الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: الحضانة
قوله في "الروضة": لكن لاستحقاق الأم شروط:
أحدها: كونها مسلمة إن كان الطفل مسلمًا بإسلام أبيه. . . . إلى آخره.
والتقييد بإسلام الأب ذكر الرافعي نحوه أيضًا والصواب حذفه لأنه لو كان مسلمًا بإسلام بعض أجداده أو جداته أو بالسبى كان كذلك أيضًا، وكلامهم بعد هذا يؤخذ منه. ولم يذكر من الشروط كونها بصيرة، وهو يقتضي أن العمياء تثبت لها الحضانة، وهو كذلك؛ فإن الحضانة عبارة عن القيام بحفظ الطفل ومصالحه في نفسه، والحاضنة لا يجب عليها تعاطيه بنفسها بل لها أن تستنيب فيه.
وقد صرحوا في باب الإجارة أنه يجوز استئجار الأعمى في الحفظ إجارة ذمه لا إجارة عين.
قوله: ولو وصف صبى منهم الإسلام -أي: من أهل الذمة- نزع من أهل الذمة ولم يمكنوا من كفالته صححنا إسلامه أو لم نصححه احتياطًا للإسلام. انتهى كلامه.
ذكر في "الروضة" نحوه أيضًا وهو يوهم أو يدل بظاهره على أنه لا يجوز تركه في أيديهم، وليس كذلك بل الصحيح الجواز.
كذا ذكره الرافعي في كتاب اللقيط وتبعه عليه في "الروضة" لكن ذكر أيضًا في باب الهدنة كما ذكر هاهنا بل عبر بعبارة هي أصرح من هذا في الإيجاب.
قوله: والطفل الكافر هل يثبت لقريبه المسلم حق حضانته؟ قال في "التتمة": الصحيح من المذهب ثبوته.
قال: ويجرى هذا الخلاف فيما إذا جُنّ الذمى وله قريب مسلم هل يثبت له حق الحضانة؟ انتهى.
صحح في "الروضة" ما قاله في "التتمة" فقال: والطفل الكافر والمجنون الكافر تثبت لقريبه المسلم حضانته وكفالته على الصحيح. هذا لفظه. ومقتضاه أن الحكم جار في الأصول وغيرهم على الإطلاق، وقد ذكر في كتاب اللقيط من أصل "الروضة" كلامًا يخصص هذا فقال: فرع: المحكوم بكفره إذا بلغ مجنونًا حكمه حكم الصغير حتى إذا أسلم أحد والديه تبعه، وإن بلغ عاقلًا ثم جن فكذلك على الأصح.
هذا كلامه. ومقتضاه أن لا فرق في ذلك بين ابتداء الإسلام ودوامه حتى إذا جن البالغ الذى أبوه مسلم كان كذلك.
قوله: ولا حضانة لرقيقه، ثم إن كان الولد رقيقًا فحضانته على السيد.
وهل له نزعه من الأب وتسليمه إلى غيره؟ وجهان بناء على القولين في جواز التفريق.
ولو كانت الأم حرة والولد رقيقا بأن سُبى طفلا ثم أسلمت أمه أو قتلت الذمية فحضانته للسيد وفي الانتزاع منها الوجهان: انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة"، فيه أمور:
أحدها: أن أمّ ولد الكافر إذا أسملت فإن ولدها يتبعها في الإسلام وحضانته لها وإن كانت رقيقة. كذا نقله الرافعي في كتاب أمهات الأولاد عن أبي إسحاق المروزي وأقره ونقل معه عنه حكمًا آخر فاعترض عليه في
"الروضة" في ذلك وارتضى هذا وكأن المعنى فيه فراغها لمنع السيد من قربانها مع [وجوب نفقتها](1).
الأمر الثاني: أن تصوير حرية الأم ورق الولد بالتصوير النادر الذي ذكره -وهو السبي والذمية- عجيب؛ فإن أسهل من ذلك كله أن يصور بما إذا اشتراها ثم أعتق الأم، ولا شك أنه لم يستحضر هذا التصوير ثم إن النووي في "الروضة" قد عبر بقوله بأن أعنى بباء الجر الداخلة على أن التفسيرية المقتضية للحصر في هذا التصوير فليته مع ذلك عبر بكاف التشبيه كما عبر به الرافعي.
الأمر الثالث: أنه أراد بقبول الذمية دخولها بأمان؛ فاعلمه.
قوله: ويشترط كونها أمينة فلا حضانة لفاسقة. انتهى.
سكت رحمه الله عن مستورة الحال فلم يصرح بحكمها، وقد ذكر النووي في "فتاويه" أنه لابد من ثبوت أهلية الأم للحضانة عند القاضي إذا نازعها الأب أو غيرها من المستحقين، لكن جزم الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر" بالاكتفاء بالستر وأنه لا ينزع منها الولد إلا إذا ثبت فسقها. وهذا واضح.
وذكر النووي في باب الحجر ما يوافقه، وقال من زوائده: وهل يحتاج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد لثبوت ولايتهما وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب والشاشي وآخرون، وينبغي أن يكون الراجح الاكتفاء بالعدالة الظاهرة، والله أعلم.
فإذا كان الراجح عنده هو الاكتفاء بذلك في التصرف في المال فبطريق الأولى في الحضانة لأن احتراز الآباء على ذات الطفل أشد من احترازهم على ماله بالاستقراء؛ فلزم من ذلك كله بطلان ما قاله النووي في "فتاويه" هنا.
(1) في جـ: وفور شفقتها.
وقد سبق الكلام في باب الحجر على طرف من هذه المسألة فراجعه.
قوله: فلو نكحت أجنبيًا سقطت حضانتها لما سبق من الخبر، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"الأيم أحق بولدها مما لم تتزوج"(1). انتهى.
وأشار بالخبر السابق لقوله عليه السلام: "أنت أحق به ما لم تنكحي"(2). إذا علمت ذلك ففيه أمران:
أحدهما: أن الحديثين لا دلالة فيهما على سقوط حضانتها؛ إنما يدلان على عدم تقديمها؛ وحينئذ فيحتمل السقوط كما قالوه ويحتمل التساوي حتى لا يقدم أحدهما إلا بقرعة أو تخيير من الطفل أو اجتهاد من الحاكم أو غير ذلك.
الأمر الثاني: أن ما أطلقه من سقوط حضانتها بالتزويج تستثنى منه مسألة ذكرها في آخر كتاب الخلع نقلًا عن فتاوى القاضي الحسين فقال: لو خالع زوجته بألف وحضانة الصغير سنة فتزوجت في أثناء السنة لم يكن له انتزاع الولد منها بتزوجها لأن الإجارة عقد لازم.
قوله: ونَصّ الشافعي رضي الله عنه على أن الجدة إذا تزوجت جد الطفل لا يبطل حقها من الحضانة؛ وعلل بأنه ولى تام الشفقة قائم مقام الأب. انتهى.
وهذا التعليل يؤخذ منه تصوير ذلك بالجد أب الأب خاصة حتى لو
(1) أخرجه أحمد (6893)، والدارقطني (3/ 304) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند حسن.
(2)
أخرجه أبو داود (2276)، وأحمد (6707)، والحاكم (2830) والبيهقي في "الكبرى"(15541)، والدارقطني (3/ 204)، وعبد الرزاق (12596) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله ثقات.
قال الألباني: حسن.
تزوجت بأبي الأم بطل حقها وهو كذلك على ما صرح به النووي في "فتاويه" وفي "لغات التنبيه" وفي الجد أبي الأم وجه أن الحضانة لا تبطل أيضًا لأن له الحضانة في وجه، وقد قال الرافعي: إن الأم متى تزوجت ممن له حق في الحضانة لا تسقط.
قوله: الثانية: إذا امتنعت الأم من الحضانة أو غابت انتقلت الحضانة إلى الجدة في أصح الوجهين كما لو ماتت أو جنت. والثاني: لا لولاية النكاح، وذكروا على هذا أن الحضانة تكون للأب ونزلوه منزلة السلطان، وهو بعيد، وحق التشبيه أن تكون للسلطان، وبه قال ابن الحداد: والفرق على الأول أن التزويج ممكن من الغائب بخلاف الحضانة. انتهى ملخصًا.
وهذا الفرق إنما يستقيم في مسألة الغيبة، والكلام في شيئين في الغيبة والامتناع وجزم في "النهاية" بأن الغيبة تنقل إلى الأبعد، وحكى الوجهين في الامتناع وقاس وجه الانتقال في الامتناع على الغيبة، وكلام الوسيط مشعر به أيضًا، وكأن الفرق تعذر حضانتها مع الغيبة دون الامتناع، فلما كانت حضانتها ممكنة في صورة الامتناع أمكن القول بالنيابة عنها بخلاف الغيبة، وقد ذكر في "الروضة" في آخر المسألة كلامًا هو بعض ما سبق في أولها؛ فاعلمه، وفي الرافعي قريب منه أيضًا.
قوله: ولو نكحت عم الطفل فوجهان: أصحهما لا تبطل حضانتها لأن العم صاحب حق في الحضانة وشفقته تحمله على رعاية الطفل فيتعاونان على كفالته.
ثم قال بعد ذلك: وهذان الوجهان يطردان في كل من لها حضانة نكحت قريبًا للطفل له حق في الحضانة.
بأن نكحت أمه ابن عم الطفل أو عم أبيه، أو نكحت خالته عم
الطفل، أو نكحت عمته خاله.
هكذا ذكره الشيخ أبو علىّ وغيره. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه من أن الخال له حق في الحضانة تبعه عليه في الروضة، والصحيح أن الخال وكل محرم ذكر غير وارث كالجد للأم لا حق له فيها كما ذكره بعد ذلك في الكلام على ترتيب المستحقين.
قوله: وإذا بلغت البكر فتقيم عند أبويها، فإن افترقا فعند أحدهما. وهل تجبر على ذلك؟ فيه خلاف؛ ذهب العراقيون إلى أنها لا تجبر، وقال الإمام والغزالي: الأظهر أنها تجبر، وقال ابن كج: إنه ظاهر المذهب. ثم صرح الغزالي باختصاص هذه الولاية بالأب والجد كولاية الإجبار في النكاح، وذكر البغوي في ثبوتها أيضًا للأخ والعم وجهين. انتهى.
أما الخلاف الأول فالفتوى منه على ما قاله العراقيون فقد نقله الماوردي عن نص الشافعي فقال: وأكره للجارية أن تعتزل أبويها حتى تتزوج؛ لأن لا يسبق إليها ظن ولا تتوجه إليها تهمة إن لم تجبر على المقام معهما. وأما الخلاف الثاني فالأرجح منه كما قاله النووي: هو الثبوت.
قوله: وهذا إذا لم تكن تهمة ولم تزن بريبة، فإن كان فللأب والجد ومن يلي تزويجها من العصبات منعها من الانفراد. انتهى.
تزن: بتاء مضمومة ثم زاي مفتوحة ثم نون مشددة، ومعناه: تذكر، ومنه قول حسان مدح عائشة -رضى الله عنها- عقب قصة أهل الإفك من جملة قصيدة (1):
حصان رزان ما تزن بريبة
…
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
(1) وهي سبعة أبيات.
والحصان في البنت معناه: العفيفة؛ يقال: حصنت المرأة حصنًا بالضم فيهما فهي حصان بالفتح حاصن وحصنًا.
والرزان بالفتح أيضًا هو الوقور بمعنى العقل والسكينة.
والغرثى: بالغين المعجمة هي الجائعة كناية عن عدم الغيبة إذ يعبر عنها بأكل اللحم.
قوله: ونقل في العدة عن الأصحاب أن الأمرد إذا خيف من انفراده فتنة وانقدحت تهمة منع من مفارقة الأبوين. انتهى.
قال في "الروضة": الجد كالأبوين في حق الأمرد.
قال: وكذا ينبغي أن يكون الأخ والعم ونحوهما؛ لاشتراك الجميع في المعنى.
قوله في أصل "الروضة": فأما إذا صار الصبي مميزًا فيخير بين الأبوين إذا افترقا سواء كان ابنًا أو بنتًا.
ثم قال: ويجرى التخيير بين الأم والجد عند عدم الأب، ويجري أيضًا بينهما وبين من على حاشية النسب كالأخ والعم على الأصح، وقيل: تختص به الأم، وفي ابن العم مع الأم هذان الوجهان إن كان الولد ذكرًا، فإن كان أنثى فالأم أحق بها قطعًا. انتهى كلامه.
وما ادعاه في آخر كلامه من عدم الخلاف ليس كذلك، ولم يذكره الرافعي بل إنما نقله عن البغوي فاغتر النووي بنقله وسكوته؛ فقد حكى جماعة الوجهين من غير تفصيل بين الذكر والأنثى، واقتضى كلامهم التعميم وبه صرح الروياني في "البحر" فقال: وإذا لم يكن أب ولا جد فهل يخير الولد بين الأم وسائر العصبات؟ فيه وجهان:
ثم قال ما نصه: وقيل: إن كان ابن عم لا تخير الجارية بينه وبين الأم، إذ لا يحل له الخلوة بها.
قال القفال: إلا أن تكون صغيرة لا يشتهى مثلها فحينئذ هي كالغلام، وهذا غريب؛ هذا لفظه، وجزم ابن الصباغ في "الشامل" بنحوه وقال: إنه إذا [كانت](1) بنت سلمت إليها، وهو حاصل كلام الشيخ في "التنبيه" أيضًا؛ فإنه قال: فإن لم يكن له أب ولا جد وله عصبة غيرهما خير بين الأم وبينهم على ظاهر المذهب، فإن كان العصبة ابن عم لم تسلم البنت إليه. هذا كلامه. ثم إن النووي أقره عليه في تصحيحه وزاد عليه ما يؤكده فقال: الصواب أن ابن العم تسلم إليه البنت الصغيرة التى لا تشتهى وإنه تسلم إليه المشتهاة أيضًا إذا كانت له بنت مميزة.
قوله نقلًا عن الروياني: ولو تدافع الأبوان كفالته وامتنعا منه فإن كان بعدهما من يستحق الحضانة كالجد والجدة خير بينهما، وإلا فوجهان:
أحدهما: يخير الولد ويجبر من اختاره على كفالته؛ فعلى هذا لو امتنعا من الحضانة قبل سن التمييز يقرع بينهما ويجبر من خرجت قرعته على حضانته. والثاني: يجبر عليها من تلزمه نفقته. انتهى.
والأصح هو الثاني. كذا صححه الرافعي بعد هذا بنحو ورقة في أول الفصل الثاني وبالغ الترجيح فعبر بقوله: ولا شك أنه الأصح، وصححه أيضًا النووي من "زوائده" غير مستحضر لما ذكرناه من تصحيح الرافعي له هناك.
قوله: وأما الأنثى فلا تسلم إلى غير المحرم عند إرادة السفر.
قال في "التتمة": إلا إذا لم تبلغ حدًا تشتهى مثلها.
وفي الشامل أنه لو كانت له بنت ترافقه فتسلم إلى بنته. انتهى.
(1) سقط من أ.
واعلم أن الرافعي قد ذكر بعد هذا بنحو ثلاثة أوراق أن غير المحارم من العصبات الذكور كابن العم يستحق حضانة الأنثى على الصحيح.
ثم جزم بتسليم المشتهاة إذا كان له بنت، وهو نظير مسألتنا؛ فيكون الحكم فيها هو ما قاله في "الشامل" ولا يكون حكاية لوجه ضعيف.
نعم فيه كلام آخر.
قوله: الفرع الثاني: المنصوص أنه لا حضانة لكل جدة تسقط في الميراث وهي من تدلي بذكر بين [أنثيين] كأم أبي الأم وفي معني الجدة الساقطة كل محرم يدلي بذكر لا يرث كبنت ابن البنت وبنت العم.
ثم قال عقبه: الثالث الأنثى التي ليست بمحرم كبنتي الخال والخالة وبنتي العم والعمة في [استحقاقهن] الحضانة وجهان: أظهرهم عند الغزالي أنها لا تستحق لأن الحضانة تحوج إلى معرفة بواطن الأمور فالأولى تخصيصها بالمحارم.
والثاني: وهو الأشبه بكلام غيره، وهو الذي أورده الفوراني وصاحب "التهذيب" والروياني: نعم؛ لشفقتهن وهدايتهن بالأنوثة. انتهى.
وما أشعر به كلامه من ترجيح الاستحقاق قد تبعه عليه في "الروضة" وعبر بالأصح، وهو مستقيم إلا في بنت الخال فإنها تدلي بذكر غير وارث وقد تقدم أن من كانت بهذه الصفة لا حضانة لها وإذا لم نثبتها لأم أبي الأم لهذا المعني مع وجود الولادة فيها فبطريق الأولى بنت الخال بخلاف بنت الخالة والعمة فإنها تدلي بأنثي وبخلاف بنت العم فإنها تدلي بذكر وارث.
قوله: فرع: لبنت المجنون حضانته إذا لم يكن له أبوان؛ ذكره ابن كج.
قال الروياني: ولو كان للمحضون زوجة كبيرة وكان له بها استمتاع
أو لها به استمتاع فهي أولى بكفالته من جميع الأقارب. وكذا لو كان للمحضونة زوج كبير وهناك استمتاع وإلا فالأقارب أولى، فإن كانت قرابة له فهل ترجح تلك القرابة بالزوجية؟ على وجهين: انتهى.
ذكر مثله في "الروضة". وما نقلاه عن الروياني قد سبقه إليه الماوردي والراجح من الخلاف عدم الرجحان فسيأتي في نظيره ترجيحه من كلام "الروضة" وهو مقتضي القواعد أيضًا.
قوله: ولو كان القريب وارثًا غير محرم كابن العم فله الحضانة على الصحيح.
ثم إن كان الولد ذكرًا أو أنثى لا تشتهي سلمت إليه، وإن بلغت حدا تشتهي لم تسلم إليه لكن له أن يطلب تسليمها إلى امرأة ثقة وتعطى أجرتها، فإن كانت له بنت سلمت إليه. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة". وعبارة "المحرر": ولا تسلم إليه مشتهاة بل إلى ثقة بعينها. انتهى.
وكلام "الشرح" و"الروضة" ليس فيه تقييد البنت بكونها ثقة ولابد منه كما شرطاه في الأجنبية وهو مقتضي كلام "المحرر" و"المنهاج". ثم إن عبارتهما مختلفة في أن الثقة هي التى تتسلم أو هو الذى يتسلم، والأصوب الأول ولكن بإذنه لأن الحضانة له، فإن كانت مميزة غير بالغة فهو الذى يتسلم.
قوله: وفي ثبوت الحضانة للمعتق وجهان: أظهرهما: المنع لعدم القرابة التى هي مظنة الشفقة فعلى هذا لو كانت له قرابة وهناك من هو أقرب منه فهل يترجح لانضمام عصوبة القرابة إلى عصوبة الولاء؟ وجهان حكاهما الروياني؛ مثاله عم وعم أب معتق. انتهى.
والأصح كما قاله في "الروضة" من زوائده عدم الترجيح.
قوله: وهل يقدم بنو الأعمام على أعمام الأب والجد؟
قال في "التتمة": نعم، ومنهم من يقتضي كلامه تأخرهم. انتهى.
والصحيح هو الأول، وقد صححه النووي في أصل "الروضة" ولم ينبه على أنه من "زوائده" بل أدخله في كلام الرافعي فتفطن له.
قوله في أصل الروضة: وإذا لم يوجد مستحق للحضانة من الأجداد والجدات فثلاثة أوجه: أحدها: تقدم النساء. والثاني: العصبات. ثم قال: والثالث -وهو الأصح-: لا يرجح واحد من الفريقين بل يقدم الأقرب فالأقرب، فإن استوى اثنان قدم الأنوثة.
ثم قال ما نصه: فعلى هذا يقدم بعد الآباء والأمهات الأخوة والأخوات، وتقدم الأخوات على الأخوة ثم بعد الإخوة بنات الأخوات ثم بنو الأخوة، وتقدم بنت الأخ على ابن الأخت اعتبارًا بمن تحضن، فإن فقدوا كلهم فالحضانة للخولة ثم العمومة، وتقدم الخالات على الأخوال والعمات على الأعمام. انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وهذا الذي ذكره من تقديم بنات الأخوة وبنات الأخوات على الخولة قد خالفه قبل ذلك في أوائل الضرب الأول فجزم بعكسه وهو تقديم الخالات على بنات الأخوات وبنات الأخوة وهو المذكور في "المحرر" و"المنهاج" و"الحاوي الصغير" وغيرهم، والرافعي سالم من صريح التناقض؛ فإنه في الشرحين نقل التصحيح المذكور في الموضع الثاني عن الروياني فقط لكنه أقره فاغتر النووي بذلك؛ فاعلمه. واعتمد على الموضع الأول.
قوله: ولو كان من أهل الحضانة خنثي فهل يقدم على الذكر في
موضع لو كان أنثى لتقدم لاحتمال الأنوثة أم لا لعدم الحكم بها؟ وجهان انتهى.
والأصح كما قاله في "الروضة" من "زوائده" هو الثاني.
قوله؛ وإذا أخبر -أي؛ الخنثى- عن ذكورته أو أنوثته عمل بقوله في سقوط الحضانة، وهل يعمل به في استحقاقها؟ فيه وجهان حكاهما الروياني. انتهى.
هذه المسألة مذكورة في مواضع من هذا الكتاب واختلفت فيها كلام النووي خاصة، وقد أوضحت ذلك في باب نواقض الوضوء فراجعه، والذى صححه هنا من "زوائده" أنه يعمل به.
قال: وهو الجاري على قواعد المذهب.