المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الأذى يصيب الذيل) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٣

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب في الغسل من الجنابة)

- ‌(باب في الوضوء بعد الغسل)

- ‌(باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل)

- ‌(باب في الجنب يغسل رأسه بالخطمىّ)

- ‌(باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء)

- ‌(باب مؤاكلة الحائض ومجامعتها)

- ‌(باب الحائض تناول من المسجد)

- ‌(باب في الحائض لا تقضى الصلاة)

- ‌(باب في إتيان الحائض)

- ‌(باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع)

- ‌(باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة)

- ‌(باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا)

- ‌(باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر)

- ‌ بيان حال أحاديث الباب

- ‌(باب من قال المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر)

- ‌(باب من قال تغتسل كل يوم مرّة ولم يقل عند الظهر)

- ‌(باب من قال تغتسل بين الأيام)

- ‌(باب من قال توضأ لكل صلاة)

- ‌(باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث)

- ‌(باب في المرأة ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر)

- ‌(باب المستحاضة يغشاها زوجها)

- ‌(باب ما جاء في وقت النفساء)

- ‌(باب الاغتسال من الحيض)

- ‌ فتح خيبر

- ‌(باب التيمم في الحضر)

- ‌(باب الجنب يتيمم)

- ‌(باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم)

- ‌ غزوة ذات السلاسل)

- ‌(باب في المجروح يتيم

- ‌(باب المتيمم يجد الماء بعد ما يصلى في الوقت)

- ‌(باب في الغسل يوم الجمعة)

- ‌(باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة)

- ‌(باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل)

- ‌(باب الصلاة في الثوب الذى يصيب أهله فيه)

- ‌(باب المنيّ يصيب الثوب)

- ‌(باب بول الصبى يصيب الثوب)

- ‌(باب الأرض يصيبها البول)

- ‌(باب في طهور الأرض إذا يبست)

- ‌(باب الأذى يصيب الذيل)

- ‌(باب البزاق يصيب الثوب)

- ‌(كتاب الصلاة)

- ‌(باب في المواقيت)

- ‌(باب في وقت صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكيف كان يصليها)

- ‌ باب في وقت صلاة الظهر

- ‌(باب وقت العصر)

- ‌(باب في الصلاة الوسطى)

- ‌(باب التشديد في الذى تفوته صلاة العصر)

- ‌(باب في وقت المغرب)

- ‌(باب في وقت العشاء الآخرة)

- ‌(باب في وقت الصبح)

الفصل: ‌(باب الأذى يصيب الذيل)

فيه للقائل بالطهارة اهـ (وقال) الخطابى يتأول على أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها وتقبل وتدبر في المسجد عابرة إذ لا يجوز أن تترك الكلاب تنتاب المسجد حتى تمتهنه وتبول فيه وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات نادرة ولم يكن على المسجد أبواب تمنع من عبورها فيه اهـ (قال) العينى هذا تأويل بعيد لأن قوله في المسجد ليس ظرفا لقوله تقبل وحده إنما هو ظرف لقوله تبول وتقبل وتدبر كلها. وأيضا قوله فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك يمنع هذا التأويل لأنها لو كانت تبول في مواطنها ما كان يحتاج إلى ذكر الرشّ وعدمه إذ لا فائدة فيه وكذلك التبويب بقوله طهور الأرض إذا يبست يردّ هذا التأويل بل الظاهر أنها كانت تبول في المسجد ولكنها تنشف وتيبس فتطهر فلا يحتاج إلى رشّ الماء اهـ (قال) الخطابى قد اختلف الناس في هذه المسألة. فروى عن أبى قلابة أنه قال جفوف الأرض طهورها. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن الشمس تزيل النجاسة عن الأرض إذا ذهب الأثر. وقال الشافعى وأحمد بن حنبل في الأرض إذا أصابتها نجاسة لا يطهرها إلا الماء اهـ وكذا قال مالك

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على جواز البيات في المسجد، وعلى أن الأرض المتنجسة تطهر بالجفاف وقد علم الخلاف الذى فيه

(باب الأذى يصيب الذيل)

أى في بيان ما يطهر ذيل الثوب إذا أصابته النجاسة. وهذا الباب في رواية اللؤلؤى ذكر بعد باب البزاق في آخر كتاب الطهارة. وفي بعض النسخ باب في الأذى يصيب الذيل

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي، وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ: أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم) الأنصارى. روى عن أبى بكر بن عمرو ومحمد في إبراهيم التيمى وعبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة وغيرهم. وعنه مالك وعبد الله بن إدريس وحاتم بن إسماعيل وأبو عاصم وآخرون. قال أبو حاتم صالح ليس

ص: 262

بذاك القوى ووثقه ابن معين وابن حبان

(قوله عن أم ولد لإبراهيم) اسمها حميدة تابعية صغيرة مقبولة من الرابعة قاله الحافظ في التقريب. روت عن أم سلمة. وعنها محمد بن إبراهيم التيمى

(معنى الحديث)

(قوله أطيل ذيلى) أى أمدّه والذيل في الأصل مصدر ذال من باب باع ثم أطلق على طرف الثوب الذى يلى الأرض وإن لم يمسها تسمية بالمصدر وجمعه ذيول أى أن هذه المرأة كانت تطيل ثوبها الذى تلبسه ليستر قدميها في مشيتها على عادة العرب ولم تكن نساؤهم يلبسن الخفاف فكنّ يطلن الذيل للستر. ورخص النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيه لذلك

(قوله في المكان القذر) أي النجس وهو بفتح القاف وكسر الذال المعجمة صفة للمكان بخلاف المصدر فإنه بفتح القاف والذال

(قوله يطهره ما بعده) أى يطهر الذيل المكان الطاهر الذى جاء بعد المكان القذر بزوال ما علق به من النجاسة. وأفتتها أم سلمة بالحديث وأخبرتها بما عندها في ذلك من العلم ليجتمع لأم ولد إبراهيم معرفة الحكم ودليله. وصنعت أم سلمة ذلك لما رأته من حفظها وضبطها وأنها من تصلح لنقل العلم وفهمه وهكذا يجب أن يكون العالم إذا سأله من يفهم ويصلح للتعليم عن مسألة بينها له وذكر أدلتها وما يتعلق بها بحسب ما يليق بالسائل ويصلح له وإذا سأله من ليس من أهل العلم ولا يصلح لنقله بين له حكم ما سأله عنه خاصة (وبظاهر) هذا الحديث أخذ جماعة فقالوا إن المرور على المكان الطاهر يطهر الذيل الذى أصابته نجاسة ولو رطبة وقالوا لأن الذيل للمرأة كالخفّ والنعل. ويؤيده ما رواه ابن ماجه عن أبى هريرة قيل يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأرض يطهر بعضها بعضا وهو ضعيف كما قال البيهقى وغيره (والجمهور) على أن ذلك في الموضع اليابس الذى لا يلتصق بالثوب منه شئ وإنما يعلق به فيزول المتعلق بما بعده لا أن النجاسة يطهرها غير الماء (وقال) الشافعى إنما هو فيما جرّ على ما كان يابسا لا يعلق بالثوب منه شيء فأما إذا جرّ على رطب فلا يطهره إلا الغسل (وقال) أحمد بن حنبل ليس معناه إذا أصابه بول ثم جرّ بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمرّ بالمكان فيقذره ثم يمرّ بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك لا على أنه يصيبه منه شئ اهـ (وقال) الزرقاني قال مالك فيما روى عنه أن الأرض يطهر بعضها بعضا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة فإن بعضها يطهر بعضا فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فإن ذلك لا يطهر إلا بالغسل وهذا إجماع الأمة اهـ (وقال) الدهلوى في حديث أم سلمة هذا إن أصاب الذيل نجاسة الطريق ثم مرّ بمكان آخر واختلط به طين الطريق وغبار الأرض وتراب ذلك المكان ويبست النجاسة المتعلقة فيطهر الذيل المنجس بالتناثر أو الفرك وذلك معفوّ عنه من الشارع بسبب الحرج والضيق كما أن غسل العضو والثوب من دم الجراحة معفوّ عنه عند

ص: 263

المالكية بسبب الحرج وكما أن النجاسة الرطبة إذا أصابت الخفّ تزال بالدلك ويطهر الخفّ به عند الحنفية والمالكية بسبب الحرج وكما أن الماء المستنقع الواقع في الطريق وإن وقع فيه نجاسة معفوّ عنه عند المالكية بسبب الحرج. وإني لا أجد الفرق بين الثوب الذى أصابه دم الجراحة والثوب الذى أصابه الماء المستنقع النجس وبين الذيل الذى تعلقت به نجاسة رطبة ثم اختلط به تراب الأرض وغبارها وطين الطريق فتناثرت به النجاسة أو زالت بالفرك فإن حكمها واحد "وما قاله" البغوى من أن هذا الحديث محمول على النجاسة اليابسة التي أصابت الثوب ثم تناثرت بعد ذلك "فيه نظر" لأن النجاسة التي تتعلق بالذيل في المشى في المكان القذر تكون رطبة في غالب الأحوال وهو معلوم بالقطع في عادة الناس فإخراج الشئ الذى تحقق وجوده قطعا أو غالبا عن حالته الأصلية بعيد. وأما طين الشارع يطهره ما بعده ففيه نوع من التوسع في الكلام لأن المقام يقتضى أن يقال هو معفوّ عنه أو لا بأس به لكن عدل عنه بإسناد التطهير إلى شيء لا يصلح أن يكون مطهرا للنجاسة فعلم أنه معفوّ عنه وهذا أبلغ من الأول اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية طول الثياب للنساء، وعلى أن الذيل النجس يطهر بمروره على أرض طاهرة وقد علمت ما فيه من التفصيل

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك والترمذى وابن ماجه والدارمى، قال الخطابي في هذا الحديث مقال لأن فيه عن أم ولد لإبراهيم وهي مجهولة لا يعرف حالها في الثقة والعدالة اهـ لكن تقدم أنها مقبولة

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَا: نَا زُهَيْرٌ، نَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَةً فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟ قَالَ:«أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا؟ » قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَهَذِهِ بِهَذِهِ» .

(ش)(رجال الحديث)

(قوله زهير) بن معاوية

(قوله موسى بن عبد الله بن يزيد) الخطمى بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء الأنصارى الكوفي. روى عن أبيه وأمه وعبد الرحمن ابن هلال وأبي حميد الساعدى وغيرهم. وعنه ابنه عمر والأعمش ومعتمر بن سليمان ومسعر ابن كدام وكثيرون، وثقه ابن معين والعجلى والدارقطنى وابن حبان. روى له أبو داود وابن ماجه

(قوله عن امرأة من بني عبد الأشهل) لا يعرف اسمها ولا نسبها وهي صحابية من الأنصار

ص: 264

وجهالة الصحابى لا تضرّ

(معنى الحديث)

(قوله إن لنا طريقا إلى المسجد) أى يوصلنا إليه، والطريق مذكر في لغة نجد ومؤنث في لغة الحجاز وجمعه طرق بضمتين وجمع الطرق طرقات ويجمع أيضا على التذكير على أطرقة

(قوله منتنة) أى ذات رائحة كريهة لما فيها من أثر الجيف والنجاسات وهو بضم الميم وقد تكسر للإتباع اسم فاعل أو اسم مفعول من أنتن

(قوله فكيف نفعل إذا مطرنا) أى فكيف نصنع إذا مررنا في الطريق وقت المطر وعلق بثيابنا شئ منها

(قوله أطيب منها) أى أطهر وأفعل التفضيل ليس على بابه لأن المراد طريق طاهرة

(قوله فهذه بهذه) أى ما علق بالثياب من تلك الطريق المنتنة يزيله انسحاب الذيل على الأرض الطاهرة

(فقه الحديث) والحديث يدل على طلب معرفة أحكام الدين. وعلى مشروعية سؤال النساء العالم عن أحكام الشريعة، وعلى أن عظم مقام المسئول لا يمنع من سؤال من هو أقل منه، وعلى جواز ذهاب النساء إلى المساجد لكنه مقيد بعدم الفتنة، وعلى أن مرور الشئ المتنجس على الأرض الطاهرة يزيل حكم النجاسة وقد علمت ما فيه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه بلفظ عن امرأة من بنى عبد الأشهل قالت سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت إن بينى وبين المسجد طريقا قذرة قال فبعدها طريق أنظف منها قلت نعم قال فهذه بهذه (قال) الخطابى في هذا الحديث مقال لأن امرأة من بنى عبد الأشهل مجهولة والمجهول لا يقوم به الحجة، وردّ عليه المنذرى في مختصره فقال ما قاله الخطابى فيه نظر فإن جهالة اسم الصحابى غير مؤثرة في صحة الحديث

(باب الأذى يصيب النعل)

أى في بيان تطهير النعل ونحوه كالخفّ إذا أصابته نجاسة، وفي بعض النسخ باب في الأذى الخ

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ح وحَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قال أَخْبَرَنِي أَبِي ح، وحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، نَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَعْنَى قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ حَدَّثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى، فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أبو المغيرة) هو عبد القدوس بن الحجاج

(قوله عباس ابن الوليد بن مزيد) بفتح الميم وسكون الزاى وفتح المثناة التحتية البيروتي العذرى أبو الفضل

ص: 265

روى عن أبيه ومحمد بن شعيب وشعيب بن إسحاق وعقبة بن علقمة وآخرين. وعنه أبو زرعة ويعقوب بن سفيان وأبو بكر بن أبى داود وأبو حاتم وقال صدوق ووثقه النسائى وابن حبان وقال كان من خيار عباد الله المتقنين في الروايات وقال مسلمة كان ثقة مأمونا فقيها. ولد سنة تسع وستين ومائة. ومات سنة سبعين ومائتين. روى له أبو داود والنسائى

(قوله أخبرني أبى) هو الوليد ابن مزيد أبو العباس. روى عن الأوزاعي وعثمان بن عطاء ومقاتل بن سليمان وغيرهم. وعنه ابنه العباس ودحيم وأبو مسهر وهشام بن إسماعيل وآخرون. قال الأوزاعى عليكم بكتب الوليد فإنها صحيحة وما عرض على كتاب أصح من كتبه ووثقه دحيم وأبو مسهر والحاكم وأبو داود وابن حبان ومسلمة وقال الدارقطني ثقة ثبت وقال النسائى لا يخطئُ ولا يدلس. قيل مات سنة سبع وثمانين ومائة. روى له أبو داود والنسائى

(قوله عمر يعنى ابن عبد الواحد) بن قيس أبو حفص السلمى الدمشقي. روى عن الأوزاعى وعبد الرحمن بن يزيد والنعمان بن المنذر ومالك بن أنس وغيرهم. وعنه محمود بن خالد وإسحاق بن راهويه وهشام بن عمار والوليد بن عتبة وآخرون وثقه ابن سعد والعجلى وإبراهيم بن يوسف ودحيم وأحمد بن عبد الله وابن حبان. ولد سنة ثماني عشرة ومائة. ومات سنة مائتين أو إحدى ومائتين

(قوله الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو

(قوله المعنى) أى أن أحاديث هؤلاء متفقة في المعنى وإن اختلفت ألفاظها

(قوله أنبئت) بالبناء للمجهول أى أخبرت ولم يذكر من أخبره ولعله محمد بن عجلان كما في الرواية الآتية ورواية الطحاوى

(قوله عن أبيه) هو أبو سعيد كيسان بن سعيد المدنى المقبرى

(معنى الحديث)

(قوله إذا وطئَ الخ) بفتح الواو وكسر الطاء أى إذا داس بنعله النجاسة والنعل مؤنثة وجمعها أنعل ونعال. وقوله فإن التراب الخ علة لمحذوف جواب إذا أى فليدلكه بالأرض فإن التراب مطهر له (وظاهر) الحديث يدلّ على أن النعل إذا أصابتها نجاسة ولو رطبة تطهر بدلكها بالأرض ومثلها الخفّ وإلى ذلك ذهب الأوزاعي وأبو يوسف والظاهرية وأبو ثور وإسحاق وأحمد في رواية وهو قول الشافعي في القديم (قال) البغوى في شرح السنة ذهب أكثر أهل العلم إلى ظاهر الحديث وقالوا إذا أصاب أكثر الخفّ أو النعل نجاسة فدلكها بالأرض حتى ذهب أثرها فهو طاهر وجازت الصلاة فيه وبه قال الشافعى في القديم اهـ (وقال) الدهلوى النعل والخفّ يطهران من النجاسة التي لها جرم بالدلك لأنه جسم صلب لا يتخلل فيه النجاسة والظاهر أنه عام في الرطبة واليابسة اهـ ويدلّ لهم على التعميم أيضا ما رواه أحمد عن أبى سعيد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصلّ فيهما. سيأتي نحوه للمصنف في باب الصلاة، في النعل لأن الخبث يطلق على كل مستخبث (وذهبت) العترة ومحمد إلى أنه لا يطهر بالدلك مطلقا وبه قال مالك

ص: 266

وزفر والشافعى في الجديد وقالوا لا بدّ فيه من الغسل بالماء ويؤولون حديث الباب على أن الوطء على نجاسة يابسة فيعلق شيء منها ويزول بالدلك كما أولوا حديث أم سلمة المتقدم. لكن قال التوربشتي بين الحديثين بون بعيد لأن حديث أم سلمة على ظاهره يخالف الإجماع على أن الثوب لا تطهر إلا بالغسل بخلاف الخفّ وما في معناه فإن جماعة من التابعين ذهبوا إلى أن الدلك يطهره على أن حديث أبو هريرة حسن لم يطعن فيه وحديث أم سلمة مطعون فيه لأن ممن يرويه أم ولد لإبراهيم وهي مجهولة اهـ (وبهذا) تعلم أن الحديث حجة عليهم (وذهب) بعض العلماء إلى أن النعل تطهر بالدلك إذا كانت النجاسة جافة لا رطبة وقالوا إن الحديث محتمل لهما فتعين الموافق للقياس وهى الجافة (وقال) أبو حنيفة المراد بالأذى النجاسة العينية اليابسة لأن الرطبة تزداد بالمسح بالأرض انتشارا وتلوّثا (قال) العينى "فإن قيل" الحديث مطلق فلم قيده أبو حنيفة بقوله النجاسة العينية أى التي لها جرم "قلت" التي لا جرم لها خرجت بالتعليل وهو قوله فإن التراب له طهور أى يزيل نجاسته ونحن نعلم يقينا أن النعل أو الخفّ إذا تشرّب البول أو الخمر لا يزيله المسح ولا يخرجه من أجزاء الجلد فكان إطلاق الحديث مصروفا إلى الأذى الذى يقبل الإزالة بالمسح حتى أن البول أو الخمر لو استجسد بالرمل أو التراب فجفّ فإنه يطهر أيضا بالمسح على ما قال شمس الأئمة وهو الصحيح اهـ (والظاهر) ما ذهب إليه الأوّلون من عدم الفرق بين الرطبة واليابسة والعينية وغيرها أخذا بظاهر الأحاديث. ودعوى التخصيص بالجافة أو العينية لا دليل عليها

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أن التراب يطهر ما في النعل من النجاسة وقد علمت ما فيه من الخلاف والتفصيل

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن السكن والبيهقى والحاكم

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ يَعْنِي الصَّنْعَانِيَّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ:«إِذَا وَطِئَ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ، فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ»

(ش)(رجال الحديث)

(قوله أحمد بن إبراهيم) بن كثير بن زيد الدورقى أبو عبد الله البغدادى روى عن حفص بن غياث وهشيم ويزيد بن هارون وإسماعيل بن علية. وعنه مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه ويعقوب بن شيبة. قال أبو حاتم صدوق وقال الخليلى ثقة متفق عليه ووثقه العقيلى وابن حبان. توفى سنة ست وأربعين ومائتين

(قوله محمد بن كثير) بن أبى عطاء أبو يوسف الثقفى مولاهم نزيل المصيصة. روى عن معمر بن راشد والأوزاعي والسفيانين

ص: 267

وحماد بن سلمة وآخرين. وعنه أحمد بن إبراهيم وإسحاق بن منصور والحسن بن الربيع والحسن ابن الصباح وغيرهم. ضعفه أحمد وقال ابن معين كان صدوقا في روايته ثقة وقال ابن سعد كان ثقة ويذكر أنه اختلط في آخر عمره وقال أبو داود لم يكن يفهم الحديث وقال صالح بن محمد والساجى صدوق كثير الغلط وقال الحاكم ليس بالقوى وقال النسائى ليس بالقوى كثير الخطأ وقال ابن عدىّ له أحاديث لا يتابعه عليها أحد وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئُ ويغرب، توفي سنة ست عشرة ومائتين

(قوله يعنى الصنعانى) نسبة إلى صنعاء على غير قياس. والعناية من المصنف

(قوله بمعناه) أى حدّث محمد بن كثير ما ذكره المصنف عن الأوزاعي بمعنى ما حدث به عنه المغيرة والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد في الحديث السابق. ولفظ حديث محمد بن كثير ما ذكره المصنف بقوله قال إذا وطئَ الأذى الخ وتقدّم شرحه وفقهه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الطحاوى في شرح معانى الآثار بلفظ إذا وطئَ أحدكم الأذى بخفيه أو بنعليه فطهورهما التراب. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك واختلف في وصله وإرساله ورجح أبو حاتم في العلل الوصل. وقال النووى رواه أبو داود بإسناد صحيح ولا يلتفت إلى قول ابن القطان هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا نظن بها الصحة اهـ ومحمد بن كثير وإن ضعف لكن تابعه أبو المغيرة والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي وكلهم ثقات. ومحمد بن عجلان وإن ضعفه بعضهم لكن الأكثر على توثيقه

(ص) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، نَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عَائِذٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ حَمْزَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ

(ش) غرض المصنف بسياق هذا الطريق وما قبله بيان أن أصحاب الأوزاعي اختلفوا عليه فأبو المغيرة عبد القدوس والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد رووا الحديث عن الأوزاعي قال أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبرى حدث عن أبيه عن أبى هريرة. كما في الطريق الأول ورواه محمد بن كثير عن الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعد عن أبيه عن أبى هريرة أيضا كما في الطريق الثاني ورواه يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن سعيد عن القعقاع عن عائشة

(رجال الحديث)

(قوله محمد يعنى ابن عائذ) بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو أحمد أو أبو عبد الله. روى عن يحيى بن حمزة والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وأبى مسهر

ص: 268

وغيرهم. وعنه أبو زرعة ويعقوب بن سفيان وأبو داود والنسائى وقال لا بأس به ووثقه ابن حبان وابن معين وقال دحيم صدوق وقال صالح بن محمد ثقة إلا أنه قدرى. ولد سنة خمسين ومائة. وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين وله ثلاث وثمانون سنة. والعناية من المصنف

(قوله يحيى يعنى ابن حمزة) بن واقد الحضرمى أبو عبد الرحمن الدمشقى. روى عن محمد بن الوليد والأوزاعى وزيد بن واقد وعبد الرحمن بن يزيد. وعنه ابن المبارك وابن مهدى والوليد بن مسلم ومحمد بن غائذ وغيرهم. قال أبو حاتم كان صدوقا ووثقه ابن معين وأبو داود والنسائى وابن حبان والعجلى ويعقوب بن شيبة وقال ابن سعد كان كثير الحديث صالحه وقال أحمد لا بأس به. ولد سنة ثلاث ومائة. ومات سنة ثلاث وثمانين ومائة. روى له الجماعة. والعناية من شيخ المصنف

(قوله أخبرني أيضا الخ) هكذا في جميع النسخ بزيادة لفظ أيضا أى قال محمد بن الوليد أخبرنى سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة كما أخبر سعيد ابن عجلان به عن أبيه عن أبى هريرة. ويحتمل أن يكون المعنى قال محمد بن الوليد أخبرني أيضا بالحديث سعيد بن أبى سعيد كما أخبرنى غيره عن القعقاع بن حكيم عن عائشة. وقيل إن المعنى قال محمد بن الوليد أخبرنى سعيد بن أبى سعيد عن القعقاع عن عائشة كما أخبرنى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة

(قوله بمعناه) أى بمعنى الحديث الأول وروى لفظه ابن عدى في الكامل عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي عن سعيد المقبرى عن القعقاع بن حكيم عن أبيه عن عائشة قالت سألت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يطأ بنعليه في الأذى قال التراب لهما طهور قال الدارقطنى مدار الحديث على ابن سمعان وهو ضعيف. وقال مالك كذاب، وقال أحمد متروك الحديث

(باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب)

أى في بيان إعادة الصلاة من النجاسة التي تكون في الثوب ولم يعلم بها صاحبها أهي مطلوبة أم لا

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، نَا أَبُو مَعْمَرٍ، نَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ يُونُسَ بِنْتُ شَدَّادٍ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي حَمَاتِي أُمُّ جَحْدَرٍ الْعَامِرِيَّةُ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وَعَلَيْنَا شِعَارُنَا، وَقَدْ أَلْقَيْنَا فَوْقَهُ كِسَاءً، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ أَخَذَ الْكِسَاءَ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لُمْعَةٌ

ص: 269

مِنْ دَمٍ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا يَلِيهَا، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ مَصْرُورَةً فِي يَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ:«اغْسِلِي هَذِهِ وَأَجِفِّيهَا وأَرْسِلِي بِهَا إِلَيَّ» . فَدَعَوْتُ بِقَصْعَتِي فَغَسَلْتُهَا، ثُمَّ أَجْفَفْتُهَا فَأَحَرْتُهَا إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ وَهِيَ عَلَيْهِ

(ش) مناسبة الحديث للترجمة أنه لم يذكر فيه أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعاد الصلاة بتلك اللمعة ولو أعادها لنقل فعلم بهذا أن القليل من النجاسة إذا أصابت الثوب لا تعاد الصلاة من أجله

(رجال الحديث)

(قوله أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. و (عبد الوارث) بن سعيد العنبرى

(قوله أم يونس بنت شداد) روت عن أم جحدر. وعنها عبد الوارث بن سعيد. قال الذهبى والحافظ في التقريب لا يعرف حالها. روى لها أبو داود

(قوله حدثتنى حماتي) أى أم زوجى ويطلق الحم أيضا على كل قريب الزوج مثل الأب والأخ والعمّ وأما أقارب الزوجة فهم الأختان هكذا فسر بعض أهل اللغة. وقال ابن فارس الحم أبو الزوج وأبو امرأة الرجل اهـ فعلى هذا يكون الحم من الجانبين كالصهر

(قوله أم جحدر) بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة (العامرية) روت عن عائشة. وعنها أم يونس بنت شداد. قال الذهبى والحافظ في التقريب لا يعرف حالها

(معنى الحديث)

(قوله فصلى الغداة الخ) أى صلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم صلاة الصبح ثم جلس بعد الفراغ منها ليعلم القوم ما يحتاجون إليه وليقصوا عليه ما عندهم من الرؤيا كما كانت عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. واللمعة بضم اللام وسكون الميم هي في الأصل قطعة من نبات إذا أخذت في اليبس ثم استعملت في كل لون يبدو بين ألوان أخر

(قوله فبعث بها) أى بالثوب الذى فيه اللمعة، وعدّاه بحرف الجرّ لأن كل شيء لا ينبعث بنفسه يتعدى إليه الفعل بالباء بخلاف ما ينبعث بنفسه فإنه يتعدى إليه بنفسه

(قوله مصرورة) أى مجموعة مشدودة والصرّ الجمع والشدّ وكل شيء جمعته فقد صررته ومنه قيل للأسير مصرور لأن يديه جمعتا إلى عنقه

(قوله وأجفيها) أى يبسى اللمعة الواقعة في الثوب وهو أمر من الإجفاف وثلاثيه جفّ من باب ضرب وفى لغة من باب تعب يقال جفّ الثوب يجفّ جفافا وجفوفا يبس

(قوله فأحرتها) بالحاء المهملة والراء أى رددتها يقال حار الشئ يحور أى رجع قال الله تعالى "إنه ظنّ أن لن يحور" أى لن يرجع الينا بالبعث يوم القيامة للحساب، وفي نسخة فأخرجتها

(قوله وهي عليه) أى والحال

ص: 270

أن الكساء الذى كانت فيه اللمعة على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وفي بعض النسخ وهو عليه والتذكير باعتبار المذكور أو باعتبار الكساء (وليس في هذا) الحديث ما يدل على أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعاد الصلاة التي صلاها في الكساء المتنجس بالدم وغاية ما فيه أنه يدلّ على تجنب المصلى للثوب المتنجس وعلى العفو عما لا يعلم من النجاسة فلا يصلح أن يكون حجة لمن قال إن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة، نعم فيه الأمر بإزالة النجاسة وهو لا يستلزم الشرطية (واختلف) في إزالة النجاسة أهى شرط في صحة الصلاة أم لا فذهب ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومالك في أحد قوليه والشافعى في القديم إلى أنها غير شرط (وذهب) الأكثرون إلى أنها شرط واستدلوا بقوله تعالى "وثيابك فطهر" قالوا المراد طهرها للصلاة للإجماع على أنه لا وجوب في غيرها، لكن لا يخفى أن غاية ما يستفاد من الآية الوجوب عند من جعل الأمر حقيقة فيه، والوجوب لا يستلزم الشرطية لأن كون الشئ شرطا حكم شرعي وضعى لا يثبت إلا بتصريح من الشارع بأنه شرط أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط أو بنفي الفعل بدونه نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفى الثمرة ولا يثبت بمجرّد الأمر به (قال) في النيل قد أجاب صاحب ضوء النهار عن الاستدلال بالآية بأنها مطلقة وقد حملها القائلون بالشرطية على الندب في الجملة فأين دليل الوجوب في المقيد وهو الصلاة وفيه أنهم لم يحملوها على الندب بل صرّحوا بأنها مقتضية للوجوب في الجملة لكنه قام الإجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة فكان صارفا عن اقتضاء الوجوب فيما عدا المقيد اهـ واستدلوا أيضا بما سيأتى للمصنف عن أبى سعيد الخدرى قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقائكم نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصلّ فيهما، وغاية ما فيه الأمر بمسح النعل وقد عرفت أنه لا يستلزم الشرطية على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بني على ما كان قد صلى قبل الخلع ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطا لوجب عليه الاستئناف لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط، وعلى أن هذا الحديث قد اختلف في وصله وإرساله ورواه الحاكم عن أنس وابن مسعود ورواه الدارقطني عن ابن عباس وعبد الله بن الشخير ورواه البزار عن أبى هريرة بأسانيد فيها ضعف كما قاله الحافظ في التلخيص، واستدلوا بأحاديث أخر لا تفيد الشرطية كحديث تعذيب من لم يستنزه من البول وحديث الأمر بغسل المذى لأنها أوامر وهي لا تدل على الشرطية التي هي محل النزاع

ص: 271