الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قتال أهل البغي
الأصل في هذا الباب قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت -إلى قوله-: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات: 9 - 10].
إذا علم ذلك ففي الآية فوائد:
إحداها: أن الباغي لا يخرج عن الإيمان؛ لأن الله تعالى سمى البغاة مؤمنين.
وثانيتها (1): أن الله تعالى أوجب قتاله.
وثالثها: أن الله تعالى أسقط قتاله إذا فاء إلى أمر الله.
ورابعها: أنه (2) نفى عن التبعة فيما أتلفه.
وخامستها (3): أن الآية أشعرت بقتال كل من منع حقًا عليه.
قال المصنف رحمه الله: (وهم: القوم الذين يخرجون على الإمام بتأويل سائغ، ولهم منعة وشوكة).
أما كون [أهل البغي هم الذين يخرجون على الإمام؛ فلأن من لم يخرج عليه طائع له. فلا يكون من](4) أهل البغي عليه.
وأما كون خروجهم عليه بتأويل سائغ؛ فلأن من خرج عليه لا بتأويل [أو بتأويل](5) غير سائغ من قطاع الطريق، وحكمه حكمهم على ما مر.
وأما كونهم لهم (6) منعة وشوكة؛ فلأن من ليس له ذلك؛ كالواحد والاثنين وما أشبههما حكمه حكم قطاع الطريق عند أكثر أصحابنا؛ لأن حكم البغاة لو
(1) في أ: وثانيهما.
(2)
في د: أن ما.
(3)
في أ: وخامسها.
(4)
ساقط من د.
(5)
مثل السابق.
(6)
في أ: له.
ثبت في الواحد والاثنين في سقوط ضمان ما أتلفوه لأفضى إلى إتلاف أموال الناس.
وقال أبو بكر: لا فرق بين القليل والكثير وحكمهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام.
فعلى هذا لا حاجة إلى قوله: ولهم منعة وشوكة.
قال: (وعلى الإمام أن يراسلهم ويسألهم ما ينقمون منه، ويزيل ما يذكرونه من مظلمة، ويكشف ما يدعونه من شبهة. فإن فاؤوا وإلا قاتلهم).
أما كون الإمام عليه أن يراسل أهل البغي ويسألهم ما ينقمون منه؛ فلأن الله تعالى بدأ بالصلح فقال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات: 9]. والمراسلة والسؤال طريق إلى الصلح؛ لأنهما وسيلة إلى رجوعهم إلى الحق.
ويروى: «أن علياً رضي الله عنه راسلَ أهل البصرة قبل وقعةِ الجمل» .
وأما كونه يزيل ما يذكرونه من مظلمة؛ فلأن ذلك وجب (2) مع إفضاء الأمر إلى القتل والهرج والمرج. فلأن يجب في حالة تؤدي إلى ذلك بطريق الأولى.
وأما كونه يكشف ما يدعونه من شبهة؛ فلأن كشفها طريق إلى رجوعهم إلى الحق، وذلك مطلوب.
وأما كونهم إن فاؤوا وإلا قاتلهم؛ فلأن الصحابة أجمعت على قتال مانعي الزكاة، وقاتل عليّ أهل البصرة يوم الجمل، وأهل الشام يوم صفين، وأهل النهروان (3).
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 179 كتاب قتال أهل البغي، باب لا يبدأ الخوارج بالقتال حتى يسألوا
…
(2)
ساقط من أ.
(3)
في د: النهر.
قال: (وعلى رعيته معونته على حربهم. فإن استنظروه مدة رجاء رجوعهم فيها أنظرهم. وإن ظن أنها مكيدة لم ينظرهم وقاتلهم).
أما كون [رعية الإمام عليهم معونته على حرب أهل البغي؛ فلأن الله تعالى](1) قال: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]. وروى عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة» (2). والإمام قائم مقامه. فوجب أن يعطى حكمه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خرجَ من الطاعةِ وفارقَ الجماعةَ ماتَ ميتةً جاهلية» (3). رواه ابن عبدالبر.
وذلك يقتضي وجوب طاعة الإمام، ومعاونته طاعة له.
وأما كونه ينظرهم إذا استنظروه مدة يرجوا رجوعهم فيها؛ فلأن الانتظار المرجوّ به رجوعهم أولى من معاجلتهم بالقتال المؤدي إلى الهرج والمرج.
وأما كونه لا ينظرهم ويقاتلهم إن (4) ظن أن طلبهم (5) الإنظار مكيدة؛ فلأن الإنظار لا يؤمن منه أن يصير طريقاً إلى قهر أهل العدل.
قال: (ولا يقاتلهم بما يعم إتلافه كالمنجنيق والنار إلا لضرورة).
أما كون الإمام لا يقاتل أهل البغي بما يعم إتلافه لغير ضرورة؛ فلأنه لا يجوز قتل من لا يقاتل، والقتل بما يعم إتلافه يلزم منه قتله، وذلك غير جائز.
وأما كونهم يقاتلهم بذلك لضرورة مثل: أن يختلط أهل البغي بمن لا يقاتل؛ فلأن ذلك حالة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات.
(1) ساقط من د.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (6647) 6: 2588 كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«سترون بعدي أموراً تنكرونها» .
وأخرجه مسلم في صحيحه (1709) 3: 1470 كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية
…
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه (1848) 3: 1476 كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
…
(4)
في أ: إذا.
(5)
ساقط من د.
قال: (ولا يستعين في حربهم بكافر. وهل يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم؟ على وجهين).
أما كون الإمام لا يستعين في حرب أهل البغي بكافر؛ فلأن الكافر لا يستعان به في قتال الكافر. فلأن لا يستعان به في قتال المسلم بطريق الأولى.
وأما كونه لا يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم وهي الخيل التي لهم على وجه؛ فلأن أموال أهل البغي لا تستباح.
وأما كونه يجوز أن يستعين عليهم بذلك على وجه؛ فلأن الحاجة داعية إليه. أشبه قتلهم.
قال: (ولا يتبع لهم مُدْبر، ولا يجاز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا تسبى لهم ذرية).
أما كون أهل البغي لا يتبع لهم مُدْبر ولا يجاز على جريحهم؛ فلما روى عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا ابنَ أم (1) عبد! ما حكمُ من بغَى على أمتي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لا يتبع مدبرهم، ولا يجاز على جريحهم، ولا يُقتل أسيرهم» (2). رواه القاضي في شرحه.
وروي: «أن علياً رضي الله عنه قال يوم الجمل: لا يُذَففُ على جريح، ولا يُهتكُ ستر، ولا يفتحُ باب. ومن أغلقَ باباً أو بابهُ فهو آمن، ولا يتبعُ مُدْبِر» (3). ونحو ذلك روي (4) عن عمار.
وعن علي «أنه ودَى قوماً من بيتِ مالِ المسلمين قتلوا مُدْبرين» .
وعن أبي أمامة قال: «شهدتُ صفين. فكانوا لا يجيزونَ على جريحٍ، ولا يطلبونَ مولياً، ولا يسلبون قتيلاً» (5).
(1) في أ: آدم.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 182 كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاؤا لم يتبع مدبرهم ولم يقتل أسيرهم
…
وأخرجه الحاكم في المستدرك (2662) 2: 168 كتاب قتال أهل البغي وهو آخر الجهاد.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 181 الموضع السابق.
(4)
في د: وروي.
(5)
أخرجه الحاكم في المستدرك (2660) 2: 167 كتاب قتال أهل البغي وهو آخر الجهاد.
وأما كونهم لا يغنم لهم مال؛ فلأنهم لم يكفروا ببغيهم وقتالهم، وعصمة الأموال تابعة لدينهم. بدليل قوله عليه السلام: «لا يحلُ مال امرئ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث
…
الحديث» (1) وليس القتال والبغي واحداً منها.
وأما كونهم لا يسبى لهم ذرية فلأن الذراري [تبع لهم، وهم لا يجوز سبيهم لبقائهم على الإسلام. فالذين هم تبع لهم بطريق الأولى.
ولأن الذراري] (2) لم يحصل منهم شيء أصلاً. بخلاف أهل البغي فإنهم وجد منهم البغي والقتال.
قال: (ومن أُسر من رجالهم حُبس حتى تنقضي الحرب ثم يرسل. وإن أُسر صبي أو امرأة فهل يفعل به ذلك أو يخلى في الحال؟ يحتمل وجهين).
أما كون من أُسر من رجالهم يحبس حتى تنقضي الحرب؛ فلأن في إطلاقهم ضرراً على المسلمين.
وأما كونه يرسل بعد ذلك؛ فلأن المانع من إرسالهم خوف مساعدة أصحابهم، وقد زال ذلك.
وأما كون من أسر من صبي أو امرأة يحتمل أن يفعل به ذلك على وجه؛ فلأن وقوع القتال منه يمكن وإن لم يكن من أهله. أشبه الرجل.
وأما كونه يحتمل أن يخلى في الحال؛ فلأنه ليس من أهل القتال فينتفي المحذور المتقدم ذكره في الرجل.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6484) 6: 2521 كتاب الديات، باب قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس
…
}.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1676) 3: 1302 كتاب القسامة، باب ما يباح به دم المسلم.
(2)
ساقط من د.
قال: (وإذا انقضى الحرب فمن وجد منهم ماله في يد إنسان أخذه، ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال. وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب؟ على روايتين. ومن أتلف في غير حال الحرب شيئاً ضمنه).
أما كون من وجد من أهل العدل والبغي ماله في يد إنسان يأخذه: أما أهل العدل؛ فظاهر.
وأما أهل البغي؛ فلأن مالهم كان معصوماً وبغيهم لم يحله. فوجب بقاؤه على ما كان.
وأما كون أهل العدل لا يضمنون ما أتلفوه على أهل البغي؛ فلأنه إذا جاز قتلهم (1). فلأن يجوز إتلاف مالهم بطريق الأولى.
ولأن جواز قتلهم يستلزم عقر دوابهم، وكسر قسيهم وما أشبه (2) ذلك. وإذا جاز فعل ذلك لم يجب ضمانه؛ لحصوله ضرورة.
وأما كون البغاة يضمنون ما أتلفوه على أهل العدل في حال الحرب على روايةٍ؛ فلأنهم بغاة ظلمة بقتالهم، وفي الأثر أن أبا بكر قال لأهل الردة:«تدونَ قتلانا ولا ندي قتلاكم» (3).
وأما كونهم لا يضمنون ذلك على روايةٍ؛ فلما روى الزهري قال: «كانت الفتنة العظماء بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على أن لا يقامَ حد على رجل ارتكب فرجاً حراماً بتأويلِ القرآن، ولا يغرم مالاً أتلفه بتأويلِ القرآن» (4).
ولأن البغاة طائفة ممتنعة بالحرب. فلم يضمن ما أتلفت على الأخرى بحكم الحرب؛ كأهل العدل.
(1) في أ: قتالهم.
(2)
ساقط من أ.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 183 كتاب قتال أهل البغي، باب من قال يتبعون بالدم.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 175 كتاب قتال أهل البغي، باب من قال: لا تباعة في الجراح والدماء وما فات.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (27954) 5: 457 كتاب الديات، فيما يصاب في الفتن من الدماء. نحوه.
ولأن تضمينهم يفضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة. فلم يشرع؛ كتضمين أهل الحرب.
وهذه الرواية هي الأصح؛ لما ذكر.
وأجاب المصنف رحمه الله في المغني عن الأثر المذكور عن أبي بكر: أنه رجع عنه. فإنه روي: «أن عمر قال له: إن تدون قتلانا فلا فإن قتلانا قتلوا في سبيل الله» . فوافقه أبو بكر. ولذلك لم ينقل أنه غرم أحداً شيئاً.
وقد قتل طلحة (1) عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم ثم أسلم وتاب. فلم يغرم شيئاً.
وأما كون من أتلف من أهل العدل والبغي ما أتلفوه في غير حال الحرب يضمنه؛ فلأن الأصل وجوب الضمان. تُرك العمل به في حال الحرب؛ للضرورة فيبقى فيما عداه على مقتضاه.
وفي الأثر: «أن الخوارج لما قتلوا عبدالله بن خباب في غير الحرب أرسلَ إليهم علي افتدونا من عبدالله» (2) و «قتل ابن ملجم علياً في غير المعركة فأقيدَ به» (3).
قال: (وما أَخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج أو جزية لم يعد عليهم [ولا على صاحبه. ومن ادعى دفع زكاته إليهم قُبل بغير يمين. وإن ادعى ذمي دفع جزيته إليهم لم يقبل إلا ببينة. وإن ادعى إنسان دفع خراجه إليهم فهل يقبل بغير بينة؟ على وجهين] (4). وتجوز شهادتهم. ولا ينقض مِن حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره).
أما كون البغاة تجوز شهادتهم؛ فلأنهم إذا صلحوا للقضاء. فلأن يصلحوا لقبول الشهادة بطريق الأولى.
(1) في د: ولذلك أنه عرض أخذ شيئاً وقد قيل لطلحة.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (37882) 7: 554 كتاب الجمل، ما ذكر في الخوارج.
(3)
أخرجه الشافعي في الأم 4: 216.
(4)
ساقط من أ.
وأما كونهم لا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم حاكم المسلمين من أهل العدل؛ فلأن بغيهم في أمر يسوغ فيه التأويل. أشبه الاختلاف في الفروع.
فعلى هذا إن خالف حكم حاكمهم نصاً أو إجماعاً نقض؛ كحكم حاكم المسلمين من أهل العدل وإلا فلا.
قال: (وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم انتقض عهدهم إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم، ويغرمون ما أتلفوه من نفس ومال).
أما كون عهد أهل الذمة ينتقض إذا أعانوا أهل البغي إذا لم يدعوا أنهم ظنوا أنهم يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك؛ فلأن أهل الذمة لو قاتلوا منفردين انتقض عهدهم. فكذلك إذا قاتلوا مع أهل البغي.
وأما كونه لا ينتقض إذا ظنوا أنهم يجب عليهم معونة من ذكر؛ فلأن ذلك شبهة فيدرأ به قتلهم المستحق بالانتقاض.
وأما كون أهل الذمة يغرمون ما أتلفوه لأهل العدل فيما ذكر؛ فلأن مقتضى الدليل وجوب الضمان. ترك العمل به في حق أهل البغي خوفاً من تنفيرهم، وتنفير أهل الذمة لا أثر له؛ لأن أهل البغي لهم قوة. بخلاف أهل الذمة فلا يصح إلحاقهم بهم.
قال: (وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم، وأبيح قتلهم).
أما كون أمان البغاة لأهل الحرب لا يصح؛ فلأن من صحة الأمان الكف عن قتال المسلمين، والباغي لا يشترطه (1) بل يشترط عليهم عدمه.
وأما كونهم يباح قتلهم؛ فلأن أمان البغاة لم يصح. فبقوا على ما كانوا عليه قبل الأمان.
فإن قيل: إباحة قتلهم عامة أم لأهل العدل فقط؟
(1) في أ: يشترط.
قيل: ظاهر إطلاق المصنف رحمه الله الإباحة، وهي تقتضي العموم (1) إلا أن الكلام مسوق مع أهل العدل فيحتمل أن يختص بهم. ويؤيده تصريح المصنف رحمه الله بذلك في المغني فقال (2): فأما أهل البغي فلا يجوز لهم قتلهم؛ لأنهم قد بذلوا لهم الكف عنهم. فلم يجز لهم الغدر.
قال: (وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم يجتمعوا لحرب لم يتعرض لهم، فإن سَبُّوا الإمام عزرهم. وإن جنوا جناية أو أتوا حداً أقامه عليهم).
أما كون من أظهر رأي الخوارج ولم يجتمعوا لحرب لا يتعرض لهم؛ فـ «لأن علياً رضي الله عنه كان يوماً يخطب. فقال رجل بباب المسجد: لا حُكمَ إلا لله. فقال علي: كلمةُ حق أُريدَ بها باطل. ثم قال: لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجدَ الله أن تذكروا فيها اسمَ الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامتْ أيديكم معنا، ولا نبدأكمْ بقتال» (3).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما تعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة. فلأن لا يتعرض إلى من ذكر بطريق الأولى.
وأما كونهم إذا سَبُّوا الإمام يعزرهم؛ فلأنهم ارتكبوا محرماً لا حد فيه ولا كفارة، وليس التعزير المذكور مختصاً بسب الإمام بل لو سبوا أحداً من أهل العدل كان الأمر كذلك، لما تقدم من العلة.
وأما كونهم إذا جنوا جناية أو أتوا حداً أقامه عليهم؛ فلأنهم ليسوا ببغاة فهم كآحاد الناس.
ولأن في إسقاط (4) ذلك وسيلة إلى تجرئهم (5) على فعله، وذلك مطلوب العدم.
(1) في د: الإباحة يقتضي التعميم.
(2)
في د: قال.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (37917) 7: 561 كتاب الجمل، ما ذكر في الخوارج.
(4)
في أ: حكم إسقاط.
(5)
في أ: تحريمهم.
قال: (وإن اقتتلت (1) طائفتان لعصبية أو طلب رياسة فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى).
أما كون الطائفتين إذا اقتتلتا لما ذكر ظالمتين؛ فلأن كل واحدة باغية على صاحبتها.
وأما كون كل واحدة تضمن ما أتلفت على الأخرى؛ فلأن الإتلاف موجب للضمان. ترك العمل به في أهل البغي.
(1) في أ: اقتتل.