الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَيْهِ لِتَشْرِيفِ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ، وَقَوِيَ نَفْعُهُ، وَشَاعَ فَضْلُهُ، بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ كَافَّةً.
وَحَقُّ الْعَبْدِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لَهُ، مِثْل: حُرْمَةِ مَالِهِ، فَإِنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ، لِيَتَعَلَّقَ صِيَانَةُ مَالِهِ بِهَا. فَلِهَذَا يُبَاحُ مَال الْغَيْرِ بِإِبَاحَةِ الْمَالِكِ، وَلَا يُبَاحُ الزِّنَى بِإِبَاحَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا بِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا.
وَقَال صَاحِبُ تَيْسِيرِ التَّحْرِيرِ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَال: يَعْنِي بِحَقِّ اللَّهِ مَا يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ هُوَ اللَّهَ، وَبِحَقِّ الْعَبْدِ مَا يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ هُوَ الْعَبْدَ. (1)
وَقَال الْكِنْدِيُّ: الْحَقُّ: الْمَوْجُودُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: حُكْمٌ يَثْبُتُ. (2)
وَقَال الْقَرَافِيُّ: حَقُّ اللَّهِ: أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ. وَحَقُّ الْعَبْدِ: مَصَالِحُهُ. وَالتَّكَالِيفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الأَْوَّل: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، كَالإِْيمَانِ وَتَحْرِيمِ الْكُفْرِ. وَالثَّانِي: حَقُّ الْعِبَادِ فَقَطْ، كَالدُّيُونِ وَالأَْثْمَانِ.
وَالثَّالِثُ: قِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ، هَل يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ، أَوْ يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ، كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ: أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، وَإِلَاّ فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَاّ وَفِيهِ
(1) تيسير التحرير 2 / 174.
(2)
حاشية قمر الأقمار على كتاب نور الأنوار، شرح المنار2 / 216.
حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. (1)
ثُمَّ قَال: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، مُشْكِلٌ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (2) فَيَقْتَضِي أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ نَفْسُ الْفِعْل، لَا الأَْمْرُ بِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلْتُهُ قَبْل هَذَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُئَوَّلٌ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الأَْمْرِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ الَّذِي هُوَ الْفِعْل، فَظَاهِرُهُ مُعَارِضٌ لِمَا حَرَّرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا: الصَّلَاةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَاّ أَمْرُهُ بِهَا، إِذْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَنَجْزِمُ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ نَفْسُ الأَْمْرِ، لَا الْفِعْل، وَمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ مُئَوَّلٌ. (3)
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:
4 -
الْحَقُّ هُوَ الْفِعْل: ذَكَرَ سَعْدٌ التَّفْتَازَانِيُّ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْفِعْل فَقَال: الْمَحْكُومُ بِهِ (وَهُوَ
(1) الفروق 1 / 140 - 142 الفرق الثاني والعشرين بين قاعدة حقوق الله تعالى وقاعدة حقوق الآدميين.
(2)
حديث: " حق الله على العباد أن يعبدوه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 397 - 398 ط السلفية) ومسلم (1 / 58 - ط الحلبي) من حديث معاذ بن جبل.
(3)
المرجع السابق.