الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا
(ش)(رجال الحديث)
(قوله ابن المثنى) هو محمد
(قوله حدثنا أبى) هو جرير في حازم
(قوله عمران بن أبى أنس) المصرى قيل اسم أبيه عبد العزيز بن شرحبيل بن حسنة العامرى ويقال مولى أبى خراش السلمى. روى عن أبى هريرة وسهل بن سعد وعبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى وعروة بن الزبير وكثيرين. وعنه ابن إسحاق والليث بن سعد ويونس بن يزيد والوليد بن أبى الوليد وغيرهم. وثقه أحمد وأبو حاتم وابن إسحاق وابن معين والنسائى والعجلى وابن حبان توفى بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة، روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى
(قوله عبد الرحمن بن جبير المصرى) الفقيه الفرضى المؤذن العامرى مولى خارجة بن حذافة. روى عن ابن عمرو وعقبة بن عامر وأبى الدرداء وعمرو بن العاصي وغيرهم. وعنه كعب بن علقمة وعمران بن أبى أنس وعقبة بن مسلم ويزيد بن أبى حبيب وآخرون. وثقه النسائى ويعقوب ابن سفيان وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن يونس كان فقيها عالما بالقراءة. توفى سنة سبع أو ثمان وتسعين. روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى
(معنى الحديث)
(قوله احتلمت) أى أصابتنى جنابة (قال) السيوطى يردّ بهذا على من يقول من الصوفية إذا احتلم المريد أدبه الشيخ فلا أحد أتقى وأصلح ولا أورع من الصحابة وقد ذكر هذا لسيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يقل له شيئا وما عصم من الاحتلام إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اهـ
(قوله في
غزوة ذات السلاسل)
بفتح السين المهملة الأولى على المشهور وقيل بضمها كانت بموضع وراء وادى القرى بينه وبين المدينة عشرة أميال. سميت بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم ببعض خشية أن يفرّوا وقيل سميت بماء بأرض جذام يقال له السلسل وكانت هذه الغزوة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة (وحاصل) قصتها أن جمعا من قضاعة تجمعوا وأرادوا الدنوّ من أطراف المدينة فدعا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عمرو بن العاصى وأرسله في ثلثمائة فلما قرب منهم بلغه أن لهم جمعا كثيرا فبعث إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستمدّه فبعث إليه أبا عبيدة ابن الجرّاح في مائتين فيهم أبو بكر وعمر فحمل عليهم المسلمون فهربوا وتفرقوا "وقد أشار" إلى هذه القصة الشيخان في حديث عن أبى عثمان النهدى قال بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عمرو بن العاصى على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت أىّ الناس أحب إليك قال عائشة قلت ومن الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر فعدّ رجلا فسكتّ مخافة أن يجعلني في آخرهم
(قوله
(ص) فأشفقت) من الإشفاق يقال أشفقت أشفق إشفاقا وشفقت أشفق شفقا من بابي ضرب وعلم أى خفت
(قوله إن اغتسلت أن أهلك) وفي نسخة أن أغتسل فأهلك بكسر اللام من باب ضرب أى أموت من شدّة البرد
(قوله ولا تقتلوا أنفسكم) أى بارتكاب ما يؤدّى إلى هلاكها في الدنيا والآخرة كزنا المحصن وقتل النفس بغير حق
(قوله إن الله كان بكم رحيما) حيث أرشدكم إلى ما فيه صلاحكم في الدنيا والآخرة (وبهذا) الحديث احتج من قال بجواز التيمم للمسافر الذى يخاف البرد وإن كان واجدا للماء وهو قول الجمهور ويلحق به المقيم لوجود العجز حقيقة ولا إعادة عليه (وعند) الشافعى إذا خاف على نفسه التلف من شدّة البرد تيمم وصلى وأعاد كل صلاة صلاها (وقال) عطاء والحسن يغتسل وإن مات وهو مقتضى قول ابن مسعود لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا. ويردّه الحديث وقوله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج"
(فقه الحديث) دلّ الحديث على وقوع الاجتهاد في زمن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى طلب رفع ما يشكل إلى الرئيس للوقوف على الحقيقة، وعلى أنه يطلب ممن رفعت إليه دعوى أن يسأل المدّعي عليه ولا يكتفى بدعوى الخصم، وعلى مشروعية دفاع المدّعي عليه بما يصلح دليلا مسوغا لما فعله، وعلى أنه يطلب من الحاكم أن يظهر قبول ما أبداه المدّعي عليه من الأدلة إذا كان حقا، وعلى أن سكوت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إقرار فيكون دليلا على الحكم، وعلى أنه يباح التيمم لعدم إمكان استعمال الماء وهو الفقد الحكمى كما يباح للفقد الحقيقي وهو يتحقق عند أبى حنيفة يبعد الماء قدر ميل وهو خمسة وخمسون وثمانمائة وألف متر. أما الفقد الحكمى فسببه المرض أو البرد الشديد أو خوف عدوّ أو عطش أو فقد آلة وكذا خوف خروج الوقت ولو الاختيارى عند مالك فيتيمم المحدث مطلقا لمرض خاف حصوله أو زيادته أو بطء برئه باستعمال الماء ولخوفه من البرد تلفا أو مرضا إن تطهر بالماء بشرط أن لا يقدر الجنب على تسخين الماء أو أجرة حمام ولم يجد ثوبا يدفئه ولا مكانا يأويه (قال) ابن رسلان لا يتيمم لشدّة. البرد من أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن مشقة الضرر كأن يغسل عضوا ويستره وكلما غسل عضوا ستره ودفأه من البرد فإن قدر على ذلك لزمه وإلا تيمم وصلى وهو قول أكثر العماء. اهـ ويتيمم لخوف عدوّ حال بينه وبين الماء إنسانا كان العدو أو غيره وسواء أخاف على نفسه أم ماله ولو وديعة. وقدّر عند أبى حنيفة بدرهم وعند مالك بما يزيد على ثمن ماء الطهارة لو اشتراه ويتيمم لخوف عطش ولو مآلا على نفسه أو حيوان محترم ولو كلبا غير عقور عند أبى حنيفة (واشترط) مالك أن يكون مأذونا في اتخاذه لحراسة أو صيد ويتيمم لفقد آلة طاهرة يستخرج بها الماء. ودلّ الحديث على أن من صلى بالتيمم بوجه جائز لا يعيد صلاته إذا قدر على استعمال الماء بعد ذلك وهو حجة على من يقول
بالإعادة لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يأمر سيدنا عمرا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بالإعادة وعلى جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم، وعلى أن التيمم لا يرفع الحدث لقول النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له صليت بأصحابك وأنت جنب، وعلى أن التمسك بالعمومات حجة صحيحة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الحاكم وابن حبان والبيهقي وحسنه المنذرى وعلقه البخارى بلفظ ويذكر أن عمرو بن العاصى أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" فذكر للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يعنفه
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ مِصْرِيٌّ مَوْلَى خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ، وَلَيْسَ هُوَ ابْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ
(ش) ساق المصنف هذا لبيان أن عبد الرحمن بن جبير المصرى ليس هو ابن جبير بن نفير دفعا لتوهم أنهما واحد.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصي، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصي كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. قَالَ:«فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ» ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ.
(ش)(رجال الحديث)
(قوله ابن وهب) هو عبد الله. و (ابن لهيعة) عبد الله
(قوله عن أبى قيس) اسمه عبد الرحمن بن ثابت. روى عن عمرو وعبد الله بن عمرو وأم سلمة وعنه ابنه عروة بن أبى قيس وعبد الرحمن بن جبير المصرى وبشر بن سعيد وعلى بن رباح ويزيد ابن أبى حبيب. يقال إنه رأى أبا بكر الصديق وكان أحد فقهاء الموالى الذين أدركهم يزيد بن أبى حبيب وذكره ابن حبان في الثقات وذكره يعقوب بن سفيان في ثقات المصريين وقال العجلى تابعى ثقة. مات سنة أربع وخمسين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله كان على سرية) بفتح فكسر فياء مشددة وهى طائفة من الجيش
يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدوّ فعيلة بمعنى فاعلة لأنها تسرى في خفية والجمع سرايا وسريات مثل عطية وعطايا وعطيات. وهذه السرية هى جيش غزوة ذات السلاسل المتقدمة
(قوله وذكر الحديث نحوه) أى ذكر أبو قيس نحو الحديث السابق ولفظه كما في الحاكم أن
عمرو بن العاصى كان على سرية وأنهم أصابهم برد شديد لم ير مثله فقال والله لقد احتلمت البارحة ولكنى والله ما رأيت بردا مثل هذا هل مرّ على وجوهكم مثله قالوا لا فغسل مغابنه إلخ ونحوه في البيهقى
(قوله قال فغسل مغابنه) أى قال أبو قيس فغسل عمرو بن العاصى مغابنه بالغين المعجمة وهي أصول الآباط والأفحاذ وغيرهما من مطاوى الأعضاء وما يجتمع فيه الوسخ والعرق (وقال) ابن الأثير المغابن جمع مغبن وزان مسجد من غبن الثوب إذا ثناه وعطفه وهى معاطف الجلد اهـ
(قوله فذكر نحوه) ولفظه كما في الحاكم والبيهقي فلما قدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كيف وجدتم عمرا في صحابته لكم فأثنوا عليه خيرا وقالوا يا رسول الله صلى بنا وهو جنب فأرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى عمرو فسأله فأخبره بذلك وبالذى لقى من البرد فقال يا رسول الله إن الله تعالى قال "ولا تقتلوا أنفسكم" ولو اغتسلت متّ فضحك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى عمرو
(قوله ولم يذكر التيمم) أى لم يذكر كل من ابن لهيعة وعمرو بن الحارث في حديثهما تيمم عمرو بن العاصى الذى ذكره محمد بن المثنى في روايته فظاهره يوهم أن عمرو بن العاصى صلى بهم بعد غسل المغابن والوضوء بلا تيمم لكن قد أخرج أحمد الحديث من طريق ابن لهيعة قال حدثنا حسن بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبى حبيب الخ السند ولم يذكر أبا قيس ولا فغسل مغابنه الخ وذكر التيمم كما في رواية يحيى بن أيوب (قال) البيهقى بعد ذكره الحديثين كما ذكرهما المصنف يحتمل أن يكون "يعنى عمرو بن العاصى" قد فعل ما نقل في الروايتين جميعا غسل ما قدر على غسله وتيمم للباقى اهـ
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى والدارقطني والحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والذى عندى أنهما عللاه بحديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب "يعنى الرواية السابقة" ثم قال حديث جرير بن حازم هذا لا يعلل حديث عمرو بن الحارث الذى وصله بذكر أبى قيس فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيت هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ فِيهِ:«فَتَيَمَّمَ»
(ش) أى رويت قصة عمرو بن العاصى المأخوذة من حديثى الباب عن عبد الرحمن الأوزاعي عن حسان بن عطية وفيها ذكر التيمم بعد قوله فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة وهذه الرواية لم نقف عليها في كتب الحديث. وساقها المصنف لتقوية ما في الحديث الأول من أن سيدنا عمرو بن العاصى تيمم من الجنابة بخلاف ما دلّ عليه الحديث الثانى من اقتصاره على