الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من روى الحديث أيضا) رواه أحمد والنسائى وابن ماجه والبيهقى
(باب في وقت الصبح)
أى في بيان وقت صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصبح. وفى نسخة باب في وقت صلاة الصبح
(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا، قَالَتْ:«إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ»
(ش)(قوله إن كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) إن مخففة واسمها ضمير الشأن أى إنه كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليصلى الصبح فينصرف النساء اللاتى يصلين معه حال كونهنّ متلفعات بالعين المهملة أى مستترات بمروطهنّ. وفي نسخة متلففات بالفاء وهي رواية الترمذى من التلفف بمعنى التلفع. والمروط جمع مرط بكسر الميم كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة. وكنّ في ذلك الزمن على غاية الصيانة فما كان يتطرّق إليهنّ فتنة ولما حدثت الفتنة لهنّ وبهنّ منعهنّ العلماء من ذلك ولقد قالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا لو علم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهنّ المساجد كما منعت نساء بنى إسرائيل
(قوله ما يعرفن من الغلس) أى حال الانصراف في الطرقات لا داخل المسجد لأن جملة ما يعرفن حال من فاعل ينصرفن فتجب المقارنة بينهما أى ما يعرفهنّ أحد من أجل ظلمة آخر الليل المختلطة بضوء الصباح. وقيل من أجل ظلمة المسجد وعدم إسفاره لأنه ما كان يظهر النور إلا قريبا من طلوع الشمس لقرب السقف من الأرض وضيق المسجد وعدم السرج. لكن هذا مردود لأن فيه صرف الغلس عن حقيقته اللغوية ولما عرفت من أن قوله ما يعرفن حال من فاعل ينصرفن فتجب مقارنته له "ولا منافاة" بين هذا الحديث وحديث أبى برزة أنه كان ينصرف من الصلاة حين يعرف الرجل جليسه "لأن هذا" إخبار عن رؤية المتلفعة على بعد وذاك إخبار عن رؤية الجليس السافر (والحديث يدلّ) على استحباب المبادرة بصلاة الفجر أول الوقت. وبه قال مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور والأوزاعي وداود بن على والطبرى وهو المروى عن عمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبى موسى وأبى هريرة. وحكى هذا القول الحازمى عن بقية الخلفاء الأربعة
وأبى مسعود الأنصارى وأهل الحجاز. واحتجوا بحديث الباب وبقوله تعالى "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم" والتعجيل من باب المسارعة إلى الخير. وقد ذمّ الله تعالى أقواما على الكسل بقوله "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" والتأخير من الكسل. وروى الترمذى من حديث ابن عمر مرفوعا الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، وبقوله تعالى "فاستبقوا الخيرات" وبما رواه البخارى ومسلم عن عائشة قالت كنّ نساء المؤمنات يشهدن مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهنّ ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس. وبما رواه أبو برزة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله ولسلم ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المائة. وتقدم نحوه للمصنف. وبما تقدم للمصنف عن أبى مسعود أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى الصبح مرّة بغلس ثم صلى مرّة أخرى فأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات ولم يعد إلى أن يسفر. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة في أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى الصبح بغلس (وذهب) أبو حنيفة وأصحابه والثورى وأكثر العراقيين إلى أن الإسفار بالصبح أفضل. وروى عن على وابن مسعود. واحتجوا بحديث رافع بن خديج أسفروا بالفجر وسيأتى للمصنف نحوه. وبما رواه البخارى ومسلم عن ابن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء يجمع "أى المزدلفة" وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها. قالوا ومعلوم أنه لم يصلها قبل طلوع الفجر وإنما صلاها بعد طلوعه مغلسا بها فدلّ على أنه كان يصليها في جميع الأيام غير ذلك مسفرا بها. وقالوا ولأن الإسفار يؤدّي إلى كثرة الجماعة واتصال الصفوف ولأنه يتسع به وقت التنفل قبلها وما أفاد كثرة التنفل كان أفضل
"وأجيب" عن حديث رافع بن خديج بأن المراد بالإسفار انكشاف الفجر وظهوره فإنه يقال أسفر الفجر إذا انكشف وأضاء وأسفرت المرأة كشفت وجهها "ولا يشكل" على هذا التأويل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه أعظم للأجر "ولأن هذا" يدلّ على صحة الصلاة قبل الإسفار لكن الأجر فيها أقل لأنه إذا غلب على الظنّ دخول الوقت ولم يتيقنه جاز له الصلاة وله فيها أجر وإن تيقن طلوع الفجر فهو أفضل وأعظم للأجر. أو أن الأمر بالإسفار خاصّ بالليالي المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فأمروا بالإسفار احتياطيا (وأجيب) أيضا عن قوله في حديث ابن مسعود "وصلى الفجر قبل ميقاتها" بأن معناه أنه صلاها قبل وقتها المعتاد لها في بقية الأيام وقد صلى في هذا اليوم أول طلوع الفجر ليتسع الوقت لمناسك الحج وكان يؤخرها في غير هذا اليوم قدر ما يتوضأ المحدث ويغتسل الجنب. وجمع الطحاوي بين أحاديث التغليس وأحاديث
الإسفار بأنه يدخل في الصلاة مغلسا ويطوّل القراءة حتى ينصرف منها مسفرا. وقال إن حديث عائشة هذا كان قبل الأمر بطول القراءة فهو منسوخ اهـ لكن دعواه النسخ لحديث عائشة لا دليل عليه. ويقوّى عدم النسخ ما قاله الترمذى من أن حديث عائشة حسن صحيح وهو الذى اختاره غير واحد من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منهم أبو بكر وعمر ومن بعدهم من التابعين اهـ فلو كان منسوخا لما ذهب إليه هؤلاء الأكابر الذين هم أعلم بالنسخ من غيرهم. ولعلّ حديث عائشة مبنيّ على بعض الأحوال فإن الظاهر من الأدلة أنه كان يبتدئُ بغلس وهو الغالب من أحواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وينصرف منها تارة بغلس كما في حديث عائشة وتارة بإسفار كما في حديث أبى برزة المتقدم وكان ذلك على حسب طول القراءة وقصرها فقد كان يقرأ فيها من الستين إلى المائة. وروى الطحاوى من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال صلى بنا أبو بكر صلاة الصبح فقرأ بسورة آل عمران فقالوا كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين. وروى أيضا من طريق عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى قال صلى بنا أبو بكر صلاة الصبح فقرأ سورة البقرة في الركعتين جميعا فقال له عمر كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين "قال" أبو جعفر فهذا أبو بكر قد دخل في وقت غير الإسفار ثم مدّ القراءة فيها حتى خيف طلوع الشمس وهذا بحضرة أصحاب ر سول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبقرب عهدهم من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا ينكر عليه منهم منكر فدلّ ذلك على متابعتهم له ثم فعل ذلك عمر من بعده فلم ينكره من حضره منهم "إذا" علمت هذا "تبين لك" أن الراجح القول بالتغليس لصحة أدلته وقوّتها
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب المبادرة بصلاة الصبح أول الوقت، وعلى جواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل ومحلّ ذلك ما لم يخش عليهنّ أو بهنّ فتنة وعلى أنه يطلب من النساء الاستتار التامّ إذا خرجن لأمر مشروع لهنّ
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى والبيهقي وأخرجه ابن ماجه من طريق عروة عن عائشة
(ص) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ أَوْ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله سفيان) الثوري. و (ابن عجلان) هو محمد
(قوله عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان) الظفري الأوسي الأنصاري أبي عمر. روى عن أبيه وجابر ابن عبد الله وأنس وعلى بن الحسين وآخرين. وعنه ابنه الفضل وابن عجلان وزيد بن أسلم ومحمد ابن إسحاق. وثقه ابن معين والنسائى والبزّار وابن القطان وأبو زرعة وابن حبان وقال ابن سعد كان راوية للعلم ثقة كثير الحديث عالما. توفي سنة تسع عشرة أو عشرين ومائة. روى له الجماعة
(قوله محمود بن لبيد) بن عقبة بن رافع بن امرئ القيس الأشهلى الأنصارى أبى نعيم. ولد في حياة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. روى عن عمر وعثمان وأبى سعيد الخدرى وآخرين، وعنه الزهرى وعاصم بن عمر ومحمد بن إبراهيم وبكير بن الأشج. ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين فيمن ولد على عهده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال كان ثقة قليل الحديث وذكره مسلم في الطبقة الثانية من التابعين ووثقه يعقوب بن سفيان وقال ابن عبد البرّ قول البخارى في إثبات صحبته أولى وذكره ابن حبان في الصحابة وقال الترمذى رأى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو غلام صغير وقال الواقدى مات وهو ابن تسع وتسعين سنة (قال) الحافظ ابن حجر قول الواقدى يقوّى قول من أثبت الصحبة له لأن سنه يوم مات صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان ثلاث عشرة سنة اهـ
(قوله رافع بن خديج) ابن رافع بن عدي الخزرجي الأنصاري الحارثي أبي عبد الله أحدا والخندق. روى له عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثمانية وسبعون حديثا اتفق الشيخان على خمسة وانفرد مسلم بثلاثة. وعنه عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والسائب بن يزيد وحنظلة ابن قيس وكثيرون. مات سنة ثلاث أو أربع سبعين
(معنى الحديث)
(قوله أصبحوا بالصبح) أي صلوها عند طلوع الصبح يقال أصبح الرجل إذا دخل في الصبح (قال) السيوطى بهذا يعرف أن رواية من رواه بلفظ أسفروا بالفجر رواية بمعناه اهـ
(قوله فإنه أعظم للأجر) أى أن الإصباح المأخوذ من أصبحوا أكثر ثوابا من تأخيرها عن أول الوقت وهو تعليل للأمر بالإصباح (قال) الخطابي تأولوا حديث رافع بن خديج على أنه أراد بالإصباح والإسفار أن يصليها بعد الفجر الثاني "وزعموا" أنه يحتمل أن يكون أولئك القوم لما أمروا بتعجيل الصلاة جعلوا يصلونها بين الفجر الأول والفجر الثانى طلبا للأجر في تعجيلها ورغبة في الثواب فقيل لهم صلوها بعد الفجر الثانى وأصبحوا بها إذا كنتم تريدون الأجر فإن ذلك أعظم لأجوركم "فإن قيل" كيف يستقيم هذا ومعلوم أن الصلاة إذا لم يكن لها جواز لم يكن فيها أجر "قيل" أما الصلاة فلا جواز لها ولكن أجرهم
فيما نووه ثابت لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ألا تراه أنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام قد أبطل حكمه ولم يبطل أجره اهـ (وقال) في المرقاة حمله بعضهم على الليالى القصيرة لإدراك النوّام الصلاة قال معاذ بعثنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم وإذا كان في الصيف فأسفر بالفجر فإن الليل قصير والناس نيام فأمهلهم حتى يدركوا ذكره في شرح السنة اهـ وتقدم بيان ذلك وافيا وأن المراد بالإصباح والإسفار تحقق طلوع الفجر وظهوره
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على طلب التغليس بالفجر، وعلى أن المبادرة بها فيها زيادة الأجر
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذى حديث رافع بن خديج حسن صحيح
(تم الجزء الثالث)
(من المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود)
(ويليه الجزء الرابع وأوله)
(باب في المحافظة على وقت الصلوات)