الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وأربع عشرة إصبعا.
وفتح الخليج فى رابع عشرين مسرى، والماء على اثنتى عشرة إصبعا من ست عشرة ذراعا. وكان الوفاء آخر أيام النسىء. ووقف مدّة ثم نقص فى العشرين من توت بعد ما بلغ سبع عشرة ذراعا وثلاث عشرة إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 478]
السنة الحادية والخمسون من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
فيها وقع طاعون عظيم بالعراق ثم عمّ الدنيا؛ فكان الرجل قاعدا فى شغله فتثور به الصفراء فتصرعه فيموت من وقته. ثم هبّت ريح سوداء ببغداد، أظلمت الدنيا، ولاحت نيران فى أطراف السماء وأصوات هائلة، فأهلكت خلقا كثيرا من الناس والبهائم. فكان أهل الدرب يموتون فيسدّ الدرب عليهم. قاله صاحب مرآة الزمان- رحمه الله.
وفيها اتّفق جماعة بمصر مع ولد أمير الجيوش بدر الجمالىّ على قتل والده وينفرد الولد بالملك، ففطن به أبوه فقتل الجماعة وعفّى أثر ولده؛ ويقال: إنّه دفنه حيّا، وقيل: غرّقه، وقيل: جوّعه حتى مات. وكان بدر الجمالىّ أرمنىّ الجنس، فاتكا جبّارا، قتل خلقا كثيرا من العلماء وغيرهم، وأقام الأذان ب «حىّ على خير العمل» ، وكبّر على الجنائز خمسا، وكتب سبّ الصحابة على الحيطان. قلت: وبالجملة إنّه كان من مساوئ الدنيا، جزاه الله. وغالب من كان بمصر فى تلك الأيام كان رافضيّا خبيثا بسبب ولاة مصر بنى عبيد إلّا من ثبّته الله تعالى على السنّة.
وفيها توفّى أحمد بن الحسن «1» بن محمد بن إبراهيم أبو بكر سبط ابن فورك وختن أبى القاسم القشيرىّ على ابنته، وكان يعظ فى النّظاميّة، وكان قبيح السّيرة.
وفيها توفّى عبد الملك بن عبد الله بن يوسف أبو المعالى الجوينىّ الفقيه الشافعىّ المعروف بإمام الحرمين. وجوين: قرية من قرى نيسابور. ولد سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتفقّه على والده فأقعد مكانه وله دون العشرين من العمر، فأقام الدرس، وسمع بالبلاد، وحجّ وجاور؛ ثم عاد إلى نيسابور، ودرّس بها ثلاثين سنة، وإليه المنبر والمحراب، ويجلس للوعظ، وتخرّج به جماعة، وصنّف «نهاية المطلب [فى رواية «2» المذهب] » . وصنّف فى الكلام الكتب الكثيرة:«الإرشاد» وغيره. قال صاحب مرآة الزمان: وقال محمد بن علىّ تلميذ أبى المعالى الجوينىّ: دخلت عليه فى مرضه الذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه ويسقط منها الدود، لا يستطاع شمّ فيه؛ فقال:
هذه عقوبة اشتغالي بالكلام فاحذروه! وكانت وفاته ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأوّل عن تسع وخمسين سنة.
وفيها توفّى محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد أبو علىّ المتكلّم المعتزلىّ شيخ المعتزلة والفلاسفة والداعية إلى مذهبهم. وهو من أهل الكرخ، وكان يدرّس هذه العلوم، فآضطرّه أهل السّنة إلى أنّه لزم بيته خمسين سنة لا يتجاسر أن يظهر.
ومات فى ذى الحجة.
وفيها توفّى محمد بن علىّ بن محمد بن الحسن بن عبد الملك «3» بن عبد الوهّاب بن حمويه، الإمام أبو عبد الله الدّامغانىّ القاضىّ الحنفىّ. ولد بالدامغان فى شهر ربيع الآخر
سنة ثمان وتسعين وثلثمائة، وتفقّه ببلده، ثم قدم بغداد وتفقّه أيضا بالصّيمرىّ والقدورىّ، وسمع منهما الحديث، وبرع فى الفقه، وخصّ بالفضل الوافر والتواضع الزائد، وارتفع وشيوخه أحياء، وانتهت إليه رياسة المذهب فى زمانه. وكان فصيح العبارة مليح الإشارة غزير العلم سهل الأخلاق معظّما عند الخلفاء والملوك. ولى قضاء القضاة ببغداد سنة سبع وأربعين، وصار رأس علماء عصره فى كلّ مذهب.
وحسنت سيرته فى القضاء حتّى أقام فيه ثلاثين سنة. ومات ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر رجب. وكانت جنازته عظيمة، نزع العلماء طيالستهم ومشوا فيها، وكثر أسف الناس عليه. رحمه الله تعالى.
وفيها توفّى منصور بن دبيس بن علىّ بن مزيد الأمير الرافضىّ أبو كامل بهاء الدولة صاحب الحلّة. مات فيها فى شهر رجب، وكانت ولايته ستّ سنين. وقام بعده ولده سيف الدولة صدقة. قلت: والجميع رافضة، كلّ واحد أنجس من الآخر، عاملهم الله بما يستحقّونه.
وفيها توفّى هبة الله بن عبد الله بن أحمد أبو الحسن السّيبىّ «1» البغدادىّ. سمع الحديث وتفقّه، وكان أديبا شاعرا فصيحا. مات فى المحرّم. ومن شعره:
[المتقارب]
رجوت الثمانين من خالقى
…
لما جاء فيها عن المصطفى
فبلّغنيها وشكرا له
…
وزاد ثلاثا بها أردفا
وهأنا منتظر وعده
…
لينجزه فهو أهل الوفا