الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِيمَا يَدُومُ، وَكُلٌّ مِنَ الضَّرَرَيْنِ حَاصِلٌ قَبْل الْبَيْعِ، وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ بِالْبَيْعِ لَهُ، فَإِذَا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي الْحَمَّامِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقَدْرِهِ، لأَِنَّ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَهُمْ لِدَفْعِ ضَرَرِ التَّأَذِّي بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ عَلَى الدَّوَامِ. (2) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:" شُفْعَةٌ ".
قِسْمَةُ الْحَمَّامِ:
4 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقِسْمَةِ جَبْرًا عَدَمَ فَوْتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَلِذَا لَا يُقَسَّمُ حَمَّامٌ وَنَحْوُهُ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا، أَمَّا عِنْدَ رِضَا الْجَمِيعِ فَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ، لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمْ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ، فَكُل وَاحِدٍ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ فِيمَا شَاءَ كَأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْتًا.
وَقَيَّدَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَدَمَ جَوَازِ قِسْمَةِ الْحَمَّامِ بِأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا. (3) وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ " قِسْمَةٌ ".
(1) المحلي على المنهاج وشرح القليوبي 3 / 43.
(2)
ابن عابدين 5 / 150، والمدونة الكبرى 5 / 432 طبع دار صادر.
(3)
ابن عابدين 5 / 161، 166، والفتاوى الهندية 5 / 207، والمدونة 5 / 515، والقوانين الفقهية 282، ونهاية المحتاج 8 / 285، ونيل المآرب 2 / 460.
دُخُول الْحَمَّامِ:
5 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ دُخُول الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ.
وَقَدْ دَخَل خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَمَّامَ حِمْصَ، وَدَخَل ابْنُ عَبَّاسٍ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يَدْخُلَانِ الْحَمَّامَ. وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ، مَعَ مُرَاعَاةِ مَا يَلِي:
6 -
إِذَا كَانَ الدَّاخِل رَجُلاً فَيُبَاحُ لَهُ دُخُولُهُ إِذَا أَمِنَ وُقُوعَ مُحَرَّمٍ: بِأَنْ يَسْلَمَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ وَمَسِّهَا، وَيَسْلَمَ مِنْ نَظَرِهِمْ إِلَى عَوْرَتِهِ وَمَسِّهَا، وَإِنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَسْلَمَ مِنْ ذَلِكَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الْمَحْظُورِ، فَإِنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ وَمُشَاهَدَتَهَا حَرَامٌ، لِمَا رَوَى بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَال: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَاّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ. (1) قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَال: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا. قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ. إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا. قَال: اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ.
(1) حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: " احفظ عورتك. . . " أخرجه أبو داود (4 / 304 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 97 - 98 - ط الحلبي) . واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي:" حديث حسن ".
وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُل مَنْ فِي الْحَمَّامِ عَلَيْهِ إِزَارٌ، قَال أَحْمَدُ: إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ كُل مَنْ فِي الْحَمَّامِ عَلَيْهِ إِزَارٌ فَادْخُلْهُ، وَإِلَاّ فَلَا تَدْخُل.
وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: دُخُول الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إِزَارٍ حَرَامٌ. لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلَا يَدْخُل الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلَا يُدْخِل حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ. (1)
وَأَيْضًا رُوِيَ مَنْ دَخَل الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ لَعَنَهُ الْمَلَكَانِ (2)
قَال ابْنُ نَاجِي مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: دُخُول الرَّجُل الْحَمَّامَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الأَْوَّل: دُخُولُهُ مَعَ زَوْجَتِهِ، أَوْ وَحْدَهُ فَمُبَاحٌ، الثَّانِي: دُخُولُهُ مَعَ قَوْمٍ لَا يَسْتَتِرُونَ فَمَمْنُوعٌ، الثَّالِثُ: دُخُولُهُ مَعَ قَوْمٍ مُسْتَتِرِينَ فَمَكْرُوهٌ، إِذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْكَشِفَ
(1) حديث: " من كان يؤمن بالله واليوم. . . " أخرجه الترمذي (5 / 113 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وحسنه.
(2)
ابن عابدين 5 / 32، والفتاوى الهندية 1 / 13، والقوانين الفقهية / 443، 444، وحاشية البناني على هامش الزرقاني 7 / 45، وأسنى المطالب 1 / 72 ط المكتبة الإسلامية والمغني 1 / 230، 231، والآداب الشرعية 3 / 337. وحديث:" من دخل الحمام بغير مئزر لعنه الملكان " أخرجه الشيرازي من حديث أنس كما في فيض القدير للمناوي (6 / 124 - ط المكتبة التجارية) وأشار السيوطي إليه بالضعف.
بَعْضُهُمْ فَيَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِل. وَقِيل فِي هَذَا الْوَجْهِ: إِنَّهُ جَائِزٌ. (1)
7 -
إِذَا كَانَ الدَّاخِل امْرَأَةً فَيُبَاحُ لَهَا دُخُولُهُ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا سَبَقَ، وَبِوُجُودِ عُذْرٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ حَاجَةٍ إِلَى الْغُسْل، وَأَنْ لَا يُمْكِنَهَا أَنْ تَغْتَسِل فِي بَيْتِهَا لِخَوْفِهَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ ضَرَرٍ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَال لَهَا الْحَمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَال إِلَاّ بِالأُْزُرِ، وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إِلَاّ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ (2) وَلِخَبَرِ مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ أَثْيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَاّ هَتَكَتِ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا. (3)
وَلأَِنَّ أَمْرَ النِّسَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي السِّتْرِ، وَلِمَا فِي خُرُوجِهِنَّ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مِنَ الْفِتْنَةِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عُذْرٌ كُرِهَ لَهَا دُخُول الْحَمَّامِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ إِحْكَامَاتِ
(1) حاشية البناني على هامش الزرقاني 7 / 45.
(2)
حديث: " إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا. . . " أخرجه أبو داود (4 / 302 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، وأورده المنذري في مختصره (6 / 15 - نشر دار المعرفة) وقال:" في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، وقد تكلم فيه غير واحد ".
(3)
حديث: " ما من امرأة تضع أثيابها في غير بيت زوجها. . . " أخرجه الترمذي (5 / 114 - ط الحلبي) من حديث عائشة وحسنه.