الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 556]
السنة الأولى من ولاية العاضد على مصر وهى سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
فيها توفى محمود بن نعمة الشيخ أبو الثناء الشّيرازىّ الشاعر المشهور. كان أديبا فاضلا بارعا. ومن شعره يعارض قول ابن سكّرة فى قوله:
[البسيط]
جاء الشتاء وعندى من حوائجه
…
سبع إذا القطر «1» عن حاجاتنا حبسا
كيس وكنّ وكانون وكأس طلا
…
مع الكباب وكسّ ناعم وكسا
فقال الشّيرازىّ:
[الطويل]
يقولون كافات الشتاء كثيرة
…
وما هى إلّا فرد كاف بلا مرا
إذا صحّ كاف الكيس فالكلّ حاصل
…
لديك «2» وكلّ الصيد يوجد فى الفرا
ولغيره فى المعنى:
[الوافر]
وكافات الشتاء تعدّ سبعا
…
وما لى طاقة بلقاء سبع
إذا ظفرت بكاف الكيس كفى
…
ظفرت بمفرد يأتى بجمع
وأمّا ما يشبه قول ابن سكّرة فكثير. من ذلك ما قاله ابن قزل:
[البسيط]
عجّل إلىّ فعندى سبعة كملت
…
وليس فيها من اللّذات إعواز
طار وطبل وطنبور وطاس طلا
…
وطفلة وطباهيج «3» وطنّاز «4»
قلت: لم يحك وفاته «1» الشنب. وأكثر الصّفدىّ فى المعنى فقال:
[البسيط]
إن قدّر الله لى بالعمر واجتمعت
…
سبع فما أنا فى اللّذات مغبون
قصر وقدر وقوّاد وقحبته
…
وقهوة وقناديل وقانون
وله أيضا:
[الطويل]
ثمانية إن يسمح الدهر لى بها
…
فمالى عليه بعد ذلك مطلوب
مقام ومشروب ومزج ومأكل
…
وملهى ومشموم ومال ومحبوب
وللّسراج «2» الورّاق فى هذا المعنى أيضا- وهو عندى أقربهم لقول ابن سكّرة-:
[البسيط]
عندى فديتك لذّات ثمانية
…
أنفى بها الحزن إن وافى وإن وردا
راح وروح وريحان وريق رشا
…
ورفرف ورياض ناعم وردا
ولغيره فى المعنى:
[البسيط]
إذا بلغت من الدّنيا ولذّتها
…
سبعا فإنّى فى اللذات سلطان
خمر وخود وخاتون وخاتمها
…
وخضرة وخلاعات وخلّان
وقد خرجنا عن المقصود فى الاستطراد فى معنى هذين البيتين. ولنعد لما نحن بصدده.
وفيها كانت مقتلة وزير العاضد الملك الصالح طلائع بن رزّيك الأرمنىّ أبى الغارات، أقام وزيرا سبع سنين. وقد تقدّم ذكر طلائع هذا فى ترجمة جماعة من خلفاء مصر: الحافظ والفائز والعاضد، وكيف كان قدومه إلى مصر وكيف قتل.
وكان ملكا جوادا ممدّحا شاعرا بليغا. ومن شعره من جملة أبيات، وكان قد خرج من الحمّام فقال:
[الخفيف]
نحن فى غفلة ونوّم وللمو
…
ت عيون يقظانة لا تنام
قد «1» دخلنا الحمّام عاما ودهرا
…
ليت شعرى متى يكون الحمام
فقتل بعد قوله بثلاثة أيام. ومن شعره أيضا إلى صديق له بالشام:
[البسيط]
أحباب قلبى إن شطّ المزار بكم
…
فأنتم فى صميم القلب سكّان
وإن رجعتم إلى الأوطان إنّ لكم
…
صدورنا عوض الأوطان أوطان
جاورتم غيرنا لمّا نأت بكم
…
دار وأنتم لنا بالودّ جيران
فكيف ننساكم يوما لبعدكم
…
عنا وأشخصكم للعين إنسان
وفيها توفّى القاضى الأعزّ أبو البركات بن أبى جرادة، أخو القاضى ثقة الملك الحسن بن علىّ بن أبى جرادة. كان أبو البركات هذا أمينا على خزانة الملك العادل نور الدين الشهيد، وكان فاضلا بليغا. كتب إلى أخيه بمصر قصيدة منها:
[الطويل]
أحباب قلبى والذين أودّهم
…
وأشتاقهم فى كلّ صبح وغيهب
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى الإشارة «2» ، قال: وفيها توفّى أبو حكيم إبراهيم بن دينار النّهروانىّ الحنبلىّ الزاهد. والملك الصالح طلائع بن رزّيك الأرمنىّ الرافضىّ.