الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ، فَيُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِعِظَمِ خَطَرِهِ، وَشُمُول نَفْعِهِ، أَوْ كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: حَقُّ اللَّهِ مَا لَا مَدْخَل لِلصُّلْحِ فِيهِ، كَالْحُدُودِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا.
وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لَهُ، كَحُرْمَةِ مَالِهِ، أَوْ كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ، فَهِيَ الَّتِي تَقْبَل الصُّلْحَ وَالإِْسْقَاطَ وَالْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهَا (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الْحُكْمُ:
2 -
الْحُكْمُ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ بِالاِقْتِضَاءِ، أَوِ التَّخْيِيرِ، أَوِ الْوَضْعِ، وَالْحَقُّ أَثَرٌ لِلْحُكْمِ لأَِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ (2) .
فَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْحُكْمِ عَلَاقَةُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ.
الْحَقُّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأُْصُول:
3 -
الْمُرَادُ بِالْحَقِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ أُصُول الْفِقْهِ:
اتَّجَهَ عُلَمَاءُ الأُْصُول الَّذِينَ ذَكَرُوا الْحَقَّ اتِّجَاهَيْنِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:
أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْحُكْمُ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ
(1) أعلام الموقعين 1 / 108 وشرح المنار وحواشيه ص886، وتيسير التحرير 2 / 174 - 181.
(2)
التعريفات للجرجاني.
بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ أَوِ الْوَضْعِ.
قَال فَخْرُ الإِْسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ (1) : أَمَّا الأَْحْكَامُ فَأَنْوَاعٌ: الأَْوَّل: حُقُوقُ اللَّهِ عز وجل خَالِصَةً. وَالثَّانِي: حُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةً. وَالثَّالِثُ: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبٌ. وَالرَّابِعُ: مَا اجْتَمَعَا مَعًا وَحَقُّ الْعَبْدِ فِيهِ غَالِبٌ.
ثُمَّ قَال عَلَاءُ الدِّينِ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْحِهِ: قَال أَبُو الْقَاسِمِ رحمه الله فِي أُصُول الْفِقْهِ: الْحَقُّ: الْمَوْجُودُ مِنْ كُل وَجْهٍ الَّذِي لَا رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَمِنْهُ: السِّحْرُ حَقٌّ، وَالْعَيْنُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ بِأَثَرِهِ، وَهَذَا الدِّينُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلِفُلَانٍ حَقٌّ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ، أَيْ شَيْءٌ مَوْجُودٌ مِنْ كُل وَجْهٍ.
وَقَال أَيْضًا: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ، فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ. وَيُنْسَبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، أَوْ لِئَلَاّ يَخْتَصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، مِثْل: حُرْمَةِ الْبَيْتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَالَمِ، بِاِتِّخَاذِهِ قِبْلَةً لِصَلَوَاتِهِمْ، وَمَثَابَةً لَهُمْ. وَكَحُرْمَةِ الزِّنَى لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ عُمُومِ النَّفْعِ فِي سَلَامَةِ الأَْنْسَابِ، وَصِيَانَةِ الْفِرَاشِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، لأَِنَّهُ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ حَقًّا لَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ، لأَِنَّ الْكُل سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ. بَل الإِْضَافَةُ
(1) كشف الأسرار 4 / 134، 135.