الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا كَانَ لأَِصْحَابِ هَذِهِ الْحُقُوقِ حَقٌّ، وَيَجِبُ عَلَى الآْخَرِينَ عَدَمُ الاِعْتِدَاءِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ الآْخَرِينَ حَقًّا فِي عَدَمِ الإِْضْرَارِ بِهِمْ عِنْدَ اسْتِعْمَال هَذِهِ الْحُقُوقِ وَالتَّمَتُّعِ بِهَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْحَقُّ الْجَائِزُ، وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يُقَرِّرُهُ الشَّرْعُ مِنْ غَيْرِ حَتْمٍ، وَإِنَّمَا يُقَرِّرُهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ أَوِ الإِْبَاحَةِ. مِثَالُهُ أَمْرُ الْمُحْتَسِبِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: هَل يَكُونُ الأَْمْرُ بِهَا مِنَ الْحُقُوقِ اللَاّزِمَةِ أَوْ مِنَ الْحُقُوقِ الْجَائِزَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهَا، هَل هِيَ مَسْنُونَةٌ أَوْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فَإِنْ قِيل: إِنَّهَا مَسْنُونَةٌ كَانَ الأَْمْرُ بِهَا نَدْبًا، وَإِنْ قِيل: إِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَانَ الأَْمْرُ بِهَا حَتْمًا. (1)
ثَانِيًا: تَقْسِيمُ الْحُقُوقِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ النَّفْعِ وَخُصُوصِهِ:
(2)
11 -
قَسَّمَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ الْحُقُوقَ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ النَّفْعِ وَخُصُوصِهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
حُقُوقُ اللَّهِ الْخَالِصَةُ، حُقُوقُ الْعِبَادِ
(1) الاختيار لتعليل المختار تحقيق الدكتور محمد طموم 1 / 229، الهداية للمرغيناني 3 / 227 - 229، وفتح القدير لابن الهمام 2 / 85 - 87، الشرح الصغير للدردير وشرحه بلغة السالك لأقرب المسالك للشيخ الصاوي 1 / 248 طبعة الحلبي 1372 هـ - 1952 والمغني لابن قدامة 6 / 294 - 297.
(2)
اجع كشف الأسرار 4 4 ? / 134، 135، والتلويح على التوضيح لمتن التنقيح 1 / 150، 151 طبعة صبيح.
الْخَالِصَةُ، مَا اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ لَكِنْ حَقُّ اللَّهِ غَالِبٌ، وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ لَكِنْ حَقُّ الْعَبْدِ غَالِبٌ.
الْقَسَمُ الأَْوَّل: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْخَالِصَةُ:
12 -
حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ، فَلَا يُخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَجْمُوعِ الأَْفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ هَذَا الْحَقُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، أَوْ لِئَلَاّ يُخْتَصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، كَحُرْمَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَالَمِ، وَذَلِكَ بِاِتِّخَاذِهِ قِبْلَةً لِصَلَوَاتِهِمْ، وَمَثَابَةً لَهُمْ، وَكَحُرْمَةِ الزِّنَى لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ عُمُومِ النَّفْعِ فِي سَلَامَةِ الأَْنْسَابِ، وَصِيَانَةِ الْفِرَاشِ وَإِنَّمَا يُنْسَبُ الْحَقُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، لأَِنَّ اللَّهَ عز وجل يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ حَقًّا لَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ، لأَِنَّهُ بِاعْتِبَارِ التَّضَرُّرِ أَوِ الاِنْتِفَاعِ هُوَ مُتَعَالٍ عَنِ الْكُل.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ، لأَِنَّ الْكُل سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، بَل الإِْضَافَةُ إِلَيْهِ لِتَشْرِيفِ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ، وَقَوِيَ نَفْعُهُ، وَشَاعَ فَضْلُهُ، بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ كَافَّةً، فَبِاعْتِبَارِ التَّخْلِيقِ الْكُل سَوَاءٌ فِي الإِْضَافَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَال عز وجل:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَْرْضِ} (1)
(1) سورة النجم / 31.