الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النظر الثالث: في
إتلاف البهائم
قوله: ولو كان مع الدابة سائق وقائد فالضمان عليهما بالسوية لأنها تحت يدهما، وفي الركب مع السائق أو القائد وجهان:
أحدهما: أن الجواب كذلك، والثاني: يخص الراكب بالضمان لقوة يده وتصرفه؛ وينبني ذلك على الخلاف فيما إذا تنازع الركب والسائق في الدابة تجعل في يدهما أو تختص بالراكب. انتهى.
تابعه في "الروضة" على حكاية الوجهين من غير ترجيح، والأصح أن اليد للراكب خاصة. كذا ذكره الرافعي في آخر كتاب الصلح فقال: إنه المذهب ونقل التشريك عن أبي إسحاق إلا أن الرافعي إنما ذكر ذلك في القائد مع الراكب ولم يتعرض للسائق مع الراكب إلا أنه مثله كما اقتضاه كلامه وكلام غيره وقد حذف النووي المسألة من كتاب الصلح فلزم منه خلو "الروضة" عن المرجح المذكور في الرافعي، وعن التصريح بمن له اليد في الراكب والقائد فإنه لا تصريح فيها بذلك في موضع من المواضع.
قوله: قال الإمام: والدابة النزقة التي لا تنضبط بالكبح والترويد في معاطف اللجام لا تركب في الأسواق ومن ركبها فهو مقصر ضامن. انتهى.
أما النزقة: فبنون وزاي معجمة وقاف، وقد فسرها الرافعي بما ذكره.
والكبح: بكاف مفتوحة ثم باء موحدة ساكتة ثم حاء مهملة، هو جذب الدابة باللجام. كذا ذكره الجوهري.
وذكر أيضًا ذلك بالضبط المذكور إلا أنه بالتاء المثناة من فوق وفسره برمي الجسم بما يؤثر فيه، وتفسير كلام الرافعي به أيضًا محتمل.
وذكر الرافعي أيضًا هنا من أفعال الدابة الخبط والرمح.
فالخبط: ضرب الأرض بيديها، وهو بالخاء المعجمة، ومنه قيل: يخبط خبط عشواء، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذا مشت لا تتوقى شيئًا.
والرمح: بفتح الراء وسكون الميم وبالحاء المهملة ضربها بالرجل.
قوله: وإذا راثت الدابة أو بالت في سيرها وزلق به إنسان وتلف نفس أو مال أو تلف شيء من الرشاش بممشاها وقت الوحل فلا ضمان في ذلك كله.
وإذا بالت أو راثت في الطريق وقد أوقفها فيه فأفضى المرور في موضع البول إلى تلف فالمذهب أنه لا ضمان، وقيل: يفرق بين الطريق الواسع [والضيق]. انتهى ملخصًا.
وما جزم به هاهنا من عدم ضمان ما تلف بسبب الزلق في بول الدابة وروثها قد جزم بخلافه في كتاب الحج في الكلام على محرمات الإحرام في النوع السابع المعقود للصيد، وقد سبق ذكر لفظه في موضعه، وذكر في "الروضة" هذا الموضع على حاله.
وأما المذكور في الحج فحذف منه التصريح بالآدمي والبهيمة لكنه أحال ذلك في أول الفصل المعقود له على الجنايات ثم ذكر ما ذكر فعلم بذلك مناقضه، بل لو لم يصرح بذلك لعلم من ضمان الصيد أيضًا.
وقد صرح أيضًا في "شرح المهذب" بضمان الآدمي والبهيمة كما قال الرافعي ولم يحك فيه خلافًا ولم يتعرض هناك في "الشرح الصغير" ولا في "المحرر" للمسألة.
نعم: هي مذكورة فيهما في هذا الباب كما في "الكبير".
قوله: ولو كان في داره كلب عقور أو دابة رموح قد حلها إنسان بإذنه ولم يعلم الحال فقولان كما لو وضع بين يديه طعامًا مسمومًا فأكله، ومنهم
من خصص الخلاف بما إذا كان أعمى أو كان في ظلمة، وقطع بنفي الضمان إذا كان بصيرًا يرى. انتهى كلامه.
ومقتضاه تصحيح وجوب الدية لأن أصح الأقوال في تقديم الطعام المسموم وجوبها كما هو مذكور في أوائل الجنايات، وهذا الذي ذكره هنا مخالف لما سبق في كتاب الجنايات في آخر الطرف الثالث منه مخالفة عجيبة فإنه جزم بعدم الضمان وزاد فادعى أنه لا خلاف فيه وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه.
قوله نقلًا عن "فتاوى البغوي": بخلاف الطفل يسقط على قارورة يضمن لأن للطفل فعلًا بخلاف الميت. انتهى.
وهذا الكلام يشعر بأن غير المميز يجب عليه ضمان، ما أتلفه وفيه كلام سبق في أوائل الجنايات يتعين الوقوف عليه.