الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبدري
أبو الأصبغ عيسى بن محمد العَبدريّ، المعروف بابن الواعظ، من أهل المرية سكن أَلشْ من أعمال مُرسية، وأنشدني أبو الربيع ابن سالم، قال: أنشدني أبو القاسم ابن الحذاء المُرسي، قال: أنشدنا أبو الأصبغ عيسى بن محمد بن عبد الله بن الواعظ العَبدريّ لنفسه في سُكناه بأَلش، وكان أصله من المرية:
عَدِمتُ بإخمالي وجوهاً من الإنْس
…
فها أنا في الأيَّام مُستوحشُ النَّفسِ
برئتُ زماناً من حوادثَ أمرضتْ
…
وأَلشُ لَعمري أسلمتْني إلى النُّكس
أقمتُ بها كالسَّيفِ لازمَ جَفنَه
…
وإن كنتُ حيّاً مثلَ مَن دُسَّ في رَمْس
فإنِّي بآدابي أتيتُ جزيرةً
…
فعُوقبتُ منها بالإقامةِ في حَبسِ
وهل وحشةُ الإنسانِ إلَاّ بمثلها
…
فَصِيح لسانٍ بين ألسنةٍ خُرْس
شَرَوْني رَخيصاً ليس يَدْرون قيمتي
…
وقد تُشْتَرى الأعلاقُ بالثَّمنِ البَخسِ
ومن شعره مما ذكره عنه أبو عبد الله ابن عيّاد في مشيخة أبيه أبي عمر:
إن قيل في الصَّيف رَيحانٌ وفاكهةٌ
…
فالأرضُ مُغبرَّة والجوُّ مَحْرورُ
وإن يكُن في الخريفِ النخلُ مُختَرَفاً
…
فالأرضُ مُربدَّةٌ والجوُّ مأسور
وإن يكُن في الشِّتاء الغيثُ مُنسكباً
…
فالأرضُ مُبتلَّةٌ والجوُّ مَقْرور
ما الدَّهر إلَاّ الرَّبيع المُستنير إذا
…
أتى الرَّبيعُ أتاكَ النَّوْرُ والنُّورُ
الأرضُ سُندسةٌ والجوُّ لُؤْلُؤَةٌ
…
والنَّورُ فَيروزجٌ والماءُ بلّور
مَن شمَّ ريحَ تحيَّاتِ الرِّياضِ يَقُلْ
…
لا المسكُ مسكٌ ولا الكافورُ كافور
وكتب أبو بكر مالك ابن حِمير من أهل أَرْيُولة إلى أبي الأصبغ هذا:
رحلتُ وإنَّني من غير زادِ
…
وما قدَّمتُ شيئاً للمَعادِ
ولكنّي وثقتُ بجُودِ ربِّي
…
وهل يَشقَى المُقِلُّ مع الجَوادِ
فقال في معناه:
رحلتُ بغير زادٍ للمَعادِ
…
ولكنَّني نزلتُ على جوادِ
ومَن يرحلْ إلى مولًى كريمٍ
…
فما يحتاجُ في سَفَرٍ لزادِ
ولابن شرف في هذا المعنى، وأنشدناه أبو الرَّبيع عن أبي عبد الله:
رحلتُ وكنتُ ما أعددتُ زاداً
…
ولا قصَّرتُ في قُوتِ المُقيمِ
فها أنا ذا رحلتُ بغير زادٍ
…
ولكنَّني نزلتُ على كريمِ
وذكرتُ أبيات المُصنفي في هذا المعنى:
قالتْ ليَ النَّفسُ أتاكَ الرَّدى
…
وأنتَ في بحرِ الخَطايا مُقيمْ
وما ادّخرتَ الزّادَ قلتُ اقصري
…
هل يُحملُ الزادُ لدارِ الكريمْ
واخَجْلتا منه إذ جئتُه
…
والعبدُ مطلوبٌ بدَينٍ قديمْ
وما أرى يطلبُني قد دَرى
…
أنِّيَ محتاجٌ إليه عَديمْ
ولستُ محتاجاً إلى شاهدٍ
…
لأنَّ مولايَ بحالي عليمْ
وحكمه القِسْطُ ولا يَقتضي
…
هلاكَ مِدْيانٍ بمال الغَريمْ
هي من آخر كلامه، متصلة بمَشهد حِمَامه.
وقد نظم الرئيسُ رحمه الله صاحب مَنُورقة، أبو عثمان سعيد بن حكم القُرشي، في هذا المعنى:
يا رَبِّ إنِّي راحلٌ والزادُ ما
…
عنديَ منه للرَّحيلِ عَتادُ
والوقتُ عنه ضَيِّق ولديك ما
…
يَسَعُ الوَرَى لهُمُ وأنت جَوادُ
وله أيضاً:
حان قُدومي على القديمِ
…
ويَحسُن الظنُّ بالكريمِ
إن كانَ ذَنبي عظيماً اضحى
…
فأين منه عَفْوُ العظيمِ
حَسْبِيَ أنِّي أَرجو لديه
…
فضلَ غنيٍّ على عَديم
أفسد في صدر البيت الثاني والثالث من حيث الوزن، وقد وقع فيه جمهور من الشعراء.
قال ابن عيّاد: ومن شعره ما كتبه لأبي بخطّه ونقلتُه منه:
لا تَصحبِ السُّلطانَ في حالةٍ
…
صاحبُه ليثَ الشَّرى يَركبُ
يهابُهُ النَّاسُ لمركوبِهِ
…
وهْوَ لما يركبُهُ أهيبُ