الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 466]
السنة التاسعة والثلاثون من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
فيها خرج عساكر غزنة وتعرّضوا لبلاد السلطان ملكشاه السّلجوقى؛ فخرج إليهم إلياس بن ألب أرسلان أخو ملكشاه، فقاتلهم واستأمن إليه سبعمائة منهم، وانهزم من بقى إلى غزنة، وأوغل خلفهم إلياس. وكان سلطان غزنة يوم ذاك إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين. ثم عاد إلياس من الوقعة وقد كفى ملكشاه أمر الغزنويّة. ولمّا وصل إلياس إلى بلخ مات بعدها بثلاثة أيّام، وسرّ أخوه ملكشاه بموته، فإنّه كان منحرفا على ملكشاه. فقال له وزيره نظام الملك: لا تظهر الشماتة واقعد فى العزاء؛ ففعل وأظهر الجزن عليه.
وفيها بنى حسّان بن مسمار الكلبىّ قلعة صرخد «1» ، وكتب على بابها: أمر بعمارة هذا الحصن المبارك الأمير الأجلّ مقدّم العرب عزّ الدّين فخر الدولة عدّة أمير المؤمنين (يعنى المستنصر صاحب مصر) وذكر عليها اسمه ونسبه.
وفيها قال ابن الصابئ: ورد إلى مكّة إنسان عجمىّ يعرف بسلار من جهة جلال الدولة ملكشاه، ودخل وهو على بغلة بمركب ذهب، وعلى رأسه عمامة سوداء، وبين يديه الطّبول والبوقات، ومعه للبيت كسوة ديباج أصفر، وعليها اسم محمود بن سبكتكين وهى من استعماله؛ وكانت مودعة بنيسابور من عهد محمود ابن سبكتكين عند إنسان يعرف بأبى القاسم الدّهقان، فأخذها الوزير نظام الملك منه وأنفذها مع المذكور.
وفيها توفّى أحمد «1» بن محمد بن عقيل أبو العباس الشّهرزورىّ. كان محدّثا وسمع الكثير، وكان فاضلا فقيها شاعرا. مات ببيت المقدس فى ذى القعدة. ومن شعره من قصيدة طويلة قوله:
[البسيط]
سألت طيفك عن تلفيق «2» إفكهم
…
فقال معتذرا لا كان ما قالوا
سعى الوشاة بقطع الودّ بينكما
…
وللمودّات بين الناس آجال
وفيها توفّى عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان أبو محمد الخفاجىّ «3» الحلبىّ الشاعر المشهور. كان فصيحا فاضلا. أخذ الأدب عن أبى العلاء المعرّى وغيره، وسمع الحديث وبرع فيه. ومات بقلعة اعزاز من أعمال حلب. ومن شعره قوله:
[الرمل]
أترى طيفكم لمّا سرى
…
أخذ النّوم وأعطى السّهرا
يا عيونا بالغضا «4» راقدة
…
حرّم الله عليكن الكرى
ومنها:
سل فروع البان عن قلبى فقد
…
وهم البارق فيما ذكرا
قال فى الرّبع وما أحسبه
…
فارق الأظعان حتّى انفطرا «5»
وفيها توفّى عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علىّ بن سليمان أبو محمد الكتّانىّ الصوفىّ الحافظ الدّمشقىّ أحد الرّحّالين فى طلب العلم. كان من المكثرين فى الحديث كتابة وسماعا مع الصدق والأمانة.