المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5 - التاريخ - تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف - جـ ٦

[شوقي ضيف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌الفصل الأوّلالسياسة والمجتمع

- ‌(ا) فتح العرب للشام

- ‌(ب) زمن الدولة الأموية

- ‌(ج) زمن الولاة العباسيين

- ‌(د) الطولونيون-القرامطة

- ‌1 - الطولونيون

- ‌2 - القرامطة

- ‌(هـ) الإخشيديون-الحمدانيون (سيف الدولة)

- ‌1 - الإخشيديون

- ‌2 - الفاطميون-بنو مرداس-السلاجقة-الصليبيون-آل زنكى (نور الدين)

- ‌(ا) الفاطميون

- ‌(ج) السلاجقة

- ‌(د) الصليبيون

- ‌3 - الأيوبيون (صلاح الدين) -المماليك-العثمانيون

- ‌(ب) المماليك

- ‌(ج) العثمانيون

- ‌4 - المجتمع

- ‌5 - التشيع: الإسماعلية والإمامية-النصيرية-الدروز-الإسماعيلية النزارية أو الفداوية أوالحشاشين

- ‌(ا) الإسماعلية والإمامية

- ‌(ب) النّصيريّة

- ‌(ج) الدروز

- ‌الفصل الثّانىالثقافة

- ‌1 - الحركة العلمية

- ‌2 - علوم الأوائل-علم الجغرافيا

- ‌(ا) علوم الأوائل

- ‌(ب) علم الجغرافيا

- ‌3 - علوم اللغة والنحو والنقد والبلاغة

- ‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

- ‌5 - التاريخ

- ‌الفصل الثالثنشاط الشعر والشعراء

- ‌1 - تعرب الشام

- ‌2 - كثرة الشعراء

- ‌3 - شعر دورى-رباعيات-موشحات-بديعيات-تعقيدات

- ‌(ا) الشعر الدورى

- ‌(ب) الرباعيات

- ‌(ج) الموشحات

- ‌ أيدمر المحيوى

- ‌(د) البديعيات

- ‌(هـ) التعقيدات

- ‌4 - شعراء المديح

- ‌ابن الخياط

- ‌ ابن القيسرانى

- ‌ ابن الساعاتى

- ‌ الشهاب محمود

- ‌5 - شعراء الفلسفة والحكمة

- ‌أبو العلاء المعرى

- ‌ منصور بن المسلم

- ‌6 - شعراء التشيع

- ‌كشاجم

- ‌ابن حيّوس

- ‌ بهاء الدين العاملى

- ‌الفصل الرّابعطوائف من الشعراء

- ‌1 - شعراء الغزل

- ‌ عبد المحسن الصورى

- ‌ ابن منير

- ‌ الشاب الظريف

- ‌ حسن البورينى

- ‌2 - شعراء الفخر والهجاء

- ‌عرقلة

- ‌ ابن عنين

- ‌ ابن النحاس

- ‌3 - شعراء المراثى والشكوى

- ‌ ابن سنان الخفاجى

- ‌الغزّىّ

- ‌ فتيان الشاغورى

- ‌ مصطفى البابى

- ‌4 - شعراء الطبيعة ومجالس اللهو

- ‌الوأواء الدمشقى

- ‌ مجير الدين بن تميم

- ‌ابن النقيب

- ‌[5 - ] شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية

- ‌ عبد العزيز الأنصارى

- ‌ محمد بن سوّار

- ‌ عبد الغنى النابلسى

- ‌6 - شعراء شعبيون

- ‌الفصل الخامسالنثر وكتابه

- ‌1 - الرسائل الديوانية

- ‌العماد الأصبهانى

- ‌الصّفدى

- ‌ابن حجّة الحموى

- ‌2 - الرسائل الشخصية

- ‌(ا) رسائل أبى العلاء

- ‌(ب) رسائل متنوعة

- ‌3 - المقامات

- ‌ابن الوردى

- ‌4 - المواعظ والابتهالات

- ‌(ج) خطبة القدس بعد فتحه لمحيى الدين بن الزكى

- ‌(د) كشف الأسرار عن حكم الطيور والأزهار

- ‌5 - أعمال أدبية: رسائل وغير رسائل:

- ‌(ج) كتاب الاعتبار

- ‌خاتمة

الفصل: ‌5 - التاريخ

بصفى (1) الدين بن الهندى المتوفى بدمشق سنة 715 لقيامه بنصرة المذهب الأشعرى، ويقول:

إنه كان من أعلم الناس بمذهبه وأدراهم بأسراره، ويذكر من تصانيفه فى نصرة المذهب كتابه «زبدة الكلام» ويذكر له بجواره كتابا فى الأصول هو «نهاية الوصول فى دراية الأصول» . .

وظلت نصرة الشافعية لمذهب الأشعرى على مدار السنين فى أيام المماليك والعثمانيين.

‌5 - التاريخ

نشطت دمشق والشام فى كتابة التاريخ بجميع صوره من السير المفردة وتاريخ المدن وتاريخ الدول أو دولة معينة والتراجم أو كتب الطبقات. ونبدأ حديثنا بالسير المفردة، وأولها سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الزكية، وأول شامى ندب نفسه للكتابة فيها أبو (2) زرعة عبد الرحمن بن عمرو شيخ الشام المتوفى سنة 282 وله بجانبها كتاب عن تاريخ الخلفاء الراشدين، سقط مثل السيرة النبوية من يد الزمن. وعنى بعض الشاميين بالكتابة فيها ولم تصلنا كتاباتهم، مثل السيرة النبوية لابن أبى طى المتوفى سنة 630. ونلتقى فى أيام العثمانيين بشمس الدين الدمشقى محمد (3) بن يوسف المتوفى سنة 942 وله سيرة نبوية تسمى السيرة الشامية جمعها من نحو 300 كتاب، وتعنى مصر بإخراجها الآن. وصنّف نور الدين الحلبى المولود بمصر السيرة الحلبية، ومر ذكرها فى حديثنا عن التاريخ بقسم مصر، وهى مطبوعة. ونلتقى بثلاث سير أو تراجم شخصية صور أصحابها فيها حياتهم، وأول ما يلقانا منها كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ المتوفى سنة 584 وهو يصور فيها حياة الشاميين وحملة الصليب لزمنه، نشرها فيليب حتى وكان قد نشرها قبله ديرنبورج. ولأبى شامة المقدسى المتوفى سنة 665 ترجمة شخصية بقلمه أودعها كتابه «ذيل الروضتين» وبالمثل لابن طولون الصالحى المذكور بين الجغرافيين المتوفى سنة 953 ترجمة شخصية بعنوان «الفلك المشحون فى أحوال محمد بن طولون» وهى مطبوعة بدمشق.

(1) راجع فى صفى الدين طبقات السبكى 9/ 162 والوافى بالوفيات 3/ 239 والدرر لابن حجر 4/ 132 ومرآة الجنان 4/ 272 والشذرات 6/ 37 والبدر الطالع 2/ 187

(2)

انظر فى أبى زرعة النجوم الزاهرة 3/ 87 وقارن بالجزء 1/ 128 وتاريخ ابن عساكر 7/ 274 وابن حجر فى التهذيب 2/ 55. وراجع بروكلمان 3/ 21

(3)

انظر فى شمس الدين الشذرات 8/ 249

ص: 111

وشغل صلاح الدين بسيرته المؤرخين، وأولهم العماد الأصبهانى وفيه ألف كتابه «البرق الشامى» ذكر فيه أخبار صلاح الدين وفتوحاته وأحداث الشام فى عهده، وهو فى سبع مجلدات. ويتصل بهذه السيرة كتابه «الفيح القسىّ فى الفتح القدسى» صوّر فيه فتح صلاح الدين للقدس تصويرا أدبيا بديعا. وصنّف بهاء (1) الدين بن شداد المتوفى سنة 632 سيرة لصلاح الدين بعنوان:«النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية» اعتمد فيها على السيرة الصلاحية لابن أبى طى. ولابن عنين الشاعر المتوفى سنة 630 سيرة (2) للملك العزيز سماها التاريخ العزيزى. وكتب أحد أولاد الناصر داود بن عيسى بن الملك العادل سيرة له باسم «الفوائد (3) الجلية فى الفرائد الناصرية» . وللنووى المذكور بين الفقهاء كتاب فى سيرة الإمام الشافعى، ولابن عربشاه (4) الدمشقى المتوفى سنة 854 سيرة مفصلة لتيمور لنك تعقب فيها مولده ونشأته وملكه ودولته ومن خلفوه حتى سنة 840 وسمى هذه السيرة «عجائب المقدور فى نوائب تيمور» مصورا إفساده فى الأرض وإهلاكه الحرث والنسل وما ارتكب من الفظائع، غير أنه كتبها بأسلوب مسجوع شديد التكلف، ونزل مصر بأخرة من عمره فى عهد السلطان جقمق وكتب سيرته بعنوان «التأليف الطاهر فى شيم الملك الظاهر» . ولبدر الدين العينى المار ذكره كتاب السيف المهند فى سيرة السلطان المؤيد، ولبدر الدين محمد (5) بن أبى بكر الدمشقى المتوفى سنة 874 سيرتان: سيرة لنور الدين، والسيرة الثانية للسلطان قايتباى. وله سير كثيرة فى العصر. ولابن طولون الذى ذكرناه آنفا بين الجغرافيين سيرة لابن العربى المتصوف. وصنف شمس الدين الدمشقى المار ذكره سيرة لأبى حنيفة، ومنها مخطوطة فى دار الكتب المصرية. ولمحمد بن يحيى الحنبلى سيرة صنفها عن عبد القادر الجبلانى المتصوف، وهى مطبوعة، ولمرعى (6) بن يوسف الكرمى المتوفى سنة 1033 سيرة صنفها فى مناقب ابن تيمية.

هذا بعض ما صادفنا من كتب السير المفردة، أما كتب تاريخ المدن فقد عرضنا طائفة منها فى

(1) راجع بهاء الدين فى ابن خلكان 7/ 84 والسبكى 8/ 360 وتاريخ ابن الوردى 2/ 160 وتذكرة الحفاظ 4/ 1459 وطبقات القراء 2/ 395 والبداية والنهاية 13/ 143 والمختصر لأبى الفدا 3/ 156 والنجوم الزاهرة 6/ 292 والشذرات 5/ 158

(2)

انظر كشف الظنون لحاجى خليفة (الطبعة الثانية) 298

(3)

بروكلمان (الطبعة العربية) 6/ 18

(4)

انظر مصادر ترجمة ابن عربشاه فى ص 829

(5)

راجع ترجمته فى الضوء اللامع 7/ 156

(6)

انظر فى مرعى الكرمى خلاصة الأثر 4/ 358

ص: 112

حديثنا عن علم الجغرافيا وخاصة ما اتصل منها بفضائل دمشق والشام وبيت المقدس، ونبسط الكلام فى كتابين ذكرناهما هناك، أما أولهما فتاريخ مدينة دمشق للإمام الحافظ ابن عساكر على بن الحسن المتوفى سنة 571 ويقال إنه فى ثمانين مجلدا بدأه بالحديث عن فضائل الشام وفتوحها وخططها ومساجدها وكنائسها ودورها ثم ترجم لكل من دخل دمشق والشام منذ الجاهلية إلى زمنه من الأنبياء والخلفاء والولاة والفقهاء والقضاة والعلماء من كل صنف والشعراء والكتاب. وهذّبه بحذف الأسانيد عبد القادر بن أحمد بن بدران، ونشر من تهذيبه سبعة «مجلدات» حتى ترجمة عبد الله بن سيار، وقلما يذكر فى المراجع باسم تهذيب تاريخ ابن عساكر، بل يقال مباشرة تاريخ ابن عساكر. والكتاب الثانى الذى سبق أن عرضنا له ونرى الوقوف عنده كتاب تاريخ مدينة دمشق لابن شداد، وهو يذكر خططها ثم يسهب فى ذكر الجامع الأموى وذكر مساجدها حتى زمنه، ويتحدث عن مزاراتها فى باطنها وظاهرها وخوانقها وربطها ومدارسها الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية وكنائسها ودياراتها وحماماتها وما مدحت به نثرا وشعرا، وهو بذلك تاريخ اجتماعى ثقافى حضارى. وقد عنى ابن شداد بحلب كما عنى بدمشق. ولعل أهم كتاب عنى بها قبله كتاب «بغية الطلب فى تاريخ حلب» لابن العديم (1) عمر بن أحمد المتوفى سنة 660 صنفه فى عشر مجلدات أرّخ فيها لعلمائها وأدبائها على الترتيب الأبجدى وجعل له تاريخا لحلب على السنين فى كتابه:«زبدة الحلب من تاريخ حلب» وصل به إلى نهاية أيام نور الدين محمود سنة 569 حققه ونشره الدكتور سامى الدهان بدمشق. ولابن خطيب (2) الناصرية على بن محمد المتوفى سنة 843 تتمة لبغية الطلب فى مجلدات سماها «الدر المنتخب فى تكملة تاريخ حلب» وأكمله محمد بن محمد بن الشحنة المتوفى سنة 890 وسمى تكملته «نزهة النواظر» . وعنى بكل ذلك أيام العثمانيين ابن (3) الحنبلى محمد بن إبراهيم الحلبى المتوفى سنة 971 وصنف كتابه «الزبد والضّرب (عسل النحل) فى تاريخ حلب» مع تكملته إلى سنة 951. ولمجير الدين العليمى المتوفى سنة 927 كتاب الأنيس الجليل فى تاريخ القدس والخليل مطبوع. ومن يرجع إلى كتاب «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ» سيجد بلدان الشام مع من كتبوا تاريخها تتعاقب، تذكر أولا حلب ثم حمص فالخليل فداريّا ضاحية لدمشق فدمشق فصفد فصور فطرابلس فعسقلان، ولا نبالغ إذا قلنا إنه لم تبق بلدة

(1) انظر فى ابن العديم معجم الأدباء 16/ 5 وفوات الوفيات 2/ 200 والشذرات 5/ 303 وتاج التراجم ص 48 ومقدمة الدكتور سامى الدهان لكتابه: زبدة الحلب

(2)

راجع ابن خطيب الناصرية فى الضوء اللامع ج 5 رقم 1016 والشذرات 7/ 247

(3)

انظر ابن الحنبلى فى الشذرات 8/ 665

ص: 113

فى الشام إلا تجرد عالم لكتابة تاريخها ومنها ما وصلنا ومنها ما لم يصلنا وضاع مع الأيام.

ونترك تاريخ البلدان إلى التاريخ العام، وأول ما يلقانا فيه ابن القلانسى حمزة (1) بن أسد المتوفى سنة 555 وله تاريخ للحوادث على السنين سماه تاريخ دمشق ذيّل به على كتاب التاريخ لهلال الصابى ابتدأ به كما يقول ياقوت من سنة 441 إلى حين وفاته سنة 555. وكان يعاصره العظيمى (2) الحلبى المتوفى بعد سنة 556، ولمحمد بن عمر بن شاهنشاه كتاب عن حماة وتاريخها وله أيضا تاريخ على السنين. وجاء بعدهما ابن أبى الدم (3) الحموى قاضى حماة المتوفى سنة 642 وله التاريخ المظفرى وهو تاريخ عام فى ستة مجلدات حتى سنة 627، وسبط ابن الجوزى الحنفى المولود ببغداد والمستوطن لدمشق منذ مطلع القرن السابع حتى وفاته سنة 654 وله كتاب مرآة الزمان فى تاريخ الأعيان بدأ به من أول الخليقة ورتبه منذ الهجرة النبوية على السنين حتى سنة وفاته، وفيه يذكر الحوادث ثم الوفيات فى كل سنة، وكان فى أربعين مجلدا، ونشر منه فى حيدر آباد قسمان من الجزء الثامن على نحو ما أوضحنا ذلك فى حديثنا عن المؤرخين بالعراق فى الجزء السالف. ولموسى (4) بن محمد اليونينى البعلبكى المتوفى سنة 726 مختصر للمرآة فى نحو النصف مع ذيل فى أربعة مجلدات يتناول أولها مصر وسوريا من سنة 658 إلى سنة 674. ويلقانا مؤرخ كبير هو أبو الفدا صاحب حماة المتوفى سنة 732 وقد ذكرناه بين الجغرافيين وله كتاب المختصر فى أخبار البشر، وزعه على قسمين: قسم عن الجاهلية والديانات والأنبياء وقسم عن الإسلام حتى سنة 729 وهو تاريخ نفيس ترجمه المستشرقون قديما إلى اللاتينية. وصنف عمر بن المظفر بن الوردى المتوفى سنة 749 تكملة له حتى أيامه سماها «تتمة المختصر» طبعت مثل أصلها مرارا.

ونلتقى بالذهبى (5) محمد بن أحمد المتوفى سنة 748 وله تاريخ الإسلام وطبقات مشاهير الأعلام فى 12 مجلدا رتبه على السنين جامعا فيه بين الأحداث والوفيات. ونقد السبكى تلميذه فى

(1) راجع فى ابن القلانسى تاريخ دمشق لابن عساكر 4/ 439 ومعجم الأدباء 10/ 278 والنجوم الزاهرة 5/ 332 والشذرات 4/ 174

(2)

انظر فى العظيمى بروكلمان (الترجمة العربية) 6/ 131

(3)

راجع فى ابن أبى الدم: السبكى 8/ 115 وتاريخ ابن الوردى 2/ 175 والشذرات 5/ 213 والمختصر لأبى الفدا 3/ 182

(4)

راجع موسى فى الدرر 5/ 153 والشذرات 6/ 73 والبداية والنهاية 14/ 126

(5)

انظر فى الذهبى الدرر 3/ 426 ونكت الهميان 241 وفوات الوفيات 2/ 370 والبداية والنهاية 14/ 225 وتاريخ ابن الوردى 2/ 349 وطبقات القرّاء 2/ 71 ومرآة الجنان 4/ 331 والسبكى 9/ 100 والوافى بالوفيات 2/ 163 والنجوم الزاهرة 10/ 182 والشذرات 6/ 153 والبدر الطالع 2/ 110

ص: 114

طبقاته موقفه من الأشعرية، وأنه لم يقف على الحياد فى عرضه لهم وللصوفية أيضا. وكان الحنابلة يخاصمون الطائفتين ولذلك يصبّ عليهم جميعا جام غضبه، إذ كان حنبليا متعصبا لأصحاب مذهبه، حتى ليقول السبكى أنه كان إذا ترجم واحدا من الحنابلة يطنب فى وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن، وإذا ترجم أحدا من الأشعرية كإمام الحرمين الجوينى والغزالى وأمثالهما لا يبالغ فى وصفه ويكثر من قول من طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه (1). وكان ينبغى أن يكون منصفا فى تاريخه وتراجمه فيه بريئا من العصبية فى المذهب، ويقول السبكى:«هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجّل فما بالك بعوامّ المؤرخين» . وللذهبى تاريخ عام فى مجلدين، وهو مختصر لتاريخه الكبير، رتبه على السنوات وذكر فيه الأحداث والوفيات، سماه «العبر فى خبر من غبر» وذكره يتردد فى الهوامش.

وكان يعاصر الذهبى أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادار صاحب صرخد، وله كنز الدرر وجامع الغرر، ألفه للناصر بن قلاوون وهو فى تسعة أجزاء أولها فى بدء الخلق وثانيها فى الأمم القديمة وثالثها فى السيرة النبوية والخلفاء الراشدين، والرابع فى الدولة الأموية، والخامس فى الدولة العباسية، والسادس فى الدولة الفاطمية، والسابع فى الدولة الأيوبية، والثامن فى دولة المماليك البحرية، والتاسع فى دولة الناصر بن قلاوون، منه نسخة بدار الكتب المصرية وهو كتاب نفيس جدير بالنشر. ونلتقى بابن كثير الذى مر ذكره بين المفسرين المتوفى سنة 774 وله البداية والنهاية، وهو فى التاريخ العام، عنى فيه بالسيرة النبوية مميزا بين الوثيق والمتهم فى الأخبار، ومضى فيه يجمع بين الأحداث والوفيات على مر السنين حتى سنة 767 للهجرة. وجاء بعده زين الدين بن الشحنة (2) الحلبى المتوفى سنة 815 وله فى التاريخ العام «روض المناظر فى علم الأوائل والأواخر» انتهى فيه إلى سنة 807 وهو مجلد واحد طبع قديما على هامش الكامل لابن الأثير. ونلتقى بعده ببدر الدين العينى الذى مر ذكره بين المحدثين المتوفى سنة 855 نشأ بحلب وتفقه على أبيه وكان قاضيا حنيفا وعلى غيره من فقهاء حلب الأحناف، واختلف إلى شيوخ دمشق وبيت المقدس والقاهرة، وتقلد مناصب مختلفة فى القاهرة ودمشق منها الحسبة وقضاء الحنفية، وله عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان، وهو تاريخ عام من بدء الخليقة حتى سنة 850.

(1) انظر السبكى 2/ 13 وما بعدها

(2)

راجع فى ابن الشحنة الضوء اللامع 10/ 3 والشذرات 7/ 113 والبدر الطالع 1/ 269

ص: 115

وممن نلتقى بهم فى أيام العثمانيين الجنابى مصطفى (1) بن حسن المتوفى سنة 999 وله فى أحوال الأوائل والأواخر تاريخ حافل يعرف بتاريخ الجنابى يؤرخ فيه لثلاث وعشرين دولة إسلامية فى مجلدين حتى سنة 997 قال صاحب كشف الظنون لم أر كتابا جامعا لدول العالم مثله. وكان يعاصره القرمانى (2) أحمد بن سنان الدمشقى المتوفى سنة 1019 وله أيضا تاريخ عام للدول الإسلامية سماه: «أخبار الدول وآثار الأول» طبع قديما ببغداد فى 500 صفحة.

وبجانب هذه الكتب التاريخية الكثيرة فى التاريخ العام صنف مؤرخو الشام كتبا فرعية خاصة ببعض الدول، من ذلك:«نصرة الفطرة وعصرة القطرة» للعماد الأصبهانى، وهو تاريخ للسلاجقة وأتابكتهم ووزرائهم، اختصره الفتح البندارى سنة 623 بكتابه «زبدة النصرة ونخبة العصرة» طبع فى القاهرة باسم تاريخ دولة آل سلجوق. ونلتقى بأبى شامة (3) الحافظ المقرئ المؤرخ المقدسى الشافعى عبد الرحمن بن إسماعيل المتوفى سنة 665 وله كتاب الروضتين فى أخبار الدولتين: دولة نور الدين ودولة صلاح الدين فى وصف معاركهما وانتصاراتهما الكثيرة على حملة الصليب، وعادة يسرد المعركة، ثم يعرض لوحاتها الشعرية البديعة التى تصور مجد العرب الحربى تصويرا رائعا، وكيف كان هذا البطلان: نور الدين وصلاح الدين يسحقان الصليبيين سحقا ذريعا لا يكاد يبقى منهم ولا يذر. وكتب للروضتين ذيلا من سنة 590 إلى سنة 665. وكتب البرزالى (4) القاسم بن محمد المتوفى سنة 739 صلة لتاريخ أبى شامة باسم «المقتفى لتاريخ أبى شامة انتهى به إلى سنة 738 وذيّله تلميذه الحافظ مدرس النورية تقى الدين محمد (5) بن رافع المتوفى سنة 774 فى كتاب سماه الوفيات حتى سنة 774 ومنه مخطوطه بدار الكتب المصرية. ونلتقى بابن (6) واصل محمد بن سالم المتوفى سنة 697 وله «مفرج الكروب فى أخبار بنى أيوب» نشره

(1) انظر فى الجنابى دائرة المعارف الإسلامية. وفى معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية مصورتان من كتابه

(2)

راجع فى القرمانى خلاصة الأثر 1/ 209

(3)

انظر فى أبى شامة ترجمة شخصية بقلمه فى ذيل الروضتين ص 37 والسبكى 8/ 165 وتذكرة الحفاظ 4/ 1460 وفوات الوفيات 1/ 527 والبداية والنهاية 13/ 250 وذيل مرآة الزمان 2/ 367 وطبقات القراء 1/ 366 والشذرات 5/ 318

(4)

راجع فى البرزالى السبكى 10/ 381 وتذكرة الحفاظ 4/ 1501 والدرر 3/ 321 وفوات الوفيات 2/ 262 والشذرات 6/ 122 والنجوم الزاهرة 9/ 319 والبدر الطالع 2/ 51

(5)

انظر فى ابن رافع الدرر 4/ 59 والشذرات 6/ 234

(6)

راجع فى ابن واصل نكت الهميان للصفدى ص 250 والشذرات 5/ 438 ومقدمة كتابه مفرج الكروب وخطط الشام لكرد على 4/ 44 وله تجريد الأغانى لأبى الفرج جرده من أسانيده، ونشر فى القاهرة

ص: 116

الدكتور جمال الدين الشيال فى ثلاثة أجزاء. وصنف ابن حبيب الحلبى بدر الدين الحسن بن عمر المتوفى سنة 779 فى تاريخ المماليك حتى أيامه كتابه «درة الأسلاك فى دولة الأتراك» ابتدأ به من سنة 648 حتى سنة 777 وأتمه ابنه طاهر إلى سنة 802. ولابن حبيب كتاب فى تاريخ أسرة قلاوون وأبنائه سلاطين مصر. ولمرعى الكرمى السابق ذكره أيام العثمانيين نزهة الناظرين فى تاريخ من ولى مصر من الخلفاء والسلاطين.

ونلتقى بكثيرين من كتّاب التراجم والطبقات، ومنهم كتاب عامّون لم يخصوا قطرا عربيا بعينه ولا طائفة من الطوائف بعينها، نذكر منهم الذهبى فى كتابه سير أعلام النبلاء ويقع فى نحو خمسة عشر مجلدا، نشر معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بعض أجزائه. ومنهم ابن (1) شاكر الكتبى الحلبى المتوفى سنة 764 وله كتاب فوات الوفيات يقصد كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان، وكأنه تكملة لما فاته، وبه أكثر من ثمانمائة ترجمة لعلماء من كل صنف ولكتّاب وشعراء وصوفية وحكّام. وكان يعاصره الصفدى خليل بن أيبك المتوفى أيضا سنة 764 وسنلم به فى حديثنا عن النثر، وهو أهم من أنجبتهم الشام فى كتابة التراجم، وله فيها كتابه الضخم الوافى بالوفيات ويدخل فى نحو ثلاثين مجلدا نشرت منها طائفة. وله بجانبه «نكت الهميان فى نكت العميان» فى تراجم من فقدوا بصرهم من مشاهير الأكفّاء فى العالم العربى على توالى الحقب، وأيضا «أعيان العصر وأعوان النصر» فى مشاهير معاصريه فى نحو تسعة مجلدات، وهو حرى بالنشر. ويعنى نجم (2) الدين الغزى المتوفى سنة 1016 بتراجم القرن العاشر ويؤلف فيها كتابه الكواكب السائرة، وعنيت جامعة بيروت الأمريكية بنشره، ويصنف المحبى (3) محمد أمين المتوفى سنة 1111 للهجرة كتابه:«خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر» كما يصنف المرادى (4) محمد خليل المتوفى سنة 1206 كتابه: «سلك الدرر فى أعيان القرن الثانى عشر» .

ويؤلف العماد الاصبهانى كتابه «خريدة القصر وجريدة العصر» وهو كتاب تراجم لشعراء العالم العربى فى القرن السادس الهجرى حتى نحو سنة 570 وهم موزعون على أقطارهم من إيران إلى الأندلس، نشرت منه أقسام مصر والشام والأندلس والمغرب ونشرت أجزاء العراق. وصنّفت بعد العماد فى الشام كتب عن الشعراء مثل طبقات الشعراء لمحمد (5) بن عمر بن شاهنشاه

(1) انظر فى ابن شاكر البداية والنهاية 14/ 303 والدرر 4/ 71 والشذرات 6/ 203

(2)

راجع فى الغزى خلاصة الأثر 1/ 135 ومقدمة الجزء الأول من الكواكب السائرة

(3)

انظر فى المحبى سلك الدرر 4/ 86

(4)

راجع فى المرادى تاريخ الجبرتى 2/ 233

(5)

انظر مختصر المرآة لسبط ابن الجوزى: 401

ص: 117

صاحب حماة المتوفى سنة 617 وكان فى عشر مجلدات، سقط هو وغيره مما يماثله من أيدى الزمن.

ومما وصلنا نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة للمحبى المذكور فى بيان محاسن الشعراء بدمشق وحلب والعراق واليمن والحجاز ومصر والمغرب وبلاد الروم، طبع فى مجلدين كبيرين.

واهتم الأطباء بصنع كتب تحمل تراجمهم، وشاركت الشام فى هذا العمل عن طريق ابن أبى أصيبعة الذى مر ذكره بين الأطباء فألف كتابه «طبقات الأطباء» استقصاهم حتى زمن وفاته، وهو أوسع كتب الأطباء تفصيلا لحياتهم وأعمالهم. وتعنى الشام بكتب الرجال من رواة الحديث، ويصنف عبد الغنى الجمّاعيلى-كما مر بنا-كتاب «الكمال فى معرفة أسماء الرجال» عن رواة الحديث النبوى فى كتب الصحاح الستة. وأضاف إليه المزى المار ذكره بين المحدثين تكملات وتصحيحات بعنوان تهذيب الكمال فى اثنى عشر مجلدا، وللنووى كتاب فى رجال صحيحى البخارى ومسلم باسم رياض الصالحين فى ذكر رجال الصحيحين. وعنى الذهبى باختصار هذا التهذيب وإحسان ترتيبه وإضافة زيادات إليه، وسمى كتابه «تذهيب تهذيب الكمال» فى خمسة مجلدات. وللذهبى كتاب المشتبه فى الأسماء والأنساب خصه بتراجم الأسماء المتشابهة فى رواة الحديث وغيره. وللذهبى أيضا ميزان الاعتدال فى نقد الرجال أى رواة الحديث النبوى رتبه على حروف المعجم وهو مطبوع فى ثلاثة مجلدات، .

وللذهبى كتابان فى حفاظ الحديث النبوى وعلمائه: كبير هو تذكرة الحفاظ فى أربعة مجلدات ومختصر منها هو طبقات الحفاظ. واختصر السيوطى الأخير مع تكملات وأبقى لصنيعه الاسم، والكتب الثلاثة مطبوعة. وللذهبى كتاب فى طبقات القراء لم يكتب له الذيوع إنما كتب لغاية النهاية فى طبقات القراء لابن الجزرى المذكور بين القراء المتوفى سنة 833، وكتابه يتردد فى الهوامش باسم طبقات القراء. ووضعت للقضاة كتب مختلفة من أهمها قضاة دمشق لابن طولون المذكور بين الجغرافيين المتوفى سنة 953 وهو مطبوع. وللفقهاء كتب كثيرة فى رجالهم وطبقاتهم، وقد صنّف كثير من الكتب عنهم على اختلاف مذاهبهم، فللأحناف كتبهم وكذلك للشافعية والحنابلة، أما المالكية فلم يصادفنى كتاب شامى عن فقهائهم، ولعل فى هذا ما يدل على أنهم ظلوا فى الشام قليلين. وكثر التأليف فى الحنفية بأخرة من العصر، فلابن طولون السابق ذكره كتاب الغرف العلية فى متأخرى الحنفية».

وللحنفية كتب فى طبقاتهم كانت متداولة ومشهورة مثل الجواهر المضيّة فى طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبى الوفا وتاج التراجم لابن قطلوبغا. وكان التأليف كثيرا فى طبقات الشافعية،

ص: 118

ولابن الصلاح المار ذكره بين المحدثين كتاب كبير فيها اختصره النووى ورتبه على حروف المعجم وممن اشتهر كتابه فى تلك الطبقات السبكى وكتابه مذكور مرارا وتكرارا فى الهوامش. وكتاب ابن (1) قاضى شهبة الدمشقى المتوفى سنة 851 ترجم فيه لأعلام الشافعية حتى سنة 840 وهو مطبوع. ونشط الحنابلة فى كتابة تراجم فقهائهم ولابن رجب (2) الدمشقى الحنبلى المتوفى سنة 795 كتاب الذيل على طبقات الحنابلة لابن أبى يعلى المتوفى سنة 526 وهو مطبوع فى مجلدين.

ولمحمد (3) بن عبد القادر النابلسى المتوفى سنة 797 مختصر للطبقات مطبوع، ونختم كلامنا فى هذا الفصل بالاشارة إلى كتاب الدارس فى تاريخ المدارس للنعيمى (4) المتوفى سنة 927 وهو يصور الحركة بل النهضة العلمية التى ظلت أضواؤها تشع فى الشام، حتى مع ما غشيها من سحب العثمانيين.

(1) راجع فى ابن قاضى شهبة الضوء اللامع ج 11 رقم 61 والشذرات 7/ 269 والبدر الطالع 1/ 164

(2)

انظر فى ابن رجب ذيل طبقات الحفاظ ص 367 والدرر لابن حجر 2/ 428 وشذرات الذهب 6/ 339 ومقدمة الدكتور سامى الدهان لطبعة الذيل بدمشق

(3)

راجع محمد بن عبد القادر فى الدرر لابن حجر 4/ 138 وبروكلمان (الترجمة العربية) 6/ 39

(4)

انظر النعيمى عبد القادر بن محمد فى الكواكب السائرة 1/ 250 والشذرات 8/ 153

ص: 119