الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها توفّى سعد بن علىّ بن محمد بن علىّ بن الحسين الحافظ أبو القاسم الزّنجانىّ «1» الصّوفىّ. ولد سنة ثمانين وثلثمائة، وطاف البلاد وسمع الكثير. وانقطع فى آخر عمره بمكّة وصار شيخ الحرم.
وفيها توفّى عبد القاهر بن عبد الرحمن أبو بكر الجرجانىّ النحوىّ اللغوىّ شيخ العربيّة فى زمانه. كان إماما بارعا مفتنّا. انتهت إليه رياسة النّحاة فى زمانه.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وسبع وعشرون «2» إصبعا. وفتح الخليج فى سابع عشرين مسرى والماء على ثمانى عشرة إصبعا من ست عشرة ذراعا. وكان الوفاء فى ثالث توت بعد ما توقّف ولم يزد إلى عاشر مسرى. وكان مبلغ الزيادة فى هذه السنة سبع عشرة ذراعا وعشرين إصبعا، ونقص فى خامس بابة.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 472]
السنة الخامسة والأربعون من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
فيها توفّى منصور «3» بن بهرام الأمير نظام الملك صاحب ميّافارقين من ديار بكر، وملك بعده ابنه ناصر الدولة.
وفيها توفّى هيّاج بن عبيد بن الحسين أبو محمد الحطّينىّ الزاهد- وحطّين: قرية غربىّ طبريّة. ويقال: إن قبر شعيب عليه السلام بها، وبنته صفوراء زوجة موسى عليه السلام أيضا بها. وحطّين بكسر الحاء المهملة وفتحها-. وكان هيّاج المذكور إماما زاهدا. سمع الحديث وبرع، وجاور بمكّة وصار فقيه الحرم ومفتى مكّة.
وكان يصوم يوما ويفطر يوما، ويأكل فى كلّ ثلاثة أيام مرّة، ويعتمر فى كلّ يوم ثلاث مرّات على قدميه. وأقام بالحرم «1» أربعين سنة لم يحدث فيه، وكان يخرج إلى الحلّ ويقضى حاجته. وكان يزور النّبيّ صلى الله عليه وسلم فى كلّ سنة ماشيا، وكان يزور عبد الله بن عبّاس فى كلّ سنة مرّة بالطائف؛ ويأكل أكلة بالطائف وأخرى بمكة، وما كان يدّخر شيئا، ولم يكن له غير ثوب واحد. وفيه قال بعضهم:
[الوفر]
أقول لمكّة ابتهجى وتيهى
…
على الدنيا بهيّاج الفقيه
إمام طلقّ الدنيا ثلاثا
…
فلا طمع لها من بعد فيه
وكان سبب موته أنّ بعض الرافضة شكا إلى صاحب مكّة محمد بن أبى هاشم، قال: إنّ أهل السّنة يستطيلون علينا بهيّاج، وكان صاحب مكّة المذكور رافضيا خبيثا، فأخذه وضربه ضربا عظيما على كبر سنّة، فبقى أيّاما ومات، وقد نيّف على الثمانين سنة، ودفن إلى جانب الفضيل بن عياض، رحمة الله عليهما. ولمّا مات قال بعض العلماء: لو ظفرت النصارى بهيّاج لما فعلوا فيه ما فعله به صاحب مكة هذا الخبيث!. قلت: وهم الآن على هذا المذهب سوى أنّ الله تعالى قمعهم بالدولة التركيّة ونصر أهل السنّة عليهم، وجعلهم رعايا ليس لهم بمكّة الآن غير مجرّد الاسم.