الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن صاحب الصّلاة
أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فُتُوحٍ، الحضرمي الأستاذ الدّاني النحوي المعروف بعَبْدون وبابن صاحب الصّلاة. أقرأ النحو بشاطبة زماناً، وأدّب بني صاحب بلنسية، وكان مبرّزاً في العربية مشاركاً في الفقه ويقول الشعر، وفيه تواضع وطيبة أخلاق. توفي ببلنسية مستهل رجب سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وأخذ عنه جلّة منهم أبو جعفر الذهبي، وأبو الحسن ابن حريق وأبو محمد ابن نَصْرون، وأبو الرَّبيع ابن سالم، ومن شعره في ابن سعدٍ وقد كبتْ به البغلة:
إن تكبُ في السَّير بنتُ العَيْرِ بالملكِ
…
فليس يُدركها في ذاك مِنْ دَرَكِ
عُذرُ الملومة فيها أنَّها حملتْ
…
ما ليس يحْمل غير الأرضِ والفلكِ
الدَّهرَ والبحرَ والطَّودَ الأشمَّ ذرًى
…
والبدرَ بدر الدّجى والشَّمسَ في الحلكِ
وهذا مأخوذ من قول ابن المعتزّ في رئيس سقط عن بغل:
لا ذنبَ عنديَ لابنِ العَيْرِ يومَ وَهَتْ
…
قواهُ من خوَرٍ فيها ومن لينِ
حمَّلتُموه سوى ما كانَ يَحْله
…
فُرْهُ البغال وأصنافُ البَراذينِ
الشَّمسَ والبدرَ والطَّودَ المنيفَ ولي
…
ثَ الغابِ والبحرَ والدُّنيا مع الدينِ
وللشعراء في هذا أبيات نادرة، وهو من تحسين القبيح، منها قول أبو بكر ابن مُجْبَرٍ:
لا ذنبَ للطِّرْفِ إن زلَّتْ قوائمُهُ
…
وهضْبةُ الحلم إبراهيمُ يُجريها
وكيف يحملُهُ طِرفٌ وخردلةٌ
…
من حِلمِهِ تزنُ الدُّنيا وما فيها
وله أيضاً:
ألا اصفحْ عن الطِّرف الَّذي زلَّ إذ جرى
…
أيثبتُ طِرفٌ فوقَه النَّاسُ والدَّهرُ
تداخَلَه كبرٌ لئنْ كنتَ فوقه
…
فتلك لعَمْري زلَّةٌ جرَّها الكبْرُ
ثبتَّ عليه حين زلَّ رَجاحةً
…
أيخرج عن أثناء هالته البدرُ
ولم يدْر هل أمسكْتَهُ أو ركضتَهُ
…
وللعُجْبِ سُكْرٌ ليس يعدله سُكْرُ
ومن شعر عبدون أيضاً:
يا مَن مُحيَّاهُ جنَّاتٌ مفتَّحةٌ
…
وهجْره ليَ ذنبٌ غيرُ مغفورِ
لقد تناقضتَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ
…
تناقض النَّارِ بالتَّدخين والنّورِ
ومنه ما ألغزهُ في باكورة تين:
وما شيءٌ نماهُ العودُ حتَّى
…
تناهَى بالنَّماءِ إلى الصّلاحِ
تَكَفّلهُ الهواءُ بدَرّ سَكْرى
…
من الأنواء صيّبةٍ رداحِ
طَلَتْهُ الشَّمس مسكاً ثمَّ خطَّتْ
…
بكافورٍ عليه يدُ الرِّياحِ
خُطوطاً بالبياض على سوادٍ
…
كما خطَّ الدّجى ضَوْء الصَّباحِ
ولعبدون في رحلته عن شاطبة إلى بلنسية - وكان الرئيس أبو الحجاج يوسف بن سعد هو الَّذي نقلها منها واستأدبه لبنيه لما كان عليه من التصاون والعدالة، وأباح له الإقراء، فكان يعلمهم العربية بالقصر فإذا انفصل عنهم
علَّم النَّاس أيضاً بمسجد رحبة القاضي من بلنسية، إلى أن توفي في التاريخ المتقدم ذكره:
سأرحل عن دارٍ نَبَتْ بي ولم يقمْ
…
بها أحدٌ بي حين أقعدني الدَّهرُ
ففي النَّاس صحبٌ إن جفانيَ صاحبٌ
…
وفي الأرض قطرٌ حافلٌ إن نبا قطر
ألم ترَ أنَّ الماءَ بالجري أزرق
…
وبالمكث في مستنقع الماء مصفرّ
ورحلةُ أهلِ الفضلِ عن أهل بلدة
…
شهيدٌ بنقص فيهمُ ولها خسر
وشرُّ بلاد اللهِ ما لم يكن بها
…
معينٌ على أن لا يستقرَّ بها الحرّ
وقال:
وعجَّلَ شيبي أن ذا الفضل مبتلى
…
بدهرٍ غدا ذو النقصِ فيه مؤمَّلا
ومن نكدِ الدُّنيا علي الحرِّ أن يرى
…
بها الحرَّ يشقَى واللئيمَ ممولا
متى ينعمُ المعترُّ عيناً إذا اعتفى
…
جواداً مُقِلاً أو غنياً مبخَّلا