المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٨

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب "العدد

- ‌الباب الأول في "كيفية عدة الطلاق

- ‌الباب الثاني في "تداخل العدتين

- ‌ القسم الثاني في "عدة الوفاة" والسكنى

- ‌الأول: في عدة الوفاة

- ‌الباب الثاني: في السكنى

- ‌ القسم الثالث: في الاستبراء

- ‌الفصل الأول: في قدره وحكمه

- ‌الفصل الثاني: في السبب

- ‌الفصل الثالث: فيما تصير به الأمة فراشًا

- ‌كتاب الرضاع

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: فيما يحرم بالرضاع

- ‌الباب الثالث: في بيان الرضاع القاطع للنكاح وحكم الغرم فيه

- ‌الباب الرابع: في النزاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌السبب الأول: النكاح:

- ‌الباب الأول: في قدر النفقة وكيفيتها

- ‌الباب الثاني: في مسقطات النفقة

- ‌الباب الثالث: في الإعسار بالنفقة

- ‌ السبب الثاني للنفقة: القرابة

- ‌الباب الأول: في أصل النفقة

- ‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب

- ‌الباب الثالث: الحضانة

- ‌ السبب الثالث للنفقة: ملك اليمين

- ‌كتاب الجراح

- ‌ إذا تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت

- ‌قال رحمه الله: النوع الثاني: القصاص في الطرف

- ‌فصل: في ألفاظ ذكرها الرافعي فسر معانيها ولم يضبط لفظها:

- ‌ مسائل الاختلاف الواقعة بين الجاني والمجني عليه أو وليه

- ‌ حكم القصاص

- ‌الباب الأول في استيفاء القصاص

- ‌الفصل الأول فيمن يلي الاستيفاء

- ‌الفصل الثاني في أن القصاص على الفور

- ‌الفصل الثالث في كيفية المماثلة

- ‌الباب الثاني في العفو

- ‌كتاب الديات

- ‌الباب الأول: في دية النفس

- ‌الباب الثاني في دية ما دون النفس وهو جرح أو إبانة أو إبطال منفعة

- ‌النوع الأول: الجرح

- ‌ النوع الثاني: القطع المبين للأعضاء

- ‌النوع الثالث: ما يفوت المنافع

- ‌باب بيان الحكومة

- ‌ القسم الثاني في الموجب

- ‌القسم الثالث من الكتاب

- ‌ القسم الرابع: في غرة الجنين

- ‌باب: كفارة القتل

- ‌كتاب دعوى الدم

- ‌ الكلام في مسقطات اللوث

- ‌كتاب الجنايات الموجبة للعقوبات

- ‌الجناية الأولى: البغي

- ‌الجناية الثانية: الردة

- ‌الفصل الثاني في أحكام الردة

- ‌ الجناية الثالثة: الزنا

- ‌ الجناية الرابعة: القذف

- ‌ الجناية الخامسة: السرقة

- ‌النظر الأول: في الأركان

- ‌ النظر الثاني: في إثبات السرقة

- ‌ النظر الثالث: في الواجب

- ‌ الجناية السادسة: قطع الطريق

- ‌ الجناية السابعة: شرب الخمر

- ‌القول في التعزير

- ‌كتاب موجبات الضمان

- ‌ ما يلزم الولاة بتصرفاتهم

- ‌ دفع الصائل

- ‌ إتلاف البهائم

- ‌كتاب السير

- ‌الباب الأول: في وجوب الجهاد

- ‌فصل في السلام

- ‌الباب الثاني: في كيفية الجهاد وفيه أطراف

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌ الثالث:

- ‌ الرابع:

- ‌الباب الثالث: في ترك القتل والقتال بالأمان

- ‌الباب الأول: في الجزية

- ‌الباب الرابع: في عقد المهادنة

الفصل: ‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب

‌الباب الثاني: في ترتيب الأقارب

قوله: وإذا اجتمع اثنان منهم -أي من المنفقين- نظر: إن استويا في القرب والوراثة أو عدمها والذكورة والأنوثة كابنين أو ابنتين فالنفقة بينهما بالتسوية. ثم قال ما نصه: فإن اختلفا في شيء من ذلك ففيه طريقان:

أحدهما: النظر إلى القرب؛ فإن كان أحدهما أقرب فالنفقة عليه لأنه أولى بالاعتبار. ولا فرق بين أن يكون الأقرب وارثًا أو غير وارث ولا بين أن يكون ذكرًا أو أنثى، فإن استويا في القرب ففي التقديم بالإرث وجهان: أحدهما: أن النفقة على الوارث لقوة قرابته، والثاني: أنه لا أثر للوراثة لأن القرابة المجردة عن الإرث موجبة للنفقة، فالإرث غير مرعي في الباب. فإن قدمنا بالإرث، فلو استويا في أصل الإرث فيستويان أو تكون النفقة بحسب الإرث؟ فيه وجهان: وجه الثاني: إشعار زيادة الإرث، [بزيادة قوة القرابة، والطريقة أن النظر أولًا إلى الإرث](1) فإن كان أحدهما وارثًا دون الآخر فالنفقة على الوارث، فإن كان غير الوارث أقرب، فإن تساويا في الإرث وأحدهما أقرب فالنفقة على الأقرب، فإن تساويا في القرب أيضًا فالنفقة عليهما، ثم يسوي أو يراعي قدر الإرث؟ فيه الوجهان:

وإذا استويا في المنظور إليه على اختلاف الطريقتين وأحدهما ذكر والآخر أنثى فهل يختص الذكر بوجوب النفقة عليه؟ فيه وجهان؛ وجه الاختصاص أنه أقوى وأقدر على الكسب.

وأيضًا فإنه لو اجتمع الأب والأم تكون النفقة على الأب دون الأم.

هكذا قيد في "الوسيط" وجه اعتبار الذكورة فيما إذا استويا في سائر الأسباب عن رواية الشيخ أبي عليّ؛ وكأنه لذلك لم يجعله هاهنا طريقة

(1) سقط من أ.

ص: 112

تقابل الطريقتين السابقتين بل جعله وجهًا بين الطريقتين، ومنهم من حكاه طريقة برأسها فقال: إن كان أحدهما ذكرًا فالنفقة عليه قريبًا كان أو بعيدًا وارثًا كان أو غير وارث.

وإن كانا ذكرين أو أنثتين فالنفقة على المدلي بالذكر، فإن استويا في الإدلاء فهي على الأقرب.

والأظهر عند صاحب "الكتاب" والإمام وصاحب "التهذيب" وغيرهم: الطريقة الأولى دون اعتبار الإرث والذكورة؛ واحتجوا بأن الإرث والذكورة لا يشترطان في وجوب النفقة والمنفرد منهم تلزمه النفقة وإن لم يكن جائزًا ولا وارثًا.

ويدل على قوة القرب أن من اعتبر الإرث أو الذكورة قطع عند استوائهما في الإرث أو الذكورة بالاعتماد على القرب، والمعتبرون للقرب ترددوا عند استوائهما في الدرجة في أنه هل يعتبر الإرث والذكورة؟ . واختيار العراقيين يخالف اختيارهم أولًا في بعض المنازل كما نبينه في الأمثلة.

أمثلته: ابن وبنت النفقة عليهما بالسوية إن اعتبرنا بالقرب، وبه قال أبو حنيفة.

وكذا في اعتبار الإرث أن اكتفينا بأصله، وإن اعتبرنا مقدار الإرث فيكون عليهما أثلاثًا وبه قال أحمد:

وهي على الابن إن اعتبرنا الذكورة، وهو ما اختاره العراقيون، وربما لم يوردوا غيره.

قوله: بنت وابن ابن هى على البنت إن اعتبرنا القرب، وبه قال أبو حنيفة، وعليهما بالسوية إن اعتبرنا الإرث، وعلى ابن الابن إن اعتبرنا الذكورة وهذا ما اختاره العراقيون. انتهى كلامه بحروفه.

ص: 113

فيه أمور:

أحدها: أن الصحيح إنما هو اعتبار الإرث على خلاف ما أشعر به كلامه هنا من رجحان القرب، وستعرف ذلك بعد هذا الموضع بنحو ورقتين.

الأمر الثاني: أن المثال الأول من المثالين المذكورين في آخر كلامه صحيح، وأما الثاني -وهو البنت مع ابن الابن- فحكمه فيه بأن النفقة على البنت إن اعتبرنا القرب وعلى ابن الابن إن اعتبرنا الذكورة صحيح، وأما حكمه بأنها عليهما بالسوية إن اعتبرنا الإرث فقد تبعه عليه في "الروضة" أيضًا، وهو غلط محض لا قائل به، بل تجب على البنت على الطريقين معًا، أما على الطريقة الأولى فواضح، وأما على الطريقة الثانية فلأن الذى يعتبر الإرث يقول فيما إذا كانا معا وارثين بتقديم الأقرب، فإن استويا في القرب أيضًا كانت عليهما.

وفي مثالنا لم يتساويا؛ فراجع ذلك، مع ما ذكره في كل من الطريقين يظهر لك بطلانه ولا تجد له شيئًا يتفرع عليه، ولا شك أن الرافعي بقي في ذهنه أصل الخلاف ففرع عليه ذاهلًا عن شرطه فوقع في الغلط في أمثلة هذا منها، وباقيها ستعرفه.

الأمر الثالث: أن الرافعي قد حكى خلافًا عند القائلين باعتبار الذكورة في أنها هل تعتبر مطلقا أو عند استوائهما في المنظور إليه، ثم فرع عليهما في أمثله كما تقدم فأسقط النووي القائل باعتبارها بلا شرط لكونها قد وقعت في أثناء تعديل وكلام يظن معه الفراغ من نقل الحكم كما تقدم ذكره ثم تابع الرافعي في التفريع عليها فلزم منه أنه فرع على شيء غير مذكور بحيث لا ينطبق ما ذكره في تلك الأمثلة على الخلاف المتقدم منها مثالنا هذا بعينه وهو البنت مع ابن الابن فإن جميع ما ذكره لا يؤخذ منه أن قائلًا يقول بتقديم ابن الابن على البنت فإنهما لم يتساويا في المنظور إليه فتأمله

ص: 114

فإنه واضح.

الأمر الرابع: ذكر الرافعي بعد هذا أنه إذا احتاج البالغ وله أب وأم وفَرّعْنَا على أن النفقة عليهما لا على الأب فهل يسوى بينهما أو يجعل أثلاثًا بحسب الإرث؟ فيه وجهان رجح منهما الثاني. هذا كلامه.

وفي "الشرح الصغير" و"الروضة" مثله أيضًا، وقياسه أن يكون الراجح في هذه المسألة وهي اجتماع الفروع كذلك.

قوله: بنت وبنت ابن هي على البنت إن اعتبرنا القرب، وعليهما إن اعتبرنا الإرث. انتهى كلامه.

وما ذكره من كونها عليهما إن فَرَّعْنَا على الإرث تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غلط، بل يجب على البنت بلا خلاف لما عرف من أن الذى يعتبر الإرث يقول فيما إذا كانا معًا وارثين أنه يقدم الأقرب قطعًا، وقد ذكر في "النهاية" هذا المثال بعينه وقال: إن النفقة على البنت على جميع الطرق.

قوله: بنت وابن بنت هي على البنت إن اعتبرنا القرب أو الإرث، وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكور. انتهى.

وحكمه كله صحيح إلا إيجابه على ابن البنت فإنه لا يصح على ما في "الروضة"؛ إذ ليس فيها طريقة اعتبار الذكورة مطلقًا بل عند التساوي في المنظور إليه كما تقدم إيضاحه.

قوله: ابن وولد خنثى إن قلنا في اجتماع الابن والبنت تكون عليهما فكذا هاهنا، وإن قلنا تكون على الابن فهاهنا وجهان: أحدهما: على الابن نصفها لأنه المستيقن والنصف الآخر يفرضه الحاكم، فإن بان ذكرًا فالرجوع عليه وإلا فعلى الابن وأظهرهما: يؤخذ الجميع من الابن، فإن بان الخنثى ذكرًا رجع عليه بالنصف. انتهى كلامه.

ص: 115

ذكر في "الروضة" نحوه. وفيه أمران:

أحدهما: أنه سكت عما إذا لم يوجد من يقرض، والحكم أنه يجب على الخنثى.

قاله القاضي الحسين في "تعليقه" في نظير المسألة، وكذلك ابن الصباغ في "الشامل".

الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي فيما إذا استمر الإشكال إلى الموت أن الرجوع على الابن، فتفطن له.

وخالف ابن الرفعة في "الكفاية" فقال: لا يرجع عليه، وما قاله الرافعي أصوب لأنه لا يمكن تفويت ذلك على من اقترض منه وقد تيقنا أهلية الذكر للوجوب وسلكنا في المشارك له والأصل عدمه وحكى الماوردي وجهًا ثالثًا أن النفقة عليهما نصفين.

قوله: بنت وولد خنثي إن قلنا في اجتماع الابن والبنت النفقة عليهما فكذا هاهنا، وإن قلنا: على الابن فوجهان:

أحدهما: على الخنثى، فإن بانت أنوثته رجعت على أختها بالنصف.

والثاني: لا يؤخذ منه إلا النصف لأنه اليقين ويؤخذ النصف الآخر من البنت، فإن بانت ذكورته رجعت عليه. انتهى كلامه.

لم يصحح شيئًا منهما في "الروضة" أيضًا وإنما زاد فقال: كان ينبغي أن يجيء وجه الاقتراض ولا يؤخذ من البنت شيء، والذى قاله صحيح، والراجح من الوجهين هو الثاني؛ كذا رجحه ابن الصباغ فقال: إنه القياس.

والأمر كما قال؛ فإن الأصل عدم المرجح.

قوله: تقدم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب.

هكذا أطبق عليه الأصحاب لأن نفقتها آكد لأنها وجبت عوضًا،

ص: 116

واعترض الإمام بأن نفقتها إذا كانت كذلك كانت كالديون ونفقة القريب في مال المفلس تقدم على الديون، وخرج لذلك احتمالًا في تقديم القريب وأيده بالحديث أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: معي دينار فقال: "أنفقه على نفسك" فقال: معي آخر فقال: "أنفقه على ولدك" فقال معى آخر. فقال: أنفقه على أهلك (1).

فقدم [نفقة الولد على الأهل. انتهى كلامه.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود بإسناده عن سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد بن الفضل بن أبي سعيد المقري عن] (2) أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه النسائى (3) بإسناده عن إسحاق بن سعيد القطان عن محمد بن عجلان .. إلى آخر السند المذكور في أبي داود وفيه تقديم الزوجة على الولد؛ فتعارضت الروايتان.

قوله: وذكر أنه لو اجتمع جدان في درجة واحدة وأحدهما عصبة كأبى الأب مع أبي الأم فالعصبة أولى، وأنه لو اختلفت الدرجة واستويا في العصوبة أو عدمها فالأقرب متقدم وإن كان الأبعد غيره تعارض القرب والعصوبة فيستويان. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخره من استواء القرب والعصوبة خلاف الصحيح، فاعلمه؛ فقد ذكر في النكاح في إعفاف الجد أنه دائر مع النفقة وأنه لو كان الأبعد عصبة قدم في الأصح.

ومما ذكره هناك يعلم أن الصحيح عند اجتماع المنفقين هو التقديم بالإرث أيضًا على خلاف ما أشعر به كلامه عند ذكره لهذه المسألة، وهو قبيل هذا الموضع بنحو ورقتين، وقد تقدم هناك الوعد بذكره.

(1) أخرجه أبو داود (1691)، وابن حبان (4235)، والحاكم (1514)، والبيهقي في "الشعب"(3421) و"الكبرى"(15512) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. قال الألباني: حسن.

(2)

سقط من أ.

(3)

أخرجه النسائي (2535)، وأحمد (7413).

قال الألباني: صحيح.

ص: 117

واعلم أنه ليس في كلام الرافعي ولا في كلام "الروضة" تصريح بتعيين ذاكر هذه الفروع؛ فإن قبله ذكر الروياني وذكر البغوي وكل منهما يحتمل عود الضمير إليه والبغوي أقرب في اللفظ وهو القائل فاعلمه.

قوله: أب وابن إن كان الابن صغيرًا قدم وإلا فهل يقدم الابن أم الأب أم يستويان؟ فيه ثلاثة أوجه: ثالثها اختيار القفال. انتهى.

لم يصحح في "الروضة" أيضًا شيئًا من هذا الخلاف والصحيح تقديم الأب. كذا صححاه في باب زكاة الفطر.

قوله: أب وأم، تُقدم الأم على الأصح، وقيل: الأب، وقيل: يستويان. انتهى.

وما صححه هنا من تقديم الأم تبعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو مخالف لما سبق منهما في زكاة الفطر؛ فإنهما صححا هناك تقديم نفقة الأب، وقد تقدم ذكر لفظه هناك فراجعه.

واعلم أن الرافعي قد أهمل صورا من اجتماع الآخذين منها: الأم والبنت، وهو قياس الأب مع الابن.

ومنها: الجد مع الجدة، فإن كانت مساوية له في الدرجة فهي قياس الأم مع الأب، فإن كان هو أعلى منها فهو قياس اجتماع الجد مع الأم، وإن كانت هي أعلى فكالجدة مع الأب.

قوله: وفي "البحر" أنه لو كان له ولدان ولم يقدر إلا على نفقة أحدهما وله أب موسر وجب على الأب نفقة الآخر، فإن اتفقا على الإنفاق بالشركة أو على أن يختص كل واحد بواحد فذاك، وإن اختلفا عمل بقول من يدعو إلى الاشتراك.

وذكر أنه لو كان للأبوين المحتاجين ابن لا يقدر إلا على نفقة أحدهما وللابن ابن موسر فعلى ابن الابن باقي نفقتهما، فإن اتفقا على أن ينفقا عليهما بالشركة أو على أن يختص كل واحد منهما بواحد فذاك، وإن اختلفا رجعنا إلى اختيار الأبوين إن استوت نفقتهما، وإن

ص: 118

اختلفت اختص أكثرهما نفقة بمن هو أكثر يسارًا.

وجوابا الصورتين متقاربان كما ترى والقياس أن يسوي بينهما بل ينبغي في الصورة الثانية أن يقال: تختص الأم بالابن تفريعًا على الأصح وهو تقديم الأب على الأم، وإذا اختصت به تعين الأب لإنفاق ابن الابن. انتهى كلامه.

وما بحثه في الصورة الثانية تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وهو غير متجه لأن تصحيحهم تقديم نفقة الأم إنما ذكروه حيث لم يكن بعد الابن من تجب عليه نفقة الأم، وتعليلهم بعجز النسوة يدل عليه، وإذا كان كذلك امتنع ما قاله من تقديمها على الأب، ولابد من نقل صريح في هذه المسألة على ما قاله سَلّمْنا لكن إنما يتم هذا أن لو سَلّم عن ورود مثله في حق ابن الابن لكنه غير سالم؛ وذلك لأن الأم والأب على حد واحد في حق ابن الابن فكما تتقدم الأم على الأب في حق الابن فتتقدم الجدة على الجد في حق ولد الولد لأنه لا فرق بينهما؛ فيندفع ما قاله من تعين الأب لإنفاق ابن الابن.

وما ذكره الروياني أيضًا في الصورة الثانية من اختصاص أكثرهما نفقة بالأكثر يسارًا لا يستقيم على إطلاقه بل الذى ينبغي أن يختص به إنما هو القدر الزائد الذى هو موسر به وما عداه هو محل التراحم.

قوله: ولا تجب على العبد نفقة ولده ولكن إن كانت الأم حرة فالولد حر وعليها نفقته. انتهى.

وما ذكره ليس بلازم فقد تعتق الأم ويبقى الولد على رقه.

قوله: ولو استولد المكاتب جارية نفسه وإن كنا لا نُجوز له ذلك فيتكاتب الولد عليه. انتهى كلامه.

وما ذكره من منع التسرى تابعه عليه في "الروضة" ومقتضاه امتناعه وإن كان بإذن السيد، وفيه اضطراب وقع في كلامه وكلام "الروضة" أيضًا تقدم التنبيه عليه في معاملات العبيد وغيرها.

ص: 119

قوله: وهل تجب نفقة المكاتب على ولده الحر؟ عن "الحاوي" أنه يحتمل وجهين:

أحدهما: لا؛ لبقاء أحكام الرق.

والثاني: نعم؛ لانقطاع النفقة عن سيده. انتهى.

وهذا الكلام يقتضي أن الرافعي رحمه الله لم يقف في هذه المسألة على نقل، وقد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وزاد فقال: الأول أصح لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فلينفق من كسبه، فإن تعذر عجز نفسه والنفقة على سيده. هذا كلامه.

وما قالاه غريب جدًا؛ فإن المسألة منقولة موجودة في كلامهما مجزوم بها على العكس من هذا التصحيح المذكور هنا، ذكرا ذلك في أول كتاب قسم الصدقات، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.

قوله: من نصفه حر ونصفه رقيق قال في "البسيط": الظاهر أنه تلزمه نفقة القريب لأنها كالغرامات.

وهل تلزمه نفقة تامة أم نصفها؟ وجهان حكاهما ابن كج. انتهى.

وما نقله عن "البسيط" من ترجيح الوجوب وأقره عليه قد تبعه عليه في "الروضة"، وزاد فصحح وجوب نفقة كاملة قال: لأنه كالحر بدليل الكفارة، وما ذكراه من إيجابها عليه يقتضى إلحاقه بالموسرين، وفيه كلام سبق في أوائل النفقات فراجعه.

قوله: ولو كان من نصفه حر ونصفه رقيق محتاجًا هل يلزم قريبه الحر نفقته بقدر ما فيه من الحرية؟ وجهان حكاهما ابن كج.

والراجح على ما قاله في "الروضة" هو الوجوب قال: ويمكن بناؤهما على أنه هل يورث، وهذا الذى قاله من البناء عجيب؛ فإن النفقة ليست دائرة مع الإرث؛ ألا ترى أنا نوجب نفقة أولاد البنات والجد للأم والمخالف في الدين.

ص: 120