الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل أَرْبَعُ سِنِينَ، لِقَوْل مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ:" هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُل صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كُل بَطْنٍ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ " وَمَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْوُجُودِ، وَقَدْ حَكَى أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهَكَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَجِيحٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَإِذَا تَقَرَّرَ وُجُودُهُ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ. وَلأَِنَّ عُمَرَ ضَرَبَ لاِمْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَاّ لأَِنَّهُ غَايَةُ الْحَمْل. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل سَنَتَانِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَمْل عَلَى سَنَتَيْنِ وَلَا قَدْرَ مَا يَتَحَوَّل ظِل عُودِ الْمِغْزَل (2) وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إِلَاّ تَوْقِيفًا، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْل فِيهِ مَجَالٌ، فَكَأَنَّهَا رَوَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. (3)
(1) مغني المحتاج 3 / 373 - 380، والمغني لابن قدامة 7 / 477 - 480، وبداية المجتهد 2 / 372.
(2)
الأثر عن عائشة: " ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين ولا. . . " أخرجه البيهقي (7 / 443 - ط دائرة المعارف العثمانية) .
(3)
الاختيار 3 / 179، وابن عابدين 2 / 857، وبداية المجتهد 2 / 252، والمغني 7 / 477 - 480.
وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل خَمْسُ سِنِينَ.
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إِنَّ أَقْصَى الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ. (1)
8 -
وَثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا يَأْتِي: الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا جَاءَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِوَلَدٍ لِسَنَتَيْنِ فَأَقَل ثَبَتَ نَسَبُهُ اتِّفَاقًا، لأَِنَّ الْوَضْعَ تَمَّ ضِمْنَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل عِنْدَ الْجَمِيعِ.
أَمَّا إِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لأَِكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ ضِمْنَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل عِنْدَهُمْ، وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل.
وَفِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لاِحْتِمَال الْوَطْءِ وَالْعُلُوقِ فِي الْعِدَّةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ. (2)
وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ أُخْرَى تُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ: (نَسَبٌ) .
أَثَرُ الْحَمْل فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِل:
9 -
الْحَمْل لَا يُؤَثِّرُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِل قَبْل سِتَّةِ
(1) بداية المجتهد2 / 252، والمحلى 10 / 317.
(2)
الاختيار 3 / 179، 180، وابن عابدين 2 / 623، وما بعدها، ومغني المحتاج 3 / 390، والمغني لابن قدامة 7 / 477 وما بعدها.