الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا حُكْمُ الْقَدَمِ. (1)
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجِرَاحَةُ عَلَى عُضْوٍ لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالظَّهْرِ وَالْكَتِفِ وَالْفَخِذِ فَيَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ حُكُومَتُهَا دِيَةَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ كَالْيَدِ وَالرِّجْل وَأَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَنْقُصُ عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ. (2)
ج -
أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ بَعْدَ انْدِمَال الْجُرْحِ:
8 -
يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ بَعْدَ انْدِمَال الْجُرْحِ وَبُرْئِهِ لَا قَبْلَهُ، لأَِنَّ الْجُرْحَ قَدْ يَسْرِي إِلَى النَّفْسِ أَوْ إِلَى مَا يَكُونُ وَاجِبُهُ مُقَدَّرًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ لَا الْحُكُومَةُ. (3)
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَوَّمَ بِتَقْدِيرِ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ لأَِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ لِمِقْدَارِ النَّقْصِ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ مِنَ الْمُقَوِّمِينَ. (4)
(1) روضة الطالبين 9 / 308، وانظر الأنوار لأعمال الأبرار 2 / 426.
(2)
روضة الطالبين 9 / 309، والأنوار لأعمال الأبرار 2 / 426، ومغني المحتاج 4 / 78.
(3)
الأنوار لأعمال الأبرار مع حواشيه 2 / 426، ومغني المحتاج 4 / 78، وروضة الطالبين 9 / 309، والمغني 8 / 59، والزيلعي 6 / 138، وابن عابدين5 / 386 والتاج والإكليل بهامش الحطاب 2 / 258 - 259 والإفصاح لابن هبيرة ص 383، وانظر رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 256.
(4)
الكافي لابن قدامة 4 / 94 نشر المكتب الإسلامي.
قَال الْكَاسَانِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ طَرِيقَةِ الْكَرْخِيِّ لِتَقْدِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْل: تُقَرَّبُ هَذِهِ الْجِنَايَةُ إِلَى أَقْرَبِ جِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَيَنْظُرُ ذَوَا عَدْلٍ مِنْ أَطِبَّاءِ الْجِرَاحَاتِ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ هَاهُنَا فِي قِلَّةِ الْجِرَاحَاتِ وَكَثْرَتِهَا بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ فَيَأْخُذُ الْقَاضِي بِقَوْلِهِمَا، وَيَحْكُمُ مِنَ الأَْرْشِ بِمِقْدَارِهِ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ الْمُقَدَّرَةِ. (1)
د -
أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي أَوِ الْمُحَكَّمُ بِالْحُكُومَةِ:
9 -
يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْحُكُومَةِ الْقَاضِي أَوِ الْمُحَكَّمُ بِشَرْطِهِ - وَهُوَ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ - بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْ أَطِبَّاءِ الْجِرَاحَاتِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَتِ الْحُكُومَةُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِ الْقَاضِي أَوِ الْمُحَكَّمِ لَمْ تُعْتَبَرْ. (2)
كَيْفِيَّةُ تَقْدِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْل:
10 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِمَعْرِفَةِ حُكُومَةِ الْعَدْل أَنْ يَتِمَّ تَقْوِيمُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَقْوِيمِ الْعَبِيدِ كَمَا فِي تَقْوِيمِ سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ، فَيُقَوَّمُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا لَوْ كَانَ عَبْدًا وَيُنْظَرُ كَمْ نَقَصَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ قِيمَتِهِ، فَإِنْ قُوِّمَ بِعَشَرَةٍ دُونَ
(1) بدائع الصنائع 7 / 324، 325.
(2)
البجيرمي على شرح منهج الطلاب 4 / 174، ونهاية المحتاج 7 / 325، ومغني المحتاج 4 / 77، وحاشية إبراهيم على الأنوار لأعمال الأبرار 2 / 426، وبدائع الصنائع 7 / 324، 325، وانظر الشرح الصغير 4 / 381.
الْجِنَايَةِ وَبِتِسْعَةٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَالتَّفَاوُتُ الْعُشْرُ فَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَانِي عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى تَقْرِيبِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ إِلَى أَقْرَبِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَيَنْظُرُ ذَوَا عَدْلٍ مِنْ أَطِبَّاءِ الْجِرَاحَاتِ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ هَاهُنَا فِي قِلَّةِ الْجِرَاحَاتِ وَكَثْرَتِهَا بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ، فَيَأْخُذُ الْقَاضِي بِقَوْلِهِمَا وَيَحْكُمُ مِنَ الأَْرْشِ بِمِقْدَارِهِ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ الْمُقَدَّرَةِ. (2)
وَاسْتَدَل لِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِالأَْثَرِ الْمَنْقُول عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قُطِعَ طَرَفُ لِسَانِهِ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ (أَلِفٌ، ب، ت، ث.) فَكُلَّمَا قَرَأَ حَرْفًا أَسْقَطَ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَا لَمْ يَقْرَأْهُ أَوْجَبَ الدِّيَةَ بِحِسَابِ ذَلِكَ (3) .
فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ حُكُومَةَ الْعَدْل فِي الَّذِي قُطِعَ طَرَفُ لِسَانِهِ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ وَلَمْ يَعْتَبَرْ بِالْعَبِيدِ. (4)
(1) روضة الطالبين 7 / 308، والمغني لابن قدامة 8 / 56، والكافي لابن قدامة 4 / 94، وتحفة الفقهاء 3 / 148، وبدائع الصنائع 7 / 324، والفتاوى الهندية 6 / 29، والزرقاني 8 / 34، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 256 ط الحلبي.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 324 - 325، ونهاية المحتاج 7 / 325، ومغني المحتاج 4 / 77.
(3)
تكملة البحر الرائق 8 / 376، 382، وبدائع الصنائع 7 / 325.
(4)
العناية بهامش فتح القدير 8 / 314 ط الأميرية، ودرر الحكام في شرح غرر الأحكام 2 / 106.
وَنُقِل عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ مِثْل ذَلِكَ (1) .
وَنَقَل الْحَصْكَفِيُّ عَنِ الْخُلَاصَةِ: إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْل الْكَرْخِيِّ لَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ فَحِينَئِذٍ يُفْتَى بِهِ، وَلَوْ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي يُفْتِي بِقَوْل الطَّحَاوِيِّ - وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ - مُطْلَقًا لأَِنَّهُ أَيْسَرُ (2) .
وَقَال الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِي هَذَا، إِنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْوَى بِالثَّانِي - وَهُوَ قَوْل الْكَرْخِيِّ - بِأَنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ يُفْتِي بِالثَّانِي.
وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُفْتِي بِالْقَوْل الأَْوَّل - وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ - لأَِنَّهُ أَيْسَرُ. وَكَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِهِ. (3)
وَمَحَل الْخِلَافِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الصَّدْرِ أَوِ الْفَخِذِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ اعْتُبِرَتِ الْحُكُومَةُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ قَطْعًا. (4)
وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلاً ثَالِثًا فِي كَيْفِيَّةِ تَقْدِيرِ الْحُكُومَةِ، فَقَدْ قَال فِي الْمُحِيطِ: وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يُنْظَرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ أَقَل شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَإِنْ كَانَ مِقْدَارُهُ مِثْل نِصْفِ شَجَّةٍ لَهَا
(1) المحلى 7 / 537 ط الإمام.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 373، وانظر الجوهر النيرة 2 / 219 ط ملتان - باكستان.
(3)
تكملة البحر الرائق 8 / 382 وغنية ذوي الأحكام في بغية درر الحكام للشرنبلالي 2 / 106.
(4)
مغني المحتاج 4 / 77، ونهاية المحتاج 7 / 325 - 326.
أَرْشٌ، أَوْ ثُلُثُهَا، وَجَبَ نِصْفُ أَوْ ثُلُثُ أَرْشِ تِلْكَ الشَّجَّةِ، وَإِنْ كَانَ رُبْعًا فَرُبْعٌ.
وَيَرَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَنَّ هَذَا الْقَوْل لَيْسَ قَوْلاً ثَالِثًا، وَالأَْشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْل الْكَرْخِيِّ (1) .
وَقِيل: تُقَدَّرُ الْجِنَايَةُ بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ إِلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَبِهَذَا قَال الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ. (2)
قَال الْقُهُسْتَانِيُّ: هَذَا كُلُّهُ إِذَا بَقِيَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ وَإِلَاّ فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا أَنْفَقَ إِلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ حُكُومَةُ الْعَدْل فِي الأَْلَمِ (3) .
وَيَرَى جُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَا بَرِئَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ - مِمَّا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِمَّا لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ الشَّارِعُ شَيْئًا - فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الْجَانِي مِنْ عَقْلٍ وَتَعْزِيرٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ. (4)
وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ عَرَفَةَ - فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ - الْقَوْل بِأَنَّ عَلَى الْجَانِي أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ سَوَاءٌ أَبَرِئَ عَلَى شَيْنٍ
(1) غنية ذوي الأحكام في بغية درر الحكام 2 / 106.
(2)
الدر المختار 5 / 373، والجوهرة النيرة 2 / 219 ط باكستان، الحطاب والمواق 6 / 259.
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 373.
(4)
الفواكه الدواني 2 / 263، وكفاية الطالب الرباني 2 / 279 نشر دار المعرفة، ويراد بأجرة الطبيب ما يشمل ثمن الدواء كما في حاشية العدوي على شرح الرسالة 2 / 279.
أَمْ لَا مَعَ الْحُكُومَةِ فِي الأَْوَّل. (1) أَمَّا مَا قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهِ شَيْئًا فَالْوَاجِبُ الْمُقَدَّرُ، بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا. (2) إِلَاّ مُوضِحَةَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَإِنَّهَا إِذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَاجِبِ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ اتِّجَاهَاتٍ:
الأَْوَّل: دَفْعُ دِيَتِهَا وَمَا حَصَل بِالشَّيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
الثَّانِي: دَفْعُ دِيَتِهَا وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَهَذَا مَا يَقُول بِهِ أَشْهَبُ، وَهُوَ مُقَابِل الْمَشْهُورِ.
الثَّالِثُ: الزِّيَادَةُ عَلَى الدِّيَةِ إِذَا كَانَ أَمْرًا مُنْكَرًا، أَمَّا إِذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا.
وَهَذَا مَا رَوَاهُ نَافِعٌ عَنْ مَالِكٍ (3) .
(1) الشرح الصغير 4 / 381.
(2)
حاشية العدوي على شرح الرسالة 2 / 279 والفواكه الدواني 2 / 263.
(3)
حاشية العدوي على الخرشي 8 / 35، ومنح الجليل 4 / 404، وانظر الحطاب 6 / 259، والشرح الصغير 4 / 383.