الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
أسأل الله عوناً على حَمده الفَرض، وصوناً من الرَّفض، لِما يُثمر مُضاعف القَرض، ومحمداً أُصلِّي عليه وعلى آله وصحبه الذين أشبهوا نُجوم السماء في الأرض، صلاةً تُدخلني في زمرة الجنة إذا أُخرجَ بَعث النار يوم العَرض.
وبعد، فهذا اقتضاب من بارع الأشعار، بل يانع الأزهار، قصرتُه على أهل الأندلس بلدي، وحصرتُه إلى من سبق وفاتَه منهم مولدي. ثمَّ ألحقتُ بهم أفراداً لحقهم شيوخُ ذلك الأوان، لأُضاهي " أنموذج " أبي عليّ ابن رَشيق، في شُعراء القيروان؛ وأضفت إلى هؤلاء، الطارئين على الجزيرة من الغُرباء، وربأتُ به عمَّا تضمنتْه تصانيف السابقين من الأُدباء؛ ليكون بريعانه وضَيعته، أبعدَ من خُسرانه وضَيعته؛ فجئتُ بجواهر لم يُبتذل مَصونها، وبأزاهر لم تُهتصر غُصونها؛ مسارعاً إلى ما لهم من أبيات سائرة، وآيات سافرة، وشارعاً في تكميل عددهم مائة شاعر وشاعرة؛ وجعلته باكورة ما بين يديّ في هذا الفن، والله المستعان ذو الطَّوْل والمَنّ.
ولما عارضت به " زاد المسافر " سمَّيته " تحفة القادم " وحميتُه أسجاع الناثر، اكتفاء بقوافي الناظم؛ ناسياً مَن ذَكره في ترجمةٍ أبو بحر ابن إدريس جامعه، وآتياً من روائع البديع ما يهتزّ له مُبصره وسامعه، كتشبيه لابن المُعتز فاضح، وتَشبيب إزراؤه بالرَّضِيّ واضح، أعيا الأول وله السبقُ يوم الرِّهان، وأنسى الثاني ليلةَ السَّفح وظَبية البان؛ إلى فنونٍ ذواتِ فُتون من الآداب، ساحرةٍ للألباب، وساخرةٍ من الكَلِمِ اللُّباب.
وهذا أوانُ الشُّروع في المُراد، بهذا المجموع أبدأ: فالأول في الزمان، وربما قدّمت الأكبر بالمكان، إلا أن يعرض من النِّسيان، ما هو مُوكَّل بالإنسان.