الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: فصل: فيما
إذا تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت
قوله: ولو جرح حربي مسلمًا ثم أسلم الجارح أو عقدت له الذمة ثم مات المجروح.
فالجواب في "التهذيب" أنه لا شيء على الجارح، ونقل بعضهم أنه يلزمه الضمان لأن المجنى عليه مضمون في الحالتين. انتهى.
لم يصحح شيئا في "الشرح الصغير" أيضًا والصحيح عدم الضمان. كذا في "الروضة" من زوائده.
قوله: ولو جرح مسلمًا فارتد ومات بالسراية فالنفس هدر ويجب القصاص في الجراحة في أصح القولين إن كان مما يجرى فيها القصاص، وعلى هذا فيستوفيه وريثه في أظهر القولين؛ ولهذا قال في "المختصر": لوليه المسلم القصاص.
والثاني: يستوفيه الإمام لأن المرتد لا يورث، وحملوا الولي على الإمام.
ثم رد الرافعي بعد ذلك على هذا التأويل فقال: وبأنه قال في "الأم" يقتص منه أولياؤه، بلفظ الجمع والإمام واحد، وربما حكى وريثه.
هذا لفظه، والمذكور في الأم لفظ الولى فإنه قال: وإذا ضرب الرجل رجلًا فقطع يده ثم برأ ثم ارتد فمات فلوليه القصاص في اليد.
هذا لفظه، ونقله عنه أيضًا في "المطلب".
قوله: ولو جرح مسلم مسلمًا ثم ارتد المجروح ثم أسلم ومات بالسراية لم يجب القصاص في أصح القولين، وفي الدية أقوال: أصحهما عند الجمهور: أنها تجب كاملة.
والثاني: نصفها.
والثالث: ثلثاها.
والرابع: أقل الأمرين من كل الدية، وأرش الجراحة.
ثم قال ما نصه: قال الإمام: إن أوجبنا القصاص فلو آل الأمر إلى المال ففيه الوجوه، وهذا يشعر بما إذا عفى عن القصاص، وقد يشير به إلى ما إذا كان الجرح خطأ، وكذا صور صاحب الكتاب، وفي "التهذيب" أنه إذا عفى وجب كمال الدية بلا خلاف وهذا أوجه ولتكن كذلك صور الخطأ. انتهى.
تابعه في "الروضة" على هذا النقل عن الإمام، وهو غريب جدًا؛ فإن الذى ذكره الإمام أن الخلاف محله إذا قلنا: لا يجب القصاص لأجل تحلل المهدر، قال الإمام: أما إذا قلنا بوجوبه فلا شك في وجوب كمال الدية وحينئذ فيوافق مقالة "التهذيب".
ذكر ذلك قبل كتاب الديات بكراس وشيء في أثناء فصل أوله قال: ولو جرح مسلمًا فقال ما نصه: ثم إذا أوجبنا القصاص في المسألة التى نحن فيها فلو آل الأمر إلى المال وجبت الدية بكمالها لا شك فيه، وإن درأنا القصاص لمكان اعتراض المهدر وآل الأمر إلى المال فظاهر النص أنه تجب الدية الكاملة؛ هذا لفظ الإمام بحروفه، وكأن نظر الرافعي قد انتقل من قوله: وآل المال، إلى هذا اللفظ المذكور ثانيًا أو سقط ذلك من النسخة التي وقف عليها الرافعي.
قوله في "الروضة": فرع: رمي إلى مسلم فارتد وعاد إلى الإسلام فأصابه السهم فلا قصاص على المذهب، وبه قطع الجمهور، وقال الإمام: ويجئ فيه قول. انتهى.
لقائل أن يقول: كيف قطع الجمهور بأنه لا قصاص مع ذهابهم لطريقة
القولين فيما إذا تخللت الردة بعد الجراحة مع أن إثبات القولين في مسألتنا أولى لعصمته حالة الرمى وحالة الإصابة، وتخلل الردة إنما كان لتأثير السبب.
قوله: ولو جرح نصراني نصرانيًا ونقض المجروح العهد والتحق بدار الحرب ثم سبى واسترق ومات بالسراية فلا قصاص في النفس، فإن أراد المستحق المال ففي ما يجب على الجاني قولان: أحدهما: أول الأمرين من أرش جناية حر أو كمال قيمة عبد لأنه بالالتحاق بدار الحرب صار مهدرًا فأشبه ما إذا ارتد المسلم.
وأصحهما على ما قال في "التهذيب" أن الواجب قيمته بالغة ما بلغت. انتهى كلامه.
والأصح في أصل "الروضة" ما صححه في "التهذيب".
قوله: وقول "الوجيز" أقل الأمرين من كمال كل الدية أو كل القيمة الأغلب في لسان أهل الفقه في مثل هذا الموضع كلمة -أو- ولو قلت -بالواو- لصح وكان أوضح. انتهى كلامه.
والتعبير هنا بالواو واجب؛ لأن الأمرين هما كذا وكذا قالوا ولا بأو، وقد نبه عليه أيضًا النووي في مواضع من "الدقائق" و"لغات التنبيه".
قوله: قطع حر يد عبده فعتق ثم عاد فحرر رقبته قبل الاندمال، فإن اقتص الوارث سقط حق السيد، وإن عفى وجب كمال الدية، للسيد منه الأقل من نصف الدية ونصف القيمة، ثم الواجب في الدية إنما هو الإبل فليس للسيد تكليف الجاني سلم الدراهم.
ثم قال ما نصه: فلو أتى الجاني بالدراهم ففي إجبار السيد على القبول وجهان ذكرهما الإمام: أحدهما: المنع لأن الواجب المتعين الإبل فله أن يقول سلم حقى إلىّ.
والثاني: نعم لأنه الواجب بحق الملك، وحاصل هذا الوجه تخيير الجاني بين تسليم الإبل وتسليم الدراهم، وهو أفقه وأغرض عند الإمام، وإيراد الكتاب يشعر بترجيحه. انتهى كلامه.
واعلم أن هذا الكلام من الرافعي قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو يقتضي أن هذين الوجهين نقلهما الإمام عن الأصحاب، وليس كذلك، بل إنما ذكرهما الإمام بحثًا، وقد صرح القاضي أبو الطيب في "شرح الفروع" بالمسألة وجزم بعدم الإجبار، ونص عليه الشافعي أيضًا ونقله عنه في "المطلب" في باب القسامة.
قوله: الفراشة: قال الجوهري: الفراشة بالفتح وبالشين المعجمة: كل عظم دقيق، وفراش الرأس عظام رقاق في القحفة.