الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَطْلُوبٌ شَرْعًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَجَعَل لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَْنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَال: شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَال: بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَال:" الْحَمْدُ لِلَّهِ، ثُمَّ قَال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} " ثُمَّ قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أَنْتَ. ثُمَّ ضَحِكَ، فَقِيل: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضُحِكْتَ؟ قَال: إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَال اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي. (1)
سَابِعَ عَشَرَ: الْحَمْدُ لِمَنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ، أَوْ لَبِسَ جَدِيدًا، أَوْ قَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ، أَوْ خَرَجَ مِنَ
(1) رياض الصالحين 413 وحديث علي بن أبي طالب في ذكر ركوب الدابة. أخرجه أبو داود (3 / 77 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 501 ط الحلبي) وقال " حسن صحيح ".
الْخَلَاءِ، أَوِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ، أَوْ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، أَوْ سُئِل عَنْ حَالِهِ أَوْ حَال غَيْرِهِ
.
34 -
الْحَمْدُ مَشْرُوعٌ لِكُل وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي " تَحْمِيدٌ ".
ثَامِنَ عَشَرَ: فَضْل الْحَمْدِ وَأَفْضَل أَلْفَاظِهِ:
35 -
حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى مَشْرُوعٌ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَمُسْتَحَبٌّ فِي كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ، وَالْحَمْدُ لَا تَكَادُ تُحْصَى مَوَاطِنُهُ فَهُوَ مَطْلُوبٌ عَلَى كُل حَالٍ وَفِي كُل مَوْطِنٍ. إِلَاّ الْمَوَاطِنَ الَّتِي يُنَزَّهُ الذِّكْرُ عَنْهَا. (1)
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي فَضْل الْحَمْدِ مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا قَال الْعَبْدُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَال: صَدَقَ عَبْدِي، الْحَمْدُ لِي. (2)
وَمِنْهَا مَا رَوَى جَابِرٌ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ قَال سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ. (3)
(1) تفسيرالقرطبي 1 / 131.
(2)
حديث: " إذا قال العبد لا إله إلا الله الحمد. . . " أخرجه الترمذي (5 / 492 - ط الحلبي) وابن حبان (الموارد - ص 578 - ط السلفية) واللفظ لابن حبان، وحسنه الترمذي.
(3)
حديث: " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة " أخرجه الترمذي (5 / 511 - ط الحلبي) وقال " حسن صحيح ".
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، (1) وَأَنَّ غَرْسَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ (2)
وَمِنْهَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ (3) وَمِنْهَا مَا رَوَى أَبُو مَالِكٍ الأَْشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الطَّهُورُ شَطْرُ الإِْيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأَُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآَنِ - أَوْ تَمْلأَُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ. (4)
وَمِنْهَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لأََنْ أَقُول:
(1) قيعان: جمع قاع، وهو المكان الواسع المستوي من الأرض.
(2)
حديث ابن مسعود: " لقيت إبراهيم ليلة أسري به " أخرجه الترمذي (5 / 510 - ط الحلبي) وفي إسناده ضعيف، كما في ميزان الاعتدال (3 / 548 - ط الحلبي) .
(3)
حديث: " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 537 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2072 - ط الحلبي) .
(4)
حديث أبي مالك الأشعري: " الطهور شطر الإيمان " أخرجه مسلم (1 / 203 - ط الحلبي) .
سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ. (1)
وَمِنْهَا مَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. (2)
36 -
وَأَحْسَنُ الْعِبَارَاتِ فِي الْحَمْدِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِذْ هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَآخِرُ دَعْوَى أَهْل الْجَنَّةِ، وَهِيَ لِكَوْنِهَا جُمْلَةً اسْمِيَّةً دَالَّةً عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدَّوَامِ لَهُ سبحانه وتعالى، وَهَذَا أَبْلَغُ مِنَ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ، وَهَذَا مِنْ حِكَمِ افْتِتَاحِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِذَلِكَ، أَيِ الإِْشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ الْمَحْمُودُ فِي الأَْزَل وَفِيمَا لَا يَزَال، وَفِي قَوْلِهِ: رَبِّ الْعَالَمِينَ - أَيْ مُرَبِّيهِمْ بِنِعْمَةِ الإِْيجَادِ ثُمَّ بِنِعْمَةِ التَّنْمِيَةِ وَالإِْمْدَادِ - تَحْرِيضٌ وَحَثٌّ عَلَى الْقِيَامِ بِحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ فِي كُل وَقْتٍ وَحِينٍ.
37 -
وَمَجَامِعُ الْحَمْدِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، قَال النَّوَوِيُّ: قَال الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ: لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ لَيَحْمَدَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِأَجَل التَّحَامِيدِ، فَطَرِيقُهُ فِي بِرِّ يَمِينِهِ أَنْ
(1) حديث أبي هريرة: " لأن أقول: سبحان الله والحمد لله " أخرجه مسلم (4 / 2072 - ط الحلبي) .
(2)
حديث أبي ذر: " إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده " أخرجه مسلم (4 / 2094 - ط الحلبي) .