الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتحديث وأيضا فإن الحاكم قال صحيح على شرط مسلم
(باب في وقت العشاء الآخرة)
أى في بيان وقت صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العشاء الآخرة، وفي بعض النسخ باب وقت العشاء الآخرة، وفى بعضها باب ما جاء في وقت عشاء الآخرة بالإضافة
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ «صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله
(قوله عن أبى بشر) هو جعفر ابن أبى وحشية
(قوله بشير) بفتح الموحدة (ابن ثابت) الأنصارى مولى النعمان بن بشير. روى عن حبيب بن سالم. وعنه شعبة وأبو بشر. وثقه ابن معين وابن حبان. روى له أبو داود والترمذى والنسائى
(قوله حبيب بن سالم) الأنصارى مولى النعمان بن بشير وكاتبه. روى عن النعمان وأبى هريرة. وعنه محمد بن المنتشر وأبو بشر وخالد بن عرفطة وغيرهم. وثقه أبو داود وابن حبان وقال البخارى فيه نظر وقال ابن عدى ليس في متون أحاديثه حديث منكر بل قد اضطرب في أسانيد ما يروى عنه. روى له الجماعة إلا البخارى
(قوله النعمان بن بشير) بن سعد بن ثعلبة ابن جلاس بالجيم المضمومة ابن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصارى الخزرجي أبى عبد الله المدنى له ولأبويه صحبة. وهو أول مولود ولد في الأنصار بعد قدومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عام اثنتين من الهجرة. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربعة وعشرون ومائة حديث اتفق الشيخان على خمسة وانفرد البخارى بحديث ومسلم بأربعة. وعنه ابنه محمد والشعبى وسالم بن أبى الجعد وسماك بن حرب وحبيب بن سالم وعروة ابن الزبير وكثيرون. قال عبد الملك بن عمير أتى بشير بن سعد بالنعمان إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله ادع له فقال أما ترضى أن يبلغ ما بلغت ثم يأتى الشام فيقتله منافق من أهل الشام وقال أبو مسهر كان النعمان بن بشير عاملا على حمص "يعنى من قبل معاوية" فبايع لابن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية فلما تمرّد أهل حمص خرج هاربا فأتبعه خالد بن خلى فقتله اهـ وكان ذلك سنة أربع أو ست وستين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله أنا أعلم الناس الخ) وفي رواية للنسائي والله إني لأعلم، وفي رواية له أيضا أنا أعلم الناس بميقات هذه الصلاة. وهو من باب التحدّث بنعمة الله تعالى عليه بزيادة العلم مع ما فيه من حمل السامعين على اعتماد مرويه. ولعلّ وقوع هذا القول منه بعد موت غالب أكابر الصحابة وحفاظهم الذين هم أعلم بذلك منه. أو أنه قال ذلك ظنا منه أنه لم يضبط هذه العلامة من الصحابة أحد كما ضبطها هو. وقوله صلاة العشاء الآخرة بدل من الصلاة قبلها (هو دليل) على جواز وصفها بالآخرة وأنه لا كراهة فيه خلافا لما حكى عن الأصمعى من كراهته
(قوله لسقوط القمر لثالثة) أي أي وقت غروبه في ليلة ثالثة. وفى نسخة بعد غروب القمر لثلاث، ويغرب القمر في تلك الليلة بعد مضىّ ثنتين وعشرين درجة من غروب الشمس "وذلك نحو ساعة ونصف"
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعجل بصلاة العشاء أول وقتها وكان هذا في بعض الأحيان لما تقدم من أنه كان يعجلها تارة ويؤخرها أخرى
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الترمذى والنسائى والدّارمى (قال) النووى إسناده جيد صحيح
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ: حِينَ خَرَجَ «أَتَنْتَظِرُونَ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَوْلَا أَنْ تَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ» ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ
(ش)(قوله جرير) بن عبد الحميد. و (منصور) بن المعتمر. و (الحكم) بن عتيبة
(قوله مكثنا الخ) بفتح الكاف وضمها أى لبثنا في المسجد ليلة من الليالى منتظرين صلاة العشاء فخرج إلينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين ذهب ثلث الليل
(قوله أشيء شغله الخ) أى منعه عن الخروج لأدائها أول وقتها المعتاد. وفى رواية مسلم أشيء شغله في أهله أم غير ذلك بأن قصد بتأخيرها إحياء جزء من الليل بالسهر في العبادة. وقوله أتنتظرون
هذه الصلاة استفهام بمعنى الخبر أى انتظر ثم هذه الصلاة دون غيركم من الأمم. ويؤيده رواية مسلم إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم. والمعنى أن انتظار هذه الصلاة من بين سائر الصلوات من خصوصياتكم التى خصكم الله تعالى بها فكلما زدتم في الانتظار كان الأجر أكمل لأن الوقت وقت راحة ولأن الذاكرين في الغافلين كالصابرين في الفارّين فالمثوبة على قدر المشقة (وبهذا) يندفع قول ابن حجر إنه لا دليل في الحديث على أفضلية تأخير العشاء لأن ثواب انتظار الصلاة يعمّ كل صلاة
(قوله لولا أن تثقل على أمتي الخ) تثقل بالمثناة الفوقية أى هذه الصلاة وهى رواية مسلم، وفى نسخة لولا أن يثقل بالمثناة التحتية أى التأخير وهي رواية النسائى والمعنى لولا أن يشقّ ويصعب على الأمة تأخير صلاة العشاء للازمت وداومت على صلاتها بالقوم في مثل هذه الساعة التي هي في نهاية ثلث الليل الأول أو بعده (والحديث يدلّ) على أفضلية تأخير العشاء عن أول وقتها (وقد) اختلف العلماء أتقديمها أفضل أم تأخيرها وهما مذهبان مشهوران للسلف وقولان لمالك والشافعى (فذهب) فريق إلى تفضيل التأخير محتجا بهذه الأحاديث المذكورة في الباب (وذهب) فريق إلى تفضيل التقديم محتجا بأن العادة الغالبة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هى التقديم وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز أو لشغل أو لعذر ولو كان تأخيرها أفضل لواظب عليه وإن كان فيه مشقة (وردّ) بأن هذا إنما يتمّ لو لم يكن منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مجرّد الفعل لها في ذلك الوقت وهو ممنوع لورود الأقوال كما في حديث أبى هريرة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لولا أن أشقّ على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" رواه ابن ماجه والترمذى وصححه (إلى غير) ذلك من الأحاديث التي فيها تنبيه على أفضلية التأخير وعلى أن ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة. وأفعاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تعارض هذه الأقوال وأما ما ورد من أفضلية أول الوقت على العموم فهى مخصوصة بأحاديث هذا الباب
(فقه الحديث) والحديث يدلّ بظاهره على أفضلية تأخير صلاة العشاء إلى نحو ثلث الليل وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رحيم بالمؤمنين، وعلى أن الدين يسر لا مشقة فيه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى
(ص) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، نَا أَبِي، نَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ: أَبْقَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ فَتَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: صَلَّى،
فَإِنَّا لَكَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ «أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله حدثنا أبى) هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصى أبو عمرو القرشى. روى عن حريز بن عثمان وشعيب بن أبى حمزة ومحمد بن مطرف وكثيرين. وعنه ابناه عمرو ويحيى ومؤمل بن شهاب ومحمد بن عوف وطائفة. وثقه أحمد وابن معين وقال في التقريب ثقة عابد من التاسعة. مات سنة تسع ومائتين. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه
(قوله حريز) بالحاء المهملة ابن عثمان
(قوله عاصم بن حميد) الحمصى. روى عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعوف بن مالك الأشجعى وعائشة وكثيرين. وعنه عمرو بن قيس ومالك بن زياد وراشد بن سعد وغيرهم. وثقه أحمد وابن معين والحافظ والدارقطنى وابن حبان وذكره أبو زرعة في الطبقة العليا من تابعى أهل الشام وقال ابن القطان لا يعرف أنه ثقة روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه. و (السكونى) نسبة إلى سكون بن أشرس
(معنى الحديث)
(قوله أبقينا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) أى انتظرناه في صلاة العشاء الآخرة، وفى بعض النسخ بقينا بلا همز وهو أشهر رواية، وفى نسخة ارتقبنا يقال بقيت الرجل أبقيه وارتقبته إذا انتظرته. ووصفها بالعتمة لأن العرب يطلقون العشاء على المغرب فلو قال في صلاة العشاء لتوهم إن المراد صلاة المغرب. وقوله حتى ظنّ الظانّ الخ غاية لتأخرّه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صلاة العشاء حتى اضطرب القوم فقال بعضهم إنه ليس بخارج وقال آخرون إنه قد صلى واستمرّوا مضطربين حتى خرج فأخبروه مما قالوه فقال أعتموا بهذه الصلاة فالباء للتعدية أى أدخلوها في العتمة أو للمصاحبة أى ادخلوا في العتمة متلبسين بهذه الصلاة. والعتمة ظلمة الليل من غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول. والمراد أخروا صلاة العشاء الآخرة إلى ثلث الليل أو نصفه والأمر في هذا الحديث للندب بدليل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحديث السابق لولا أن تثقل على أمتى لصليت بهم هذه الساعة. ولا منافاة بين حديث الباب وما رواه أحمد وابن ماجه والترمذى عن أبي هريرة مرفوعا لولا أن أشقّ على أمتى لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه. لأن الأمر المنفىّ فيه للإيجاب. وحديث الباب حجة لمن قال بأفضلية تأخير صلاة العشاء وتقدم بيانه
(قوله فإنكم قد فضلتم بها الخ) أى خصكم الله تعالى بإيجاب صلاة العشاء عليكم دون سائر الأمم وهو تعليل للأمر بتأخيرها "ولا منافاة" بينه وبين قوله في حديث جبريل المتقدم هذا وقت الأنبياء من قبلك "لأن صلاة" العشاء كانت تصليها الرسل نافلة لهم ولم تكتب على أممهم كالتهجد فإنه وجب على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم
يجب علينا أو أن هذا بالنسبة لغير العشاء "فإن قلت" ما المناسبة بين الأمر بتأخير العشاء واختصاصها بالأمة دون سائر الأمم حتى يجعل الثاني علة الأول "قلت" كأن المراد أنهم إذا أخروها منتظرين خروج الإمام كانوا في صلاة وكتب لهم ثواب المصلي فإذا كان الله تعالى شرّفهم بالاختصاص بهذه الصلاة فينبغى أن يطوّلوها ويستعملوا أكثر الوقت فيها فإن عجزوا عن ذلك فعلوا فعلا يحصل لهم به ثواب المصلي
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على مشروعية انتظار الإمام إذا تأخر عن الحضور أول وقت الصلاة، وعلى استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها إلى ثلث الليل أو نصفه لكن محله ما لم يثقل على الحاضرين كما تقدم، وعلى أن الله تعالى خصّ الأمة المحمدية بفضل لم يكن لغيرها وعلى أن من أتى بشئ يخفى على غيره يطلب منه أن بين وجهه، وعلى أن من خفي عليه شئ يطلب منه أن يسأل عنه الخبير به
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى بسنده إلى عاصم بن حميد السكوني صاحب معاذ بن جبل عن معاذ قال بقينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لصلاة العتمة ليلة فتأخر بها حتى ظنّ الظانّ أن قد صلى أو ليس بخارج ثم إنه خرج بعد فقال له قائل يا نبي الله لقد ظننا أنك قد صليت يا نبي الله أولست بخارج فقال لنا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، نَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «خُذُوا مَقَاعِدَكُمْ» فَأَخَذْنَا مَقَاعِدَنَا فَقَالَ: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ»
(ش)(قوله عن أبى نضرة) هو منذر بن مالك
(قوله صلينا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) أى أردنا أن نصل معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جماعة صلاة العشاء الآخرة "فإن قيل" قد ورد النهى عن إطلاق العتمة على العشاء ففى مسلم لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها في كتاب الله العشاء وإنها تعتم بحلاب الإبل وفى رواية لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل "أجيب"
بأن النهي فيه محمول على التنزيه وإطلاق اسم العتمة عليها في حديث الباب وغيره من الأحاديث الصحيحة كحديث لو يعلمون ما في الصبح والعتمة لأتوهما ولو حبواً لأن اسم العتمة أشهر عند العرب وقد خاطب صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذاك من لا يعرف العشاء
(قوله حتى مضى نحو من شطر الليل الخ) غاية لعدم خروجه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أي لم يخرج إلى أن ذهب من الليل ما يقرب من نصفه فخرج فصلى بهم ثم قال خذوا مقاعدكم أي الزموا مجالسكم حتى أحدّثكم عن ثواب تأخير صلاة العشاء كما في رواية النسائي وابن ماجة فخرج فصلى بهم ثم قال إن الناس قد صلوا. ويحتمل أن قوله خذوا مقاعدكم وقع منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل الصلاة أي قال لهم بعد فراغكم من الصلاة خذوا مقاعدكم. وقوله إن الناس قد صلوا المراد بهم المسلمون الذين لم يحضروا صلاة العشاء معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في تلك الليلة
(قوله وإنكم لم تزالوا في صلاة الخ) وفى نسخة لن تزالوا. وهو من باب التشبيه البليغ والواو فيه للاستئناف أي إنكم ما دمتم منتظرين الصلاة فلكم ثواب المتلبسين بها لأن المقصود من الصلاة عبادة الله عز وجل ومراقبته وانتظار العبادة عبادة
(قوله ولولا ضعف الضعيف الخ) أى لولا الضعف والسقم موجودان في الناس لأخرت صلاة العشاء دائما لكن تركت المداومة على تأخيرها لدفع المشقة فبين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فضيلة التأخير من وجهين (أحدهما) أن الناس في صلاة ما داموا منتظرين لها (ثانيهما) أن تأخيرها إلى نصف الليل أكثر ثوابا لكن لرعاية جانبي أصحاب الأسقام والضعفاء الذين لا يستطيعون التأخير قدّمها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن في إحراز فضيلة التأخير تفويت فضيلة تكثير الجماعة وهي أهمّ منها والضعف بضم الضاد المعجمة لغة قريش وبفتحها لغة تميم خلاف القوّة والصحة. ومنهم من فرق فجعل المضموم في جانب الجسد والمفتوح في جانب الرأى والمضموم مصدر ضعف من باب قرب والمفتوح مصدر ضعف من باب قتل. والسقم بضم السين المهملة وسكون القاف المرض مصدر سقم من باب قرب وبفتحها مصدر سقم من باب تعب والاسم منه سقيم وجمعه سقام. والضعيف أعمّ من السقيم لأنه يتناول من به سقم ومن ذهبت قوّته كالشيخ الهرم وكل عاجز عن الحضور وذكر الثانى بعد الأول لشدّة الاهتمام. والحديث حجة لمن قال بأفضلية تأخير صلاة العشاء إلى نحو ثلث الليل
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب من العالم أن يعلم الجاهل، وعلى مشروعية الاستعداد لسماع الموعظة، وعلى أن انتظار الصلاة فيه الثواب للمنتظر كثواب المتلبس بالصلاة وعلى أنه يطلب مراعاة حال الضعيف والرحمة به. وعلى عظم رأفة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالضعفاء، وعلى أن الدين سهل لا صعوبة فيه