الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قال بنجاسته وهو مردود لأن المشرّحين من الأطباء قالوا إن مستقرّ المنىّ غير مستقر البول وكذا
مخرجاهما. وأما نجاسة رطوبة فرج المرأة فغير متفق عليها أفاده العينى على البخارى (وقال) في شرح أبى داود قال الخطابى هذا لا يخالف حديث الفرك وإنما هذا استحباب واستظهار بالنظافة كما قد يغسل الثوب من النخامة والمخاطة ونحوهما. والحديثان إذا أمكن استعمالهما لم يجز أن يحملا على التناقض اهـ "قلت" ما ادعى أحد المخالفة بين الحدثين ولا التناقض وإنما هذا الحديث يدلّ على أن المنىّ نجس بدلالة غسله وكان هذا هو القياس أيضا في يابسه ولكن خص بحديث الفرك. ولا نسلم أن غسل هذا مثل غسل النخامة والمخاطة لأنه ورد في حديث أخرجه الدارقطنى في سننه "يا عمار ما نخامتك ولا دموعك إلا بمنزلة الماء الذى في ركوتك إنما يغسل الثوب من خمس من البول والغائط والمنيّ والدم والقئ" فانظر كيف ذكره بين الغائط والدم "فإن قيل" قال الدارقطنى لم يروه غير ثابت بن حماد وهو ضعيف جدّا "قلت" قال البزار ثابت بن حماد كان ثقة "فإن قيل" قد قال البيهقى أما حديث عمار بن ياسر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذى في ركوتك إنما يغسل ثوبك من البول والغائط والمنىّ والدم والقئ فهذا باطل لا أصل له إنما رواه ثابت بن حماد عن علىّ بن زيد عن ابن المسيب عن عمار وعلى بن زيد غير محتج به "قلت" هذا لا يفيد دعواه لأن مسلما روى له مقرونا بغيره وروى له أبو داود والترمذى والنسائى وقال رجل لابن معين اختلط علىّ بن زيد قال ما اختلط علي بن زيد قط وهو أحب إلى من ابن عقيل ومن عاصم بن عبيد الله. وقال العجلي لا بأس به وفى موضع آخر قال يكتب حديثه. وروى له الحاكم في المستدرك وقال الترمذى صدوق وقال الشيخ علاء الدين البركماني أما كون ثابت بن حماد متهما بالوضع فما رأيت أحدا بعد الكشف التام ذكره غير البيهقى، وقد ذكر أيضا هو هذا الحديث في كتاب المعرفة وضعف ثابتا هذا ولم ينسبه إلى التهمة بالوضع اهـ
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على نجاسة المنىّ وقد علمت ما فيه من الخلاف، وعلى جواز خدمة المرأة زوجها بنحو غسل ثيابه وهو من حسن العشرة وجميل الصحبة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الأئمة الستة
(باب بول الصبى يصيب الثوب)
أى في بيان كيفية تطهير الثوب الذى أصابه بول الصبي. والصبي الصغير ما دام رضيعا فإذا فطم يسمى غلاما إلى سبع سنين
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا، «أَتَتْ بَابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ»
(ش)(قوله ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهرى. و (أم قيس) اسمها جذامة بالجيم وبالذال المعجمة وقيل آمنة
(قوله أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام) المراد به ما عدا اللبن الذى يرتضعه والتمر الذى يحنك به والعسل الذى يلعقه للمداواة وغيرها (وقال) ابن التين يحتمل أنها أرادت أنه لم يتقوّت بالطعام ولم يستغن به عن الرضاع. ويحتمل أنها جاءت به عند ولادته ليحنكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيحمل النفى على عمومه. ويؤيده رواية البخارى في العقيقة أتى بصبىّ يحنكة اهـ
(قوله فأجلسه في حجره) أى وضع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الابن في حجره بفتح الحاء المهملة وكسرها وهو مقدّم الثوب وهذا إن كان أتى به حين ولد. ويحتمل أن يكون الجلوس باقيا على حقيقته إن قلنا إنه كان في سنّ من يحبو كما في قصة الحسن (وقال) العينى في شرح البخارى المراد هنا أنه أقامه من مضجعه لأن الظاهر أن أم قيس أتت به وهو في قماطه مضطجع فأقامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حجره وإن كانت أتت به وهو في يدها بأن كان عمره مقدار سنة والحال أنه رضيع يكون المعنى تناوله منها وأجلسه في حجره وهو يمسكه اهـ "والقماط خرقة عريضة يشدّ بها الصغير"
(قوله فبال على ثوبه الخ) أى بال الصغير على ثوب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنضحه أى رشه كما في القاموس وتقدّم أنه يطلق على الغسل لكن إطلاقه على الرش أكثر وأشهر فلا يفهم غير هذا المعنى إلا بقرينة ولا يخفى أن الرش غير الغسل لأن الرشّ أخفّ والمقصود منه غير المقصود من الغسل
(قوله ولم يغسله) أى الثوب وهو تأكيد للنضح وأتى به لدفع توهم أن المراد بالنضح الغسل كما قال به بعضهم أى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اكتفى بالرشّ ولم يغسل المحل المتلوّث بالبول ويؤيده ما في مسلم من قوله فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله غسلا. وفى رواية له ولابن ماجه فدعا بماء فرشه. وفى لفظ له فلم يزد على أن نضح بالماء. وادعى الأصيلي أن قوله ولم يغسله من كلام ابن شهاب راوى الحديث وأن المرفوع انتهى إلى قوله فنضحه قال وكذلك روى معمر عن ابن شهاب وكذا أخرجه ابن أبى شيبة بلفظ فرشه ولم يزد على ذلك
(قال) في الفتح ليس في سياق معمر ما يدلّ على ما ادعاه من الإدراج وقد أخرجه عبد الرزاق عنه بنحو سياق مالك لكنه لم يقل ولم يغسله وقد قالها مع مالك الليث وعمرو بن الحارث ويونس ابن يزيد كلهم عن ابن شهاب أخرجه ابن خزيمة والإسماعيلى وغيرهم من طريق ابن وهب عنهم وهو لمسلم عن يونس وحده. نعم زاد معمر في روايته قال قال ابن شهاب فمضت السنة أن يرشّ بول الصبى ويغسل بول الجارية فلو كانت هذه الزيادة هي التى زادها مالك ومن تبعه لا يمكن دعوى الإدراج لكنها غيرها فلا إدراج اهـ (والحديث) يدلّ على أن بول الصبيّ يكفى في تطهير ما أصابه النضح (قال) النووى في شرح مسلم الخلاف في كيفية تطهير الشئ الذى بال عليه الصبى ولا خلاف في نجاسته وقد نقل بعض أصحابنا إجماع العلماء على نجاسة بول الصبىّ وإنما لم يخالف فيه إلا داود الظاهرى، وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال ثم القاضى عياض عن الشافعي وغيره أنهم قالوا بول الصبىّ طاهر وينضح فحكاية باطلة قطعا اهـ (واختلف) العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب (الأول) الاكتفاء بالنضح في بول الصبيّ ووجوب الغسل في بول الجارية وهو قول علىّ وعطاء والحسن والزهرى وأحمد والثورى والشافعية والنخعى وهو رواية شاذة عن مالك. واستدلوا بحديث الباب وبما روى عن علىّ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل رواه أحمد والترمذى وقال حديث حسن. وبما رواه مسلم عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بصبيّ فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله، وبما رواه أحمد عن أم كرز الخزاعية أنها قالت أتي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بغلام فبال عليه فأمر به فنضح وأتى بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل، والأحاديث الدالة على التفرقة كثيرة (الثاني) أنه يكفى النضح فيهما وهو مذهب الأوزاعى وحكى عن مالك والشافعىّ. ولم نقف لهذا المذهب على دليل (الثالث) أنهما سواء في وجوب الغسل وهو مذهب العترة والحنفية وسائر الكوفيين والمالكية، واستدلوا بحديث عمار مرفوعا إنما تغسل الثوب من الغائط والبول "الحديث" رواه أبو يعلى الموصلى وكذا البزار وابن عدىّ والدارقطنى والبيهقي وضعفوه لأن في إسناده ثابت بن حماد اتهمه بعضهم بالوضع (قال) البيهقى هذا حديث باطل إنما رواه ثابت بن حماد وهو متهم. وقال اللالكائيّ أجمعوا على تركه. ووجه الاستدلال أن البول فيه عامّ يشمل بول الغلام والجارية وقد علمت أنه لا يصلح للاستدلال. واحتجوا أيضا بقياس بول الصبى على الصبية لاتفاق العلماء على استواء الحكم فيهما بعد أكل غير اللبن فلا بدّ من غسل بولهما بالإجماع ولأن الأصل في إزالة النجاسة الغسل (قال) الطحاوي في شرح معاني الآثار إنا رأينا الغلام والجارية حكم أبوالهما سواء بعد ما يأكلان الطعام فالنظر على ذلك أن يكونا أيضا سواء قبل أن يأكلا الطعام فإذا كان بول الجارية نجسا فبول
الغلام أيضا نجس وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد اهـ (وأجابوا) عن حديث الباب بأن المراد بالنضح الغسل لأن النضح يستعمل في الغسل كما في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صاحب المذى فلينضح فرجه. وحديث أسماء في غسل الدم وانضحيه فإن المراد بالنضح فيهما الغسل وهو في لسان العرب كثير، وبأن معنى قوله ولم يغسله لم يعركه ولم يبالغ في غسله بالدلك وبأن قول أم قيس لم يأكل الطعام ليس علة في الحكم وإنما هو وصف حال وحكاية قضية والنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يعلل بهذا ولا أشار إليه، وهذا ملخص كلامهم (لكن) الظاهر ما ذهب إليه الفريق الأول من التفرقة بين بول الصبيّ والصبية كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة. وما استدلّ به الفريق الثالث من حديث عمار فقد علمت ما فيه من الضعف فلا يعارض أحاديث الباب الصحيحة. وعلى تقدير صحته فهو عام يحمل على الخاص. واستدلالهم بالقياس غير ظاهر لأن القياس لا يصبح إذا عارض النص الصحيح الصريح. وقولهم إن المراد بالنضح الغسل مردود لأنه لا قرينة تصرفه عن ظاهره. وقولهم إن معنى ولم يغسله في الحديث عدم مبالغته في الغسل خلاف الظاهر. وقولهم إن قول أم قيس لم يأكل الطعام حكاية حال غير مسلم لأنه تخصيص بلا دليل فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بنضح بول الصبي الموصوف بهذه الصفة فلا فرق بين ابن أم قيس وغيره فالحكم عامّ. وقولهم إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يعلل بهذا ولا أشار إليه مردود بما رواه الدارقطني عن عطاء عن عائشة قالت بال ابن الزبير على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأخذته أخذا عنيفا فقال إنه لم يأكل الطعام ولا يضرّ بوله. وفى رواية فقال دعيه فإنه لم يطعم الطعام فإنه لا يقذر بوله اهـ فقد علل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعدم أكل الطعام في الحديث (قال) ابن دقيق العيد الحديث ظاهر في الاكتفاء بالنضح وعدم الغسل ولا سيما مع قولها ولم يغسله والذين أوجبوا غسله اتبعوا القياس على سائر النجاسات وأولوا الحديث وقولها ولم يغسله أى غسلا مبالغا فيه كغيره وهو لمخالفة الظاهر محتاج إلى دليل يقاوم هذا الظاهر. ويبعده أيضا ما ورد في بعض الأحاديث من التفرقة بين بول الصبي والصبية فإن الموجبين للغسل لا يفرقون بينهما ولما فرق في الحديث بين النضح في الصبي والغسل في الصبية كان ذلك قويا في أن النضح غير الغسل إلا أن يحلموا ذلك على قريب من تأويلهم الأول وهو إنما يفعل في بول الصبية أبلغ مما يفعل في بول الصبي فسمى الأبلغ غسلا والأخفّ نضحا واعتل بعضهم في هذا بأن بول الصبي يقع في محل واحد وبول الصبية يقع منتشرا فيحتاج إلى صبّ الماء في مواضع متعددة ما لا يحتاج إليه في بول الصبي اهـ ومحل الخلاف المتقدم في الصبي ما لم يأكل طعاما غير اللبن وإلا فالغسل متفق عليه. وقد جاء في وجه التفرقة بين بول الغلام وبول الجارية آثار (منها) ما رواه ابن ماجة عن أبي الحسن بن سلمة قال حدثنا أحمد بن موسى بن معقل
قال حدثنا أبو اليمان المصرى قال سألت الشافعى عن حديث النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يرشّ من بول الغلام ويغسل من بول الجارية والماآن جميعا واحد قال لأن بول الغلام من الماء والطين وبول الجارية من اللحم والدم ثم قال لى فهمت أو قال لقنت قال قلت لا قال فإن الله تعالى لما خلق آدم خلقت حوّاء من ضلعه الأيسر فصار بول الغلام من الماء والطين وصار بول الجارية من اللحم والدم قال قال لى فهمت قلت نعم قال لى نفعك الله به اهـ (ومنها) أن هذا أمر كان قد تقرر في الجاهلية فأبقاه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ما كان عليه (ومنها) أن بول الأنثى أغلظ وأنتن من بول الذكر (ومنها) أن الصبى ترغب فيه النفوس والأنثى تعافها فخفف الأمر بالنسبة للذكر دفعا للمشقة والحرج
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على نضح الثوب الذى أصابه بول الصبي الذى لم يتغذّ بالطعام وعلى مشروعية الترخيص في الحكم لدفع المشقة، وعلى مزيد تواضع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكمال مكارم أخلاقه، وعلى مشروعية التبرّك بأهل الفضل، وعلى مشروعية حمل الأطفال إلى أهل الفضل للتبرك بهم، وعلى طلب الرفق بالصغار والشفقة عليهم
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك والبخارى ومسلم والترمذى وابن ماجه والطحاوى والدارمى
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ الْمَعْنَى قَالَا: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ: كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَبَالَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: الْبَسْ ثَوْبًا وَأَعْطِنِي إِزَارَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ. قَالَ: «إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ»
(ش)(رجال الحديث)
(قوله المعنى) أى أن معنى حديثيهما واحد وإن اختلفا في اللفظ. ولفظ مسدد ما ذكره المصنف. أما لفظ الربيع فقد رواه الحاكم عن لبابة أيضا قالت وبال الحسن في حجر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت هات ثوبك حتى أغسله فقال إنما يغسل بول الأنثى وينضح بول الذكر. و (أبو الأحوص) سلام بن سليم. و (سماك) ابن حرب
(قوله عن قابوس) بن أبى المخارق ويقال ابن المخارق بن سليم الشيبانى الكوفى روى عن أبيه عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن أم الفضل. وعنه سماك بن حرب وثقه ابن حبان وقال النسائى لا بأس به. روى له أبو داود والنسائى
(قوله عن لبابة)
بضم اللام وتخفيف الموحدتين (بنت الحارث) بن حزن بن بجير بن الهرم أم الفضل الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب. قيل هي أول امرأة أسلمت بعد خديجة. روى لها عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثلاثون حديثا اتفق الشيخان على واحد وانفرد كل منهما بآخر. روى عنها ابناها عبد الله وتمام ومولاها عمير بن الحارث وأنس بن مالك وغيرهم. ماتت في خلافة عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما. روى لها الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله فبال عليه) أى بال الحسين على ثوب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله فقلت البس ثوبا الخ) أى قالت لبابة للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم البس ثوبا غيره وأعطنى إياه لأغسله. وفي رواية ابن ماجة فقلت يا رسول الله أعطنى ثوبك والبس ثوبا غيره
(قوله إنما يغسل من بول الأنثى الخ) أى لا يغسل إلا من بول الأنثى ولا ينضح إلا من بول الذكر. وفيه ردّ على من سوّى بين الصبىّ والصبية في النضح وكذا من سوّى بينهما في الغسل وهو حجة لمن قال بالتفرقة بينهما
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد وابن ماجة والطحاوى وابن خزيمة والبيهقى في سننه من وجوه كثيرة وأخرجه الحاكم بلفظ تقدم
(ص) حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ:«وَلِّنِي قَفَاكَ» . فَأُوَلِّيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ، فَأُتِيَ بِحَسَنٍ، أَوْ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَا فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ:«يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» قَالَ عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ أَبُو الزَّعْرَاءِ
(ش)(رجال الحديث)
(قوله مجاهد بن موسى) بن فرّوخ أبو على الخوارزمى. روى عن ابن عيينة ومروان بن معاوية وعبد الرحمن بن مهدى وآخرين. وعنه أبو زرعة وأبو حاتم ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. قال ابن معين ثقة لا بأس به وقال أبو حاتم محله الصدق وقال صالح بن محمد صدوق ووثقه مسلمة بن قاسم والنسائي وابن حبان. ولد سنة ثمان وخمسين ومائة. ومات لتسع بقين من رمضان سنة أربع وأربعين ومائتين
(قوله وعباس بن عبد العظيم)
ابن إسماعيل بن توبة أبو الفضل العنبرى البصرى. روى عن يحيى القطان وأبى داود الطيالسي وابن مهدى ومعاذ بن هشام وغيرهم. وعنه أبو حاتم وابن خزيمة ومسلم وابن ماجه وطائفة قال النسائى ثقة مأمون وقال أبو حاتم صدوق وقال محمد بن المثنى هو من سادات المسلمين ووثقه مسلمة بن قاسم. مات سنة ست وأربعين ومائتين
(قوله يحيى بن الوليد) بن المسيب الطائى أبو الزعراء الكوفى. روى عن محلّ بن خليفة وسعيد بن عمر. وعنه ابن مهدى وأبو عاصم وزيد بن الحباب وسويد بن عمرو. وثقه ابن حبان وقال النسائى ليس به بأس. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه
(قوله محلّ) بضم الميم وكسر الحاء المهملة وتشديد اللام (ابن خليفة) الطائى الكوفى. روى عن جدّه عدى بن حاتم وأبى السمح وأبى وائل. وعنه شعبة والثورى ويحيى بن الوليد. وثقه النسائى وابن خزيمة والدارقطنى وابن حبان وابن معين وقال أبو حاتم صدوق وقال ابن عبد البر ضعيف لكن لم يتابع عليه. روى له البخارى وأبو داود والنسائى وابن ماجه
(قوله أبو السمح) بفتح السين المهملة وسكون الميم مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وخادمه. قال أبو زرعة لا أعرف اسمه ولا أعرف له غير هذا الحديث وقال غيره اسمه إياد وقيل أبو ذرّ. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه محلّ بن خليفة
(معنى الحديث)
(قوله فكان إذا أراد أن يغتسل) ظاهره أن ذلك كان يتكرّر منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله ولنى قفاك) بتشديد اللام المكسورة أى اجعله جهتي وانصرف عنى بوجهك يقال وليت وتوليت أعرضت وانصرفت "قال" في اللسان التولية تكون انصرافا قال الله تعالى "ثم وليتم مدبرين" اهـ
(قوله فأستره به) أى أحجبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن أعين الناس بقفاى، وظاهر هذه الرواية أن الستر كان بالقفا. والأظهر أن في الكلام حذفا يدلّ عليه ما في رواية ابن ماجه والدارقطنى فأوليه قفاى وأنشر الثوب فأستره به. على أنه لا تنافى بينهما لاحتمال أن يكون الستر وقع بالثوب في وقت وبالقفا في وقت آخر (وفى هذا) دلالة على مشروعية الستر عند الغسل. واتفق العلماء على وجوبه في الجلوة حيث يراه الناس واختلفوا فيه في الخلوة أو في الجلوة ولم يره أحد (فذهب) ابن أبى ليلى إلى وجوبه مستدلا بظاهر حديث يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل حييّ ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر رواه النسائي (وذهب) الجمهور إلى استحبابه مستدلين بحديث الباب وبما رواه مسلم عن أم هانئ قالت ذهبت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب. فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل في بيته ولم يأمر أبا السمح إلا بانصراف وجهه عنه ولم يأمره بالستر
وإنما كان يفعله هو من نفسه وكذلك فاطمة. وهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإن أقرّهما على ذلك فلا يلزم من الإقرار الوجوب. وحملوا الأمر في الحديث المتقدّم على ما إذا كان يراه الناس
(قوله فأتى بحسن أو حسين) وفى نسخة بالحسن أو الحسين وهو شك من أحد الرواة والأقرب أنه من محلّ بن خليفة
(قوله فبال على صدره) أى على موضع صدره من الثياب والصدر من كل شئ أوله وجمعه صدور
(قوله فجئت أغسله الخ) وفى رواية الحاكم فأرادوا أن يغسلوه فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رشوه رشا
(قوله قال عباس الخ) أى قال عباس بن عبد العظيم في روايته لهذا الحديث حدثنا بصيغة الجمع. أما مجاهد بن موسى فقال حدثني بالإفراد
(قوله وهو أبو الزعراء) أى يحيى بن الوليد يكنى بأبى الزعراء بفتح الزاى وسكون العين المهملة
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية خدمة أهل الفضل، وعلى طلب ستر العورات وعلى مزيد تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعظيم شفقته، وعلى مشروعية غسل بول الأنثى ورشّ بول الذكر وهو نصّ صريح في الفرق بين بوليهما
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البزار والنسائى وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والدارقطنى
(ص) وَقَالَ هَارُونُ بْنُ تَمِيمٍ: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «الْأَبْوَالُ كُلُّهَا سَوَاءٌ»
(ش) أى روى هارون بن تميم عن الحسن البصرى أن بول الذكر والأنثى سواء في النجاسة ولزوم غسل ما يصيبانه. وهذا التعليق لم نقف على من وصله غير أن الطحاوى أخرج بسنده إلى حميد عن الحسن أنه قال بول الجارية يغسل غسلا وبول الغلام يتبع بالماء. و (هارون ابن تميم) هو الراسبىّ يروى عن الحسن. وعنه أبو هلال الراسبىّ وثقه ابن حبان
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:«يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ، وَيُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ»
(ش)(رجال الأثر)
(قوله ابن أبي عروبة) سعيد بن مهران
(قوله عن أبى حرب بن أبى الأسود) الديلى البصرى قيل اسمه كنيته وقيل اسمه محجن. روى عن أبيه وابن عمرو بن العاصي وعبد الله بن قيس وعبد الله بن فضالة وغيرهم. وعنه قتادة وعثمان بن عمير وداود ابن أبى هند، وثقه ابن عبد البر وابن حبان وقال ابن سعد كان معروفا. مات سنة ثمان أو تسع ومائة. روى له مسلم وأبو داود الترمذى وابن ماجة
(قوله عن أبيه) هو أبو الأسود واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل البصرى. روى عن عمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وأبى ذرّ وأبى موسى. وعنه ابنه أبو حرب ويحيى بن يعمر وعبد الله بن بريدة وآخرون. قال الواقدي كان ممن أسلم على عهد النبي صلى الله تعالى عليه
وعلى آله وسلم وقاتل مع علىّ يوم الجمل وقال ابن سعد هو من الطبقة الأولى من أهل البصرة وكان شاعرا متشيعا وكان ثقة في حديثه وقال ابن عبد البرّ كان ذا دين وعقل ولسان وفهم وذكاء وحزم وكان من كبار التابعين وقال العجلى تابعي وهو أول من تكلم في النحو. مات سنة تسع وستين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله يغسل بول الجارية) وفى نسخة من بول الجارية وقد رواه سعيد ابن أبى عروبة موقوفا على علىّ
(قوله ما لم يطعم) أى مدّة عدم تغذّي الغلام بالطعام وهو غاية لكفاية رشّ بول الغلام. ومفهومه أنه إذا تغذى بالطعام لا يكفى في بوله الرشّ بل لا بدّ من الغسل
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن أبى شيبة في مصنفه
(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، نَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ «مَا لَمْ يَطْعَمْ زَادَ». قَالَ قَتَادَةُ:«هَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا الطَّعَامَ، فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا»
(ش) ساق المصنف هذه الرواية لبيان أن أصحاب قتادة اختلفوا عليه فسعيد بن أبى عروبة روى عنه الحديث موقوفا على علىّ وذكر في روايته ما لم يطعم. وهشام الدستوائى رواه مرفوعا وذكر قول قتادة ما لم يطعما الطعام فإذا طعما غسلا جميعا. وسيأتى أن هذا الخلاف لا يقدح في صحة الحديث
(قوله ابن المثني) هو محمد
(قوله فذكر معناه) أى معنى الحديث السابق ولفظه كما في ابن ماجه قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بول الرضيع ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية. وأخرجه الطحاوي في شرح معانى الآثار وابن ماجة والترمذى وقال حديث حسن. وأخرجه الدارقطنى وأحمد وابن خزيمة وابن حبان قال المنذرى إن هشاما الدستوائى رفعه عن قتادة وإن سعيد بن أبى عروبة وقفه عنه ولم يرفعه وقال البخارى سعيد بن أبى عروبة لا يرفعه وهشام يرفعه وهو حافظ اهـ وقال الحافظ في التلخيص إسناده صحيح إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه ووصله وإرساله وقد رجح البخارى صحته وكذا الدارقطني وقال البزار تفرّد برفعه معاذ بن هشام عن أبيه وقد روى هذا الفعل من حديث جماعة من الصحابة وأحسنها إسناد علىّ اهـ