المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٨

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب "العدد

- ‌الباب الأول في "كيفية عدة الطلاق

- ‌الباب الثاني في "تداخل العدتين

- ‌ القسم الثاني في "عدة الوفاة" والسكنى

- ‌الأول: في عدة الوفاة

- ‌الباب الثاني: في السكنى

- ‌ القسم الثالث: في الاستبراء

- ‌الفصل الأول: في قدره وحكمه

- ‌الفصل الثاني: في السبب

- ‌الفصل الثالث: فيما تصير به الأمة فراشًا

- ‌كتاب الرضاع

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: فيما يحرم بالرضاع

- ‌الباب الثالث: في بيان الرضاع القاطع للنكاح وحكم الغرم فيه

- ‌الباب الرابع: في النزاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌السبب الأول: النكاح:

- ‌الباب الأول: في قدر النفقة وكيفيتها

- ‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة

- ‌الباب الثالث: في الإعسار بالنفقة

- ‌ السبب الثاني للنفقة: القرابة

- ‌الباب الأول: في أصل النفقة

- ‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب

- ‌الباب الثالث: الحضانة

- ‌ السبب الثالث للنفقة: ملك اليمين

- ‌كتاب الجراح

- ‌ إذا تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت

- ‌قال رحمه الله: النوع الثاني: القصاص في الطرف

- ‌فصل: في ألفاظ ذكرها الرافعي فسر معانيها ولم يضبط لفظها:

- ‌ مسائل الاختلاف الواقعة بين الجاني والمجني عليه أو وليه

- ‌ حكم القصاص

- ‌الباب الأول في استيفاء القصاص

- ‌الفصل الأول فيمن يلي الاستيفاء

- ‌الفصل الثاني في أن القصاص على الفور

- ‌الفصل الثالث في كيفية المماثلة

- ‌الباب الثاني في العفو

- ‌كتاب الديات

- ‌الباب الأول: في دية النفس

- ‌الباب الثاني في دية ما دون النفس وهو جرح أو إبانة أو إبطال منفعة

- ‌النوع الأول: الجرح

- ‌ النوع الثاني: القطع المبين للأعضاء

- ‌النوع الثالث: ما يفوت المنافع

- ‌باب بيان الحكومة

- ‌ القسم الثاني في الموجب

- ‌القسم الثالث من الكتاب

- ‌ القسم الرابع: في غرة الجنين

- ‌باب: كفارة القتل

- ‌كتاب دعوى الدم

- ‌ الكلام في مسقطات اللوث

- ‌كتاب الجنايات الموجبة للعقوبات

- ‌الجناية الأولى: البغي

- ‌الجناية الثانية: الردة

- ‌الفصل الثاني في أحكام الردة

- ‌ الجناية الثالثة: الزنا

- ‌ الجناية الرابعة: القذف

- ‌ الجناية الخامسة: السرقة

- ‌النظر الأول: في الأركان

- ‌ النظر الثاني: في إثبات السرقة

- ‌ النظر الثالث: في الواجب

- ‌ الجناية السادسة: قطع الطريق

- ‌ الجناية السابعة: شرب الخمر

- ‌القول في التعزير

- ‌كتاب موجبات الضمان

- ‌ ما يلزم الولاة بتصرفاتهم

- ‌ دفع الصائل

- ‌ إتلاف البهائم

- ‌كتاب السير

- ‌الباب الأول: في وجوب الجهاد

- ‌فصل في السلام

- ‌الباب الثاني: في كيفية الجهاد وفيه أطراف

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌ الثالث:

- ‌ الرابع:

- ‌الباب الثالث: في ترك القتل والقتال بالأمان

- ‌الباب الأول: في الجزية

- ‌الباب الرابع: في عقد المهادنة

الفصل: ‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة

‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة

قوله: ولا خلاف في أن وقت وجوب التسليم في النفقة صبيحة كل يوم، والكسوة أول كل فصل وذلك بعد حصول التمكين، فأما وقت ثبوتها في الذمة فقولان:

القديم: يجب بالعقد كالمهر ولا تتوقف علي التمكين لكن لو نشزت سقطت؛ فالعقد موجب والنشوز مسقط، وإذا حصل التمكين استقر الواجب يومًا فيومًا والجديد: أنها لا تجب بالعقد بل التمكين يومًا فيومًا. انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره في آخر كلامه حاصله أن النفقة لا تستقر علي القديم إلا بالتمكين، وهو مناقض لما جزم به بعد هذا من أنها تستقر وإن انتفي التمكين، إلا أنها تسقط بالنشوز فقال: ولو لم يطالبها الزوج بالزفاف ولم تمتنع هي منه ولا عرضت نفسها عليه ومضت علي ذلك مدة؛ فإن قلنا بالقديم: وجبت نفقة تلك المدة، وإن قلنا بالجديد: فلا. هذا كلامه. ونقل في "النهاية" عن العراقيين أنهم قطعوا بأن النفقة لا تثبت في زمن السكوت، ثم ضعف مقالتهم.

واعلم أن العراقيين قالوا: إن النفقة تجب بالعقد ولا يجب التسليم إلا بالتمكين يومًا فيومًا، وبه جزم الشيخ في "التنبيه".

ولأجل ذلك قطع العراقيون بأن النفقة لا تجب في زمان السكوت، والمراوزة قالوا: إن القديم وجوبه بالعقد ولا يتوقف علي التمكين إلا أن شرطه عدم النشوز، فلها المطالبة عندهم حال السكوت.

ويتلخص من ذلك ثلاثة أقوال:

ص: 77

أحدها: العقد وحده إلا أنه لا يستقر إلا بعدم النشوز.

الثاني: العقد بشرط التمكين.

الثالث: التمكين.

وفائدة الخلاف في الضمان وفيما لو حلف ما له مال.

ولا شك أن الرافعي فرع تارة علي قاعدة العراقيين وتارة علي قاعدة المراوزة فوقع في الخلل.

الأمر الثاني: أنه لو حصل العقد والتمكين وقت الغروب فالقياس الوجوب بالغروب لأن النفقة كما سيأتي في كلام الرافعي في مقابلة اليوم والليلة.

قوله: وهذا الخلاف قيل: منصوص عليه، وقيل: مستنبط؛ ويدل عليه شيئان، فذكر الأول ثم قال: الثاني: أنه قد نقل عن صاحب "الحاوي" اختلاف الأصحاب في تحرير سبب النفقة؛ فالبغداديون علقوها بالتمكين وجعلوا سبق العقد شرطًا فقالوا: يجب بالتمكين المستند إلى العقد، والبصريون قالوا: يجب بالعقد بشرط التمكين. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن هذا الخلاف المحكي في "الحاوي" غير المحكي في الرافعي؛ فإن الماوردي قال ما نصه: وأما النفقة فلا تجب بمجرد العقد.

ثم قال: واختلف أصحابنا في تحرير العبارة؛ فجعل البغداديون الوجوب معلقًا بالتمكين وتقدم العقد شرط، وجعله البصريون معلقًا بالعقد وحدوث التمكين شرط.

قال: وفائدة الخلاف في الاستحقاق في زمن التأهب للتمكين فلا يستحق على الأول ويستحق علي الثاني.

الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد أسقط هذا الخلاف بالكلية ظنًا منه أنه الخلاف السابق كما ظنه الرافعي.

ص: 78

الأمر الثالث: أن فائدة الخلاف قد ظهرت من كلام الماوردي.

قوله: ثم ذكر في "الكتاب" من فوائد القولين صورتين:

إحداهما: لو اختلفا في التمكين فقالت المرأة مكنت وأنكر الزوج، فإن قلنا: النفقة تجب بالتمكين، فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم التمكين، وإن قلنا تجب بالعقد، فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم النشوز.

ثم قال: وقوله في "الكتاب": فعلي هذا لو تنازعا [في النشوز كذا ذكره هاهنا، وفي "الوسيط" ولفظ الأكثرين: لو تنازعا] في التمكين كما ذكرناه، وكذلك هو في "البسيط" وسببه أن يكون الذي ذكره هاهنا محمولا عليه، فأما إذا توافقا علي حصول التمكين ثم اختلفا على النشوز بعده فينبغي أن يقطع بصدقها لأن الأصل استمرار الواجب، وهكذا صرح به ابن كج وحكي معه وجهًا ضعيفًا أن القول قوله؛ لأن الأصل براءة الذمة. انتهى كلامه.

وما ذكره في حمل النشوز في كلام "الوجيز" على التمكين ذهول عجيب؛ فإن القديم لا يوجب النفقة بالتمكين بل بالعقد بشرط عدم النشوز كما تقرر لك في هذا الباب؛ وحينئذ فيتعين تصوير النزاع في النشوز. وأما النزاع في أصل التمكين أو في [النشوز] الواقع بعد التمكين فغير ما نحن فيه.

واعلم أن دعوى المرأة وقوع العقد مع التمكين أو مع عدم النشوز مسموعة إن انضم إلى ذلك طلب حق من حقوق الزوجية، فإن لم ينضم إليه ذلك فتكون كدعوى الزوجية المجردة، والأصح فيه القبول لأنه ينفع في الحق.

قوله: فلو نشزت بعض النهار فوجهان:

أحدهما: لا شيء لها.

والثاني: لها يقسط زمن الطاعة.

ص: 79

قال: وبالوجه الثاني أجاب السرخسي، ومنهم من رجح الأول وهو أوفق لما سبق في مسألة الأمة. انتهى.

تابعه النووي في "الروضة" هنا علي حكاية الوجهين وترجيح عدم الوجوب، ورجح -أعني النووي- في آخر كتاب النكاح القطع بعدم الوجوب إذا امتنعت في بعض الزمان فقال في أول الباب الحادي عشر: قلت: الصحيح الجزم في الحرة بأنه لا يجب شيء في هذا الحال.

قوله: وامتناعها عن التسليم إلي قبض المهر الحال ليس بنشوز.

ثم قال: ولو حل المؤجل فهل هو كالمؤجل أم كالحال؟ وجهان؛ وأجاب البغوي بالأول. انتهى.

والصحيح جواز الحبس، وقد تقدم إيضاحه في البيع.

قوله: وتعذر المرأة في الامتناع من الوطء إذا كان الرجل عبلًا لا تحتمله. انتهى.

العبل بعين مهملة وباء ساكنة هو كبير الذكر، وقد فسره به في أصل "الروضة".

قوله: والسفر بغير إذنه نشوز أيضًا، ولو سافرت بإذنه فإن كان الزوج معها أو لم يكن وكان السفر لحاجته بأن بعثها لتقضي أشغاله وجبت النفقة، وإن كان في حاجتها فقولان: أشهرهما: المنع. انتهى.

تابعه عليه في "الروضة" وهو كالصريح في أنها إذا سافرت بغير إذنه فلا نفقة لها وإن كانت معه، وليس كذلك بل هي واجبة في هذه الحالة. كذا صرح به في أوائل كتاب قسم الصدقات ولم يحك فيه خلافًا؛ فإنه ذكر أن المرأة إذا سافرت مع الزوج فلا تعطى من سهم ابن السبيل، ثم علله بقوله: لأنها إن سافرت بإذنه فهي مكفية المؤنة، وإن سافرت بغير إذنه فالنفقة عليه لأنها معه. هكذا ذكروه.

ولا تعطي مؤنة السفر لأنها عاصية بالخروج.

هذا لفظه. فينبغي أن يتفطن له، ولم يصرح بها في الكلام على

ص: 80

القسم بين الزوجات.

قوله من "زياداته": ولو حبست ظلما أو بحق فلا نفقة لها كما لو وطئت بشبهة فاعتدت. انتهى كلامه.

ومقتضاه أنه لا فرق فيما إذا حبست بين أن تكون قد توجه الحبس عليها بإقرارها أم بالبينة، وهو كذلك؛ فقد صرح هو به في كتاب الفلس من زوائده أيضًا، وكذلك في "فتاويه"، وعبارته فيها: أنه المختار.

قوله: الثالثة: لو نشزت المرأة وغاب الزوج ثم عادت للطاعة في غيبته لم يعد استحقاق النفقة في أظهر الوجهين؛ فعلي هذا يفعل ما ذكرناه في ابتداء التسليم من رفعها الأمر إلي القاضي ليقضي بطاعتها وبحق الزوج بذلك.

ثم قال: ولو ارتدت المرأة وسقطت نفقتها علي ما بينا في آخر نكاح المشركات فغاب الزوج وعادت في العدة إلى الإسلام وهو غائب فيبقي عود النفقة بمجرد الإسلام وإن فرض فيه خلاف. والفرق أن نفقة المرأة قد سقطت بردتها، فإذا عادت إلى الإسلام ارتفع المسقط فعمل الموجب عمله، والناشزة سقطت نفقتها بخروجها عن يد الزوج وطاعته وإنما تعود إذا عادت إلي قبضته، وذلك لا يحصل في غيبته. انتهى كلامه.

وما ذكره في المرتدة من وجوب نفقتها إذا أسلمت في غيبة الزوج مسألة نفيسة وقد أسقطها النووي من "الروضة" فلم يتعرض لها في هذا الموضع كما ذكره الرافعي ولا قدمها إلي نكاح المشركات بل كلامه يوهم التسوية بينها وبين الخارجة من المنزل ونحوها؛ لأن الردة نشوز كما صرح [به الأصحاب كلهم، وذكره هو في آخر نكاح المشركات من "الروضة"](1) وكأنه توهم ذكرها في ذلك الموضع فأسقطها من هاهنا.

قوله: المانع الثاني: الصغر: فإذا كانت المرأة صغيرة فسلمت إلى الزوج البالغ أو عرضت [عليه](2) فقولان: أحدهما: أنها تستحق

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

ص: 81

النفقة لأنها معذورة ومحبوسة عليه.

وأصحهما: المنع؛ لتعذر الاستمتاع بها لمعنى فيها؛ فأشبهت الناشزة.

وقد يبنى القولان على أن النفقة تجب بالعقد أو بالتمكين، فإن لم يوجد تسليم ولا عرض كان الحكم كما في حق الكبيرة. وفي "الوسيط" و"البسيط" ما يقتضي خلافه. والظاهر الأول. انتهى ملخصًا.

وما ذكره من اختصاص قول الوجوب بما إذا سلمت تابعه عليه في "الروضة"، وهو غير مستقيم؛ فإن القديم يقول: إن النفقة تجب بمجرد العقد وإن لم يحصل تمكين إذا لم يحصل نشوز، وقد صرح الرافعي نفسه بذلك في أوائل الباب أيضًا كما سبق ذكره؛ فصار أول كلامه مخالفًا لآخره.

وما اقتضاه كلامه من عدم الوقوف علي التصريح بعدم اشتراط التسليم فقد صرح به جماعات منهم الماوردي في "الحاوي" وإمام الحرمين في "النهاية" والغزالي في كتابيه والروياني في "البحر"، وزاد الماوردي فصرح بأن أولياءها لهم منع تسليمها وإن أوجبنا النفقة؛ وعلله بقوله: لأنه ربما أنكاها إن تسلمها.

نعم في تعليقة القاضي الحسين و"المهذب" و"التهذيب" تصوير محل القولين بما إذا سلمت إلي الزوج.

قوله في أصل "الروضة": المانع الثالث: العبادة فإذا أحرمت بحج أو عمرة فلها حالان أحدهما: أن تحرم بإذن الزوج، فإذا خرجت فقد سافرت في غرض نفسها، فإن كان الزوج معها لم تسقط النفقة على المذهب، وإلا فتسقط علي الأظهر.

أما قبل الخروج فوجهان: أصحهما وجوبها لأنها في قبضته وتفويت الاستمتاع لسبب أذن فيه. انتهى كلامه.

فيه أمران:

ص: 82

أحدهما: أن الرافعي قد حكي في المسألة الأخيرة طريقة قاطعة فقال: وقطع به قاطعون. ونقل الإمام هاتين الطريقتين وقال: إن طريقة القطع أشهر في الحكاية وإليها ذهب الأكثرون، فإن طريقة الخلاف أقيس.

الأمر الثاني: أن الغزالي في "الوسيط" قد تبعه علي أن هذين الوجهين فيما إذا [لم](1) تخرج مفرعان علي قولنا أنها إذا خرجت لا تستحق، والذي قاله لابد منه وهو مدرك حكاية الطريقين، وإلا فكيف تستقيم التسوية بين حالتي الخروج وعدمه حتي يكون في الأولي قولان وفي الثانية وجهان.

قوله: الحال الثاني: أن يكون إحرامها بغير إذنه فإذا أحرمت بفرض وقلنا بالصحيح وهو جواز تحليلها فلها النفقة ما لم تخرج في ظاهر الوجهين، لأنها في قبضته والزوج يقدر على تحليلها وأما بعد خروجها فقد يكون بغير الإذن وقد يكون بالإذن؛ فإن خرجت بغير الإذن نظر إن لم يخرج الزوج معها فلا نفقة.

وإن خرج معها فعلى ما تقدم [انتهى كلامه. وتعبيره في آخر كلامه بقوله: فعلى ما تقدم، ذكر مثله](2) في "الروضة" وليس فيه بيان المتقدم المحال عليه.

فإن أراد به ما نقلناه عنه قبل ذلك وهو ما إذا سافرت بغير إذن فليس فيه أن الزوج خرج معها بل أطلق كما سبق.

وأيضًا فلو أراد ذلك لأحال عليه القسمين معا وهما خروج الزوج وعدم خروجه لأنهما معًا داخلان بطريق الإطلاق، والظاهر أنه أراد ما قبل خروجها لأنهما قد اشتركا في الإحرام بغير الإذن وفي صحبة الزوج لها وحينئذ فيكون الصحيح هو الاستحقاق.

(1) زيادة من جـ.

(2)

سقط من أ.

ص: 83

قوله: أما صوم رمضان فلا منع منه ولا تسقط النفقة لوجوبه على الفور، وأما قضاء رمضان فإن كان واجبًا على الفور فلا تمنع منه، وفي النفقة وجهان المذكور منهما في "التهذيب" ورجحه غيره أنها لا تسقط، وفي التتمة أنها تسقط. انتهى.

وما ذكره الرافعي من التعليل بالفور يقتضي أنهما لو كانا مسافرين سفرًا يباح فيه الفطر كان للزوج منعها، وفي كلام الماوردي إشعار به؛ فإنه قال: فإذا تعين عليها كان مستثنى.

واعلم أن النووي قد صحح في أصل "الروضة" من الوجهين المذكورين عدم السقوط ولم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا.

قوله: وإذا فات رمضان بعذر وكان الوقت واسعًا فله منعها من المبادرة إلى قضائه، فلو شرعت فيه ففي جواز إلزامها الإفطار وجهان مخرجان من القولين في التحليل في الحج؛ فإن قلنا: لا يجوز، ففي سقوط النفقة وجهان: أحدهما: تسقط كالحج.

والثاني: لا لقصر الزمان وقدرته على الاستمتاع ليلًا. انتهى.

والأصح -على ما قاله في "الروضة" من زوائده- هو السقوط.

قوله: ولا ينبغي أن تستقبل صوم التطوع بغير إذن الزوج انتهى.

ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وقد عبر في "الروضة" بقوله: ولا تشرع فيه بغير إذن. وليس في ذلك كله تصريح بأنه يحرم أو يكره، وقد صرح بتحريمه في "الروضة" في آخر باب صوم التطوع فقال من زوائده: قال أصحابنا: لا يجوز، وحكى في "شرح المهذب" هناك وجهين: أصحهما هذا، والثاني: أنه مكروه.

قال: فلو صامت فمقتضى المذهب في نظائره الجزم بعدم الثواب وإن كان صحيحًا كما سبق في الصلاة في الدار المغصوبة. هذا كلامه.

وقال في "شرح مسلم" في كتاب الزكاة في باب أجر الخازن الأمين بعد ذكره للتحريم: فإن قيل: ينبغي أن يجوز لها الصوم بغير إذنه، فإن

ص: 84

أراد الاستمتاع بها كان له ذلك ويفسد صومها.

فالجواب: أن صومها يمنعه من الاستمتاع في العادة لأنه يهاب انتهاك الصوم بالإفساد. انتهى.

ويؤخذ من هذا التعليل أنها لا توصف بفعل محرم بالنية من الليل بل بطلوع الفجر، وصرح النووي في الموضع المذكور من "شرح مسلم" بأن المراد بالحضور أن يكون في البلد.

نعم لو كان الزوج حاضرًا ولكن حرم عليه الجماع لتلبسه بواجب من صوم أو إحرام أو اعتكاف ففي التحريم نظر، والمتجه الإباحة.

قوله: فإن شرعت فيه -أي: في صوم التطوع- فله قطعه وأمرها بالإفطار، فإن أبت سقطت النفقة في أصح الوجهين لامتناعها من التمكين بما ليس بواجب.

والثاني: لا تسقط لأنها في داره وقبضته ولها الخروج عما شرعت فيه متى شاءت.

وفي العدة وجه فارق بين أن يدعوها إلى الأكل أو إلى الوطء.

وإذا قلنا بالسقوط فعن "الحاوي" أن ذلك فيما إذا أمرها بالإفطار في صدر النهار، فإن أنفق في آخره فلا تسقط؛ لقرب الزمان، واستحسنه الروياني وسكت الأكثرون عنه. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره هاهنا من حكاية الخلاف وجهين ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا، وخالف في "المحرر" فحكاهما قولين، وتبعه النووي في "الروضة" و"المنهاج" على هذا الاختلاف.

الأمر الثاني: أن الماوردي لما جزم بهذا التفصيل جزم أيضًا فيه بما نقله الرافعي عن العدة فنقل الرافعي بعضه عنه وبعضه عن غيره لكونه لم يقف على كلامه.

ص: 85

قوله: وأما صوم النذر فإن كان نذرًا مطلقا فللزوج منعها منه فإنه لم يتضيق وقته، فإن نذرت صوم أيام معينة فينظر إن نذرت قبل النكاح لم يكن له المنع لتعين الوقت وتقدم وجوبه على حق الزوج، وإن نذرت بعده فإن أذن الزوج لم يكن له المنع، وإن لم يأذن فله ذلك لأنها بالنذر منعت حقه السابق، وحيث قلنا له المنع فلو شرعت فيه وأبت أن تقطعه فعلى ما ذكرناه في صوم التطوع.

ثم قال: وقوله -يعني "الوجيز"-: وله منعها عن صوم نذرته بعد النكاح. التقييد بما بعد النكاح يبين أنه لا يمنع مما نذرته قبل النكاح وهذا الفرق فيما إذا نذرت أيامًا معينة على ما بيناه.

فأما عند الإطلاق فله المنع في الحالتين، هذا هو الظاهر المشهور، ونقل إبراهيم المروذي فيه وجهين سواء نذرت قبل النكاح أو بعده. انتهى كلامه.

وتعبيره بقوله: فيه وجهين [سواء نذرت قبل النكاح أو بعده، وتعبيره بقوله: فيه](1) الضمير فيه عائد على صوم النذر المعين الذي بدأته أولًا فيكون على هذا في النذر المعين الذي نذرته قبل النكاح وجهان وكذا بعده.

كذا بينه في "الشرح الصغير" فقال: وإذا نذرت صوم يوم أو أيام ولم تعين فله منعها من الاشتغال به، وإن عينت أيامًا نظر إن نذرته قبل النكاح فليس له منعها، وإن نذرته بعده فإن أذن فيه لم تمنع منه، وإن لم يأذن فيه فله المنع، ومنهم من حكى فيه وجهين سواء نذرت قبل النكاح أو بعده، والظاهر الأول. هذا كلامه.

وتوهم النووي أن الضمير راجع إلى صوم النذر المطلق فقط حتى لا يكون في النذر المعين خلاف ويكون في المطلق المنذور قبل النكاح وبعده وجهان؛ فإنه قال في "الروضة": فإن كان نذرًا مطلقًا فللزوج منعها منه على الصحيح وإن كانت أيامًا معينة [نظر: إن نذرتها قبل النكاح أو بعده

(1) سقط من أ، ب.

ص: 86

بإذنه فليس له منعها] (1)، وإلا فله ذلك. هذا كلامه.

ووقع هذا الموضع في "الكفاية" على الصواب، وألحق الماوردي النذر المطلق بصوم الكفارة حتى يأتي فيه الخلاف.

قوله: فإن كان نذرًا مطلقًا فللزوج منعها منه علي الصحيح لأنه موسع انتهى.

واعلم أنها إذا نذرت الاعتكاف بغير إذنه ودخلت فيه بإذنه وكان متتابعا فقد جزم الرافعي في كتاب الاعتكاف بأنه ليس له منعها، وعلله في "شرح المهذب" بأنه يتضمن إبطال العبادة الواجبة بعد الدخول، وهذا بعينه موجود في نذر الصوم المتتابع فينبغي استثناؤه هنا.

قوله: وأما صوم الكفارة فهو على التراخي فللزوج منعها منه انتهى.

وما اقتضاه كلامه من أنه لا فرق في كونها على التراخي بين أن يكون سببها معصية أم لا، تابعه عليه في "الروضة" أيضًا.

والمسألة قد اختلف فيها كلامهما معًا وقد أوضحت ذلك في كفارة الظهار فراجعه.

قوله: وحيث قلنا: تسقط النفقة بالصوم فهل تسقط جميعها أم نصفها للتمكين من الاستمتاع ليلًا؟ وجهان في "التهذيب" انتهى.

والمرجح في منع بعض الزمان أنها لا تستحق شيئًا بالكلية، وقد سبق ذلك في أوائل الباب مع اعتراض آخر خاص بالروضة في حكايته للوجهين.

قوله: ولو قال الزوج: طلقتك بعد الولادة فأنت في العدة ولي الرجعة، وقالت: بل قبلها وقد انقضت عدتي، فالقول قول الزوج ولكن لا نفقة لها لزعمها. انتهى.

وهذه المسألة فيها تفصيل مذكور في آخر الباب الأول من أبواب العدة.

قوله: المسألة الثانية: إذا كانت المرأة خلية فحملت من وطء الشبهة،

(1) سقط من أ، ب.

ص: 87

فإن قلنا نفقة البائن الحامل إنما هي للحامل لم تجب وإن قلنا للحمل وجبت كما تجب عليه نفقته بعد الوضع.

ثم قال: فإن كانت الحامل من الشبهة منكوحة فإن أوجبنا النفقة على الواطيء بالشبهة سقطت عن الزوج، ولم تجمع بين نفقتين، وإن لم نوجبها على الواطئ ففي سقوطها عن الزوج وجهان: أفقههما السقوط؛ لفوات الاستمتاع عليه.

والثاني: لا تسقط؛ لأنها معذورة فيه، وهذا ما أورده في "البسيط"، واستحسن في "الوسيط" توسطًا وهو أنها إن كانت نائمة أو مكرهة فلها النفقة، وإن مكنت على ظن أنه زوجها فلا نفقة لأن الظن لا يؤثر في الغرامات. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا التوسط الذي نقله عن "الوسيط" هو للإمام فإنه ذكره في "النهاية" فقال: والأولى عندنا: التفصيل، فإن وطئت في حالة نوم أو وطئت وهي [مضبوطة](1) فالوجه القطع بثبوت نفقتها على الزوج إلحاقا للمنع الطارئ بالمرض، وإن مكنت على ظن أن الواطيء زوجها فهذا فيه التردد الذي حكاه الأصحاب. هذا كلام "النهاية".

وذكر الغزالي في "البسيط" مثله وهو مثل ما في "الوسيط" إلا أنهما لم يرجحا شيئًا في القسم الثاني وهو ما إذا مكنت على ظن الإباحة.

الأمر الثاني: أن ما نقله الرافعي من "البسيط" من جزمه بالوجه الثاني غلط عجيب بل المذكور فيه ما تقدم نقله عنه.

قوله: الخامسة: إذا مات الزوج قبل أن تضع البائن حملها، فإن قلنا: النفقة للحمل سقطت، لأن نفقة القريب تسقط بالموت، وإن قلنا: للحامل، فوجهان؛ قال ابن الحداد: تسقط أيضًا لأنها كالحاضنة للولد وصححه

(1) هكذا في الأصول. ولعلها أن تكون: مغلوبة.

ص: 88

الإمام، وقال الشيخ أبو على: لا تسقط لأنها باقية على عدة الطلاق والطلاق كأنه يوجبها دفعة واحدة فيكون لبس عليه؛ ولهذا يبقى لها حق السكني، ولا يجيء فيه القولان في أن المتوفى عنها زوجها هل تستحق السكنى، وهذا أقيس عند الغزالي. انتهى ملخصًا.

ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا، والأصح في هذه المسألة هو عدم السقوط فقد جزم به الرافعي في الشرحين "الكبير" و"الصغير" في كتاب العدد في أول باب عدة الوفاة، وكذلك النووي في "الروضة" إلا أنه قد يؤخذ من كلامه هنا -أعني كلام النووي- رجحان السقوط؛ فإنه نقل تصحيحه عن الإمام ولم ينقل ترجيح مقابله عن أحد وكما تستحق البائن الحامل النفقة تستحق الأدم والكسوة سواء قلنا النفقة للحامل أو للحمل. كذا نقله في "الروضة" من زوائده عن صاحب "التتمة" وأقره.

واعلم أن ما اقتضاه كلامه من وجوب السكنى للمعتدة دفعة واحدة قد خالفه في آخر أبواب العدة قبيل الاستبراء فقال من جملة مسائل قد نقلها عن "فتاوى القفال": وأن المعتدة لو أسقطت مؤنة السكنى عن الزوج لم يصح الإسقاط؛ لأن السكنى تجب يومًا فيومًا. هذا لفظه.

قوله: ومن فوائده القولين في أن نفقة البائن الحامل لها أو للحمل ما ذكره المتولي وهو أنها لو أبرأت الزوج من النفقة فإن قلنا: إنه للحامل سقطت وإن قلنا: إنه للحمل لم تسقط ولها المطالبة بعد الإبراء.

ولك أن تقول: إن كان الإبراء عن نفقة الزمان المستقبل فقد مر حكمه وإن كان عن ما مضى فالنفقة مصروفة إليها على القولين فينبغي أن يصح إبراؤها على القولين. انتهى كلامه.

وهذا الذي ذكره بحثا من الصحة على كلا القولين واقتضى كلامه عدم الوقوف على نقله وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا قد صرح به القاضي الحسين في "تعليقته" جازمًا به ونقله عنه أيضًا في "المطلب".

ص: 89