الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في "تداخل العدتين
"
قوله: وإذا طلق زوجته فشرعت في العدة بالأقراء أو بالأشهر ثم وطئها وطء يوجب العدة فتستأنف العدة ويتدرج فيها ما بقي بحيث يكون مشتركًا واقعًا عن الجهتين جميعًا، ثم قال: وقل إن عدة الطلاق تنقطع بما طرأ من الوطء ويسقط باقيها وتتمحض العدة الواجبة عن الوطء وهذا ما حكاه أبو الحسن العبادي عن الحليمي قال: وقياسه أن لا تثبت الرجعة في البقية لكن الإجماع صد عنه. انتهى كلامه.
وهذا الإجماع الذي حكاه وارتضاه، تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وليس كذلك فقد ذكر بعد هذا بأسطر في نظيره أنه لا رجعة فإنه ذكر أنها إذا حبلت من هذا الوطء فتعتد بالحمل، ويدخل فيه البقية على أشبه الوجهين، فعلى هذا له الرجعة في أظهر الوجهين، ثم قال: والثاني لا رجعة له بناء على أن عدة الطلاق قد سقطت وهي الآن معتده عن الوطء هذا لفظه.
قوله: وإن كانت حاملًا من الزوج ووجب عليها عدة الآخر من وطء الشبهة فراجعها الزوج فتنقطع عدته في الحال وتبقى عدة الشبهة مؤخرة إلى أن تضع وتعود إلى أقرائها وهل له وطؤها في الحال؟ فيه وجهان؛ قيل: نعم؛ لأنها منكوحة وليست في الحال في عدة غيره، وقيل: لا. لأنها معرضة للعدة ولا يليق تسلطه عليها في الحال، والمنع من الاستقبال، ومال صاحب "التتمة" إلى ترجيح الثاني ومنهم من يرجح الأول. انتهى ملخصًا.
لم يصحح في "الشرح الصغير" أيضًا شيئًا منهما، وقال في "الروضة" من زوائده الراجح الجواز.
قوله: ولو وطئت بشبهة وظهر بها حمل واحتمل كونه من الزوج ومن الواطئ فمات هذا الولد في زمن الإشكال وكان للأم ولدان آخران، أو كان
لكل واحد من الزوج والواطئ ولدان فلها السدس، فإن كان لأحدهما ولدان دون الآخر فهل لها الثلث للشك في كونهما أخوين للميت أم السدس لأنه اليقين؟ فيه وجهان. انتهى.
قال في "الروضة" الأصح أو الصحيح السدس.
قوله: ولو أوصى إنسان لهذا الحمل بشيء أو سمى الموصى أحدهما، إما الزوج أو الواطيء فقال: أوصيت بحمل فلان هذا فإن ألحقه القائف بغير المسمى بطلت الوصية. انتهى.
تابعه في "الروضة" على الجزم ببطلانها والمتجه تخريجها على الإشارة والعبارة، فإن غلبنا العبارة بطلت أو الإشارة فتصح.
قوله: وإذا فرعنا على أن الحربيتين تكفي لهما عدة واحدة فهل نقول إنها للواطيء الثاني، ونسقط بقية عدة الأول لضعف حقوق الحربي وبطلانها بالاستيلاء عليه أو على زوجته أو نقول تدخل بقية العدة الأولى في الثانية؟ وجهان.
وأرجحهما على ما قاله في "الروضة" من زوائده هو الأول.
قوله: وإذا طلق زوجته طلاقًا رجعيًا ولم يهجرها في العدة، نظر: إن كان يطؤها قال المتولي: لا تشرع في العدة مادام يطؤها لأن العدة لبراءة الرحم وهي مشغولة، وإن لم يطأها ولكن كان يعاشرها معاشرة الأزواج ففي انقضاء العدة ثلاثة أوجه: ثالثها: وهو الذي أخذ به الأئمة أنها تنقضى في المطلقة البائنة دون الرجعية، لأن في المخالطة بها شبهة وفي الفرع فائدتان: إحداهما: قال البغوى في "الفتاوى": الذي عندى أنا وإن حكمنا بعدم الانقضاء فلا رجعة له للاحتياط من الجانبين، وفي "فتاوى القفال" ما يوافقه، وأما صحة إيقاع الطلاق عليها فتستمر إلى انقضاء العدة، وبه صرح الرويانى في "الحلية". انتهى ملخصًا.
ذكر مثله في "الروضة" وفيما ما ذكره من عدم ثبوت الرجعة كلام يتوقف على ما قاله فيها البغوي في "فتاويه" فلنذكره فنقول: قال ما نصه: قال أصحابنا: لا يحكم بانقضاء العدة، وإن مضت لها أقراء وله الرجعة.
قال شيخنا: والذي عندى أنه لا يحكم بالانقضاء كما ذكروه، لكن بعد مضي الأقراء لا رجعة أخذًا بالاحتياط في الجانبين، هذا كلام البغوى في "فتاويه".
إذا علمت ذلك فتعود إلى المقصود وهو أمران:
أحدهما: أن ما وقع في الفتاوى المذكورة من التعبير بقوله قال شيخنا: يحتمل أن يكون كلام تلميذ البغوي الجامع لفتاويه، فيكون الشيخ هو البغوي، ويحتمل أن يكون من كلام البغوي نفسه فيكون المراد بالشيخ هو القاضي الحسين، ولا شك أن المراد هو الأول، أعني البغوي، فإن القاضي الحسين قد ذهب إلى ثبوت الرجعة بعد مضي الأقراء، سواء كان يطأها أم لا كذا ذكره في "تعليقه" وفي "فتاويه" أيضًا في أواخر كتاب الطلاق، ولأجل هذا صرح الرافعي بالبغوي عوضًا عن التعبير بالشيخ، وهو تصرف حسن فتفطن له، واعلم مستنده.
الأمر الثاني: أي ما نقله الرافعي عن البغوي من عدم ثبوت الرجعة، ولم ينقل خلافه بل قواه بكلام القفال، قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو يشعر بأن هذا هو المنقول المعمول به لا غير ولهذا جزم به الرافعي في "الشرح الصغير" فقال ما نصه: ثم قال الأئمة لا رجعة للزوج بعد انقضاء الأقراء وإن لم تنقض العدة بسبب المعاشرة أخذًا بالاحتياط في الطرفين، هذه عبارته، وجزم به أيضًا في "المحرر" وتبعه عليه النووي في "المنهاج" وليس تقدم نقله عن "فتاوى البغوى" أن الرجعة تثبت إلا أن الرافعي اقتصر على نقل آخره دون أوله، وكأنه انتقل نظره أو سقط ذلك من النسخة التى وقف عليها، ويمكن أن يقال: إنما لم يصرح الرافعي في
"الكبير" بثبوت الرجعة لأنه مقتضى القول ببقاء العدة فسكت عنه لذلك، ولم يحتج إلى التصريح به، وصرح بمقالة البغوى لكونها على خلاف الأصل، وحينئذ فيكون كلام "الشرح الصغير" و"المحرر" و"المنهاج" غلطًا حصل من الإلباس الواقع في "الشرح" و"الروضة" وهذا هو الظاهر الموافق للمنقول، وعلى كل حال فالفتوى على ثبوت الرجعة، وقد وقع هنا في كلام "الكفاية" لابن الرفعة ما وقع للرافعي بزيادة غلط آخر فاحش، وقد نبهت على ذلك في "الهداية" فراجعه.
وإذا قلنا: لا تنقضي العدة فأراد المطلق تزويجها في العدة من الولى فالقياس جوازه جزمًا.
واعلم أن ما نقله في أول المسألة عن المتولي قد سبقه إليه القاضي الحسين في "تعليقه"، وقال: إنه لا خلاف فيه.
قوله: وأما إذا خالط المعتدة أجنبى عالمًا فلا يؤثر وطؤه، وإن خالط بشبهة فيجوز أن يمنع الاحتساب كما سبق أنها في زمن الوطء بالشبهة خارجة عن العدة. انتهى.
وتوقفه في هذه المسألة وهى مسألة المحافظة غريب، فقد ذكرها قبل ذلك وحكى فيها خلافًا فقال ما معناه وإذا نكح معتدة على ظن الصحة ووطئها لم يحسب زمن استفراشه إياها [من] عدة الطلاق ومن أي وقت يحكم [بانقطاع] العدة، فيه وجوه، أصحها: من وقت الوطء، لأن النكاح الفاسد لا حرمة له.
والثاني: من حين يخلو بها ويعاشرها، وإن لم يطأ.
والثالث: من وقت العقد إن اتصل به رفاق وإلا فلا، والرابع: من وقت العقد وإن لم يتصل به رفاق.
قوله: الثانية من نكح معتدة جاهلًا ووطئها لم تحرم عليه مؤبدًا، وعن
القديم أنها تحرم، ثم قال: ونقل القاضى الروياني إجراء القول القديم في كل وطء يفسد النسب كوطء زوجة الغير أو أمته بالشبهة. انتهى كلامه.
وما نقله من الروياني ذكر نحوه أيضًا المقدسي في "التهذيب"، والتقييد بإفساد النسب يقتضي أنها لا تحرم بلا خلاف إذا كان وطؤها لا يخشى منه إفساد كما لو وطيء صغيرة أو آيسة أو من تبين حملها، أو غير مدخول بها إذا مات عنها زوجها.
قوله: ولو خالع الممسوسة ثم جدد نكاحها ومات بعد التجديد، فقد حكى صاحب الكتاب وجهين في اندراج تلك البقية تحت عدة الوفاة، وهذا يشعر بلزوم البقية وإنما التردد في أنها هل تدخل في عدة الوفاة أم لا؟ ثم قال: والذي أورده صاحب "التهذيب" وغيره أن تلك البقية تسقط كما لو مات عن الرجعية يسقط ما بقي من عدتها وتكفيها عدة الوفاة بلا خلاف. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره من نفي الخلاف ليس كذلك، ففي "الذخائر" للقاضي مجلي حكاية وجهين في أنها هل تندرج أو تسقط.