الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
الأصل في كتاب القاضي إلى القاضي كالأصل في كتاب الأمير إلى الأمير. والأصل في ذلك الكتاب والسنة والإجماع والمعنى: أما الكتاب؛ فقوله تعالى: {إني أُلقي إليَّ كتابٌ كريمٌ? إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} [النمل: 29 - 30].
وأما السنة؛ فهو «أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي وملوك الأطراف» (1).
وأما الإجماع؛ فأجمعت الأمة على قبول كتاب القاضي والأمير إلى مثليهما.
وأما المعنى؛ فلأن الحاجة داعية إلى قبوله. فإن من له حق في بلد غيره لا يمكنه إثباته ومطالبته إلا بكتاب القاضي وذلك يقتضي وجوب قبوله.
قال المصنف رحمه الله: (يُقبل كتابُ القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال؛ كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له والجناية الموجبة للمال. ولا يقبل في حدٍّ لله تعالى. وهل يقبل فيما عدا ذلك مثل: القصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه؟ على روايتين).
أما كون كتاب القاضي إلى القاضي يقبل في المال وما قصد منه المال؛ فلأن ذلك في معنى الشهادة على الشهادة، وهي في المال وما قصد منه المال مقبولة فكذلك يجب أن تكون مقبولة فيما هو في معناها.
وأما كونه لا يقبل في كل حدٍّ لله تعالى؛ فلأن الحد لله تعالى مبني على الستر، والدرأ بالشبهات، والإسقاط بالرجوع فيها.
(1) ر. الأموال لأبي عبيد ص: 25 - 28.
وأما كونه يقبل في القصاص وباقي الصور المذكورة على روايةٍ؛ فلأنه حق لا يدرأ بالشبهة. أشبه المال.
وأما كونه لا يقبل على روايةٍ؛ فلأنه حق لا يثبت إلا بشاهدين. أشبه حد القذف.
قال: (فأما حد القذف فإن قلنا: هو لله تعالى فلا يقبل فيه. وإن قلنا: لآدمي فهو كالقصاص).
أما كون القذف لا يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي إذا قيل: هو لله تعالى؛ فلما ذكر في كل حدٍّ لله تعالى.
وأما كونه كالقصاص إذا قيل: لآدمي؛ فلأنه حينئذ يساوي القصاص؛ لاشتراكهما في كون كل واحدٍ منهما حقاً لآدمي.
قال: (ويجوز كتاب القاضي فيما حكم به لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر، ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة).
أما كون كتاب القاضي يجوز فيما حكم به؛ مثل: أن يحكم على رجلٍ بحق فيتغيب قبل إيفائه، أو تقوم بينة على غائب عند حاكمٍ فيسأله صاحب الحق الحكم عليه فيحكم عليه، أو ما أشبه ذلك؛ فلأن الحاجة داعية إليه.
وأما كون الواصل إليه ينفذه بَعُدت مسافته أو قربت؛ فلأن حكم الحاكم يجب إمضاؤه على كل حاكم.
وأما كونه يجوز فيما يثبت عنده؛ فلما تقدم من العلة المذكورة.
وأما كون الواصل إليه يحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة؛ فلأن ذلك نقل شهادة. فوجب أن يُعتبر فيه ما يُعتبر في الشهادة.
قال: (ويجوز أن يكتبَ إلى قاضٍ مُعين وإلى من يصل إليه كتابي هذا (1) من قضاة المسلمين وحكامهم).
(1) زيادة من المقنع.
أما كون القاضي يجوز أن يكتب إلى مُعين فلا إشكال فيه، ولذلك كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر (1).
وأما كونه يجوز أن يكتب إلى من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم؛ فلأن الكتاب المذكور كتابٌ واصلٌ إلى حاكم. أشبه ما إذا كتب إلى معين.
قال: (ولا يقبلُ الكتابُ إلا أن يشهد به شاهدان يحضرهما القاضي الكاتب فيقرأه عليهما ثم يقول: أُشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان ويدفعه إليهما، وإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب وقالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه. والاحتياط أن يشهدا بما فيه ويختمه. ولا يشترط ختمه).
أما كون كتاب القاضي لا يقبل الكتاب إلا أن يشهد به عدلان؛ فلأنه نقل حكمٍ أو نقل إثباتٍ. فلم يكن فيه بد من شهادة عدلين؛ كالشهادة على الشهادة.
وأما كون القاضي يحضرهما فيقرأه عليهما؛ فلأن تحمل الشهادة بغير معرفة المشهود به غير جائز.
وقول المصنف رحمه الله: فيقرأه عليهما ليس بواجب في القبول بل قراءته هي الواجبة، سواء كانت من الحاكم أو غيره لكن الأولى أن يقرأه الحاكم؛ لأنه أبلغ، ولذلك ذكره المصنف رحمه الله.
وأما كونه يقول: أُشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان؛ فلأنه يحملهما الشهادة. فوجب أن يعتبر فيه إشهاده؛ كالشهادة على الشهادة. ويقوم مقام إشهاده بأن الكتابَ كتابه إشهادهما عليه بما في الكتاب. فلو اقتصر على قوله: هذا كتابي إلى فلان لم يجز؛ لعدم الإشهاد المشترط.
وأما كونه يدفعه إليهما؛ فلأنه لو لم يدفعه إليهما لم يمكنهما الأداء إلا بناء على الخط، وهو غير جائز.
(1) سبق قريباً.
وأما كون الشاهدين إذا وصلا إلى المكتوب إليه يدفعان الكتاب ويقولان: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك؛ فلأن القبول متوقف على ذلك.
وأما كونهما يقولان: كتبه من عَمَلِه وأشهدنا عليه؛ فلأن الكتاب إنما يقبل من قاضٍ وذلك يستدعي وجود الكتابة والإشهاد عليه في موضع قضائه.
وأما كون الاحتياط الإشهاد بما في الكتاب مع ختمه؛ فلأن ختم الكتاب أبلغ في المعنى.
وأما كون الكتاب لا يشترط ختمه؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتبَ كتاباً إلى قيصر ولم يختمه. فقيل: إنه لا يقرأُ كتاباً غير مختوم فاتخذَ الخاتم» (1).
قال: (وإن كتب كتاباً وأدرجه وختمه وقال: هذا كتابي إلى فلان اشهدا عليّ بما فيه لم يصح؛ لأن أحمد قال فيمن كتب وصية وختمها ثم أشهد على ما فيها: فلا حتى يُعلمه ما فيها. ويتخرج الجواز لقوله: إذا وُجدت وصية الرجلِ مكتوبةً عند رأسه من غير أن يكون أشهدَ أو أعلمَ بها أحداً عند موته وعُرف خطه وكان مشهوراً فإنه ينفذ ما فيها. وعلى هذا إذا عُرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله. والعمل على الأول).
أما كون إشهاد القاضي على كتابه المختوم لا يصح؛ فلأن الشاهدين شهدا بالمجهول. فلم تصح شهادتهما؛ كما لو شهدا أن لفلان على فلان مالاً.
وأما قول المصنف رحمه الله: لأن أحمد؛ فتنبيه على جهة الأصل المستفاد منه الحكم المذكور.
وأما كون الجواز يتخرج على القول بالوصية المذكورة؛ فلأنهما سواء معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.
وأما كون المكتوب إليه على هذا إذا عرف خط القاضي الكاتب وختمه يجوز له قبوله؛ فلأن القبول هنا كتنفيذ الوصية المذكورة.
وأما كون العمل على الأول؛ فلأن الدليل الأول أولى فكان العمل به أولى.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6743) 6: 2619 كتاب الأحكام، باب: الشهادة على الخط المختوم
…
وأخرجه مسلم في صحيحه (2092) 3: 1657 كتاب اللباس والزينة، باب في اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً
…
قال: (وإذا وصل الكتاب فأحضر المكتوبُ إليه الخصم المحكوم عليه في الكتاب فقال: لستُ فلان ابن فلان فالقول قوله مع يمينه؛ إلا أن تقوم به بينة. فإن ثبت أنه فلان ابن فلان ببينة أو إقرار فقال: المحكوم عليه غيري لم يقبل منه إلا ببينة تشهد أن في البلد من يساويه فيما سمي ووصف به فيتوقف حتى يعلم المحكوم عليه (1) منهما).
أما كون القول قول الخصم المحكوم عليه في الكتاب في قوله: لستُ فلان ابن فلان ما لم تقم به بينة؛ فلأن الأصل عدم تسميته بذلك.
ولأنه يُدعى عليه أن اسمه ذلك وهو يُنكره، والقول قول المنكر مع يمينه.
وأما كونه لا يقبل قوله إذا قامت بينة بذلك؛ فلأن القول معارض بالبينة، وهي راجحة. فوجب أن لا يقبل قوله؛ لكونه مرجوحاً بالنسبة إلى البينة.
وأما كونه لا يقبل قوله إذا ثبت أنه فلان ابن فلان فقال المحكوم عليه: غيري ولا بينة له تشهد بدعواه؛ فلأن الظاهر عدم المشاركة في الصفات والأسماء، والحكم قد توجه على من سُمي ووصف، والاسم والصفة موجودان فيه. فلم يقبل قوله في نفي ذلك.
وأما كونه يقبل قوله إذا أقام بينة أن في البلد من يساويه فيما سمي ووصف؛ فلأن الحق يحتمل أن يكون على المشارك له.
وأما كون القاضي يتوقف حتى يعلم المحكوم عليه منهما؛ فلأنه شاكٌّ فيه.
قال: (وإن تغيرت حالُ القاضي الكاتب بعزلٍ أو موتٍ لم يقدح في كتابه. وإن تغيرت بفسقٍ لم يقدح فيما حكم به، وبطل فيما ثبت عنده ليحكم به. وإن تغيرت حال المكتوب إليه فلمن قام مقامه قبول الكتاب والعمل به).
أما كون تغيّر حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لا يقدح في كتابه؛ فلأن التعويل في الكتاب على الشاهدين وهما حيان. فوجب أن يقبل الكتاب؛ كما لو لم يمت أو ينعزل.
(1) في د: عليهما. وما أثبتناه من المقنع.
ولأن الكتاب إن كان فيما حكم به فحكمه لا يبطل بالعزل والموت، وإن كان فيما ثبت عنده فهو أصل واللذان شهدا عليه فرع، ولا تبطل شهادة الفرع بموت شاهد الأصل.
وأما كون تغير حال القاضي الكاتب بفسقٍ لا يقدح فيما حكم به؛ فلأنه لو حكم بشيء ثم فسق لم يتغير حكمه فكذا إذا فسق القاضي الكاتب بعد أن كتب.
وأما كون كتابه يبطل فيما ثبت عنده ليحكم به؛ فلأن شرط الحكم بقاء الحاكم بصفة العدالة إلى حين الحكم ولم يوجد هنا. بيان اشتراط ذلك في الحاكم أن الشاهد يشترط فيه ذلك. فلأن يشترط في الحاكم بطريق الأولى.
وأما كون من قام مقام القاضي المكتوب إليه إذا تغيرت حاله يَقبل الكتاب ويعمل به؛ فلأن التعويل على شهادة الشاهدين وهما موجودان بشرطهما.
فصل [في كتابة محضر بالحكم]
قال المصنف رحمه الله: (وإذا حكمَ عليه فقال له: اكتب لي إلى الحاكم الكاتب أنك حكمتَ عليّ حتى لا يحكم عليّ ثانياً لم يلزمه ذلك، ولكنه يكتبُ له محضراً بالقضية).
أما كون القاضي لا يلزمه أن يكتب إلى الحاكم الكاتب أنه حكم عليه؛ فلأن الحاكم إنما يكتب فيما ثبت عنده ليحكم غيره، أو فيما حكم به لينفذه، وكلاهما مفقود هنا.
وأما كونه يكتب له محضراً بالقضية؛ فلأنه إذا لم يكتب له ربما حكم عليه غيره ثانياً وفيه ضرر والضرر ينفى شرعاً.
قال: (وكل من ثبتَ له عند حاكمٍ حقٌ أو ثبتت براءته مثل إن أنكر وحلفه الحاكم فسأل الحاكم أن يكتبَ له محضراً بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه إجابته. وإن سأل من ثبت محضره عند الحاكم أن يسجل به فعل ذلك وجعله نسختين نسخة يدفعها إليه والأخرى يحبسها عنده. والورق من بيت المال، فإن لم يكن فمن مال المكتوب له).
أما كون الحاكم يلزمه إجابة من سأله: أن يكتب له محضراً بما ثبت عنده من حق أو براءة؛ فلأنه حقه قد ثبت عنده، وربما تعذر عليه إثبات ذلك في وقت آخر. فوجب أن يكتب له محضراً بيده عند طلبه؛ لتبقى حجته في يده.
وأما كون الحاكم يفعل ما سأله من ثبت محضره عنده من التسجيل به؛ فلأن المحضر بتسجيله يصير حجة لصاحبه فيلزم الحاكم أن يشهد عليه شاهدين أنه أقر له.
وأما كون السجل يجعل نسختين؛ فلأن صاحب المحضر يحتاج إلى نسخةٍ تكون بيده، وديوان الحكم يحتاج إلى أخرى تكون فيه حتى إن هلكت النسخة
التي في يد صاحب المحضر تبقى التي في ديوان الحكم، ولذلك قال المصنف رحمه الله: نسخة يدفعها إليه والأخرى يحبسها عنده.
وأما كون الورق من بيت المال؛ فلأن ذلك من المصالح.
وأما كونه من المكتوب له إذا لم يكن في بيت المال شيء؛ فلأنه الطالب لذلك؛ لأن معظم الحاجة له.
قال: (وصفة المحضر: بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضيَ فلان بن فلان الفلاني قاضيَ عبدالله الإمام على كذا. وإن كان نائبًا كتب: خليفة القاضي فلان قاضي عبدالله الإمام في مجلس حكمه وقضائه بموضع كذا مُدعٍ ذكر أنه فلان بن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان بن فلان فادعى عليه كذا فأقر له أو فأنكر. فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ فقال: نعم. فأحضرَها وسأله سماعَها، فَفعل أو فأنكر ولم تقم له بينة، وسأل إحلافه فأحلفه. وإن نكل عن اليمين ذكر ذلك وأنه حكم عليه بنكوله. وإن رد اليمين عليه فحلّفه حكى ذلك، وسأله أن يكتب له محضرٍاً بما جرى فأجابه إليه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، ويعلم في الإقرار والإحلاف جرى الأمر على ذلك. وفي البينة: شهدا عندي بذلك).
أما قول المصنف رحمه الله: وصفة المحضر
…
إلى قوله: ويعلم؛ فبيان لصفة المحضر ليعلم الكاتبُ صفة المحضر المعتبرة فيه شرعاً، وكيف تكون الكتابة إذا كان المدعى عليه مقراً أو منكراً قامت عليه البينة، أو منكراً لم تقم عليه البينة فحلفه الحاكم، أو ناكلاً محكوماً عليه بنكوله، أو راداً لليمين على المدعي. والغرض: تبيين الحال على ما هي عليه؛ ليكون المحضر وافياً بما جرى، محصّلاً لمقصوده، جامعاً للشرائط المعتبرة.
وأما كون القاضي يعلم في الإقرار والإحلاف جرى الأمر على ذلك؛ فلأن الإقرار والإحلاف أمرٌ جرى فالعلامة فيه بما ذكر تحقيق للقضية وإخبار عنها.
وأما كونه يعلم في البينة شهدا عندي بذلك؛ فلأن الواقع شهادة، والمخبر عنها بذلك صادق.
قال: (وأما السجل فهو لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به. وصفته أن يكتب: هذا ما أشهد عليه القاضي فلان بن فلان، ويذكر ما تقدم مَن حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان، وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتهما بمحضرٍ من خصمين ويذكرهما إن كانا معروفين. وإلا قال مدعٍ ومدعًى عليه جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما: على الآخر معرفة فلان بن فلان. ويذكر المشهود عليه وإقرارَه طوعًا في صحة منه وجوازِ أمرٍ بجميع ما سُمي ووُصِف في كتاب نسخته كذا (1). وينسخ الكتاب المثبت أو المحضر جميعه حرفًا بحرف، فإذا فرغ منه قال: وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله بعد أن سأله ذلك، والإشهاد به: الخصم المدعي، ويذكر اسمه ونسبه، ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة. وجعل كل ذي حجةٍ على حجته، وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحُكمه وإمضائه مَن حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه. ويأمر بكتب هذا السجل نُسختين متساويتين تخلدُ نسخة منها ديوان الحكم وتدفع الأخرى إلى من كتبها له. وكل واحدة منهما حجة ووثيقة فيما أنفذه فيهما. وهذا يذكر ليخرج من الخلاف، ولو قال: أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ما في كتاب نسخته كذا ولم يذكر بمحضرٍ من الخصمين ساغ ذلك لجواز القضاء على الغائب).
أما قول المصنف رحمه الله: وأما السجل فهو لإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به؛ فبيان لمعناه.
وأما قوله: وصفته
…
إلى قوله: في اليوم المؤرخ في أعلاه؛ فبيان لصفة السجل ليعلم الكاتب الصفة المعتبرة فيه شرعاً.
وأما كون القاضي يأمر بكتب السجل؛ فلما ذكر فيمن ثبت محضره عند الحاكم فسأله أن يسجل به.
وأما كونه يأمر بكتب نُسختين متساويتين؛ فلأنهما اللتان تقوم إحداهما مقام الأخرى.
وأما كون كل واحدة حجة ووثيقة فيما أنفذه فيهما فظاهر؛ لتضمنهما ذلك.
(1) زيادة من المقنع.
وأما كون ذلك يُذكر؛ فلما ذكره المصنف رحمه الله من الخروج من الخلاف في القضاء على الغائب؛ لأنه لو لم يذكر الخصم وحضوره لتوهم متوهم أنه قضى على غائب فيتوقف فيه من لا يراه.
وأما كون القاضي لو قال: أنه ثبت عنده
…
إلى آخره يسوغ ذلك؛ فلما ذكر المصنف من جواز القضاء على الغائب أي: عندنا.
قال: (وما يجتمع عنده من المحاضر والسجلات في كل أسبوعٍ أو شهرٍ على قلتها وكثرتها يضم بعضها إلى (1) بعض، ويكتب عليها: محاضرٍ وقت (2) كذا في سنة كذا).
أما كون المحاضر والسجلات يضم بعضها إلى بعض؛ فلأن إفراز كل واحدٍ يشق.
وأما كونها يكتب عليها ما ذكر؛ فلتتميز، وليكون إخراجها وقت الحاجة أسهل.
(1) في د: على.
(2)
زيادة من المقنع.