فضربه عمر» (7) متفق عليه.

(1) في أ: فظنها.

(2)

سبق تخريجه ص: 215.

(3)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 316 كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب أو لقي سكران.

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (4479) 4: 163 كتاب الحدود، باب الحد في الخمر.

وأخرجه الترمذي في جامعه (1443) 4: 48 كتاب الحدود، باب ما جاء في حد السكران.

(5)

أخرجه الدارقطني في سننه (223) 3: 157 كتاب الحدود.

(6)

أخرجه مسلم في صحيحه (1707) 3: 1331 كتاب الحدود، باب حد الخمر.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه (6391) 6: 2487 كتاب الحدود، باب ما جاء في ضرب شارب الخمر. نحوه.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1706) 3: 1330 كتاب الحدود، باب حد الخمر. واللفظ له.

ص: 273

فإن قيل: فعل عمر (1) كان بمحضر من الصحابة فيكون إجماعاً.

قيل: فعل النبي صلى الله عليه وسلم أولى من فعل غيره. ويحمل فعل عمر على أنه رأى الزيادة على وجه التعزير. ودعوى الإجماع لا تصح؛ لأنه كيف ينعقد الإجماع على شيء قد خالف فيه أبو بكر وعلي رضي الله عنهما.

وأما كون حد الرقيق على النصف من الحر؛ فلأنه على النصف في الزنى. فلأن يكون على النصف من شرب الخمر بطريق الأولى.

وأما كون الذمي لا يحد بشربه في الصحيح من المذهب؛ فلأنه لا يعتقد تحريمه. بخلاف الزنى وشبهه.

قال: (وهل يجب الحد بوجود الرائحة؟ على روايتين).

أما كون الحد يجب بوجود الرائحة على روايةٍ؛ فلأن ذلك نقل عن عمر وابن مسعود (2).

ولأن الرائحة تدل على الشرب [فجرى مجرى الإقرار.

وأما كونه لا يجب بذلك على روايةٍ] (3)؛ فلأنه يحتمل أن يكون (4) تمضمض بالخمر أو شربه ظناًّ أنه لا يسكر، أو كان مكرهاً، أو أكل نبقاً بالغاً، أو شراب التفاح فإنه يكون منه كرائحة الخمر. فإذا احتمل ذلك لم يجب الحد؛ لأنه يدرأ بالشبهات.

(1) ساقط من د.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (28619 - 28620) 5: 519 - 520 كتاب الحدود، في رجل يوجد منه ريح الخمر ما عليه؟

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 315 كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب أو لقي سكران.

(3)

ساقط من د.

(4)

ساقط من أ.

ص: 274

وهذه أصح؛ لما ذكر وفعل عمر قد روي أن من وجدت منه الرائحة أو أقر (1) بالشرب؛ لأنه روي أنه قال: «وجدتُ من عبدالله ريحاً من الشراب. فأقرّ عنده أنه شرب فقال عمر: إنه سائلٌ عنه فإن كان يُسكرُ جلدتُه» (2).

قال: (والعصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام حَرُم؛ إلا أن يَغلي قبل ذلك فيحرم. نص عليه، وعند أبي الخطاب: أن هذا محمول على عصير يتخمّر في ثلاث غالباً).

أما كون العصير الذي يقذف بزبده ويغلي غليان القدر يحرم بلا خلاف فيه؛ لصحة إطلاق الخمر عليه.

وأما كونه إذا أتى عليه ثلاثة أيام ولم يوجد فيه ذلك يحرم على المنصوص عن الإمام رحمة الله عليه (3)؛ فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشربوا العصيرَ ثلاثاً ما لم يغل» (4). وجه الحجة: أنه قيد الشرب بالثلاث، وذلك يدل على نفي الشرب فيما زاد عليها. وفي حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُنبذُ له الزبيب ويشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة. ثم يؤمرُ به فيُسقَى الخدم أو يُهراق» (5). رواه أبو داود.

فإن قيل: قوله: «فيسقى الخدم» دليل على إباحته (6).

ولأن الشدة تحصل في الثلاث غالباً وهي خفية تحتاج إلى ضابط والثلاث تصلح (7) ضابطاً لها. فوجب اعتباره بها.

وقال ابن عمر: «اشربه ما لم يأخذه شيطانه. قيل: وفي كمْ يأخذه شيطانه؟ قيل: في ثلاث» .

(1) في أ: وجد منه رائحة أقر.

(2)

ر تخريج الحديث السابق.

(3)

في أ: رضي الله عنه.

(4)

لم أقف عليه هكذا. وقد أخرج النسائي في سننه عن الشعبي قال: «اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي» . (5734).

(5)

أخرجه أبو داود في سننه (3713) 3: 335 كتاب الأشربة، باب في صفة النبيذ.

(6)

كذا في الأصول.

(7)

ساقط من أ.

ص: 275

وأما كونه لا يحرم عند أبي الخطاب حتى يغلي؛ فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشربوا في كل وعاءٍ، ولا تشربوا مسكراً» (1).

ولأن علة التحريم الشدة المُطربة، وذلك في المسكر لا في غيره.

وأجاب عن إطلاق الإمام القول بأن المراد عصير يتخمر في ثلاث غالباً (2).

قال: (ولا يكره أن يترك في الماء تمراً أو زبيباً ونحوه ليأخذ ملوحته ما لم يشتد أو يأتي عليه ثلاث).

أما كون ترك ما ذكر في الماء لا يكره؛ فلما تقدم في (3) حديث ابن عباس «أنه كان ينبذُ له الزبيبَ فيشربه» (4).

وأما كونه يحرم إذا اشتد؛ فلما روى أبو هريرة قال: «علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومُ. فتحينت فطره بنبيذٍ صنعته في دباء. ثم أتيتهُ به فإذا هو يَنشّ. فقال: اضرب بهذا الحائط. فإن هذا شرابُ من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» (5). رواه أبو داود.

ولأنه إذا بلغ ذلك صار مسكراً، وكل مسكر حرام.

وأما كونه يحرم إذا أتى عليه ثلاثة أيام؛ فلأن ذلك في مظنة الاشتداد. أشبه العصير.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله: ولا يكره أن يترك

إلى قوله: ما لم يشتد أو يأتي عليه ثلاث لا يدل على التحريم. يجوز أنه (6) يكره عند ذلك؛ لأن الكراهة قبل الحرمة.

قيل: أما إذا اشتد فلا خلاف فيه في المذهب، والحديث المذكور وما تقدم يدل عليه. وأما إذا أتى عليه ثلاث ففيه الخلاف المتقدم ذكره في العصير؛ لأنه في معناه.

(1) سيأتي تخريجه ص: 286.

(2)

في أ: يخمر غالبا في ثلاث.

(3)

في أ: من.

(4)

سبق قريباً.

(5)

أخرجه أبو داود في سننه (3716) 3: 336 كتاب الأشربة، باب في النبيذ إذا غلى.

(6)

في أ: أن.

ص: 276

قال: (ولا يكره الانتباذ في الدُّبّاء والحَنْتَمِ والنّقيرِ والمزَفّتِ. وعنه: يكره).

أما كون ما ذُكر لا يكره على المذهب؛ فلما روى بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نهيتكم عن ثلاث، وأنا آمركم بهن: نهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا في ظُروف الأُدم فاشربوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا» (1). رواه مسلم.

وأما كونه يكره على روايةٍ؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها» (2).

والأول أصح؛ لأن دليله يصلح ناسخاً لدليل الرواية الثانية.

قال: (ويكره الخليطان وهو: أن ينبذ شيئين كالتمر والزبيب، ولا بأس بالفقاع).

أما كون الخليطين يكره أن ينبذا؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين» (3). وأدنى أحوال النهي الكراهة.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهو أن ينبذ شيئين؛ فبيان لمعنى الخليطين المكروه [أن ينبذا](4).

وأما كون الفقاع لا بأس بشربه؛ فلأنه لا يسكر، وإذا (5) ترك فسد. بخلاف الخمر.

ولأن (6) أصل الأشياء على الإباحة حتى يرد محرم، ولم يرد ذلك في الفقاع. فوجب بقاؤه على مقتضى الأصل.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (977) 3: 1585 كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (1995) 3: 1579 كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه (1987) 3: 1575 كتاب الأشربة، باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين.

وأخرجه النسائي في سننه (5568) 8: 293 كتاب الأشربة، الترخص في انتباذ التمر وحده.

(4)

ساقط من د.

(5)

في أ: فإذا.

(6)

في د: فلأن.

ص: 277