الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: فيما تصير به الأمة فراشًا
قوله في أصل "الروضة": ولو نفي الولد مع الاعتراف بالوطء بأن ادعى [الاستبراء] بحيضة بعد الوطء فينظر إن ولدته لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء فالاستبراء لغو ويلحقه الولد، فلو أراد نفيه باللعان فقد سبق في كتاب اللعان أن الصحيح جوازه في هذه الصورة.
انتهى كلامه. فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من تصحيح الجواز عكس ما ذكره الرافعي؛ فإنه قال ما نصه: فلو أراد نفيه باللعان فقد مر أن الصحيح أن نسب ملك اليمين لا ينفي باللعان، وادعي أبو سعد المتولي أن الصحيح في هذه الصور أن له أن يلاعن؛ لأن من وطئ زوجته في طهر ورماها بالزنا في ذلك الطهر وأتت بولد كان له نفيه باللعان؛ فيبعد أن نلزمه بنسب ولد الأمة في هذه الحالة ولا نلزمه بنسب المنكوحة هذا لفظه؛ ومقتضاه: أن الصحيح خلاف ما قاله المتولي، وقد حذف في "الشرح الصغير" مقاله المتولي واقتصر على المذكور قبله وهو تصحيح عدم النفي؛ فدل على ضعف تلك المقالة كما قلناه؛ وحينئذ فيكون كلام "الروضة" على العكس مما في الرافعي وهو المدعي.
الأمر الثاني: أن كلامه هذا مخالف لما قد سبق منه في الباب الثالث من أبواب اللعان قبل الطرف الثالث بأسطر فإنه قال: فصل: إذا لحقه بسبب ملك يمين في مستولدة أو موطوءة بشبهة لم ينتف عنه باللعان على الأظهر، وقيل قطعًا.
ثم قال بعد ذلك ما نصه: ولو اشترى أمة فوطئها بعد الشراء أتت بولد لستة أشهر فصاعدًا من وقت الوطء ولدون أربع سنين من وقت الشراء فإن
لم يدع الاستبراء بعد الوطء لحقه الولد بملك اليمين. وهل له نفيه باللعان؟
فيه الطريقان:
فإن ادعي الاستبراء بعد، فإن أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الاستبراء فالحكم كذلك وتلغو دعوي الاستبراء، وإن كان لستة أشهر فأكثر لم يلحقه الولد على الأصح.
هذا لفظه. وبه يعلم أن المذكور هنا غير صحيح.
واعلم أنا إذا قلنا: ينتفي بدعوي الاستبراء، هل معناه أن دعوي الاستبراء هل تكفي أو لابد مع الدعوي من اليمين؟
لم يتعرض له الرافعي، وفيه نظر.
قوله: ويقرب من هذا الخلاف اختلافهم فيما إذا أتت بولد بعد الولد الذي ألحقناه بالسيد لستة أشهر فصاعدًا هل يلحقه الولد الثاني؟ فأحد الوجهين أنه يلحقه لأنها قد صارت فراشًا فيلحقه أولادها عند الإمكان كما في النكاح.
والثاني: أنه لا يلحقه إلا أن يقر بوطء جديد لأن هذا الفراش يبطل بالاستبراء فلأن يبطل بالولادة كان أولى.
ثم قال: لكنهم مائلون إلى أنه لا يلحق الولد الثاني إلا بالإقرار بوطء جديد لأن الولادة أقوي من الاستبراء، والاستبراء يبطل هذا الفراش كما تقرر. انتهى كلامه.
وحاصله ترجيح الأصحاب لعدم اللحوق، وهو ظاهر متجه، وقد تبعه عليه في "الروضة" أيضًا وعبر بالأصح.
إذا علمت ذلك فقد خالفه مخالفة عجيبة في أثناء الباب الرابع من أبواب الإقرار؛ فإنه جزم بأنه يلحق، ثم نقل عدم اللحوق وجهًا عن
"التتمة"، وأشعر به حتى قال: إنه لم يره لغيره، وقد تقدم ذكر لفظه هناك وتابعه في "الروضة" أيضًا.
قوله الثالثة: الإقرار بالإتيان في غير المأتي لا يكون كالإقرار بالوطء فلا يلحق به الولد، وفيه وجه ضعيف. انتهى كلامه.
وما صححه في الإتيان في غير المأتي -أي: في الدبر- من كونه لا يلحقه الولد حتى بالغ فضعف اللحوق: غريب جدًا، فإنه كان قد ذكر ما يقتضيه أيضًا قبل ذلك في أوائل باب قذف الزوج، وصرح في "الروضة" بتصحيحه [لأجل ما فهمه من اقتضاء كلام الرافعي له. فقد جزم -أعني الرافعي- بالذي ادعى] (1) هنا أنه ضعيف في أوائل الطلاق في الكلام على السبب الثاني من الأسباب التي تقتضي كون الطلاق بدعيًا فقال: ولو أتاها في غير المأتي ففيه تردد للشيخ أبي علي، والأصح أنه يوجب تحريم الطلاق كما يثبت به النسب وتجب به العدة. هذا لفظه وصححه أيضًا قبل ذلك في أوائل القسم الخامس المذكور بعد ثبوت الخيار للقنية، وعبر بلفظ الأصح فقال: وهل يثبت به النسب؟
فيه وجهان: أصحهما: نعم؛ لأنه قد يسبق الماء إلى الرحم من غير شعور به، وإنما يظهر الوجهان فيما إذا أتي السيد أمته في غير المأتي، أو فرض ذلك في النكاح الفاسد، فأما في النكاح الصحيح فإمكان الوطء كاف في ثبوت النسب.
هذا لفظه. فانظر كيف جزم باللحاق في موضع ثم صححه في آخر ثم ضعفه في موضع ثالث فقال: إنه وجه ضعيف، ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الشرح الصغير" و"الروضة".
(1) سقط من أ.