المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأيمان الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب؛ فقوله تعالى: - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ٤

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌باب كفارة القتل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنى

- ‌باب القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذ كاة

- ‌كتاب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب أدب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

- ‌باب في تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب شروط من تقبل شهادته

- ‌باب موانع الشهادة

- ‌باب أقسام المشهود به

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌باب ما يحصل به الإقرار

- ‌باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره

- ‌باب الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌ ‌كتاب الأيمان الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب؛ فقوله تعالى:

‌كتاب الأيمان

الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب؛ فقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان} [المائدة: 89]، وقوله سبحانه:{ولا تَنقضوا الأيمان بعد توكيدها} [النحل: 91].

وأما السنة؛ فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني والله! إن شاء الله لا أحلفُ على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خير وتحللتُها» (1) متفق عليه.

وأما الإجماع؛ فأجمع المسلمون في الجملة على جواز الأيمان.

قال المصنف رحمه الله: (واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته).

أما كون اليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته؛ فلأن الكفارة لا تجب باليمين بغيره؛ لأن غيره لا يساويه. فلم يجز إلحاقه به.

وأما كونها تجب باليمين فلا خلاف فيه؛ فلأن اليمين عند الإطلاق تنصرف إلى اليمين بالله تعالى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا أحلفُ على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحللتُها» (2).

وأما كونها تجب باليمين بصفة من صفاته؛ فلأن في الحديث: «أن النار تقول: قَطٍ قَطٍ. وعِزَّتِك! » (3). رواه البخاري.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (2964) 3: 1140 أبواب الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1649) 3: 1270 كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يميناً

(2)

سبق تخريجه في الحديث السابق.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (6284) 6: 2453 كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته.

وأخرجه مسلم في صحيحه (2848) 4: 2187 كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء.

ص: 421

ولأن صفات الله تعالى كلها قديمة. فكان الحلف بها موجباً للكفارة؛ كالحلف بالله تعالى.

قال: (وأسماء الله تعالى قسمان:

أحدهما: ما لا يُسمى به غيره نحو: والله، والقديم الأزلي، والأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، وخالق الخلق، ورازق العالمين. فهذا القسمُ به يمينٌ بكل حال).

أما كون أسماء الله تعالى قسمين؛ فلأن منها ما لا يُسمى به غيره، ومنها ما يُسمى به غيره.

وأما كون أحدهما ما لا يسمى به غيره نحو: والله

إلى العالمين فظاهر؛ لأن غير الله لا يتصف بشيء مما ذكر. فلا يسمى به؛ لانتفاء معناه فيه.

وأما كون القَسَم بهذا القِسْم يميناً بكل حال أي نوى به اليمين أو لم ينو؛ فلأن اليمين بذلك صريح في مقصوده. فلم يفتقر إلى النية؛ كصريح الطلاق والعتاق وغير ذلك من الصريح.

قال: (والثاني: ما يُسمى به غيره. وإطلاقه ينصرف إلى الله سبحانه: كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه. فهذا إن نوى بالقَسم به اسم الله تعالى أو أطلق فهو يمين. وإن نوى غيره فليس بيمين).

أما كون الثاني من قسمي أسماء الله تعالى ما يُسمى به غيره كالرحمن

إلى والرازق ونحوه؛ فلأن معنى ذلك كله موجود في غيره، وقد وُجد استعمال اللفظ فيه.

وأما كون إطلاقه ينصرف إلى الله سبحانه؛ فلأن استعماله فيه أكثر، والإطلاق ينصرف إلى الأكثر.

وأما كونه يميناً مع النية؛ فظاهر.

وأما كونه يميناً مع الإطلاق؛ فلما تقدم من أن استعمال ذلك في " الله " أكثر من غيره، وأن الإطلاق يحمل على الأكثر.

وأما كونه ليس بيمين إذا نوى غير الله؛ فلأن النية تصرف اللفظ عن ظاهره. فإذا أريد به غيره لم يبق قسماً؛ لعدم تناوله لما يُوجب القسَم.

ص: 422

قال: (وأما ما لا يُعدّ من أسمائه؛ كالشيء والموجود. فإن لم ينو به الله تعالى لم يكن يميناً. وإن نواه كان يميناً. وقال القاضي: لا يكون يميناً أيضاً).

أما كون الحلف بذلك لا يكون يميناً مع عدم النية؛ فلأن الذي يجب بالحلف به الكفارة لم يُقصد ولا اللفظ ظاهر في إرادته. فوجب أن لا يترتب عليه ما يترتب على الحلف بالله.

وأما كونه يميناً إذا نوى بذلك اليمين على المذهب؛ فلأنه يصح أن يُقسم بشيء يصح أن يُراد به الله قاصداً به الحلف. فكان يميناً مكفرة؛ كما لو قال: والملك والقادر.

وأما كونه لا يكون يميناً على قول القاضي؛ فلأن اليمين إنما تنعقد بحرمة الاسم، فمع الاشتراك لا يكون له حرمة، والنية بمجردها لا تنعقد بها اليمين.

والأول أصح؛ لما ذكر.

وقوله: مع الاشتراك لا حرمة للاسم باطلٌ بالاسم المشترك الظاهر في " الله ".

وقوله: النية بمجردها لا تنعقد بها اليمين مسلم. واليمين هاهنا ما انعقدت بمجرد النية بل بها مع اللفظ المحتمل؛ لأن النية تصرف اللفظ المحتمل إلى أحد محتمليه.

قال: (وإن قال: وحقِّ الله، وعهد الله، وايم والله، وأمانة الله، وميثاقه وقدرته، وعظمته وكبريائه، وجلاله وعزته ونحو ذلك فهو يمين).

أما كون قول: وحق الله يميناً؛ فلأن عرف الاستعمال يشهد أن يستعمل في القسم. فوجب أن يكون قسماً.

وأما كون قول: وعهد الله يميناً؛ فلما ذكر. وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها «حلفت به لا تكلم ابن الزبير. فلما كلمته أعتقت أربعينَ رقبةً. فكانت إذا ذكرته تَبكي وتقول: واعهداه» (1).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (5725) 5: 2255 كتاب الأدب، باب الهجرة. ولم يذكر لفظ:«واعهداه» .

ص: 423

وأما كون قول: وايم، والله

إلى آخره يميناً؛ فلأن كل واحد منها مستعمل في القَسم، واستعمال الشيء يدل على كونه حقيقة، وقد تقدم أن النار تقول:«قَطٍ قَطٍ وعِزَّتِك! » (1). رواه البخاري.

قال: (وإن قال: والعهد والميثاق وسائر ذلك ولم يُضفه إلى الله تعالى لم يكن يميناً؛ إلا أن ينوي صفة الله تعالى. وعنه: يكون يميناً).

أما كون ذلك لا يكون يميناً إذا لم ينو قائله صفة الله تعالى على المذهب؛ فلأنه يحتمل غير الله. فلم يكن يميناً؛ كالشيء والموجود.

وأما كونه يميناً إذا نواها؛ فلأن النية تحتمل العهد والميثاق، وسائر ما ذكر على عهد الله وأمانة الله، وذلك يمين. فيجب أن يكون هذا مثله.

وأما كونه يميناً إذا لم ينوها على روايةٍ؛ فلأن ذكر ذلك بالألف واللام يعود إلى المعهود وهو عهد الله وميثاقه.

قال: (وإن قال: لعمر الله كان يميناً. وقال أبو بكر: لا يكون يميناً، إلا أن ينوي).

أما كون قول ما ذكر يميناً على المذهب؛ فلأن ذلك قسم بصفة من صفات الله تعالى. بدليل قوله تعالى: {لعمركَ إنهم لفي سكْرتهم يعمهون} [الحجر: 72].

وقال النابغة:

فلا لعمر الذي قد زرته حججاً

وما أريق على الأنصاب من جسد

وقال الآخر:

إذا رضيت كرام بني قُشير

لعَمر الله أعجبني رضاها

وأما كونه لا يكون يميناً إذا لم ينو على قول أبي بكر؛ فلأن قول القائل: لعمر الله إنما يكون يميناً بتقدير خبر محذوف وذلك مجاز، والمجاز لا ينصرف إليه الإطلاق.

(1) سبق تخريجه ص: 430.

ص: 424

والأول أصح؛ لما تقدم من عُرف الاستعمال. واحتياج الكلام إلى تقدير لا يضر؛ لأن اللفظ إذا اشتهر في العرف صار من الأسماء العُرفية. فيجب حمله في الإطلاق على العرف دون موضوعه الأصلي.

قال: (وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة. وعنه: عليه بكل آية كفارة).

أما كون الحلف بكلام الله يميناً؛ فلأن الكلام صفة من صفات ذاته لم يزل موصوفاً به. فوجب كون الحلف به يميناً؛ كالحلف بعظمة الله وقدرته.

وأما كون الحلف بالمصحف يميناً؛ فلأن الحالف به إنما قصد الحلف بما فيه وهو كلام الله؛ لانعقاد الإجماع على أن ما بين دفّتي المصحف كلام الله. فوجب كون الحلف به يميناً؛ كالحلف بكلام الله.

وأما كون الحلف بالقرآن يميناً؛ فلأن القرآن كلام الله وصفة من صفاته. فالحالف به حالف بكلام الله وبصفة من صفاته. فوجب كون الحلف به يميناً؛ لما تقدم في الحلف بالصفات.

وأما كون اليمين بذلك فيها كفارة واحدة على المذهب؛ فلأن الله عز وجل قال: {ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة: 89]. وهذه يمين فتدخل في عموم الآية.

ولأن الحلف بذلك يمين. فلم توجب كفارات؛ كسائر الأيمان.

ولأن إيجاب كفارات تفضي إلى منع الحالف من البر والتقوى والإصلاح بين الناس، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله:{ولا تجعلوا الله عُرضةً لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} [البقرة: 224].

وأما كون الحالف بذلك عليه بكل آية كفارة على روايةٍ؛ فلأن ابن مسعود قال ذلك (1).

وقال أحمد: ما أعلم شيئاً يدفعه.

(1) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (15946) 8: 472 كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بالقرآن والحكم فيه.

ص: 425

وعن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلفَ بالقرآن فعليهِ بكل آيةٍ كفارة يمين صَبْر. فمن شاءَ برَّ ومن شاءَ فجَر» (1). رواه الأثرم.

قال: (وإن قال: أحلف بالله، أو أشهد بالله، أو أقسم بالله، أو أعزم بالله كان يميناً. وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يميناً، إلا أن ينوي. وعنه: يكون يميناً).

[أما كون قول ما ذكر يميناً](2)؛ فلأن ذلك قد ثبت له حكم الشرع والاستعمال. قال الله تعالى: {فيقسمان بالله} [المائدة: 106]، وقال تعالى:{وأقسموا بالله} [الأنعام: 109]، وقال تعالى:{فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} [النور: 6].

وقال عبدالله بن رواحة:

أقمست بالله لتنزلنه

طائعة أو لتكرهنه

وأنشد أعرابيٌّ عمر:

أقسم بالله لتفعلنه

ولأنه لو قال: بالله ولم يقل: أقسمت كان يميناً. فإذا ضم إليه ما يؤكده كان أولى.

وأما كونه لا يكون يميناً إذا لم يذكر اسم الله على المذهب؛ فلأنه يحتمل القسم بالله ويحتمل القسم بغيره. فلم يكن يميناً؛ كغيره مما يحتملهما.

وأما كونه يميناً على روايةٍ؛ فلأنه ثبت له عرف الاستعمال. بدليل أن أبا بكر قال: «أقسمتُ عليكَ يا رسول الله! لتخبرني بما أصبتُ مما أخطأتُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُقسِم يا أبا بكر» (3). رواه أبو داود.

(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 43 كتاب الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى.

وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (15948) 8: 473 الموضع السابق.

(2)

زيادة يقتضيها السياق.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (3268) 3: 226 كتاب الأيمان والنذور، باب في القسم هل يكون يميناً.

وأخرجه الترمذي في جامعه (2293) 4: 542 كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الميزان والدلو.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (3918) 2: 1289 كتاب تعبير الرؤيا، باب تعبير الرؤيا.

ص: 426

وقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: «أقسمتُ عليكَ يا رسول الله! لتُبايعنَّهُ. فبايعهُ النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أبررتُ قسمَ عمي ولا هِجرَة» (1)، وفي كتاب الله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله

-إلى قوله-: اتخذوا أيمانهم جنة} [المنافقون: 1 - 2]. فسماها يميناً، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم قسماً.

وأما كون ذلك يميناً مع النية؛ فلأن النية تصرف اللفظ إلى القسم بالله. فيجب جعله يميناً؛ كما لو صرح به.

إذا تقرر هذا فظاهر كلام المصنف رحمه الله يقتضي أنه إذا قال: أعزم عليك ولم يذكر القسم ونوى يكون يميناً.

وقال في المغني: إذا قال: أعزم لم يكن يميناً نوى أو لم ينو؛ لأنه لم يثبت لهذا اللفظ عُرف في الشرع ولا استعمال.

(1) أخرجه ابن ماجة في سننه (2116) 1: 683 كتاب الكفارات، باب إبرار المقسم.

وأخرجه أحمد في مسنده (15123) طبعة إحياء التراث.

ص: 427

فصل [في حروف القسم]

قال المصنف رحمه الله: (وحروف القسم: الباء والواو والتاء في اسم الله تعالى خاصة).

أما كون حروف القسم ما ذكر؛ فلأنها جاءت مستعملة فيه في الكتاب والسنة وكلام العرب.

وأما كون الباء أولها؛ فلأنها هي الأصل، وتدخل على المظهر والمضمر جميعاً.

وأما كون الواو بعدها؛ فلأنها بدل الباء، وتدخل على المظهر دون المضمر. وبه جاءت أكثر الأقسام في الكتاب والسنة.

وأما كون التاء بعد الواو؛ فلأنها بدل منها. وتختص باسم الله تعالى.

قال: (ويجوز القسم بغير حرف القسم فيقول: الله لأفعلن بالجر والنصب. فإن قال: الله لأفعلن مرفوعاً كان يميناً؛ إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوي اليمين).

أما كون القسم بغير حرف القسم يجوز جراً ونصباً. والمراد به انعقاد اليمين بذلك؛ فلأن عرف الاستعمال في الشرع واللغة قد ورد بذلك: أما الشرع؛ فما روي: «أن ابن مسعود لما أَخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل أبا جهل قال له النبي صلى الله عليه وسلم: آلله! إنكَ قتلته. قال: آلله إني قتلته» (1).

وما روي أنه: «قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة لما طلق امرأته: آلله! ما أردتَ إلا واحدة» (2).

(1) أخرجه أحمد في مسنده (4246) 1: 444.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (2208) 2: 263 كتاب الطلاق، باب في البتة.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2051) 1: 661 كتاب الطلاق، باب طلاق البتة. كلاهما عن عبدالله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده.

ص: 428

وأما في اللغة فقال امرؤ القيس:

فقلت يمين الله أبرح قاعداً

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

وقال آخر:

فقلت يمين الله ما لك حيلة

وأن أرى عنك الغواية تنجلي

وأما كون قول: اللهُ لأفعلن مرفوعاً يميناً إذا لم يكن قائله من أهل العربية ولا نوى اليمين؛ فلأن ذلك يمين في عرف العوام، ولم يوجد ما يصرفه عن ذلك. فوجب كونه يميناً؛ كالقَسَم المحض.

وقال المصنف في المغني: لا يكون يميناً قياساً على ما لو كان القائل من أهل العربية.

وأما كونه لا يكون يميناً إذا كان من أهل العربية ولم ينو اليمين؛ فلأن ذلك ليس بيمين في عرف أهل اللغة، ولا نواها.

وأما كونها يميناً إذا نواها؛ فلأنه قصد القسم. أشبه ما لو جر.

ولأن احتمال غير القسم ينفي إرادة القسم فيصير القسم متمحضاً. أشبه ما لو حلف بلفظ يحيط به.

قال: (ويكره الحلف بغير الله تعالى. ويحتمل أن يكون محرماً. ولا تجب الكفارة باليمين به سواء أضافه إلى الله؛ مثل قوله: ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته، أو لم يضفه؛ مثل: والكعبة وأبي. وقال أصحابنا: تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة).

أما كون الحلف بغير الله تعالى يكره على المذهب؛ فلأن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «إن الله ينهاكمْ أن تحلفوا بآبائكم. فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمُت» (1).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6270) 6: 2449 كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1646) 3: 1267 كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى.

ص: 429

وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: «من حلفَ بغير اللهِ فقد أشرَك» (1) مع ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله للأعرابي السائل عن الصلاة: «أفلحَ وأبيهِ إن صَدَق» (2)، ومن قوله لأبي العشراء الدارمي:«وأبيكَ لو طعنتَ في فَخِذِهَا لأجزَأك» (3) يدل عليه؛ لأن الأول يدل على طلب العدم والثاني في جواز الفعل وذلك شأن المكروه.

وأما كونه يحتمل أن يكون محرماً؛ فلما تقدم من ظاهر النهي.

وأما كون الكفارة لا تجب باليمين بما ذكر؛ فلأن الكفارة وجبت في الحلف باسم الله تعالى صيانة للاسم المعظَّمِ وغيرُ ذلك لا يساويه. فلم تجب الكفارة بالحلف به.

وأما كون ذلك كذلك سواء أضافه إلى الله كما تقدم أو لم يضفه؛ فلاشتراكهما في الحلف بغير الله.

وأما كونها تجب بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم على قول بعض أصحابنا؛ فلأنه أحد شرطي الشهادة. فالحلف به موجب للكفارة؛ كالحلف باسم الله.

والأول أولى؛ لما تقدم.

ولأن الحلف به حلف بنبي. فلم يوجب الكفارة؛ كالحلف بغيره من الأنبياء.

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (1535) 4: 110 كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (11) 1: 41 كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام.

وأخرجه أبو داود في سننه (3252) 3: 223 كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء.

(3)

أخرجه أحمد في مسنده (18468) طبعة إحياء التراث.

ص: 430

فصل [في شروط وجوب الكفارة]

قال المصنف رحمه الله: (ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط:

أحدها: أن تكون اليمين منعقدة. وهي: التي يمكن فيها البر والحنث. وذلك الحلف على مستقبل ممكن).

أما كون الكفارة يشترط لوجوبها ثلاثة شروط؛ فلما يذكر بعد فيها.

وأما كون أحدها: أن تكون اليمين منعقدة؛ فلأن غير المنعقدة إما غموس أو مثلها، وإما لغو. ولا كفارة في واحدة منهما؛ لما يأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وأما كون اليمين المنعقدة هي التي يمكن البر فيها والحنث؛ فلأن اليمين للحنث لا تقع، والتي لا يمكن فيها البر والحنث لا حنث فيها.

وأما كون التي يمكن فيها البر والحنث الحلف على مستقبل ممكن؛ فلأن الماضي لا يمكن الوفاء بالمحلوف عليه فيه، وغير الممكن لا يمكن ذلك فيه.

وفي المستقبل احتراز عن الحلف على الماضي. وفي الممكن احتراز عن الحلف على المستحيل.

ص: 431

قال: (فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة. وهي نوعان:

يمين الغموس. وهي: التي يحلف بها كاذباً عالماً بكذبه. وعنه: فيها الكفارة. ومثلها الحلف على مستحيل؛ كقتل الميت وإحيائه، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.

والثاني: لغو اليمين. وهو: أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه. فلا كفارة فيها).

أما كون اليمين على الماضي ليست منعقدة؛ فلأن شرط الانعقاد إمكان البر والحنث، وذلك في الماضي متعذر.

وأما كون اليمين على الماضي نوعين؛ فلأن الحالف تارة يعلم كذب نفسه ويسمى يمينه الغموس؛ لغمسها صاحبها في الإثم، وتارة يظن صدقها ويسمى يمينه لغو اليمين فتنوعت بحسب العلم والظن.

وأما كون اليمين الغموس لا كفارة فيها على المذهب؛ فلما روي عن ابن مسعود أنه قال: «كنا نعد اليمين (1) التي لا كفارة فيها اليمين الغموس» .

ولأن اليمين الغموس من الكبائر بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الكبائرُ: الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، وقتلُ النفس، واليمينُ الغموس» (2). رواه البخاري.

والكبيرة لا تمحوها الكفارة.

وأما كونها فيها الكفارة على روايةٍ؛ فلأنها تجمع الحلف بالله تعالى والمخالفة مع القصد. فوجبت الكفارة فيها؛ كالمستقبلة.

وأما كون الحلف على المستحيل؛ كقتل الميت وإحيائه، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه مثل يمين الغموس في كونها ليست منعقدة ولا كفارة فيها على ما فيها من الخلاف؛ فلاشتراكهما في عدم إمكان البر فيهما.

وقال القاضي: تنعقد موجبة للكفارة في الحال؛ لأنه حلف على فعل هو في المستقبل ولم يفعل فحنث؛ كما لو حلف ليطلقن زوجته فمات قبل طلاقها.

(1) في د: من اليمين. وما أثبتناه من الشرح الكبير 11: 180.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (6298) 6: 2457 كتاب الأيمان والنذور، باب اليمين الغموس.

ص: 432

وأما كون لغو اليمين كما ذكر المصنف رحمه الله؛ فلأن الحالف معذور بظنه.

وذكر في المغني أنها على نوعين:

أحدهما: ما ذكره هنا وهو: أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه.

والثاني: أن يجري الحلف على لسانه من غير قصد، وفي الحديث عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -يعني اللغو في اليمين- هو: كلامُ الرجل في بيتهِ: لا والله وبلى (1) والله» (2) أخرجه أبو داود.

وأما كون لغو اليمين لا كفارة فيها؛ فلأن الله تعالى قال: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان} [المائدة: 89].

ولأن ذلك يكثر. فلو وجبت فيه الكفارة لشق وضر، وذلك منتفٍ شرعاً.

(1) في د: بلى. وما أثبتناه من السنن.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (3254) 3: 223 كتاب الأيمان والنذور، باب لغو اليمين.

ص: 433

فصل [الشرط الثاني]

قال المصنف رحمه الله: (الثاني: أن يحلف مختاراً. فإن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه. وإن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد إليها؛ كقوله: لا والله وبلى (1) والله في عرض حديثه فلا كفارة عليه).

أما كون الثاني من شروط الكفارة أن يحلف الحالف مختاراً؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عُفيَ لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (2).

وأما كون من حلف مكرهاً لا ينعقد يمينه؛ فلأنه مكره عن قولها. فلم يتعلق بها شيء؛ كالعتق، وطلاق زوجته، وبيع داره، وغير ذلك من صور الإكراه.

وأما كون من سبق اليمين على لسانه كما ذكر المصنف لا كفارة عليه على ما ذكره في المغني: فلعل كونها لغو اليمين، وعلى ظاهر كلامه هنا؛ فلأن السبق في معنى الإكراه. فوجب أن لا يكون عليه كفارة؛ كالمكره.

ولما ذكره المصنف رحمه الله هنا أصل في الصيام وهو أن من تمضمض فسبق الماء إلى جوفه لا يفطر؛ لأن سبق الماء في منزلة الإكراه على الشرب.

وأما قول المصنف رحمه الله: كقوله: لا والله وبلى والله في عرض حديثه؛ فتفسير لسبق اليمين على لسان الحالف.

(1) في د: بلى. وما أثبتناه من المقنع.

(2)

أخرجه ابن ماجة في سننه (2043) 1: 659 كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي.

ص: 434

فصل [الشرط الثالث]

قال المصنف رحمه الله: (الثالث: الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله، مختاراً ذاكراً. وإن فعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة عليه. وعنه: على الناسي كفارة).

أما كون من شروط وجوب الكفارة الحنث في يمينه؛ فلأن من لم يحنث لا كفارة عليه؛ لكونه لم يهتك حرمة القسم.

وأما كون الحنث في اليمين أن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله؛ فلأن الحنث الإثم، ولا وجود لذلك إلا بما ذكر.

وأما كون الحانث مختاراً ذاكراً؛ فلأن غير المختار المكره، وغير الذاكر الناسي. وسيأتي ذكرهما.

وأما كون من فعل ما تقدم ذكره مكرهاً لا كفارة عليه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عُفيَ لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهُوا عليه» (1).

ولأن فعل المكره لا يُنسَبُ إليه. فلم يكن عليه كفارة؛ كما لو لم يفعله.

وقال أبو الخطاب: الإكراه كالنسيان؛ لشمول الحديث لهما.

والأول أولى؛ لأن الحديث وإن شملهما إلا أن المكره لا ينسب إليه الفعل. بخلاف النسيان.

وأما كون من فعل ما تقدم ذكره ناسياً لا كفارة عليه على المذهب؛ فلما تقدم.

ولأن الكفارة تجب لرفع الإثم، ولا إثم على الناسي.

وأما كونه عليه كفارة على روايةٍ؛ فلأن الفعل ينسب إليه في الجملة. أشبه الذاكر.

(1) سبق تخريجه قريباً.

ص: 435

والأول أصح.

والفرق بين الناسي والذاكر ظاهر فلا قياس مع الفرق.

قال: (وإن حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلاً باليمين).

أما كون من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك؛ فلأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «منْ حلفَ فقال: إن شاء الله فقد استثنى» (1). رواه أبو داود.

وفي روايةٍ للترمذي: «فقال: إن شاء الله لم يحنَث» (2).

وفي روايةٍ لأبي داود: «فإن شاء رجع وإن شاء ترك» (3).

وأما كون قول: إن شاء الله متصلاً؛ فلأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «منْ حلفَ فاستثنى» (4) يقتضي كونه عقيبه.

ولأن الاستثناء من تمام الكلام. فاعتبر اتصاله به؛ كالشرط.

فإن قيل: ما المراد باتصال ذلك؟

قيل: أن لا يكون بينه وبين الحلف كلام أجنبي ولا سكوت يمكن الكلام في مثله.

قال: (وإذا حلف ليفعلن شيئاً ونوى وقتاً بعينه تقيّد به. وإن لم ينو لم يحنث حتى ييأس من فعله إما بتلف المحلوف عليه أو موت الحالف ونحو ذلك).

أما كون من حلف بما ذكر ونوى وقتاً بعينه يتقيّد به؛ فلأن النية تصرف ظاهر اللفظ إلى غير الظاهر. فلأن تصرفه من وقت إلى وقت بطريق الأولى.

ولأن النية تُعيّن المراد. فلا يحصل بفعل الشيء في غير المنوي هتك القسم؛ لعدم قصده بالقسم.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (3261) 3: 225 كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين.

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (1532) 4: 108 كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين.

(3)

هو جزء من الحديث الآتي.

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (3262) 3: 225 كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين.

ص: 436

وأما كون من لم ينو لا يحنث حتى يُيأس من فعله؛ فلأن المحلوف على فعله لم يتوقت بوقت معين وفعله بعد ممكن. فلم تحصل مخالفة ما حلف عليه، وذلك يوجب عدم الحنث؛ لأن شرطه المخالفة.

قال: (وإذا حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها استحب له الحنث والتكفير. ولا يستحب تكرار الحلف).

أما كون من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها يستحب له الحنث والتكفير؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلفَ على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتِ الذي هو خيرٌ وليكفر عن يمينه» (1). أمر وأدنى أحواله الاستحباب.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني والله! إن شاء الله لا أحلفُ على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحللتُها» (2) متفق عليهما.

وعن عائشة رضي الله عنها «أن أبا بكر لم يكن يحنثُ في يمين حتى أنزلَ الله كفارةَ الأيمان فقال: لا أحلفُ على يمين فرأيتُ غيرها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وكفرتُ عن يميني» (3) أخرجه البخاري.

وأما كون تكرار الحلف لا يستحب؛ فلأن التكرار قد يكثر بحيث يصير مكروهاً كقوله تعالى: {ولا تطع كل حلافٍ مَهين} [القلم: 10].

فإن قيل: فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر اليمين. من ذلك: ما روي «أنه قال في خطبة الكسوف: واللهِ! يا أمةَ محمدٍ ما منْ أحدٍ أغيرُ من اللهِ عز وجل أن يزني عبدهُ أو تزني أمتهُ. والله! يا أمةَ محمد لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحكتمْ قليلاً ولبكيتمْ كثيراً» (4).

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6248) 6: 2443 كتاب الأيمان والنذور. نحوه.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1650) 3: 1272 كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يميناً

(2)

سبق تخريجه ص: 429.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (6247) 6: 2443 كتاب الأيمان والنذور.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (997) 1: 354 كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف.

وأخرجه مسلم في صحيحه (901) 2: 618 كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف.

ص: 437

ومنه: ما روي «أن امرأةً أنصاريةً أتته ومعها أولادها. فقال: والذي نفسي بيدهِ! إنكمْ لأحَبُّ الناس إليّ. قالها ثلاث مرات» (1) متفق عليهما.

ومنه: أنه قال: «لأغزُونَّ قُريشاً» (2).

قيل: ذلك دليل الجواز لا دليل الاستحباب؛ لأنه لو كان مستحباً لكانت الصحابة تكثر منه؛ لأنهم كانوا يكثرون من فعل المستحب.

ومفهوم كلام المصنف رحمه الله أن تكرار الحلف لا يكره وصرح به في المغني وشرط في ذلك أن لا يبلغ إلى حد الإفراط.

ووجهه: ما تقدم من الأحاديث.

قال: (وإن دُعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب افتداء يمينه، فإن حلف فلا بأس).

أما كون من دُعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق يستحب افتداء يمينه؛ فلما روي «أن عثمان والمقداد تحاكما إلى عمر في مال استقرضه المقداد. فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان. فقال عمر: لقد أنصفك. فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف. فقيل له في ذلك. فقال: خفت أن يوافق قدرَ بلاء فيقال: يمين عثمان» .

وأما كونه إذا حلف لا بأس؛ فـ «لأن عمر وأُبيّاً تحاكما إلى زيد في نخل ادعاه أبيّ. فتوجهت اليمين على عمر. فقال زيد: اعف أمير المؤمنين. فقال عمر: ولم تُعف (3) أمير المؤمنين؟ إن عرفتُ شيئاً استحققته بيميني وإلا تركته. والله الذي لا إله إلا هو إن النخل لنخلي وما لأبيّ فيه حق. فلما خرجا وهبَ النخل لأبيّ. فقيل له: هلا كان هذا قبل اليمين؟ قال: خفتُ أن لا أحلفَ فلا

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6269) 6: 2449 كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (2509) 4: 1948 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار رضي الله تعالى عنهم.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (3285) 3: 231 كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت.

(3)

في د: تعفي.

ص: 438

فصل [فيمن حرم حلالاً]

قال المصنف رحمه الله: (وإن حرّم أمته أو شيئاً من الحلال لم يحرم وعليه كفارة يمين إن فعله. ويحتمل أن يحرم تحريماً تزيله الكفارة).

أما كون من حرم ما ذكر لا يحرم على المذهب؛ فلأن الله تعالى سمى ذلك يميناً فقال: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك

-إلى قوله-: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: 1 - 2].

وعن ابن عباس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلَ تحريمَ الحلال يميناً» . واليمينُ على الشيء لا يحرّمُه فكذا إذا حرّمه.

وأما كونه عليه كفارة يمين إن فعله؛ فلأن الله تعالى فرض في ذلك تحلة اليمين، وهي كفارته.

وأما كون التحريم المذكور يحتمل أن يحرم تحريماً تُزيله الكفارة؛ فلأنه حرّم ما أحله الله له. فحرم التحريم المذكور؛ كما لو ظاهر من زوجته.

قال: (وإن قال: هو يهودي أو كافر، أو بريء من الله تعالى أو من الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم إن فعل ذلك فقد فعل محرّماً، وعليه كفارة إن فعل في إحدى الروايتين. وإن قال: أنا أستحل الزنى ونحوه فعلى وجهين.

وإن قال: عصيت الله، أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني، أو محوت المصحف إن فعلت فلا كفارة فيه).

أما كون من قال: هو يهودي أو كافر إن فعل ذلك فقد فعل محرّماً؛ فلما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلفَ بملةٍ غير الإسلام مُتعمداً فهو كما قال» (1) متفق عليه.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (1297) 1: 459 كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس.

وأخرجه مسلم في صحيحه (110) 1: 105 كتاب الإيمان، باب غلظ قتل الإنسان نفسه

ص: 440

وأما كون من قال: هو بريء من الله إن فعل ذلك فقد فعل محرّماً؛ فلأنه أبلغ من قوله: هو بريء من الإسلام، ومن قال ذلك فقد فعل محرماً. فلأن يكون كذلك فيما هو أبلغ منه بطريق الأولى.

وأما كون من قال: هو بريء من الإسلام فقد فعل محرّماً؛ فلما روى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف أنه بريء من الإسلام فإن كان قد كذب فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلم يرجع إلى الإسلام سالمًا» (1). رواه النسائي وابن ماجة.

وأما كون من قال: هو بريء من القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعل محرّماً؛ فلأنه يساوي من قال: هو بريء من الإسلام معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.

وأما كون من قال شيئاً من ذلك عليه كفارة في روايةٍ؛ فلأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه سُئلَ عن الرجل يقول: هو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، أو بريء من الإسلام في اليمين يحلف بها فيحنث في هذه الأشياء؟ فقال: عليه كفارة يمين» (2).

ولأن قوله هذه الأشياء يوجب هتك الحرمة. فكان يمينًا؛ كالحلف بالله.

وأما كونه لا كفارة عليه في روايةٍ؛ فلأنه لم يحلف باسم الله ولا صفته. فلم يلزمه كفارة؛ كما لو قال: عصيت الله فيما أمرني.

وأما كون من قال: أنا أستحل الزنى ونحوه على وجهين؛ فلأنه يشارك ما تقدم من قوله: هو يهودي في كونه موجباً لهتك الحرمة.

وأما كون من قال: عصيت الله، أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني، أو محوت المصحف إن فعلت لا كفارة فيه؛ فلأن هذه الأشياء لا نص فيها يقتضي

(1) أخرجه أبو داود في سننه (3258) 3: 224 كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام.

وأخرجه النسائي في سننه (3772) 7: 4 كتاب الأيمان والنذور، الحلف بالبراءة من الإسلام.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2100) 1: 679 كتاب الكفارات، باب من حلف بملة غير الإسلام.

وأخرجه أحمد في مسنده (23056) 5: 355.

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 30 كتاب الأيمان، باب من حلف بغير الله ثم حنث.

ص: 441

الوجوب ولا هي في معنى ما تقدم. فوجب أن يبقى الحالف بها على البراءة الأصلية.

قال: (وإن قال: عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء. وعنه: عليه كفارة إن حنث).

أما كون قول من قال ذلك ليس بشيء على المذهب؛ فلأنه لو قال: عبد فلان حر من غير تعليق لم يكن شيئاً. فكذلك إذا علقه؛ لأن تعليق الشيء بالشرط أثره في أن يصير عند الشرط كالمطلق، وإذا لم يكن المطلق شيئاً فكذلك المعلق.

وأما كونه عليه كفارة إن حنث أي إن فعل ما حلف عليه فكما لو قال: لله عليّ أن أعتق فلاناً إن فعلت.

والأول أصح؛ لما تقدم.

والفرق بين قوله: عبد فلان حر إن فعلت وبين قوله: لله عليّ أن أعتق فلاناً إن فعلت من حيث إن الأول: إيقاع للعتق في عبد فلان إن فعل وهو لا يملكه. والثاني: التزام بإعتاقه إن فعل وهو يملكه.

قال: (وإن قال: أيمان البيعة تلزمني، فهي يمين رتبها الحجاج تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال، فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها، وإلا فلا شيء عليه. ويحتمل أن لا تنعقد بحال إلا في الطلاق والعتاق).

أما كون أيمان البيعة هي ما ذكر؛ فلأن البيعة كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمصافحة. فلما ولي الحجاج رتَّبها أيماناً تشتمل على اسم الله تعالى والطلاق والعتاق والحج وصدقة المال ذكره المصنف في المغني ولم يذكر هاهنا الحج.

وأما كون الحالف بها إذا كان يعرفها ونوى موجبها تنعقد يمينه بالطلاق والعتاق؛ فلأنهما ينعقدان بالكناية، وأسوأ ما يقدر هنا أنه كناية.

وأما كونه تنعقد يمينه بالله وصدقة المال والحج على المذهب؛ فلأنها يمين مشتملة على أشياء ينعقد بعضها فانعقدت في باقيها قياساً للبعض على البعض.

وأما كونه يحتمل أن لا تنعقد بذلك؛ فلأن ذلك إنما ينعقد بالكناية ولا تدخل لها فيما ذكر. وفي كلام المصنف رحمه الله إشعار بأمرين:

ص: 442

أحدهما: أن من يعرفها ولا ينويها لا تنعقد يمينه في شيء من ذلك؛ لأن الكناية تفتقر إلى النية ولا وجود لها هاهنا.

وثانيهما: أن من لا يعرفها لا تنعقد يمينه في شيء من ذلك؛ لأنه إذا عرفها ولم ينوها لا تنعقد يمينه في ذلك. فلأن لا تنعقد يمين من لا يعرفها بطريق الأولى.

فإن قيل: ما الحكم إذا لم يعرفها ونوى مُوجبها؟

قيل: قال المصنف رحمه الله في المغني: سئل أبو القاسم الخرقي رضي الله عنه عن أيمان البيعة فقال: ليست فيها شيء، ثم قال: إلا أن يلتزم الحالف بها جميع ما فيها من الأيمان. فقال السائل: عرفها أم لم يعرفها؟ فقال: نعم.

وظاهر كلام المصنف هنا: لا بد من معرفتها ونيتها؛ لما تقدم.

قال: (وإن قال: عليّ نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله فقال أصحابنا: عليه كفارة يمين).

أما كون من قال: عليّ نذر إن فعلت كذا وفعله عليه كفارة يمين؛ فلأن موجب النذر موجب اليمين وقد أخبر أنه عليه نذر. فوجب أن تجب عليه الكفارة؛ كما لو قال: لله عليّ كفارة.

وأما كون من قال: عليّ يمين إن فعلت كذا وفعله (1) عليه كفارة يمين؛ فلأن فعل الشيء المحلوف على تركه يوجب الكفارة وقد أخبر أنه فعل المحلوف عليه.

(1) زيادة يقتضيها السياق.

ص: 443

فصل في كفارة اليمين

قال: (وهي تجمع تخييراً وترتيباً. فيخير فيها بين ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. والكسوة للرجل: ثوب يجزئه أن يصلي فيه. وللمرأة: درع وخمار. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده. ولا يجوز تقديمها على اليمين).

أما كون كفارة اليمين تجمع تخييراً وترتيباً؛ فلأنها يخير فيها بين الإطعام والكسوة والعتق. والترتيب فيها بين ذلك وبين الصيام.

وأما كونه يخير فيها بين الثلاثة الأشياء المذكورة؛ فلأن الله تعالى قال: {فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة} [المائدة: 89]. ذكر ذلك بلفظ: "أو" وهي للتخيير.

وأما كونها يرتب فيها بين ذلك وبين الصيام؛ فلأن الله تعالى قال: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} [المائدة: 89]. ذكره بلفظ: {فمن لم يجد} وذلك يقتضي الترتيب.

وأما كون الكسوة للرجل ثوباً يجزئه أن يصلي فيه، وللمرأة درعاً وخماراً؛ فلأن ما دون ذلك لا يجزئ لابسه في الصلاة، ويسمى عرياناً شرعاً. فوجب أن لا يجزئ.

فإن قيل: لم ذكر المصنف رحمه الله مقدار الكسوة دون الإطعام؟

قيل: لأن مقدار الإطعام قد سبق في كفارة الظهار. بخلاف الكسوة فإنها لا مدخل لها فيه.

وأما كون من لم يجد الإطعام والكسوة والعتق يصوم ثلاثة أيام؛ فلأن الله تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} [المائدة: 89].

ص: 444

وأما كون الأيام متتابعة؛ فلأن في قراءة ابن مسعود: " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " وذلك إن لم يكن قرآناً فهو خبر؛ لأنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم خبراً ظنه قرآناً.

ولأن الصوم في الكفارة صوم في كفارة. فوجب التتابع فيه؛ كصوم الظهار والقتل.

وأما كون من وجب عليه التكفير بشيء مما ذكر إن شاء فعله قبل الحنث وإن شاء بعده؛ فلأن كلاً منهما قد ورد. فروي عنه أنه قال: «لا أحلفُ على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرتُ عن يميني وأتيتُ الذي هو خير» (1).

وفي لفظ: «إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحللتُها» (2) متفق عليهما.

وعن عبدالرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبدالرحمن! إذا حلفتَ على يمين فرأيتَ غيرها خيرًا منها فكفرْ عن يمينكَ ثم ائت الذي هوَ خير» (3). رواه أبو داود.

وفي رواية: «فكفرْ عن يمينكَ. وائتِ الذي هو خير» (4).

وفي رواية: «فائتِ الذي هو خيرٌ. وكفرْ عن يمينك» (5). متفق عليهما.

وأما كونه لا يجوز تقديم الكفارة على اليمين؛ فلأنه تقديم للحكم قبل سببه. فلم يجز؛ كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب، أو كفارة القتل قبل الجرح.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6340) 6: 2470 كتاب كفارات الأيمان، باب الاستثناء في الأيمان.

(2)

سبق تخريجه ص: 429.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (3278) 3: 229 كتاب الأيمان والنذور، باب الرجل يكفر قبل أن يحنث.

وأخرجه النسائي في سننه (3784) 7: 4 كتاب الأيمان والنذور، الكفارة قبل الحنث.

وأخرجه أحمد في مسنده (20647) 5: 63.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (6248) 6: 2443 كتاب الأيمان والنذور.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1652) 3: 1273 كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يميناً

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه (6343) 6: 2472 كتاب كفارات الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث وبعده.

وأخرجه مسلم في الموضع السابق.

ص: 445

قال: (ومن كرَّرَ أيماناً قبل التكفير فعليه كفارة واحدة. وعنه: لكل يمين كفارة. والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة. وإن كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفارة. وإن كانت الأيمان مختلفة الكفارة؛ كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها).

أما كون من كرر أيماناً قبل التكفير عليه كفارة واحدة على الأول؛ فلأن الكفارة حدود بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الحدودُ كفاراتٌ لأهلِها» (1). فوجب أن تتداخل؛ كالحدود.

وأما كونه عليه لكل يمين كفارة على روايةٍ؛ فلأن كل واحدةٍ منهن مثل الأولى.

وأما كون الظاهر أن الأيمان إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة، وإن كانت على أفعال فلكل يمين كفارة؛ فلأنها إذا كانت على فعل واحد متى حنث في إحداها حنث في غيرها فتكون بمنزلة يمين واحدة وعليه فيها كفارة واحدة فكذلك فيما هو بمنزلتها. بخلاف الأيمان على أفعال فإنه لا يكون كذلك فيكون ذلك بمنزلة أيمان مختلفة وعليه فيها كفارات فكذلك فيما هو بمنزلتها.

وفي كلام المصنف رحمه الله إشعار بأن الخلاف المذكور لا يجري في تكرير الأيمان بعد التكفير. وهو صحيح؛ لأن اليمين الأولى كفرتها ثم حصلت اليمين بعدها. فوجب أن يرتب عليها كفارتها؛ كالأولى.

ولأن الحدود تتعدد بتعدد موجبها إذا استوفي الأول قبل فعل الثاني فكذلك هاهنا.

وأما كون الأيمان إذا كانت مختلفة وجب لكل فعل حده. فكذلك الأيمان.

(1) أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: «

ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له

» (18) 1: 15 كتاب الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1709) 3: 1333 كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها.

ص: 446

قال: (وكفارة العبد الصيام، وليس لسيده منعه منه. ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار).

أما كون كفارة العبد الصيام؛ فلأن ذلك كفارة الحر المعسر، وهو أحسن حالاً من العبد.

وأما كون السيد ليس له منع عبده من التكفير بالصيام؛ فلأنه صيام واجب عليه. فلم يكن لسيده منعه منه؛ كصوم رمضان وقضائه.

وأما كون من نصفه حر حكمه في الكفارة حكم الأحرار؛ فلأنه إذا كان قادراً على الإطعام أو الكسوة أو العتق لا يكون داخلاً في قوله تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} [المائدة: 89]. فلا يجزئه الصيام؛ لأنه واجد.

ولأن من نصفه حر يملك ملكاً تاماً. أشبه الحر الكامل.

ص: 447