الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَال الْقَرَافِيُّ: (إِذَا قُلْنَا انْعَقَدَ لَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْمُطَالَبَةَ بِالتَّمْلِيكِ، فَهُوَ مُنَاسِبٌ لأََنْ يُعَدَّ مَالِكًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، تَنْزِيلاً لِسَبَبِ السَّبَبِ مَنْزِلَةَ السَّبَبِ، وَإِقَامَةً لِلسَّبَبِ الْبَعِيدِ مَقَامَ السَّبَبِ الْقَرِيبِ، فَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَخَيَّل وُقُوعُهُ قَاعِدَةً فِي الشَّرِيعَةِ، وَيَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا لَا فِي كُلِّهَا)(1)
4 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ إِذَا مَاتَ صَاحِبُهُ انْتَقَل إِلَى وَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْغَنِيمَةِ إِذَا حِيزَتْ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ نَوْعُ مِلْكٍ لِمَا انْتَقَل إِلَى الْوَرَثَةِ، كَالْحَقِّ الثَّابِتِ حَيْثُ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ خَالِيًا عَنِ الْمِلْكِ أَصْلاً، وَلَيْسَ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمِلْكِ، وَلَمْ يَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ فِيهِ نَوْعُ مِلْكٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِذَلِكَ انْتَقَل إِلَى الْوَرَثَةِ. (2)
51 -
وَيَفْتَرِقُ الْحَقُّ الْمُؤَكَّدُ عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ - وَكِلَاهُمَا حَقٌّ وَسَطٌ بَيْنَ التَّمَلُّكِ وَالْمِلْكِ - فِيمَا يَأْتِي: -
1 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ يُضْمَنُ عِنْدَ الإِْتْلَافِ. أَمَّا الْحَقُّ الثَّابِتُ فَلَا يُضْمَنُ عِنْدَ الإِْتْلَافِ.
2 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ يُورَثُ بِالإِْجْمَاعِ أَمَّا الْحَقُّ
(1) الفروق للقرافي 3 / 21، 33، 34، 35 الفرق الحادي والعشرون والمائة. راجع حاشية الدسوقي 4 / 315، ومغني المحتاج 3 / 103.
(2)
الهداية للمرغيناني 2 / 145.
الثَّابِتُ فَلَا يُورَثُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ.
3 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ يُعْتَبَرُ مَمْلُوكًا فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ عَلَى سَبِيل الإِْبَاحَةِ.
أَمَّا الْحَقُّ الثَّابِتُ فَلَا يُعْتَبَرُ مَمْلُوكًا.
4 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ إِلَى حَقِّ الْمِلْكِ، لِوُجُودِ الشَّبَهِ فِي بَعْضِ الأُْمُورِ.
أَمَّا الْحَقُّ الثَّابِتُ فَأَبْعَدُ مَا يَكُونُ عَنْ حَقِّ الْمِلْكِ، لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّبَهِ فِي أَكْثَرِ الأُْمُورِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّهَا.
5 -
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ أَبْعَدُ مَا يَكُونُ عَنْ حَقِّ التَّمَلُّكِ.
أَمَّا الْحَقُّ الثَّابِتُ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ حَقِّ التَّمَلُّكِ، لِوُجُودِ الشَّبَهِ فِي بَعْضِ الأُْمُورِ.
وَيَخْتَلِفُ الْحَقُّ الْمُؤَكَّدُ عَنِ الْمِلْكِ فِيمَا يَأْتِي:
أَنَّ الْحَقَّ الْمُؤَكَّدَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ الْمُؤَكَّدِ.
أَمَّا حَقُّ الْمِلْكِ، فَإِنَّ لِصَاحِبِهِ حَقَّ الْمَبِيعِ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ وَالاِنْتِفَاعَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ.
اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ:
52 -
تَنْقَسِمُ الْحُقُوقُ مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاؤُهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الأَْوَّل: مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الرَّفْعِ إِلَى الْقَضَاءِ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، كَتَحْصِيل الْعُقُوبَاتِ وَمَا يُخَافُ مِنَ اسْتِيفَائِهِ الْفِتْنَةُ، كَالْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ