الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن الحائض لا يطلب منها قضاء الصلاة التى فاتتها حال الحيض ويجب عليها قضاء الصوم ومثل الحيض النفاس
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والبيهقى بلفظ تقدّم
(باب في إتيان الحائض)
أى في بيان ما يلزم من وطئَ الحائض
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ:«يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ قَالَ: «دِينَارٌ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ» . وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ شُعْبَةٌ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله عبد الحميد بن عبد الرحمن) بن زيد بن الخطاب العدوى أبو عمر المدني. روى عن ابن عباس وحفصة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ومحمد بن سعد ومسلم بن يسار ومقسم مولى ابن عباس ومكحول. وعنه ابنه عمر وقتادة والزهرى والحكم بن عتيبة وغيرهم. قال أبو بكر بن أبى داود ثقة مأمون ووثقه النسائى والعجلى وابن حبان وابن خراش. توفى بحرّان في خلافة هشام بن عبد الملك. روى له الجماعة
(قوله مقسم) بكسر أوله ابن بجرة بضم الموحدة ويقال ابن نجدة بفتح النون أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث. روى عن ابن عباس وابن عمر وعائشة وأم سلمة وآخرين وعنه الحكم بن عتيبة وعمران بن أبى أنس وعبد الكريم بن مالك الجزرى. قال أبو حاتم صالح الحديث لا بأس به وقال أحمد صالح ثقة ثبت لا شك فيه وقال العجلى مكي تابعى ثقة، ووثقه الدارقطنى وقال ابن سعد كان كثير الحديث ضعيفا وقال الساجى تكلم الناس في بعض روايته توفى سنة إحدى ومائة، روى له البخارى والترمذى والنسائى وأبو داود وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله في الذى يأتي امرأته) متعلق بقال الآتية أى قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حق الرجل الذى يجامع امرأته حال حيضها. فأطلق الإتيان وأراد الجماع من إطلاق السبب وإرادة المسبب
(قوله يتصدّق بدينار) أى ليتصدق فهو على حذف لام الأمر وقد صرّح بها في الحديث الآتى. والدِّينار فارسىّ معرّب وأصله دنار لجمعه على دنانير وتصغيره على دنينير فقلبت إحدى النونين ياء لئلا تلتبس بالمصادر التي تجيء على فعال مثل كذّاب
والدينار هو المثقال وهو بالعملة المصرية نحو خمسة وخمسين قرشا صاغا
(قوله أو نصف دينار) وفي نسخة أو بنصف دينار. وأو للتقسيم كما هو ظاهر ما جاء في بعض الروايات الدالة على أن التصدّق بالدينار إذا كان الإتيان في أول الدم وبنصف الدينار إذا كان الإتيان في آخر الدم (منها) رواية المصنف الآتية (ومنها) ما رواه الترمذى عن ابن عباس عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا كان دما أحمر فدينار وإذا كان دما أصفر فنصف دينار (ومنها) ما رواه أحمد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جعل في الحائض تصاب دينارا فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها وتغتسل فنصف دينار. ويحتمل أن تكون أو للخيير فيكون من فعل ذلك مخيرا بين الدينار ونصفه كما قالت الحنابلة "ولا يقال" كيف يخير بين الشئ ونصفه "لأنه" كتخيير المسافر بين الإتمام والقصر
(والحديث) يدلّ على وجوب الكفارة على من وطئَ امرأته وهى حائض (وقد) اختلف العلماء في ذلك. فذهب ابن عباس والحسن البصرى وسعيد بن جبير وقتادة والأوزاعي وإسحق وأحمد في إحدى الروايتين عنه والشافعى في قوله القديم إلى وجوب الكفارة. واختلف هؤلاء فيها فقال الحسن وسعيد عتق رقبة. وقال الآخرون دينار أو نصف دينار على حسب الحال الذى يجب فيه الدينار أو نصف الدينار بحسب اختلاف الروايات. واحتجوا بحديث الباب. ومن أوجب دينارا أو نصف دينار قال إنه على الزوج خاصة ويصرف للفقراء والمساكين (وقال) الرافعى يجوز صرفه إلى فقير واحد (وذهب) عطاء والشعبي والنخعى ومكحول والزهرى وأيوب السختياتي وسفيان الثورى والليث بن سعد ومالك وأبو حنيفة والشافعي في أصح القولين عنه وأحمد في إحدى الروايتين وجماهير السلف إلى أنه لا كفارة عليه بل الواجب عليه الاستغفار والتوبة لكن يستحب أن يتصدّق بدينار إن وطئَ في إقبال الدم وبنصف في إدباره. قالوا والأصل البراءة فلا ينتقل عنها إلا بحجة لا مدفع فيها ولا مطعن عليها وذلك معدوم في هذه المسألة. وأجابوا عن حديث الباب بأنه معلول بعدة أشياء (منها) أن جماعة رووه عن شعبة موقوفا على ابن عباس وأن شعبة رجع عن رفعه (ومنها) أنه روى مرسلا (ومنها) أنه روى معضلا (ومنها) أن في متنه اضطرابا لأنه روى بدينار أو بنصف دينار بالشك. وروى يتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار. وروى فيه التفرقة بين أن يصيبها في أول الدم أو في انقطاع الدم. وروى يتصدق بخمسى دينار وروى يتصدق بنصف دينار. وروى إن كان دما عبيطا فليتصدق بدينار وإن كان صفرة فنصف دينار
(وأجيب) عما ذكر بأن الحديث قد صححه الحاكم وابن القطان وابن دقيق العيد وقال أحمد ما أحسن حديث عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس فقيل له تذهب إليه فقال نعم. وقال أبو الحسن بن القطان وهو ممن قال بصحة الحديث إن الإعلال بالاضطراب خطأ والصواب أن ينظر إلى رواية كل راو بحسبها ويعلم ما خرّج عنه فيها فإن صح من طريق قبل ولا يضرّه أن يروى من طرق أخر
ضعيفة (قال) العيني ولئن سلمنا أن شعبة رجع عن رفعه فإن غيره رواه عن الحكم مرفوعا وهو عمرو بن قيس الملائى إلا أنه أسقط عبد الحميد وكذا أخرجه من طريقه النسائى، وعمرو هذا ثقة وكذا رواه قتادة عن الحكم مرفوعا وهو أيضا أسقط عبد الحميد اهـ (وقال) الخطابى وأكثر أهل العلم زعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس والاصح أنه متصل مرفوع ويجاب عن دعوى الاختلاف في رفعه ووقفه بأن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدى رفعوه عن شعبة وكذلك وهب بن جرير وسعيد بن عامر والنضر بن شميل وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف (قال) ابن سيد الناس من رفعه عن شعبة أجل وأكثر وأحفظ ممن وقفه. وأما قول شعبة أسنده لى الحكم مرّة ووقفه مرّة فقد أخبر عن المرفوع والموقوف أن كلا عنده ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح فيه (وقال) أبو بكر الخطيب اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفا وهو مذهب أهل الأصول لأن إحدى الروايتين ليست مكذّبة للأخرى والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة وهى واجبة القبول (وأقر ابن دقيق العيد) تصحيح ابن القطان وقوّاه في الإمام أفاده الحافظ في التلخيص والشوكاني في النيل وقال تصحيح الحديث هو الصواب فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا كحديث بئر بضاعة وحديث القلتين ونحوهما. وفي ذلك ما يردّ على النووى دعواه في شرح المهذب والتنقيح والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم وقد عرفت صلاحية الحديث وانتهاضه للحجية وسقوط الاعتلالات الواردة عليه فالمصير إليه متحتم اهـ إذا تأملت ما تقدم تعلم أن الراجح قول من قال بوجوب الكفارة
(قوله هكذا الرواية الصحيحة الخ) أى أن الرواية الصحيحة ما تقدم من قول الحكم في روايته عن ابن عباس دينار أو نصف دينار بخلاف الروايات الأخر التي فيها يتصدق بنصف دينار أو بخمسى دينار أو عتق نسمة فإنها ضعيفة
(قوله وربما لم يرفعه شعبة) أى قال أبو داود وربما لم يرفع الحديث المذكور شعبة بل رواه موقوفا على ابن عباس. وغرض المصنف بهذا الإشارة إلى أن في الحديث اضطرابا وأنه موقوف على ابن عباس وقد تقدم الجواب عن ذلك
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن من وطئَ امرأته وهى حائض يطلب منه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار كفارة لذنبه وقد علمت ما فيه من الخلاف
(من روى الحديث أيضا) رواه النسائى وابن ماجه والبيهقى وأحمد والدارمى وابن الجارود وصححه الحاكم وغيره كما تقدم
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، ثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ
الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«إِذَا أَصَابَهَا فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِذَا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ»
(ش)(رجال الأثر)
(قوله عبد السلام بن مطهر) بصيغة اسم المفعول أبو ظفر بفتح الظاء المعجمة والفاء الأزدى البصرى. روى عن شعبة وجرير بن حازم وسليمان بن المغيرة وكثيرون. وعنه البخارى وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم وكثيرون. قال أبو حاتم صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. توفي سنة أربع وعشربن ومائتين
(قوله جعفر يعنى ابن سليمان) أبو سليمان البصرى الضبعى كان ينزل في بني ضبيعة فنسب إليهم. روى عن ثابت البناني ومالك بن دينار ومحمد بن المنكدر وابن جريج وغيرهم. وعنه الثورى وابن المبارك وعبد الرحمن بن مهدى وأبو الوليد الطيالسي وكثيرون. وثقه أحمد وابن معين وقال ابن سعد كان ثقة وبه ضعف وكان يتشيع وقال البخارى يخالف في بعض حديثه وقال ابن المدينى أكثر عن ثابت البناني وكتب مراسيل ومنها أحاديث مناكير. توفى سنة ثمان وسبعين ومائة. روى له الجماعة
(قوله على بن الحكم) أبو الحكم البصرى. روى عن أنس وأبى عثمان النهدى وعطاء ابن أبى رباح وأبي نضرة العبدى وغيرهم. وعنه هشام الدستوائى ومعمر بن راشد وشعبة والحمادان وآخرون. قال أحمد ليس به بأس وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن سعد كان ثقة له أحاديث ووثقه النسائى والعجلى والبزار والدارقطنى وأبو داود. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له البخارى وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه. و (البناني) نسبة إلى بنان بضم الموحدة قرية بمرو الشاهجان ينسب إليها جماعة مذكورون في تاريخها
(قوله عن أبى الحسن) الشامى روى عن عمرو بن مرّة ومقسم وأبى أسماء الرحبيّ. وعنه على بن الحكم. قال ابن المدينى مجهول ولا أدرى سمع من عمرو بن مرّة أم لا وقال الحاكم في المستدرك أبو الحسن هذا اسمه عبد الحميد ابن عبد الرحمن ثقة مأمون اهـ لكن قال الحافظ في التقريب أبو الحسن الجزرى مجهول من السادسة وأخطأ من سماه عبد الحميد. روى له أبو داود والترمذى، و (الجزرى) بفتح الجيم والزاى نسبة إلى الجزيرة
(معنى الأثر)
(قوله إذا أصابها الخ) أى إذا وطئَ الرجل امرأته في أول نزول دم الحيض يعنى وقت اشتداد الدم وقوّته وتصدق بدينار وجوبا أو استحبابا على الخلاف في ذلك وإذا وطئها بعد انقطاع الدم وقبل الغسل أو وطئها قرب انقطاعه تصدّق بنصف دينار وجوبا أو استحبابا على ما تقدم (والحكمة) في اختلاف الكفارة بأول الدم وآخره أنه في أوله قريب عهد بالجماع فلم يعذر فيه بخلافه في آخره فخفف فيه. ويحتمل أن الحكمة في وجوب الدينار في أول الدم شدّة قذارته
بخلاف آخره (وحكى) الغزالى أن الوطء قبل الغسل يورث الجذام قيل في الواطئ وقيل في الولد (من أخرج هذا الأثر أيضا) أخرجه البيهقى من طريق ابن جريج كما تقدم وأخرجه الحاكم وقال قد أرسل هذا الحديث وأوقف أيضا ونحن على أصلنا الذى أصلناه من أن القول قول الذى يسند ويصل إذا كان ثقة اهـ
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ
(ش) أى قال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج في روايته عن عبد الكريم عن مقسم بن بجرة بفتح الموحدة مثل ما قال علي ابن الحكم في روايته عن أبى الحسن الجزرى من التفرقة بين أول الدم وآخره "وقد وصله" البيهقى من طريق أبى الأسود قال أنا نافع بن يزيد عن ابن جريج عن أبى أمية عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا أتى أحدكم امرأته في الدم فليتصدق بدينار وإذا وطئها وقد رأت الطهر ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار ورواه أيضا عن سعيد بن أبى عروبة عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمره أن يتصدق بدينار أو بنصف دينار وفسر ذلك مقسم فقال إن غشيها في الدم فدينار وإن غشيها بعد انقطاع الدم قبل أن تغتسل فنصف دينار. هذا و (عبد الكريم) هو ابن أبى المخارق قيس أبو أمية البصرى. روى عن أنس بن مالك وعمرو بن سعيد بن العاص وطاوس ومجاهد ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبى رباح وغيرهم وعنه ابن جريج والثورى وأبو حنيفة ومالك وشريك النخعى وابن عيينة وطائفة. قال أيوب كان غير ثقة وكان ابن عيينة يستضعفه وقال ابن عبد البر مجمع على ضعفه وقال البيهقى غير محتج به وقال النسائى والدارقطنى متروك وقال ابن حبان كان كثير الوهم فاحش الخطأ أخرج له الأربعة. مات سنة ست أو سبع وعشرين ومائة (قال) العينى ذكر المزّى هذا الحديث في ترجمة عبد الكريم الجزرى عن مقسم ويشكل هذا على رواية البيهقي التي ذكرناها فإن فيها أبو أمية عبد الكريم البصرى ثم قال أبو أمية غير محتج به "قلت" كيف لا يحتج به وقد روى عنه ابن جريج والسفيانان وغيرهم وأخرج له الحاكم في المستدرك واحتج به مسلم بما ذكره صاحب الكمال واستشهد به البخارى في الصحيح في باب التهجد فقال قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية ولا حول ولا قوّة إلا بالله اهـ (أقول) دعوى أن مسلما احتج به غير مسلمة (قال) الحافظ المنذرى لم يخرج له مسلم شيئا أصلا لا متابعة ولا غيرها وإنما أخرج لعبد الكريم الجزرى اهـ وأما استشهاد البخارى به فلا يفيد الاحتجاج به لأنه إنما أخرج له زيادة في حديث يتعلق بفضائل الأعمال ولأنه لم يقصد التخريج له وإنما ساق الحديث المتصل وهو على شرطه ثم أتبعه بزيادة
عبد الكريم لأنه سمعه هكذا "أفاده الحافظ في تهذيب التهذيب"
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا وَقَعَ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ»
(ش)(قوله شريك) هو ابن عبد الله النخعى
(قوله خصيف) بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة ابن عبد الرحمن الجزرى أبو عون الحراني الأموى مولاهم. روى عن أنس بن مالك وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد. وعنه محمد بن إسحاق وابن جريج والسفيانان وأبو الأحوص وغيرهم وثقه ابن معين وأبو زرعة وقال ابن عدى إذا حدّث عنه ثقة فلا بأس به وقال أحمد ضعيف ليس بحجة ولا قوىّ وقال ابن حبان تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون وكان شيخا صالحا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطئُ كثيرا فيما يروى وينفرد عن المشاهير بها لا يتابع عليه وهو صدوق في روايته إلا أن الإنصاف فيه قبول ما وافق الثقات في الروايات وترك مالا يتابع عليه وقال أبو حاتم صالح يخلط. توفي سنة ست أو سبع وثلاثين ومائة. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله إذا وقع الرجل بأهله الخ) أى إذا جامع الرجل زوجه حال حيضها فيجب عليه التصدق بنصف دينار. وفي رواية ابن ماجه كان الرجل إذا وقع على امرأته أمره أن يتصدق بنصف دينار. ولعل هذه الرواية محمولة على ما إذا وطئها في آخر الدم جمعا بين الروايات ويحتمل أن يكون في هذا حذف والأصل فليتصدّق بدينار إذا وطئها في أول الدم وبنصف دينار إذا أتاها في آخره ويؤيده ما رواه الطبراني والدارقطني من طريق الثورى عن خصيف وعلىّ بن بذيمة وعبد الكريم عن مقسم من أتى امرأته وهي حائض فعليه دينار ومن أتاها في الصفرة فنصف دينار
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن من وطئَ امرأته وهي حائض طلب منه أن يتصدق بنصف دينار وتقدم بيانه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الترمذى والدارمى والبيهقى وأخرجه ابن ماجه من طريق أبى الأحوص بلفظ تقدم
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ بُذَيْمَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
(ش) أى قال على بن بذيمة في روايته عن مقسم مثل ما قال خصيف في روايته عنه غير أن ابن بذيمة لم يذكر ابن عباس شيخ مقسم فكانت روايته مرسلة، وهذا التعليق وصله البيهقى من طريق مسدد قال ثنا يحيى عن سفيان حدثنى عليّ بن بذيمة وخصيف عن مقسم عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدّق بنصف دينار وقال خصيف الجزرى غير محتج به. وأخرجه الطبراني والدارقطني من طريق سفيان الثورى عن خصيف بلفظ تقدم. هذا و (على بن بذيمة) بفتح فكسر الجزرى الحرّانى أبو عبد الله السوائى مولى جابر بن سمرة. روى عن سعيد بن جبير والشعبى وأبى عبيدة بن عبد الله وعكرمة وعنه الأعمش ومعمر والثورى وشريك وآخرون. وثقه ابن سعد وابن عمار وابن معين والنسائى وأبو زرعة وقال أبو حاتم صالح الحديث. توفى بخراسان سنة ست وثلاثين ومائة روى له الجماعة
(ص) وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«أمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمْسَيْ دِينَارٍ»
(ش) أى روى عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يزيد بن أبى مالك عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر عمر وقد أتى عمر امرأته وهي حائض أن يتصدق بخمسى دينار مثنى خمس بضمتين وإسكان الثانى لغة. وهذا التعليق أخرجه البيهقى من طريق أبى بكر بن داسة قال ثنا أبو داود السجستاني، وروى الأوزاعي عن يزيد بن أبى مالك عن عبد الحميد بن عبد الرحمن أظنه عن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أمره أن يتصدق بخمسى دينار وهذا مختصر وأخرجه البيهقى مطوّلا من طريق إسحاق الحنظلى عن بقية بن الوليد عن الأوزاعي بهذا الإسناد عن عمر بن الخطاب أنه كانت له امرأة تكره الرجال فكان كلما أرادها اعتلت له بالحيضة فطنّ أنها كاذبة فأتاها فوجدها صادقة فأتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأمره أن يتصدّق بخمسى دينار وكذلك رواه إسحاق عن عيسى بن يونس عن زيد بن عبد الحميد عن أبيه أن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كانت له امرأة فذكره وهو منقطع بين عبد الحميد وعمر، وأخرجه الدارمى من طريق عبد الحميد مطوّلا بنحو رواية البيهقى، ولعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر عمر أن يتصدّق بخمسي دينار ولم يأمره بدينار أو نصف دينار لأن عمر فعل ذلك معتقدا أنها غير حائض لما كانت تعتاده من ادعاء الحيض كذبا، وغرض المصنف من ذكر رواية خصيف والتعليقين بعدها الإشارة إلى أن في سند الحديث ومتنه اضطرابا وذلك أن في رواية عبد الحميد