الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«صاحب مصر وسلطانها الملك الأكمل أبو علىّ وابن صاحبها ووزيرها» (يعنى الأفضل) . قلت: والحقّ ما نعته به الذهبىّ؛ فإن أحمد هذا ووالده وجدّه هم كانوا أصحاب مصر، والخلفاء معهم كانوا تحت الحجر والضيق. وتصديق [ذلك «1» ] ما خلفه الأفضل شاهنشاه أبو صاحب الترجمة من الأموال والمواشى وغير ذلك. وإنما «2» كان يطلق عليهم بالوزراء إلّا لكون العادة كانت جرت بأن الملك للخليفة لا وهم بلا مدافعة انهم كانوا أعظم من سلاطين زماننا هذا.
ولمّا قتل أبوه الأفضل فى سنة خمس عشرة وخمسمائة فى خلافة الآمر وأخذ الآمر أمواله، سجن ابنه أحمد هذا إلى أن مات. فلمّا مات الآمر أخرج من السجن وجعل أمر مصر إليه، ووزر واستولى على الديار المصريّة. وحجر على الحافظ الخليفة ومنعه من الظهور، حسب ما ذكرناه فى ترجمة الحافظ. من أمر قتلته وكيف قتل، فلا يحتاج للتكرار هنا. وبموته صفا الوقت للحافظ واستولى على الملك، وسكن القصر على عادة الخلفاء إلى أن مات.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم سبع أذرع وإصبعان. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وثمانى عشرة إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 526]
السنة الثانية من ولاية الحافظ عبد المجيد على مصر وهى سنة ست وعشرين وخمسمائة.
فيها توفّى أحمد بن حامد بن محمد أبو نصر المستوفى المعروف بالعزيز عمّ العماد الكاتب. قبض عليه الأنساباذىّ «1» وزير طغرل وسلّمه إلى بهروز الخادم، فحمله إلى تكريت «2» فقتل بها. وكان من رؤساء الأعاجم، ولد بأصبهان، وهو من بيت كتابة وفضل.
وفيها توفّى الملك تاج الملوك بورى بن ظهير الدين طغتكين صاحب دمشق.
ولى أمر دمشق بعد موت أبيه الأتابك طغتكين فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وكان حليما شجاعا شهما. قتل أبا علىّ المزدقانىّ وجماعة كثيرة من الإسماعيليّة. قال ابن عساكر: بعث إليه الإسماعيليّة برجلين فضرباه بالسكاكين، وهو قد خرج من الحمام، فأثّر فيه بعض الأثر، وأقام ينتقض «3» عليه الجرح تارة ويندمل تارة إلى أن مات فى شهر رجب بعد سنين. ولما احتضر أوصى إلى ولده شمس الملوك إسماعيل فولى بعده. وكانت ولاية بورى على دمشق ثلاث سنين وشهورا.
وفيها توفّى عبد الكريم بن حمزة بن الخضر المحدّث الفاضل ابن محمد السلمىّ الدمشقىّ، سمع الكثير، وتوفّى بدمشق. وأنشد لأبى القاسم العجلىّ قوله:
[البسيط]
الضيف مرتحل والمال عارية
…
وإنّما الناس فى الدنيا أحاديث
فلا تغرنّك الدنيا وزهرتها
…
فإنّها بعد أيّام مواريث
واعمل لنفسك خيرا تلق نائله
…
فالخير والشر بعد الموت مبثوث