الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على كراهة تأخير صلاة العصر إلى الاصفرار، وعلى التصريح بذمّ من أخرّ صلاة العصر والحكم على صلاته بأنها صلاة المنافق ولا أقبح من هذا الوصف للمخالفين، وعلى التصريح بذمّ من صلى مسرعا بحيث لا يكمل الطمأنينة والخشوع والأذكار ودلّ بمفهومه على أن صلاة المؤمنين إنما تكون بالطمأنينة والخشوع والأذكار على الصفة الواردة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المشار إليها بقوله "صلوا كما رأيتموني أصلى" رواه البخارى (وبذلك) تزداد علما أن صلاة غالب أهل هذا الزمان ليست صلاة شرعية وإنما هي صلاة المنافقين نعوذ بالله تعالى من شرور نفوسنا وعمى البصيرة واستحواذ الشياطين
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والترمذى والنسائى والبيهقي
(باب التشديد في الذى تفوته صلاة العصر)
يعنى بخروج وقتها الجائز، وفي بعض النسخ إسقاط هذه الترجمة. والصواب إثباتها، وقد ترجم لهذا الحديث البخارى فقال باب إثم من فاتته صلاة العصر (قال) الحافظ في الفتح أشار المصنف بذكر الإثم إلى أن المراد بالفوات تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذر لأن الإثم إنما يترتب على ذلك
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ»
(ش)(قوله فكأنما وتر أهله وماله) بنصب الأهل على أنه مفعول ثان لوتر ومفعوله الأول ضمير نائب الفاعل العائد على الذى. ويجوز أن يكون منصوبا على نزع الخافض والمعنى على الأول نقص وسلب أهله وماله فيبقى بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله، وعلى الثاني أصيب في أهله وماله ويجوز أن يكون الأهل مرفوعا على أنه نائب فاعل وتر والمعنى فكأنما انتزع منه أهله وماله (قال) في الفتح الموتور من أخذ أهله أو ماله وهو ينظر إليه وذلك أشدّ لغمه فوقع التشبيه بذلك لمن فاتته الصلاة لأنه يجتمع عليه غمان غمّ الإثم وغمّ فقد الثواب كما يجتمع على الموتور غمان غمّ السلب وغمّ الطلب بالثأر (وقال) ابن عبد البر معناه عند أهل اللغة والفقه أنه كالذى يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترا والوتر الجناية التى يطلب ثأرها فيجتمع عليه غمان غمّ المصيبة وغم مقاساة طلب الثأر اهـ (وقال) الداودى معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقد أهله وماله فيتوجه عليه الندم والأسف بتفويته الصلاة اهـ (أقول) الكلّ محتمل ولا مانع من إرادة الجميع والمراد بفوات
العصر إخراجها عن وقتها بغروب الشمس وبه قال سحنون والأصيلى ويدلّ لذلك ما وقع في رواية عبد الرزاق لهذا الحديث عن ابن جريج عن نافع قلت لنافع حين تغيب الشمس قال نعم. وتفسير الراوى إذا كان فقيها أولى من غيره "وما سيأتي" للمصنف عن الأوزاعي من أن فواتها باصفرار الشمس "فلعله مبنىّ" على مذهبه في خروج وقت العصر كما نقله عنه الخطابى (وقال) المهلب ومن تبعه المراد فواتها في الجماعة لا فواتها باصفرار الشمس أو بمغيبها ولو كان بفوات وقتها كله لبطل اختصاصه بالعصر لأن ذهاب الوقت موجود في كل صلاة اهـ لكن نوقض بعين ما ادعاه لأن فوات الجماعة موجود أيضا في كل صلاة "وما قاله" من أن العصر اختصت بذلك لاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها "تعقبه" ابن المنير بأن الفجر كذلك فلا تختص العصر بتعاقب الملائكة قال والحق أن الله تعالى يختص ما شاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة (واختلف) أهذا الوعيد فيمن فاتته العصر ناسيا أم عامدا فقال سالم بن عبد الله بن عمر ذلك فيمن فاتته ناسيا (ومال إليه) الترمذى حيث بوّب لهذا الحديث فقال "باب ما جاء في السهو عن وقت العصر" وقال الداودى هذا فيمن فاتته عامدا واختاره النووى وهو الظاهر ويؤيده ما رواه البخارى في صحيحه من ترك صلاة العصر حبط عمله وزاد معمر في روايته متعمدا وكذا أخرجه أحمد من حديث أبى الدرداء (وقد أخذ) بظاهر هذا الحديث الإمام أحمد كما تقدم (وحمله الجمهور) على التغليظ والتنفير من تركها. وقيل معناه كاد أن يحبط عمله أو يحرم من ثواب عمله مدّة حتى يوفقه الله تعالى لعمل يدرك به ما فاته من الثواب (وظاهر) الحديث أن هذا التغليظ فيمن تفوته العصر خاصة (قال النووى) في شرح مسلم قال ابن عبد البر يحتمل أن يلحق بالعصر باقى الصلوات والعصر جاءت في سؤال سائل أو نبه بالعصر على غيرها. وإنما خصها بالذكر لأنها تأتى وقت تعب الناس ومقاساة أعمالهم وحرصهم على أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم (وفيما قاله نظر) لأن الشرع ورد في العصر ولم تتحقق العلة في هذا الحكم فلا يلحق بها غيرها بالشك والتوهم وإنما يلحق غير المخصوص بالمنصوص إذا عرفنا العلة واشتركا فيها اهـ (وقد يحتج) للعموم بما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق أبى قلابة عن أبى الدرداء مرفوعا من ترك صلاة مكتوبة حتى تفوته فكأنما وتر أهله وماله (قال) الحافظ في إسناده انقطاع لأن أبا قلابة لم يسمع من أبى الدرداء وما رواه ابن حبان وغيره من طريق نوفل بن معاوية مرفوعا من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله. وما أخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن نوفل بلفظ لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن يفوته وقت صلاة (فهذه الأحاديث) ظاهرة في العموم. لكن أخرج أحمد حديث أبى الدرداء بلفظ من ترك العصر فكأنما ترك أهله وماله. فتحمل روايته المتقدمة وكذا بقية الروايات المطلقة على الرواية المقيدة. ويؤيد هذا ما رواه الطبرانى بلفظ من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر
أهله وماله وزاد فيه عن الزهرى قلت لأبي بكر بن عبد الرحمن الذى حدّث به ما هذه الصلاة قال العصر. ورواه ابن أبى خيثمة من وجه آخر فصرّح بأنها العصر كما في رواية المصنف ورواية أحمد المتقدّمة فالظاهر اختصاص العصر بذلك التغليظ كما قاله الحافظ. وهذا لا ينافي أن فوات غير العصر من الصلوات موجب للإثم
(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترهيب من تأخير صلاة العصر عن وقتها وقد شبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أخرها عن وقتها بمن فقد أهله وهذا تقريب لنا وإلا فما يلحقه من العذاب أشدّ
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والبيهقى
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «أُوتِرَ» وَاخْتُلِفَ عَلَى أَيُّوبَ فِيهِ.
(ش) ساق المصنف هذا لبيان أنه قد اختلف على نافع في رواية الحديث عن ابن عمر هل هو بلفظ وتر بالواو أو أتر بالهمزة فروى مالك عن نافع وتر بالواو. وروى عنه عبيد الله بن عمر بن حفص القواريري أحد شيوخ المصنف أتر بالهمزة بدلا من الواو كما في قوله تعالى "وإذا الرسل أقتت" وأن أيوب السختيانى قد اختلف عليه في روايته عن نافع فرواه بعضهم وتر بالواو كما في رواية مالك ورواه بعضهم عنه أتر بالهمزة كما في رواية عبيد الله عن نافع. ورواية عبيد الله وصلها الدارمي كرواية مالك قال أخبرنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وولده قال أبو محمد أو ماله. وأما رواية أيوب فلم نقف على من أخرجها غير أن الحافظ في الفتح أشار إلى أن أبا مسلم الكجي روى الحديث عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع
(ص) وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:«وُتِرَ» .
(ش) غرض المصنف بسياق هذا التعليق ترجيح رواية وتر بالواو لاتفاق أكثر الحفاظ عليها. وهذا التعليق وصله مسلم والنسائى وابن ماجه والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، نَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ: وَذَلِكَ أَنْ تَرَى مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الشَّمْسِ صَفْرَاءَ