الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: إِنَّهَا تُورَثُ مِثْل بَقِيَّةِ الأَْمْوَال الْمَمْلُوكَةِ لِلْمُورِثِ.
و
الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ:
43 -
هَذَا الْحَقُّ ثَابِتٌ لأَِوْلِيَاءِ الْمَقْتُول، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ ثُبُوتِهِ لَهُمْ: فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إِنَّ الْقِصَاصَ طَرِيقَةُ الْخِلَافَةِ دُونَ الْوِرَاثَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْمَيِّتُ لَيْسَ صَالِحًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالْقِصَاصِ لِفَقْدِهِ الْحَيَاةَ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْمْوَال، لأَِنَّ الْمَيِّتَ مِنْ أَهْل الْمِلْكِ فِي الأَْمْوَال، وَيُتَجَاوَزُ فِي الأَْمْوَال مَا لَا يُتَجَاوَزُ فِي غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ إِذَا نَصَبَ شَخْصٌ مِصْيَدَةً فَوَقَعَ بِهَا الصَّيْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنَّ الْمَيِّتَ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ يَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ عَنْ طَرِيقِ الإِْرْثِ. أَمَّا الْقِصَاصُ فَيَثْبُتُ لأَِوْلِيَاءِ الْمَقْتُول ابْتِدَاءً لَا عَنْ طَرِيقِ الْمِيرَاثِ، وَلِذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْقِصَاصُ لأَِحَدِ الزَّوْجَيْنِ لأَِنَّ الْخِلَافَةَ بِالنَّسَبِ فَقَطْ، دُونَ السَّبَبِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ، لاِنْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمَوْتِ.
وَقَالُوا أَيْضًا: لَمْ يَثْبُتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْل مَوْتِهِ قِصَاصُ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْقِصَاصُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقِصَاصِ فَرْعُ زَهُوقِ الرُّوحِ، وَمُرَتَّبٌ عَلَى خُرُوجِ الرُّوحِ، فَلَمْ يَكُنْ قِصَاصُ النَّفْسِ ثَابِتًا لِلْمَقْتُول قَبْل مَوْتِهِ، حَتَّى
يَكُونَ الْقِصَاصُ مِمَّا يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ، لأَِنَّ حَقَّ الْقِصَاصِ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا يَقَعُ إِلَاّ لِلْوَارِثِ. (1)
تَقْسِيمُ الْحُقُوقِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا:
44 -
تَنْقَسِمُ الْحُقُوقُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّعَلُّقِ بِالأَْمْوَال وَعَدَمِ الْمَالِيَّةِ إِلَى مَا يَأْتِي:
1 -
حَقٌّ مَالِيٌّ، يَتَعَلَّقُ بِالأَْمْوَال، وَيُسْتَعَاضُ عَنْهُ بِمَالٍ، مِثْل: الأَْعْيَانِ الْمَالِيَّةِ حَيْثُ يُمْكِنُ بَيْعُهَا وَالاِسْتِعَاضَةُ عَنْهَا بِمَالٍ.
2 -
حَقٌّ مَالِيٌّ، لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، مِثْل: الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِالزَّوَاجِ وَالدُّخُول، وَكِلَاهُمَا لَيْسَ مَالاً، وَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ تَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجَةُ مُقَابِل احْتِبَاسِهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ.
3 -
حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ، يَتَعَلَّقُ بِالأَْمْوَال، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الاِسْتِعَاضَةُ عَنْهُ بِمَالٍ، مِثْل: الشُّفْعَةِ، حَيْثُ إِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ قَبْل بَيْعِ الشَّرِيكِ حَقٌّ مُجَرَّدٌ، وَبَعْدَ الْبَيْعِ حَقٌّ ثَابِتٌ، وَهُوَ أَيْضًا حَقٌّ مُجَرَّدٌ، وَهُوَ حَقٌّ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الاِسْتِعَاضَةُ عَنْهُ بِمَالٍ. إِلَاّ أَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ، وَهُوَ مَالٌ بِالإِْجْمَاعِ.
4 -
حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ، لَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْمْوَال، وَلَكِنْ يَجُوزُ الاِسْتِعَاضَةُ عَنْهُ بِمَالٍ، مِثْل: الْقِصَاصِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْمْوَال، لأَِنَّهُ عُقُوبَةُ الْقَتْل الْعَمْدِ، وَهَذَا لَيْسَ مَالاً، وَلَكِنْ
(1) لهداية للمرغيناني 4 4 / 167، 168، 173، 174، وانظر المنثور للزركشي (2 / 54 - 57) .