الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَارَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ وَقَاضِي خَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْحِل قِيَاسًا عَلَى الْعَقِيقِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالشَّبَهِ (وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النُّحَاسِ) وَالْقَصْدِيرِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ (1) . وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَال: إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ، فَقَال لَهُ: مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الأَْصْنَامِ؟ فَطَرَحَهُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَال: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْل النَّارِ. فَطَرَحَهُ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَال: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالاً (2) .
وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال لِلَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ نَفْسَهَا اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ (3) وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ. كَمَا
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 229، 269، البناية 9 / 231، كشاف القناع 2 / 237 - 238، المجموع 4 / 465 - 466، روضة الطالبين 2 / 263، حاشية الدسوقي 1 / 63، مواهب الجليل 1 / 129، الشرح الصغير 1 / 62.
(2)
حديث بريدة: " مالي أجد منك ريح الأصنام " أخرجه أبو داود (4 / 428 - 429 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (4 / 248 - ط الحلبي) وضعفه النووي في المجموع (4 / 465 - ط المنيرية) .
(3)
حديث: " اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 175 - ط السلفية) ومسلم (2 / 1041 - ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد الساعدي، واللفظ للبخاري.
اسْتَدَل بِحَدِيثِ مُعَيْقِيبٍ رضي الله عنه وَكَانَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ (1) .
ثُمَّ قَال النَّوَوِيُّ: " وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ". (2)
زَكَاةُ الْحُلِيِّ:
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ الْمُسْتَعْمَل اسْتِعْمَالاً مُحَرَّمًا، كَأَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُل حَلْيَ الذَّهَبِ لِلاِسْتِعْمَال، لأَِنَّهُ عَدَل بِهِ عَنْ أَصْلِهِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبَاحٍ فَسَقَطَ حُكْمُ فِعْلِهِ وَهُوَ صِيَاغَتُهُ صِيَاغَةً مُحَرَّمَةً، وَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ الأَْصْل مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْحَلْيِ الْمَكْنُوزِ الْمُقْتَنَى الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُقْتَنِيهِ اسْتِعْمَالاً مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا وَلَا مُبَاحًا، لأَِنَّهُ مَرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ فَصَارَ كَغَيْرِ الْمَصُوغِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنِ التَّنْمِيَةِ إِلَاّ بِالصِّيَاغَةِ الْمُبَاحَةِ وَنِيَّةِ اللُّبْسِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَلْيِ الْمُسْتَعْمَل اسْتِعْمَالاً مُبَاحًا كَحَلْيِ الذَّهَبِ لِلْمَرْأَةِ وَخَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُل.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ
(1) حديث معيقيب. . . " أخرجه أبو داود (4 / 429 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وجوده النووي في المجموع (4 / 465 - ط المنيرية) .
(2)
المجموع 4 / 466.
إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ الْمُبَاحِ الْمُسْتَعْمَل.
وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَسْمَاءَ رضي الله عنهم وَالْقَاسِمِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَمْرَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ مِنْ آثَارٍ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَسْمَاءَ وَجَابِرٍ رضي الله عنهم، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تَلِي بَنَاتِ أَخِيهَا فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيَّ فَلَا تُخْرِجُ مِنْهُ الزَّكَاةَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا كَانَتْ تُحَلِّي ثِيَابَهَا الذَّهَبَ، وَلَا تُزَكِّيهِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا.
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل جَابِرًا رضي الله عنه عَنِ الْحُلِيِّ أَفِيه زَكَاةٌ؟ فَقَال جَابِرٌ لَا، فَقَال: وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَال جَابِرٌ كَثِيرٌ.
وَالْمَأْثُورُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها يُخَالِفُ
(1) بدائع الصنائع 2 / 17، البحر الرائق 1 / 243، حاشية ابن عابدين 2 / 30، البناية 3 / 106، حاشية الدسوقي 1 / 460، الشرح الصغير 1 / 624، الباجي على الموطأ2 / 107، المجموع 6 / 35، 36، كشاف القناع 2 / 235، المغني 3 / 13.
مَا رَوَتْهُ عَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَيُحْمَل عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُخَالِفْهُ إِلَاّ فِيمَا عَلِمْتُهُ مَنْسُوخًا، فَإِنَّهَا زَوْجُهُ وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ فَإِنَّ أُخْتَهُ حَفْصَةَ كَانَتْ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحُكْمُ حُلِيِّهَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى عَنْهَا حُكْمُهُ فِيهِ. كَمَا اسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ عَلَى ثِيَابِ الْبَدَنِ وَالأَْثَاثِ وَعَوَامِل الْبَقَرِ فِي أَنَّهَا مُرْصَدَةٌ فِي اسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَسَقَطَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْل الآْخَرِ فِي الْجَدِيدِ إِلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ الْمُبَاحِ الْمُسْتَعْمَل، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَابْنِ مِهْرَانَ وَمُجَاهِدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ حَبِيبٍ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَال لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا. قَال: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَال: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ (1) .
(1) حديث عبد الله بن عمرو: " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه أبو داود (2 / 212 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وصححه ابن القطان كما في نصب الراية (2 / 370 - ط المجلس العلمي بالهند) .