الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ سَيَقْتَصِرُ الْكَلَامُ فِيمَا يَلِي عَلَى الْحِكْرِ فِي الأَْوْقَافِ، لأَِنَّ الْحِكْرَ فِي الأَْمْلَاكِ تَجْرِي أَحْكَامُهُ بِحَسَبِ صِيغَةِ التَّعَاقُدِ مِنْ حَيْثُ مِقْدَارُ الْمُدَّةِ وَالأُْجْرَةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا سَتَرِدُ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ.
حُكْمُ الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فِي الأَْوْقَافِ:
6 -
الأَْصْل فِي الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فِي الأَْمْلَاكِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ لأَِنَّ الْمَالِكَ يَصْنَعُ فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ. وَنَقَل الْحَنَفِيَّةُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.
أَمَّا فِي الأَْوْقَافِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِهَا فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَرْبَعٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِهَا عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:
7 -
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجُوزُ شَرْطُهُ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ لَا مَحَالَةَ.
وَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَالْمَنْقُول عَنْ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَال الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: أَنَا أُجَوِّزُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا أُجَوِّزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ كَانَ يَقُول: فِي الضِّيَاعِ (أَيِ الأَْرَاضِيِ الزِّرَاعِيَّةِ) نُفْتِي بِالْجَوَازِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إِلَاّ إِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفِي غَيْرِ الضِّيَاعِ نُفْتِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا زَادَ عَنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ
إِلَاّ إِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ، وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَوْضِعِ. قَال صَاحِبُ الدُّرِّ: فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الإِْجَارَةُ وَتُفْسَخُ. (1)
وَأَطْلَقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الأَْرْضِ وَسَنَةٍ فِي غَيْرِهَا كَمَا صَنَعَ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الأَْبْصَارِ. وَقَال الْخَصَّافُ: إِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ تُزْرَعُ فِي كُل سَنَةٍ لَا يُؤَجِّرُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ فِي كُل سَنَتَيْنِ مُرَّةً لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، أَوْ فِي كُل ثَلَاثٍ لَا تُؤْجَرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ.
وَإِنَّمَا جَرَتِ الْفُتْيَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ صِيَانَةً لِلأَْوْقَافِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ بِطُول الْمُدَّةِ قَالُوا: لأَِنَّ الْمُدَّةَ إِذَا طَالَتْ تُؤَدِّي إِلَى إِبْطَال الْوَقْفِ، فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَاّكِ عَلَى طُول الزَّمَانِ مُتَوَالِيًا وَلَا مَالِكٌ يُعَارِضُ وَيُزَاحِمُ - وَمَال الْوَقْفِ مَالٌ ضَائِعٌ لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ الْمُهْتَمِّ - يَظُنُّهُ الرَّائِي بِتَصَرُّفِهِ الدَّائِمِ مَالِكًا، وَيَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ إِذَا ادَّعَاهُ. وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ فِي أَمْرٍ يَدْعُو إِلَى هَذَا الضَّرَرِ.
وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ جَرَتِ الْفُتْيَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى إِلْحَاقِ أَرْضِ الْيَتِيمِ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فِي هَذَا
(1) الفتاوى الهندية 4 / 514 وتكملة البحر الرائق 8 / 12 والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي 3 / 144، والإسعاف ص 64 والبحر الرائق 7 / 367 ومرشد الحيران م 574 - 576، والدر المختار بهامش ابن عابدين 5 / 5.
الْحُكْمِ، فَلَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ. وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ أَيْضًا أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَال، نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ.
وَفِي قَوْل مُتَقَدِّمِي الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ إِجَارَةُ الْوَقْفِ لِلْمُدَدِ الطَّوِيلَةِ. غَيْرَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَوْل الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَذْكُورُ أَوَّلاً وَهُوَ التَّوْقِيتُ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِنَّمَا عَدَل الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ قَوْل الْمُتَقَدِّمِينَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَقْفِ.
ثُمَّ إِنْ آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ: فَقَال بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ، وَقَال بَعْضُهُمْ يُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبْطِلَهُ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ (1) .
وَرَأَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ إِنِ احْتَاجَ الْقَيِّمُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ إِجَارَةً طَوِيلَةً فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْقِدَ عُقُودًا، فَيَكْتُبُ: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ثَلَاثِينَ عَقْدًا مَثَلاً، كُل عَقْدٍ عَلَى سَنَةٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي بَعْضٍ، فَيَكُونُ الْعَقْدُ الأَْوَّل لَازِمًا لأَِنَّهُ نَاجِزٌ، وَمَا بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ، لأَِنَّهُ مُضَافٌ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ كُل سَنَةٍ إِذَا دَخَلَتْ. (2)
(1) رد المحتار 5 / 4 والفتاوى الخانية بهامش الهندية 3 / 332، 333، والإسعاف في أحكام الأوقاف ص63 أول باب إجارة الوقف ومزارعته، والفتاوى البزازية بهامش الهندية 6 / 267.
(2)
الفتاوى الخانية بهامش الهندية 3 / 333.
8 -
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْوَقْفِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، قَال الْحَطَّابُ: الْحَبْسُ إِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ كَبَنِي فُلَانٍ، فَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُكْرِيَهُ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَلَا يُكْرِيهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ فَعَثَرَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ يَسِيرًا كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ لَمْ يُفْسَخْ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فُسِخَ. وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنِ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ نَوَازِل ابْنِ رُشْدٍ فِي وَقْفٍ أُكَرِي خَمْسِينَ عَامًا، إِنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى النَّقْدِ (أَيْ تَعْجِيل الأُْجْرَةِ) فُسِخَ، وَفِي جَوَازِهِ عَلَى غَيْرِ النَّقْدِ قَوْلَانِ: الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عِنْدِي الْمَنْعُ. اهـ.
ثُمَّ قَال الْحَطَّابُ: أَمَّا الْحَبْسُ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْمَسَاكِينِ وَشَبَهِهَا فَلَا يُكْرِيهَا النَّاظِرُ لأَِكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ إِنْ كَانَتْ أَرْضًا، وَلَا أَكْثَر مِنْ عَامٍ إِنْ كَانَتْ دَارًا، وَهُوَ عَمَل النَّاسِ، وَمَضَى عَلَيْهِ عَمَل الْقُضَاةِ، فَإِنْ أَكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَضَى إِنْ كَانَ نَظَرًا (أَيْ مَصْلَحَةً) ، وَلَا يُفْسَخُ.
وَعَلَّلُوا لِمَنْعِ الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فِي الْوَقْفِ بِمِثْل مَا عَلَّل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، قَالُوا: لِخَوْفِ انْدِرَاسِهِ إِذَا طَال مُكْثُهُ بِيَدِ مُكْتَرِيهِ. (1)
9 -
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ تُؤَجَّرَ الْعَيْنُ إِلَى مُدَّةٍ تَبْقَى إِلَيْهَا غَالِبًا - مَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ - فَتُؤَجَّرُ الأَْرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ - قَال الْقَلْيُوبِيُّ:
(1) مواهب الجليل 6 / 47 آخر باب الوقف، وانظر الدسوقي 4 / 96، والمواق بهامش مواهب الجليل 6 / 47.
سَوَاءٌ الْمِلْكُ وَالْوَقْفُ - وَتُؤَجَّرُ الدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ. وَفِي قَوْلٍ: لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ. (1)
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: إِنَّمَا يَجْرِي ذَلِكَ - أَيِ الإِْجَارَةُ الطَّوِيلَةُ - فِي الْوَقْفِ إِنْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ، وَاصْطِلَاحُ الْحُكَّامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، لِئَلَاّ يَنْدَرِسَ اسْتِحْسَانٌ مِنْهُمْ. قَال: وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا ذَلِكَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ بِغَلَبَةِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَى الْوَقْفِ عِنْدَ طُول الْمُدَّةِ، وَلأَِنَّ شَرْطَ إِجَارَةِ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل، وَتَقْوِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ - أَيْ لِتَغَيُّرِ الأَْسْعَارِ وَطُرُوءِ الرَّغَبَاتِ غَالِبًا - قَال: وَأَيْضًا فَفِيهَا مَنْعُ الاِنْتِقَال إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي، وَضَيَاعُ الأُْجْرَةِ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَتْ مُعَجَّلَةً. وَأَطَال فِي بَيَانِ ذَلِكَ فِي فَتَاوَاهُ الْكُبْرَى الْفِقْهِيَّةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ قُضَاةَ الشَّافِعِيَّةِ مَالُوا فِي ذَلِكَ إِلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ أَحْوَطُ. وَنَقَلَهُ عَنِ السُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ. وَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مُجَرَّدَ زِيَادَةِ الأُْجْرَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْل لَا يُسَوِّغُ الإِْجَارَةَ الطَّوِيلَةَ فِي الْوَقْفِ. وَقَال: وَأَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ أَرْضَ الْيَتِيمِ. (2)
(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 80.
(2)
تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي بحاشية الشرواني 6 / 172 في الإجارة، والفتاوى الكبرى الفقهية 3 / 338، 348 وكلامه هذا ضمن رسالة أفردها لذلك سماها " الإتحاف ببيان حكم إجارة الأوقاف " وهي مطبوعة ضمن الفتاوى الكبرى له 3 / 326.
10 -
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّ الإِْجَارَةَ الطَّوِيلَةَ جَائِزَةٌ، عَلَى الأَْصْل فِي الإِْجَارَةِ إِذَا كَانَتْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى إِلَيْهَا الْعَيْنُ غَالِبًا وَإِنْ كَثُرَتْ.
وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ لِهَذَا الأَْصْل بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {قَال إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيْ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ} (1) قَال: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى نَسْخِهِ دَلِيلٌ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ مَا جَازَ لِسَنَةٍ جَازَ لأَِكْثَرَ مِنْهَا، وَالتَّقْدِيرُ بِسَنَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ تَحَكُّمٌ لَا دَلِيل عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْوَقْفِ، قَال: إِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ جَازَتْ إِجَارَتُهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ. وَكَذَلِكَ قَال صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى وَنَسَبَهُ إِلَى الرِّعَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَأَنَّهُمْ قَالُوا: بَل الْوَقْفُ أَوْلَى أَيْ بِجَوَازِ الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ.
وَابْنُ الْقَيِّمِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بَيَّنَ مَفَاسِدَ الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فِي الْوَقْفِ كَمَا بَيَّنَهَا أَصْحَابُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِبُطْلَانِهَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْوَاقِفُ امْتِنَاعَهَا. (2)
(1) سورة القصص / 27.
(2)
المغني لابن قدامة 5 / 401 ط ثالثة، الفتاوى الكبرى 30 / 246 ط الرياض ومطالب أولي النهى 3 / 622، وأعلام الموقعين 3 / 304 القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى 1374 هـ.