المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النظر الأول: في الأركان - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٨

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب "العدد

- ‌الباب الأول في "كيفية عدة الطلاق

- ‌الباب الثاني في "تداخل العدتين

- ‌ القسم الثاني في "عدة الوفاة" والسكنى

- ‌الأول: في عدة الوفاة

- ‌الباب الثاني: في السكنى

- ‌ القسم الثالث: في الاستبراء

- ‌الفصل الأول: في قدره وحكمه

- ‌الفصل الثاني: في السبب

- ‌الفصل الثالث: فيما تصير به الأمة فراشًا

- ‌كتاب الرضاع

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: فيما يحرم بالرضاع

- ‌الباب الثالث: في بيان الرضاع القاطع للنكاح وحكم الغرم فيه

- ‌الباب الرابع: في النزاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌السبب الأول: النكاح:

- ‌الباب الأول: في قدر النفقة وكيفيتها

- ‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة

- ‌الباب الثالث: في الإعسار بالنفقة

- ‌ السبب الثاني للنفقة: القرابة

- ‌الباب الأول: في أصل النفقة

- ‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب

- ‌الباب الثالث: الحضانة

- ‌ السبب الثالث للنفقة: ملك اليمين

- ‌كتاب الجراح

- ‌ إذا تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت

- ‌قال رحمه الله: النوع الثاني: القصاص في الطرف

- ‌فصل: في ألفاظ ذكرها الرافعي فسر معانيها ولم يضبط لفظها:

- ‌ مسائل الاختلاف الواقعة بين الجاني والمجني عليه أو وليه

- ‌ حكم القصاص

- ‌الباب الأول في استيفاء القصاص

- ‌الفصل الأول فيمن يلي الاستيفاء

- ‌الفصل الثاني في أن القصاص على الفور

- ‌الفصل الثالث في كيفية المماثلة

- ‌الباب الثاني في العفو

- ‌كتاب الديات

- ‌الباب الأول: في دية النفس

- ‌الباب الثاني في دية ما دون النفس وهو جرح أو إبانة أو إبطال منفعة

- ‌النوع الأول: الجرح

- ‌ النوع الثاني: القطع المبين للأعضاء

- ‌النوع الثالث: ما يفوت المنافع

- ‌باب بيان الحكومة

- ‌ القسم الثاني في الموجب

- ‌القسم الثالث من الكتاب

- ‌ القسم الرابع: في غرة الجنين

- ‌باب: كفارة القتل

- ‌كتاب دعوى الدم

- ‌ الكلام في مسقطات اللوث

- ‌كتاب الجنايات الموجبة للعقوبات

- ‌الجناية الأولى: البغي

- ‌الجناية الثانية: الردة

- ‌الفصل الثاني في أحكام الردة

- ‌ الجناية الثالثة: الزنا

- ‌ الجناية الرابعة: القذف

- ‌ الجناية الخامسة: السرقة

- ‌النظر الأول: في الأركان

- ‌ النظر الثاني: في إثبات السرقة

- ‌ النظر الثالث: في الواجب

- ‌ الجناية السادسة: قطع الطريق

- ‌ الجناية السابعة: شرب الخمر

- ‌القول في التعزير

- ‌كتاب موجبات الضمان

- ‌ ما يلزم الولاة بتصرفاتهم

- ‌ دفع الصائل

- ‌ إتلاف البهائم

- ‌كتاب السير

- ‌الباب الأول: في وجوب الجهاد

- ‌فصل في السلام

- ‌الباب الثاني: في كيفية الجهاد وفيه أطراف

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌ الثالث:

- ‌ الرابع:

- ‌الباب الثالث: في ترك القتل والقتال بالأمان

- ‌الباب الأول: في الجزية

- ‌الباب الرابع: في عقد المهادنة

الفصل: ‌النظر الأول: في الأركان

قال رحمه الله:‌

‌ الجناية الخامسة: السرقة

والنظر في أطراف:

‌النظر الأول: في الأركان

قوله: ولو سرق ربعًا من الذهب الخالص كالسبيكة والحلي وهو لا يبلغ ربعًا مضروبًا بالقيمة ففي وجوب القطع وجهان: أحدهما: يجب؛ لبلوغ عين الذهب قدر النصاب، وإلى ترجيحه ميل كلام جماعة منهم البغوي، وقال في البيان إنه المذهب.

والثاني: المنع، ويحكى عن الإصطخري وابن أبي هريرة وأبي على الطبري وأبي الحسين العبادي، وهو أظهر عند الإمام وغيره، ووجه بأن لفظ الخبر هو الدينار وهو إنما يقع على المضروب، ويؤيده أن التقويم إنما هو بالمضروب دون غيره.

ولو سرق خاتمًا وزنه دون الربع وقيمته يبلغ بالصنعة ربعًا ففي القطع الوجهان؛ إن اعتبرنا القيمة وجب، وإن اعتبرنا العين فلا. انتهى كلامه.

وحاصله أن المسألتين تشتركان في التخريج على الوجهين، إلا أن المسألة الثانية يثبت لها من الحكم عكس ما يثبت للأولى؛ لأنها عكسها في التصوير؛ وحينئذ فإن اعتبرنا الوزن: أوجبنا في الأولى دون الثانية، وإن اعتبرنا القيمة أوجبنا: في الثانية دون الأولى.

إذا علمت ذلك ففيه أمران:

أحدهما: أن الرافعي في "المحرر" قد صحح اعتبار القيمة؛ فإنه اقتصر على المسألة الأولى وصحح عدم وجوب القطع، وفي كلام "الشرح" إشعار به، وصرح النووي بتصحيحه في "أصل الروضة" ولم ينبه على أنه من "زوائده" بل أدخله في كلام الرافعي فتفطن له.

ص: 327

الأمر الثاني: أن النووي قد حصل له في "الروضة" غلط فاحش وذهول عجيب فإنه سوي بين المسألتين وصحح فيهما معًا عدم الوجوب ثم عقب ذلك بقوله: والخلاف في المسألتين راجع إلى أن الاعتبار بالوزن أم بالقيمة؟ هذه عبارته. ولو اقتصر على التصحيح فيها ولم يعقبه بما عقب لكان أستر له، بل أقام دليلًا قطعيًا على غلطه.

وأعجب من ذلك أنه لما صحح في الأولى عدم الوجوب عبر بالأصح ولما صحح في الثانية عبر بالصحيح فاقتضى أن الذي من حقه أن يصححه في الثانية -وهو الوجوب- ضعيف بالنسبة إلى تصحيحه في الأولى، وذلك كله عجيب وأوقع النووي في الغلط تعبير الرافعي بقوله: ففي القطع وجهان.

قوله: وإذا ادعى السارق الملك لنفسه لم يقطع على المنصوص الذي قال به أكثر الأصحاب، فإن قلنا به فسرق اثنان وادعى أحدهما أن المسروق لنفسه أو لهما وأنكره الآخر واعترف بالسرقة فلا قطع على المدعي، وفي المنكر وجهان: أظهرهما عند الإمام والغزالي أنه يجب، وبه قال ابن القاص واختاره ابن الصباغ لأنه مقر بأنه سرق نصابًا فلا شبهة.

ولو قال أحدهما: هذا ملك شريكي وأخذت معه بإذنه وأنكر الآخر فالذي نقلوه أنه كالصورة المتقدمة لا قطع على من يدعي أنه ملك صاحبه، وفي المنكر وجهان:

قال في "التهذيب" والأولى أن يقال: يجب القطع على المنكر؛ لأنه لا يدعي شبهة، وفي المدعي وجهان.

ثم قال ما نصه: ولو سرق عبد وادعى أن المسروق ملك سيده فإن صدقة السيد سقط القطع تفريعًا على النص وإن كذبه فوجهان:

ص: 328

أحدهما: لا يسقط لأنه يدعي الملك لسيده وهو منكر كما ذكرنا في الشريك، والثاني: يسقط كالحر [يدعي الملك لنفسه](1) وهذا ما أورده في "الكتاب" مع حكاية الوجهين فيما إذا ادعي الملك للشريك، وإليه ذهب صاحب "التلخيص"، وقد يفرق بأن يد العبد كيد السيد فجعلت دعوي ملك السيد كدعوى الحر ملك نفسه بخلاف الشريك. انتهى كلامه.

وفيه ذهول من وجوه:

أحدها: في قياس القطع على ما سبق في الشريك.

والثاني: ما دل عليه كلامه من التعجب من طريقة الغزالي حيث جزم بعدم القطع في العبد وحكى الوجهين فيمن ادعى أنه لشريكه.

والثالث: في الفرق على طريقة الغزالي وبيان الوهم أن العبد هو نظير الشريك المدعي الملك لنفسه، وقد جزم الغزالي فيه بالقبول كما جزم في العبد، وإنما حكى الوجهين في الشريك الذي هو معترف بأن الملك لغيره ونظيره في مسألة العبد إنما هو السيد لكن السيد لم يسرق حتى يأتي فيه الوجهان.

فإذا استحضرت ما ذكرناه وتأملته ظهر لك الأوهام التي حصلت وكأن الرافعي وقع في ذهنه أن العبد كالشريك المكذب فبني عليه، وقد تبعه في "الروضة" على الوهم أيضا وصحح في أصل "الروضة" في مسألة العبد سقوط القطع.

قوله: الثانية: إذا سرق شيئًا من الملاهي كالطنبور والمزمار وفي معناهما الأصنام، فإن لم يبلغ بعد الكسر نصابًا فلا قطع، وإن بلغ فوجهان: أظهرهما عند الأكثرين: أنه يقطع. انتهى ملخصًا.

(1) سقط من أ.

ص: 329

ذكر في "الشرح الصغير" نحوه أيضا، وخالف في "المحرر" فصحح عدم القطع عند بلوغه النصاب وعبر بالأصح، واستدرك عليه في "المنهاج" فصحح الوجوب.

قوله: أما إذا سرق ذمي مال المصالح فالصحيح أنه يقطع لأنه مخصوص بالمسلمين، ولا ينظر إلى إنفاق المال عليهم عند الحاجة لأنه للضرورة ومشروط بالضمان، وفي وجه: لا قطع واختاره البغوي وقال: لا ينبغي أن يكون إنفاق الإمام عليهم مشروطًا بالضمان. انتهى.

ذكر مثله في "الروضة" وفيه أمران:

أحدهما: أن البغوي لم يختر عدم القطع بل ذكره احتمالًا بعد أن جزم بالقطع.

الثاني: أن الرافعي قد أطلق في كتاب اللقيط أنه إذا لم يكن له مال أنفق عليه من بيت المال من غير رجوع على الصحيح. ثم حكى بعد ذلك في الحكم بإسلامه أو كفره وجهين في اللقيط الكافر وقال: أصحهما أنه كالمسلم في الإنفاق عليه من بيت المال.

قوله: ولو سرق المكاتب من سيده فوجهان، وبالمنع قال صاحب "التلخيص" وهو الذي أورده الروياني. انتهى.

والراجح عدم القطع؛ كذا صححه النووي في أصل "الروضة".

تنبيه: قد ذكر الرافعي هنا ألفاظًا منها الكثير الوقاع في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع في أكثر ولا تمر"(1).

قال: والكثر: جمار النخل؛ وهو شحمه. انتهى.

(1) أخرجه أبو داود (4388 - 4389)، والترمذي (1449)، والنسائي (4975 - 4985)، وابن ماجه (2593) من حديث رافع بن خديج.

قال الشافعي في القديم: إنه مرسل.

ص: 330

الكثر: بكاف ثم ثاء مثلثة مفتوحتين بعدها راء مهملة. كذا قاله ابن الأثير وغيره، وضبطه الجوهري، وأورده الحديث المذكور وفسروه بما فسر به الرافعي وهو الجمار -بضم الجيم وتشديد الميم-: اسم لقلب النخلة الذي يقطع ويؤكل عند قطع النخلة أو سقوطها.

قال الجوهري: ويقال إن الكثر هو الطلع.

ومنها: المجن: بكسر الميم، اسم للترس الذي يتقى به في الحرب مأخوذ من الجنة بالضم وهو السترة.

ومنها العيبة: بعين مهملة مفتوحة ثم ياء ساكنة بنقطتين من تحت بعدها باء موحدة، وهي وعاء تجعل فيه الثياب. جمعها عياب.

ومنها الصيادلة: بصاد وقال مهملتين بينهما ياء بنقطتين من تحت، اسم، للعطارين، واحده صيدلاني، ويقال أيضًا بالنون من الصندل وهو شجر طيب الرائحة.

ومنها الفامي: بالفاء والميم، وهو بائع الفوم؛ وهو الخمس بلغة الشام كما قال الجوهري لكنهم غيروه في النسب، ويطلق الفوم أيضًا في لغة العرب على الثوم وقرئ قوله تعالى:{وَفُومِهَا} (1) بالفاء والثاء أيضًا (2).

ومنها: الشرائج: بالشين المعجمة والجيم: اسم لما ينصب على الحوانيت التي تباع فيها أواني الخزف لتكون عوضًا عن الأبواب، واحده شريجة قال الجوهري: هو شيء ينسج من سعف النخل يحمل فيه البطيخ ونحوه.

(1) سورة البقرة (61).

(2)

وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس، قال ابن جني: يقال: الثوم والفوم بمعني واحد؛ كقولهم جدث وحدف، وقام زيد ثم عمرو، ويقال أيضًا: فُمَّ عمرو، فالفاء بدل فيهما جميعا. "المحتسب"(1/ 88).

ص: 331

ومنها المسوح: بميم مضمومة وسين وحاء مهملتين، وجمعه مسح بكسر الميم وهو ثوب من شعر أسود يسمى بالثلاثين تتخذ منه الغرائر ليحمل فيه التبن.

ومنها الكدس: بضم الكاف وسكون الدال والسين المهملتين هو الصبرة من الحب، جمعه أكداس.

ومنها التنضيد بالضاد المعجمة وهو جعل بعض الأمتعة فوق بعض، يقال نضده تنضيدًا ونضده بالتخفيف نضًا.

ومنها الردء: براء مكسورة ودال مهملة ساكنة بعدها همزة هو العون، قال تعالى حكاية عن موسى في طلبه لهارون -عليهما الصلاة والسلام-:{رِدْءًا يصَدّقنِي} (1) وتقول: أردأه. أي: أعينه.

ومنها الجوالق: بجيم مضمومة وقاف، اسم الوعاء، وجمعه جوالق أيضًا لكن بفتح الجيم، وجواليق بزيادة الياء؛ قال الراجز:

ياحبذا ما في الجواليق السود

من حسكيان وسويق وقيود

أي: جعل فيه القيد بالقاف وهو المطبوخ من قصب السكر.

قوله: ولا يشترط أن يكون المسروق في يد المالك بل المسروق من المودع والمرتهن والوكيل وعامل القراض والمستعير والمستأجر يوجب القطع، والخصم فيها المالك. انتهى.

وما ذكره في المودع من أنه لا مخاصمة له بل المخاصمة للمالك قد اختلف فيه كلامه وكلام "الروضة"، وقد بسطت ذلك في كتاب الإجارة فليراجع منه.

قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة

(1) سورة القصص (34).

ص: 332

جبل، فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن (1).

وحريس وخريب الجبل ما سرق من الجبل من المواشي، ويقال إن سارقها يسمى خاربًا. انتهى كلامه.

الخريبة: بخاء معجمة مفتوحة وراء مهملة مكسورة بعدها ياء بنقطتين من تحت ثم باء موحدة، هي المسروقة فالخريبة بمعنى المخروبة؛ يقول: خرب فلان إبل فلان يخرب خرابة فهو خارب على وزن كتب يكتب كتابة فهو كاتب.

قال الشاعر:

والخارب اللص يحب الخاربا

ونقل الجوهري عن الأصمعي أن هذا اللفظ لا يطلق إلا على سرقة الإبل خاصة وأقره عليه.

ومعنى الحديث: أنه لا قطع في الثمار المعلقة على النخيل ولا في الإبل المسروقة من الجبال لعدم الحرز.

قوله: والمتبن حرز للتبن. انتهى.

فصل بعد هذا بدون ورقتين فقال: إن كان في العمران فذاك، وإن كان في الصحراء فلابد من حارس.

قوله: ولو نام في صحراء أو مسجد أو شارع فسرق سارق المنديل من رأسه أو المداس من رجله قطع؛ لأنه محرز به. انتهى.

المراد بالمنديل هو العمامة، وهو اصطلاح كثير من المشارقة.

والمداس: بفتح الميم وحكي كسرها، وهو مشتق من الدوس بالفتح

(1) أخرجه مالك (1518)، والبيهقي في "الكبرى"(17001) بسند ضعيف لانقطاع فيه، لكن أخرجه أبو داود (1710)، والترمذي (1289)، والنسائي (4957)، وابن ماجه (2596)، والحاكم (8151)، والدارقطني (3/ 194)، والطحاوي في "شرح المعاني"(4510) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وسنده حسن.

ص: 333

على المحل والكسر على الآلة.

قوله: والدار إن كانت منفصلة عن العمارة فليست بحرز إن لم يكن فيها أحد، فإن كان فيها نائم وبابها مغلق ففيه وجهان؛ الذي أجاب به الشيخ أبو حامد ومن تابعه أنها تكون حرزًا، والموافق لما أطلقه الإمام وصاحب التهذيب خلافه. انتهى.

وقد اختلف كلام الرافعي في الراجح من هذين الوجهين، وكذلك النووي؛ فأما الرافعي فقال في "الشرح الصغير": أقربهما أنها حرز ولم يذكر ترجيحًا غيره، وخالف في "المحرر" فقال ما نصه: والدار المنفصلة عن العمارات ليست بحرز إن لم يكن فيها أحد، وكذا لو كان من فيها نائمًا، فإن كان مستيقظًا فما فيها محرز سواء أكان الباب مفتوحًا أم مغلقًا.

هذا لفظه بحروفه. وهو عكس ما تقدم.

وأما النووي فقال في "الروضة" من "زوائده": الذي قاله الشيخ أبو حامد أقوى، وجزم الرافعي في "المحرر" بأنه غير محرز. هذا كلامه.

ثم إنه في "المنهاج" وافق الرافعي على ما قاله في "المحرر".

قوله: ولو فتح صاحب الدار بابها وأذن للناس في الدخول عليه لشراء متاعه كما يفعله الذي يتجر في داره فوجهان لأن الزحمة تشغل الحس على ما سبق. انتهى.

قد ذكر الرافعي بعد هذا بنحو كراس قبيل الركن الثالث ما يوجه منه تفصيل لما أطلقه هاهنا وتصحيح للخلاف الذي أرسله فقال: وإذا أذن صاحب الدكان في دخول الناس للشراء فمن دخل مستترًا وسرق لم يقطع، ومن دخل سارقًا قطع. هذا لفظه.

وحينئذ ففي مسألتنا من دخل للشراء لم يقطع، ويؤيده ما قالوه في سرقة ثياب الحمام، ومن دخل لسرقة ففيه الوجهان، واستفدنا من جزمه هناك أن الراجح منهما هو القطع.

قوله: وهل يشترط إسبال باب الخيمة إذا كان من فيها نائمًا حكى

ص: 334

ابن كج فيه وجهين ورأي أن الأظهر أنه لا يشترط. انتهى.

لم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا وصحح في أصل "الروضة" ما صححه ابن كج.

قوله: وإن لم تكن الإبل مقطرة بل كانت تقاد أو تساق فمنهم من أطلق القول بأنها غير محرزة لأن الإبل لا تسير هكذا في الغالب وعلى هذا جري صاحي "التهذيب"، وعن "الإفصاح": أنه لا فرق، وبهذا أخذ القاضي الروياني وقال: المعتبر أن يقرب منها ويقع نظره عليها. انتهى.

لم يصحح شيئا في "الروضة" أيضًا، وقد اختلف كلام الرافعي في المسألة فرجح الأول في "المحرر" فقال: وغير المقطرة منها غير محرزة على الأشبه. هذا لفظه.

ورجح الثاني في "الشرح الصغير" فقال: إنه أولي الوجهين، والفتوي على الأولى فقد نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم فقال في كتاب القطع في السرقة المذكورة بعد كتاب صفة النفي في باب ما يكون حرزًا: وأي إبل كانت لرجل تسير وهو يقودها فيقطر بعضها إلى بعض فسرق منها أو مما عليها شيء قطع فيه.

ثم قال بعد ذلك فلو اضطجع مضطجع في صحراء ووضع ثوبه بين يديه أو أرسل رجل إبله ترعي أو تمضي على الطريق وليست مقطرة فسرق من هذا شيء لم يقطع لأن العامة لا ترى هذا حرزًا هذا كلامه.

قوله: وإذا اعتبرنا بالتقطير فينبغي ألا يزيد القطار الواحد على تسعة للعادة الغالبة، فإن زادت فهي كغير المقطرة. ومنهم من أطلق ذكر التقطير ولم يقيد بعدد، والأحسن توسط أورده السرخسي فقال: في الصحراء لا يتقيد وفي العمراني يعتبر بما جرت العادة بأن نجعلها قطارًا وهو ما بين سبعة إلى عشرة. انتهى كلامه.

صرح رحمه الله في "الشرح الصغير" بتصحيح الأول ولم يذكر ما

ص: 335

ذكره هنا من استحسان الثالث.

ولم يصرح في "المحرر" بشئ بل قال: وينبغي ألا يزيد على تسعة، وصحح في "الروضة" الثالث فقال: فإن اعتبرناه -يعني التقطير- فيشترط ألا يزيد القطار الواحد على تسعة للعادة الغالبة فإن زاد فهي كغير المقطورة، ومنهم من أطلق ذكر القطر ولم يقيده بعدد والأصح توسطه. ذكره السرخسي فقال: في الصحراء لا يتقيد القطار بعدد وفي العمران يعتبر بما جرت العادة بأن يجعل قطارًا وهو ما بين سبعة إلى عشرة.

هذا لفظه. وهو تركيب عجيب آخره يدفع أوله.

ثم إنه صحح في "المنهاج" عكسه فقال: ويشترط التفات قائدها إليها كل ساعة بحيث يراها وألا يزيد قطار على تسعة. هذه عبارته.

قوله: فإذا كفن من تركته فالكفن ملك للورثة، وقيل: للميت، وقيل: لله تعالى. ثم قال: فإن كفنه أجنبي أو كفن من بيت المال فلمن الملك؟ فيه طريقان: أحدهما: على الأوجه.

والثاني: يبقى للأجنبي أو على حكم بيت المال ويكون كالعارية. انتهى.

والأصح على ما قاله في "زوائد الروضة" هو الطريق الثاني.

قوله: فروع: إذا كفن السيد عبده فالملك في الكفن للسيد أو لا ملك لأحد؟ فيه وجهان. انتهى.

والصحيح أنه باق على ملك السيد. كذا صححه النووي في "الروضة" ولم ينبه على أنه من "زوائده" بل أدخله في كلام الرافعي؛ فتفطن له فإنه غريب.

قوله: وإن سرق أجنبي المال المغصوب أو المسروق فوجهان:

أحدهما: يقطع، وإلى ترجيحه مال صاحب الشامل.

والثاني: لا؛ لأن المالك لم يرض بإحرازه في ذلك المكان.

ص: 336

قال في "البيان" وهذا هو الصحيح، ويؤيده ما أشار إليه في "النهاية" و"الوسيط" وهو بناء الوجهين على الخلاف في أنه هل يجوز للأجنبي أخذ المغصوب حسبة ليرده إلى مالكه ثم قال: وهذا البناء هو الوجه. أي: المتجه. انتهى كلامه.

واعلم أن أخذ الأجنبي للمغصوب قد ذكره الرافعي في أوائل كتاب اللقطة فقال: فليس لآحاد الناس أخذ المغصوب إذا لم يكن معرضًا للضياع ولا الغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا وإن كان كذلك فوجهان: أصحهما المنع؛ لأن القاضي هو النائب عن الناس ولأنه قد يؤدي إلى الفتنة.

والثاني: الجواز احتسابًا ونهيًا عن المنكر. انتهي.

وإذا علمت ما قاله هناك توجه على كلامه هنا أمران:

أحدهما: أنه أطلق محل الخلاف مع أنه يستثنى ما إذا لم تكن معرضة للضياع فإن سارقها يقطع جزمًا على مقتضي البناء الذي ذكره وهو جواز الأخذ فإن الأخذ في هذه الحالة ممتنع اتفاقًا.

الثاني: أن ما ذكره هنا من تأييد تصحيح "البيان" بالبناء المذكور ومن دعواه أن هذا البناء هو الوجه وغير ذلك مقتضاه تصحيح عدم القطع وأن المستند في ذلك تصحيح جواز الأخذ للآحاد وهو مناقض لما ذكره هنا من تصحيح منع الأخذ، وقد اغتر في "الروضة" بهذا الكلام فصحح في الأصل مقالة صاحب "البيان" ولم يتعرض للبناء، ولاشك أن هذا الكلام من الرافعي يقتضي أن الذي كان في ذهنه مقررًا هو تجويز الأخذ لغير الحاكم.

قوله: إحداها: إذا نقب ثم عاد أخرج النصاب في ليلة أخرى، حكى ابن كج عن النص: أنه إن علم صاحب الحرز بالنقب أو كان ظاهر إيراده الطارقون وبقي كذلك فلا قطع لانتهاك الحرز، وإلا فعن ابن سريج وغيره: أنه يقطع، كما لو نقب في أول الليل وأخرج المال في آخره وعن غيره أنه يحتمل أن لا يقطع لآخذه بعد انتهاك الحرز فحصل

ص: 337

وجهان، والخلاف شبيه بالخلاف فيما إذا أخرج نصابا بدفعات. انتهى كلامه.

واعلم أن المشابهة بين المسألتين ظاهرة وقد ذكر الرافعي الإخراج بدفعات في أول الباب فقال فيه أوجه: أظهرها: يجب القطع، والثاني: لا، والثالث: إن عاد. بعد ما اشتهر هتك الحرز وعلم الناس به أو المالك لم يقطع وإلا قطع.

قال صاحب "التهذيب": ولا فرق بين أن يعود في تلك الليلة أو في ليلة أخرى.

وفيه وجه أنه إن عاد في ليلة أخرى لم يقطع قولًا واحدًا.

انتهى كلامه. وهو مخالف لتلك المسألة من وجهين:

أحدهما: أنه جزم هناك عند الاشتهار بعدم القطع وصحح هنا وجوبه.

الثاني: أن كلامه يقتضي الاتفاق على أنه يقطع إذا نقب في أول الليل وسرق في آخره؛ لأنه جعله أصلًا مقيسًا عليه، وحكي فيه الخلاف في مسألتنا.

قوله: وإذا نقب الحرز وأخرج غيره المال لم يقطع. انتهى.

تابعه عليه في "الروضة"، وقد اختلف كلامه في "المنهاج" فقال: ولو نقب وأخرج غيره فلا قطع.

ثم قال ما نصه: ولو تعاونا في النقب وانفرد أحدهما بالإخراج، أو وضعه ناقب بقرب النقب فأخرجه آخر قطع المخرج.

هذا لفظه. فجزم بأنه إذا نقب واحد ووضعه قريبا من النقب ثم جاء آخر فأخرجه أنه يقطع المخرج. وهذا مع ما تقدم في غاية التباين؛ فإن غير الناقب إذا لم يقطع فيما إذا كان هو الداخل والسارق فبطريق الأولى ألا يقطع مع عدم الدخول وتقريب الناقب له من النقب، وبالجملة فهذا الغلط حصل من اختصاره لكلام الرافعي؛ فإن الرافعي قال في "المحرر"

ص: 338

ما نصه: ولو تعاونا على النقب وانفرد أحدهما بالإخراج فالقطع على المخرج، وكذا لو دخل أحدهما ووضع المتاع قريبًا من النقب فأدخل الآخر يده وأخرج. انتهى. فعلمنا أن صورة المسألة في الناقبين فتوهم النووي خلاف ذلك فوقع فيما وقع فيه.

قوله: ولو ابتلع في الحرز جوهرة أو دينارًا فأطلق مطلقون أن في القطع وجهين، وعن الشيخ أبي حامد وابن الصباغ وغيرهما أنه إن لم تخرج فلا قطع وإن خرجت فوجهان: أصحهما فيما ذكر المحاملي وطائفة: أنه لا يجب، وأصحهما عند الإمام والروياني: وجوبه. انتهى.

لم يصحح شيئا في "الشرح الصغير" وصحح النووي في "الروضة" التفصيل بين أن تخرج فيجب أو لا فلا، ولم ينبه على أنه من زوائده بل أدخله في كلام الرافعي وهو غريب فتفطن له.

قوله: ولو أكره عبدًا صغيرًا بالسيف حتى خرج من الحرز فقد حكى الإمام وصاحب الكتاب فيه وجهين: أحدهما: لا يجب القطع لأنه فارق الحرز بفعله. والثاني: يجب كما لو سارت البهيمة بالضرب والتعنيف، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب". انتهى كلامه.

والصحيح: وجوب القطع. كذا صححه في "الروضة" ولم ينبه على أنه من زوائده فتفطن له، بل في بعض نسخ الرافعي تصحيح عكسه.

قوله: الثالثة: من دخل الحمام مستحمًا فسرق لم يقطع، وإن دخل سارقًا وهناك حافظ من الحمامي أو غيره قطع إذا لم يكن نائمًا أو معرضًا.

قال في "التهذيب" وغيره: ولابد من الاستحفاظ، فإن لم

ص: 339

يستحفظه فلا ضمان على الحمامي بترك الحفظ، ولا [قطع](1) على من سرقه. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أنه قد أهمل شرطًا آخرًا نقله في آخر الباب عن "فتاوي الغزالي" وهو أن يخرج السارق الثياب من الحمام.

الثاني: وينبغي أن يستحضر قبل الخوض فيه كون البغوي هو جامع فتاوي شيخه القاضي الحسين أن البغوي في الفتاوي المذكورة عقب [نقله](2) عن الأصحاب اشتراط الاستحفاظ في الضمان خالفهم فقال الأصح تضمينه وإن لم يستحفظ للعادة؛ فعلمنا بذلك أن المذكور في التهذيب إنما هو حكاية المذهب المعروف وأن اختيار البغوي خلافه.

قوله: وأما المعاهد ومن دخل بأمان ففي قطعه أقوال: أحدها: نعم كالذمي، والثاني: لا وهو المنصوص في أكثر كتبه، وثالثها: إن شرط عليه القطع قطع وإلا فلا.

ولم يذكر كثير من الأصحاب الثالث، ورجحوا الثاني، والتفصيل حسن. انتهى ملخصًا.

وحاصله رجحان عدم القطع ولهذا صرح بتصحيحه في "أصل الروضة" فقال: أظهرهما عند الأصحاب.

إذا علمت ذلك فقد اقتصر في "الشرح الصغير" على ترجيح الثالث فقال: وأقر بها كذا وكذا، ولم يذكر ترجيحًا غيره بالكلية ولا نقله عن أحد، وذكر مثله في "المحرر" ولكن عبر: بالأحسن، وقد استدرك النووي عليه في "المنهاج" فصحح القطع كما دل عليه كلامه في "الكبير".

(1) في أ: ضمان.

(2)

سقط من أ.

ص: 340