الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن سكن
أبو بكر بن سَكَن: من أهلِ شِلْب، لم أقف على اسمه؛ له من قصيدة يمدح:
أخجلتَ الشَّمسَ لدى الحَمَلِ
…
وَسَمَتْ قَدماك على زُحَلِ
وكسفتَ الشُّهْبَ بنيِّرةٍ
…
من شهبِ ظُباً بذُرى الأَسل
أحرقتَ عُداتكَ إذ مَردوا
…
من لمعِ شِفارِكَ بالشُّعَل
سجدتْ في الأرضِ رُءوسهمُ
…
بظُبا الأسيافِ على عجلِ
لزموا تقبيلَ الأثلَبِ إذ
…
أخْلَوْا يُمناك من القُبَلِ
كُحِلْتَ بمراوِدِ سُمْركمُ
…
حَلَقُ الماذيَّةِ كالمقلِ
وجنتْ راحاتُ بنُودِكُمُ
…
لحَفيظتكم ثَمَر القُلَل
قَبضت بأناملَ من عَذَبٍ
…
وسَطَتْ بشَبا ظُفُرٍ عَصِل
ولا أحسن إشارة، ولا أبين عبارة، لمن أراد الكلام على هذه العروض من قول شيخنا أبي الحسن علي بن محمد بن حريق في قصيدة فريدة أنشدنيها وقرأتها عليه، وكان ممدوحه بها قد قال له، لما علم أنَّه
ما استعمل في ذلك مِقْوَلَة:
خُذ في الأشعار على الخَبَب
…
فقصُورك عنه من العَجِب
هذا وبنُو الآداب قضَوْا
…
لك بالعلْياءِ من الرُّتب
فقال:
أَبُعَيْدَ الشَّيبِ هوًى وصِبَا
…
كلا لا لهوَ ولا لَعبَا
ومنها:
ذَرَتِ السِّتون بُرادَتها
…
في مسكِ عِذارِك فاشتهبَا
فخُذن في شُكرِ الكَبرةِ ما
…
جاءَ الإصباحُ وما ذَهَبا
فيها أحرزت مَعارف ما
…
أبليتَ لجدّته الحِقَبا
والخمرُ إذا عَتِقت وُصفت
…
أغلى ثمناً منها عِنَبا
وبقيّة عمرِ المرءِ له
…
إن كانَ بها طبّاً دَرِبا
يَبني فيها بإنابته
…
ما هدَّمه أيامَ صِبا
ويُنبّه عَين تُقًى هَجعت
…
ويُعمِّر بيتَ حِجًى خَربا
ويُحبِّر فيها الشِّعر على
…
وزنٍ هَزِج يُدعَى الخَببا
وَحْشٍ في العُرب منازلُهُ
…
مجهولِ الأصلِ إذا نُسبا
سَهل التقطيع ولكنْ لم
…
يُنْطِقْ باريكَ به العَربا
نَكِرتْه فلم يَضربْ وَتِداً
…
في الحيِّ ولم يَمدُد سَببا
وقلت أنا من قصيدة أمدح فيها الأمير أبا زكريا:
قامتْ بالحقِّ خلافتُه
…
يتقلَّدُهُ ويُقلِّدُه
وأتى والدينُ إلى تَلَفٍ
…
فتَلافَى الدينَ يُجدِّده
ما أَوقده العُدوان غدا
…
يُطفيه العدلُ ويُخمده
وكأنَّ عِداه وصارمَه
…
ليلٌ والصُّبحُ يُبدِّده
قُبضتْ أيدي الكُفَّارِ به
…
لما بُسطت فيهم يدُه
ولابن سكن في حَبّ المُلوك وأحسنَ ما شاء:
ودَوحٍ تَهَدَّلَ أغصانُهُ
…
رَعى الطَّرفَ من حُسنه ما اشتهَى
فما احمرَّ منه فُصوصُ العقي
…
قِ وما اسودَّ منه عُيونُ المَها
وقد قال فيه أبو عمر أحمد بن عبد الله بن حربون، وأهداه:
خذوا باكورةَ الثمرِ الغريبِ
…
تُحدِّثكم عن الألمى الشنيبِ
وما حَبُّ الملوك بعثتُ لكنْ
…
بعثتُ إليكمُ حَبّ القلوب
وحكى بعض الأدباء أن ابن سكن هذا كان بمجلس أُنس على نهر شِلْب بالجسر بحيث ينصبُّ النَّهر السلسال في البحر العجَّاج، وينساب العذب الزلال في الملح الأُجاج، وقد تعرَّضتْ هناك إحدى الجواري لجواز الجسر، وذكَّرته عيونَ المها بين الرُّصافة والجسر، فلما بصُرتْ به رجعت عن وجهها، وسترت ما ظهر من محاسن وجهها، فقال:
وعقيلةٍ لاحتْ بشاطئِ نهرها
…
كالشَّمس طالعةً لدى آفاقِها
فكأنَّها بلقيسُ وافت صَرْحَها
…
لو أنَّها كشفتْ لنا عن ساقها
حوريةٌ قمريةٌ بدويّةٌ
…
ليس الجفا والصدُّ من أخلاقها
ثمَّ لقي أبا بكر ابن المُنَخَّل فأنشده الأبيات فقال في ذلك:
ما ضرَّها وهي الجمالُ بأسرِهِ
…
لو أنَّها زُفَّت إلى عُشَّاقها