الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 559]
السنة الرابعة من ولاية العاضد على مصر وهى سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
فيها توفّى الحسن بن محمد بن الحسن الشيخ أبو المعالى الوزكانىّ الفقيه الشافعىّ- ووركان: بلد بنواحى قاشان- كان إماما فى فنون العلوم، عاش نيّفا وثمانين سنة.
وفيها توفّى محمد «1» بن علىّ بن [أبى «2» ] المنصور الوزير أبو جعفر جمال الدين الأصبهانىّ وزير الأتابك زنكى وسيف الدين غازى وقطب الدين مودود، وكان هو الحاكم على الدولة. وكان بينه وبين زين الدين كوجك مصافاة وعهود ومواثيق.
وكانت الموصل فى أيامه ملجأ لكلّ ملهوف. ولم يكن فى زمانه من يضاهيه ولا يقاربه فى الجود والنّوال؛ وكان كثير الصّلات والصدقات، بنى مسجد الخيف بمنى وغرم عليه أموالا عظيمة، وجدّد الحجر إلى جانب الكعبة، وزخرف البيت بالذهب، وبنى أبواب الحرم وشيّدها ورفع أعتابها صيانة للحرم؛ وبنى المسجد الذي على عرفة والدرج الذي فيها، وأجرى الماء إلى عرفات، وعمل البرك والمصانع؛ وبنى على مدينة النّبيّ صلى الله عليه وسلم سورا، وكانت الأعراب تنهبها، وكان الخطيب يقول على المنبر: اللهمّ «3» صن من صان حرم حريم نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم. وكانت صدقاته تسير إلى المشرق والمغرب، رحمه الله تعالى.
وفيها توفّى أبو الفرج عبد الله بن أسعد بن علىّ بن عيسى الموصلىّ المعروف بابن الدهّان وبالحمصىّ أيضا، الفقيه الشافعى المنعوت بالمهذّب الشاعر المشهور.
كان فصيحا فقيها فاضلا أديبا شاعرا، غلب عليه الشعر واشتهر به، وله ديوان صغير وكلّه جيّد، ورحل البلاد ومدح بمصر الوزير الصالح طلائع بن رزّيك وغيره. ومن شعره فى غلام لسبته نحلة فى شفته:
[الرمل]
بأبى من لسبته نحلة
…
آلمت أكرم شىء وأجلّ
أثّرت لسبتها فى شفة
…
ما براها الله إلّا للقبل
حسبت أنّ بفيه بيتها
…
إذ رأت ريقته مثل العسل
ومن شعره أيضا:
[الكامل]
قالوا سلا، صدقوا، عن السّ
…
لّوان ليس عن الحبيب
قالوا فلم ترك الزيا
…
رة قلت من خوف الرقيب
قالوا فكيف يعيش مع
…
هذا فقلت من العجيب
الذين ذكرهم الذهبىّ [وفاتهم] فى هذه السنة، قال: فيها توفّى أبو سعد «1» عبد الوهاب بن الحسن الكرمانىّ آخر من روى عن ابن خلف وغيره. والسيد أبو الحسن علىّ بن حمزة العلوىّ الموسوىّ بهراة، وكان مسندها وله إحدى وتسعون سنة. وأبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الباغبان «2» .
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثمانى أذرع وثمانى أصابع. مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وعشر أصابع. وزاد بعد طلوع السّماك «3» بعدّة أيام.